بين ثورتين ودمشق ما زالت واقفة

07-10-2011

بين ثورتين ودمشق ما زالت واقفة

.. ولقد أدركت في طفولتي زمناً كان فيه أهل قريتي يقدحون النار من حجر الصوان ليشعلوا السراج الذي يستضيئون بنوره إلى جانب القرآن الكريم و نهج البلاغة وأسرار آل البيت.. وكانت أيديهم بخشونة حوافر خيولهم وأظلاف ماعزهم من قسوة العمل وشظف الحياة؛ وكانوا أبرياء صادقين يخشون من الحلفان باسم الله فيقولون «وَه» بدلاً من «والله» ويغطون أفواههم بأيديهم عندما يضحكون خجلاً من تصاريف حياةٍ مغمسةٍ بالألم والشقاء، قبل أن يثوروا على العصملي ومن بعده ضد الفرنسي ويوقعوا على وثيقة الاستقلال التي تؤكد وحدة الأراضي السورية وعاصمتها دمشق الفيحاء.. في هذا المجتمع الريفي الخام بَشَّر أكرم الحوراني ببعث روح الأمة وثورة الكادحين كما بشَّر أنطون سعادة بقيامة السوريين من رماد الفينيق.. في تلك الأيام كانت سوريا كلها ريفاً كادحاً باستثناء دمشق وحلب اللتان كان لهما هوية مدنية.. وعلى أيدي الريفيين قامت ثورة البعث التي قادها معلمون كبار تخرجوا من السوربون قبل الحاج برهان غليون بزمن طويل: زكي الأرسوزي وميشيل عفلق وصلاح البيطار..

من كل هذا الحماس وهذه البراءة الريفية جاءت ثورة آذار، ثم انتهت إلى الحضيض بسبب تحالف العسكر والتجار وسماسرة الاستعمار، فكيف بثورة اليوم، وليست ثورة، وإنما احتجاجات شعبية بدأت عفوية، ثم ركبها دهاقنة ودجالون وشراميط وسلطويون سابقون وفاشلين أنصاف موهوبين ودكنجية طموحين ومجرمين مخضرمين وسلفيين لاحقين على الإخوان المسلمين، نعرف ماضي أغلبهم علم اليقين وكيف تمولهم وتدعمهم الدول النفطية والاستخبارات الغربية وسفراءها وجواسيسها: إنها ثورة على السلام الأهلي حركت كل هذا الخراء الطائفي والحقد الاجتماعي والقتل الأعمى مع التنكيل والتمثيل بهذا الجسد الذي خلقه الرب على مثاله وصورته.. وكما في الثورة الرومانسية السابقة نأت المدينتان حلب ودمشق عن التورط في الثورة الريفية اللاحقة، لأنهما تعلمان بأن الريف لا يطوّر المدينة وإنما المدينة هي من يرفع مستوى الأرياف الملحقة بها وليس العكس...

هكذا يعاقب الشيطان سوريا بأبنائها كما عاقب عدوه آدم باقتتال ولديه وما زالت ذكرى نزاعهما باقية على ذرى قاسيون.. وكذا الاستعمار ينتقم منها لمواقفها منذ أيام الصليبيين وصولاً إلى الإسرائيليين، وأبرياءها يتساقطون زهرة إثر شجرة، وأقدام الانتقام تدوس  رؤوس عشبها وتستدعي صحراءها من زمن الجاهلية السعودية والانحطاط العثماني والاستعمار الغربي، فأين المفر؟ ولا مفر سوى الاحتكام إلى العقل بدلا من أعمال القتل، فتعالوا إلى كلمةٍ سواءَ بينكم من أجل إنقاذ بيتكم وأسرتكم  إذا كنتم تعقلون..

                                                                                                                                     نبيل صالح

التعليقات

الى ( السيد ) ابراهيم : أعتقد أني بالخطبة العصماء السابقة قلت بأني لا أسمح لأحد بأن يزايد على وطنيتي ... حبيبي ابراهيم ... الآن أنا على وشك كسر (كيبوردي ) لأنك استفزيتني كثيراً .... أبو نظير و جماعتو بيشبهوك كتير بتعرف كيف ( السطحية ) .... لعن الله كل من قبض و دفع و روّج للدولار .... ..... فالله يخلّيك بس صرت ( لا سطحي ) رد على كلامي .... كان قصدي بعبارة ( مسيراتها المسيّرة ) أن الناس ( المنحبكجية ) ينتظرون الإيعاذ من قناة الدنيا و التلفزيون السوري ... و أعترف لك بأنّي لا أستطيع تجميع مليون شخص .... ****************** و بالنسبة لموضوع الدفع أعتقد بأنك قد أعدت هذه العبارة مرتين ... فهل من جديد !!!! أما عن موضوع حمل السلاح ... الله لا يعيزني لحمل السلاح .... والله يخليلنا الجيش و عاشت سوريا حرّة أبية غصب عني و عنك ... و انا طلعت بثورتي لأني حرّ مو لأني أخدت الايعاذ من أمريكا .... والله يلعن اللي بيكره سوريا و شعبها ..... اله سوريا حريّة و بس .... إلى السيد ( صياد جبلي ) : إن ( الثورة ) قامت من أجل صناديق الاقتراع و متى وجدت هذه الصناديق سأكف عن التظاهر .... و بالنسبة لحمل السلاح ... فأنا سأحمل السلاح تحت عبائة النظام ... و سأصبح من جماعة (منحبّك ) .... منيح هيك ؟؟!! عاشت سوريا بطوائفها جميعاً .... فأنا لست طائفي ... و لن أكون ..سوريا بدون طوائفها ليست سورية .... كما أنني غيّرت اسمي لأرضيك .... ألا يكفي هذا!!! إلى السيد/ة ( ميرو اللادقاني ) : لو كان ***********************كنت هلأ عم رد عليك ... كما أنني في سوريا و بجسر الشغور ( تل أبيب ) كمان ... و أنا كمان منزّل الرد بالجمل ... غلطنا و منك السماح ... باشا ... إلى الأخ ( سنفور معارض ) : صدقت و رب الكعبة ... لقد خيّبتنا الثورة كثيراً ... لكنّ الفرق بيني و بينك أنك تنظر إلى مساوئ الثورة و هذا جيد ... أما أنا و الشهادة لله لا زلت أنظر إل محاسنها و هذا خطأ .... لكننا مللنا و رب الكعبة ... نريد تغيراً سلمياً نرتقي فيه إلى قمة الشعوب ... ولك آآآآآآآآخ يا بلد .... مرّة تانية ( ميرو اللادقاني ) ... وددت ان أردّ عليك ثانية ... لكن مستوى الحديث قد تدهور ....

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...