القمح المستورد:عقود ألغيت بفعل فاعل وأخرى بفعل الإجراءات والروتين

22-03-2009

القمح المستورد:عقود ألغيت بفعل فاعل وأخرى بفعل الإجراءات والروتين

الأمر لا يختلف عليه اثنان حول حاجة القطر لمادة القمح وتوفيرها بشكل يحقق الأمن والطمأنينة للمواطن والوطن على السواء وخاصة بعد حالة الجفاف التي سادت المنطقة خلال السنوات الأخيرة وجعلت من الصعوبة لدولها الاعتماد على ما لديها من مخازين أوحتى ما تنتجه ذاتياً وهذا ينطبق على الجميع ولكن الاختلاف في ذلك هو المقدرة على تأمين ما يلزم للتخفيف من الآثار السلبية المتوقعة لذلك.

وما يحدث في مؤسسة الحبوب أمر غريب جداً ولا يمكن تصوره أو حتى التفكير به لأن وضع الحبوب في السوق يدق ناقوس الخطر!! وإن مسؤولي الحبوب في حالة ضياع فتارة تجد فيهم النخوة في الخوف على الأقماح.. وتارة أخرى ترى فيهم الاستهتار بقوت المواطن وتأمين استمراريته ويكتفون بالاستقبالات والتوديعات وفق العادات العربية التي توحي بإكرام الضيف وترك الجمل بما حمل على مسؤولين من الصف الثاني أمرهم ليس بيدهم وقرارهم فوضى وتأخير في عقد الصفقات وتأمين الأقماح غير مدركين بحالة الخطر بدءاً من رأس الهرم في المؤسسة وصولاً إلى...؟ ‏

بناء على معطيات الموسم الماضي لمادة الحبوب أعطت الحكومة الضوء الأخضر لمؤسسة الحبوب باستيراد مادة القمح من الأسواق الخارجية وتأمينها بأسعار مناسبة جودة وسعراً وذلك بعد أن أطلت «كما قلنا سابقاً » بشائر العام الماضي بقلة المحصول وسوء تصرف المؤسسة وعدم قدرتها على ضبط المحصول وتدخل تجار السوق ومافيا «الحبوب» لاستنزاف الإنتاج وتعطيل الصفقات حسب مصادر الاقتصاد.. لتخو لهم الساحة ويبدأ الابتزاز وفرض الاتاوات والسمسرات والأدلة كثيرة وسنأتي لذكرها لاحقاً.. ‏

وبعد موافقة الحكومة للمؤسسة تعاقدت لشراء 800 ألف طن من الحبوب من الأسواق الخارجية وبأسعار تزيد على 230 يورو للطن الواحد، وفجأة أصبحت أسعار القمح في حالة انخفاض متلاحق وصلت في الأسواق العالمية إلى ما دون 140 يورو وكانت الأسواق تعيش ذروة الموسم... الأمر الذي أدى بإدارة المؤسسة إلى إلغاء عملية الشراء .. وعدم الاستمرار بتنفيذ العقود المبرمة مع الشركات الخارجية وهنا المؤسسة مشكورة لفعلتها ولكن فعلتها لم تكن بإرادتها وإنما...؟ ‏

الحكومة أعطت تفويضها والضوء الأخضر لمؤسسة الحبوب ولا لوم عليها باستثناء التأخير في فتح الاعتمادات «طبعاً هذه حجة الحبوب»..!! ‏

ولكن ثمة أسئلة كثيرة بحاجة إلى استفسارات وبعض التوضيح .. لكي نفهم ويفهم معنا المواطن..! ‏

عندما كانت أسعار القمح منخفضة جداً «ذروة الموسم العالمي» لماذا لم تبادر المؤسسة إلى عقد الصفقات واستيراد حاجة القطر من الأقماح بأسعار مناسبة ومتناسبة مع الجودة وخاصة أن أسعارها لامست في انخفاضها سقف130 يورو للطن الواحد؟ ‏

وكيف تم الإعلان عن شراء 800 ألف طن « وفي ظروف غامضة» ولم ينفذ منها أي شيء باسثتناء الإجراءات المتبعة والتأخير في كل شيء حتى في عقد اللقاءات والمشاورات بين مجلس الإدارة ومسؤوليه..؟!. ‏

ولماذا لم ينفذ العقد مع الشركة التركية ترياكي باستيراد 200 ألف طن بقيمة 132 يروو للطن الواحد على الرغم من دفع التأمينات الأولية فمن المسؤول عن التأخير في فتح الاعتمادات اللازمة.. ولماذا لم يأخذ العقد طريقه إلى التنفيذ... هل بسبب ضعف الإدارة وعدم قدرتها على التعاطي مع المستجدات.. أم إن السماسرة بالتعاون مع بعض العاملين في المؤسسة فعلوا فعلتهم..؟ ‏

أيضاً العقد الآخر لكمية 100 ألف طن بسعر 141 يورو للطن الواحد لم ينفذ وإجراءاته لم تبصر النور... ‏

والعقد الداخلي لشراء 200 ألف طن قمح طري بالأسعار نفسها السابقة الذكر لم ينفذ وهناك عقود أخرى وما ذكر مجرد أمثلة لتقاعس المؤسسة وعدم إدراكها لخطورة الأمر وارتباطها مع التجار.. ‏

لماذا لم تسع المؤسسة لتوقيع عقود مع شركات عالمية لها سمعتها الجيدة في الحبوب وتأمين التزامها الأخلاقي والإنساني قبل كل شيء.. ‏

ولماذا لم يتم تنفيذ العقود التي تمت أثناء ذروة الموسم وتوفير المليارات على خزينة الدولة؟ ‏

ما هي ودائع المؤسسة حالياً لتنفيذ عقود بأسعار تتجاوز سقف 180 يورو للطن الواحد؟ ‏

كيف تم تثبت عقد مع شركة التجارة المصرية بسعر 178 يورو للطن وبكفالة غير مقدمة وإنما رصيد لكفالة سابقة ومحجوزة للحبوب أصلاً وهذا أمر مخالف للقانون والأهم من ذلك ليس فيها آمر تصفية ومحجوزة أيضاً لصالح شركات أخرى.. ‏

وهناك عشرات الأسئلة تدور حول آلية العمل في المؤسسة وخاصة فيما يتعلق بالعقود الخارجية وطريقة الإعلان عنها وتنفيذها وحالات الإلغاء المستمرة والسؤال الأهم من يقف وراء ذلك هل السماسرة وتجار الحبوب أم ضعف إدارة المؤسسة ومجلسها وتضارب المنافع المادية؟ ‏

إلا أن المؤسسة العامة للحبوب لديها شماعة خاصة لتعليق أسبابها في إنجاز مهامها العقدية في تأمين المادة للسوق المحلية وحاجة القطر من الحبوب وخاصة الإجراءات الحكومية والتأخير في التواقيع وفتح الاعتمادات اللازمة والقنوات الوصائية التي تمر فيها مراحل توقيع العقود بدءاً من قنوات المؤسسة مروراً بالوزارة وصولاً إلى مجلس الوزراء واللجنة الاقتصادية التي تبطل مفعول العقود حسب رأي «مؤسسة الحبوب» في المذكرة المرفوعة إلى رئاسة مجلس الوزراء عن طريق السيد وزير الاقتصاد والتجارة التي تشرح المعوقات المذكورة.. ‏

إلا أن موافقة مجلس الوزراء على مقترحات المؤسسة والوزراء على تذليل الصعوبات وخاصة فيما يتعلق بعدم اخضاع عقود استيراد القمح للتصديق عليها من اللجنة الاقتصادية وتخصيص القطع الأجنبي اللازم والسرعة في فتح الاعتمادات لكل عقد على حدة وتكليف المصرف التجاري السوري بالتنفيذ فوراً وعدم الالتزام مع الوكيل التجاري وتشميل استيراد القمح لمصلحة المؤسسة العامة لتجارة وتصنيع الحبوب بالقرار رقم 25 /م.و تاريخ 19/6/2002 الصادر عن رئيس مجلس الوزراء الذي حدد العقود والتعهدات التي لا تستدعي أن يكون للشركات والمؤسسات الأجنبية وكيل تجاري في سورية. ‏

هذه الموافقات وضعت المؤسسة في الموقع الصحيح وكافة الطلبات مجابة من قبل الحكومة إلا أن مؤسسة الحبوب لم تستطع الخروج من دائرة سماسرة الحبوب وتجارها والمتحكمين بأمرها بدليل أنها لم تستطع توسيع دائرة الاتصال بالشركات العالمية وأكبر مثال الشركة الفرنسية التي فاوضت لتوقيع عقد لكمية 150 ألف طن وبسعر 180 يورو للطن الواحد في حين كانت المؤسسة تفاوض على توقيع عقود خارجية بسعر 204 يورو للطن الواحد. ‏

وحسب مصادر المؤسسة فإن تدخلات السماسرة وتجار الحبوب مارسوا الضغوط اللازمة لمنع توقيع العقد الفرنسي إلا أن الجهات الحكومية وتدخلها المباشر أدى لتوقيع العقد ودخوله حيز التنفيذ. ‏

والدليل الآخر لتقاعس المؤسسة وعدم خروجها من دائرة السماسرة تحديدها لمدة الإعلان ولفترة قصيرة جداً لا تتجاوز الأسبوع الواحد والتخاطب عن طريق الفاكسات وفي معظم الأحيان لا تصل لأصحابها بحيث لا يعلم بالعقد إلا القليل من التجار بدليل أنه لا يوجد أثناء فض العروض أكثر من ثلاثة عارضين وهم المقربون من المؤسسة والعارفين بأخبارها وأحوالها؟ ‏

وخاصة فيما يتعلق بتغيير المواصفات وشروط الإعلان وغيرها من معلومات متعلقة بالعقود ومواصفاتها بحيث يضع هؤلاء المقربون عروضهم وفقاً لاتفاقات مسبقة بحيث لا نخرج عن نطاق الدائرة المرسومة.. ‏

نحن لا نتهم أحداً ولسنا في موقع الدفاع عن أحد وإنما نضع إشارات استفهام حول إجراءات المؤسسة وتقاعسها في إجراء العقود والحصول عليها من مصادر مختلفة ومتنوعة وفق الشروط العالمية والجودة المطلوبة وتهربها من شركات عالمية تقدم المادة بالسعر والجودة المطلوبين ومن يبحث عن الدليل فإن أرشيف المؤسسة لديه الكثير من العروض المقدمة للمؤسسة وتم إبطالها لأسباب غير مقنعة والتعاطي معها وفق رغبات وسماسرة الحبوب وتجارها بقصد حصر عملية الاستيراد بأشخاص محدودين دون غيرهم؟ ‏

سامي عيسى

المصدر: تشرين

التعليقات

أشكر الكاتب على مقالته، وأشكر موقع الجمل على نشره، فهذه من أهم أمور الشعب، التي لم يخجل الفساد أن يمد يده إليها، وتجنبا لذكر أسماء، سأصف أن من قام بعمليتي التصدير والإستيراد بإسم العصابة، وسأذكر بعض ما لم يرد ذكره في المقال: 1. إن القمح الذي جرى تصديره هو المخزون الإستراتيجي للدولة السورية، ولا يجوز بيعه أو التصرف به إلا بإذن مستويات مسؤولة عليا، لا أعرفها حاليا، والتي قد تكون رئيس الوزراء أو ****** 2. تم بيع القمح السوري بأسعار رخيصة جدا وتنقص بأكثر من 86 دولار للطن أي نصف السعر العالمي وقتئذ، وإجمالي فرق أسعار التصدير تزيد عن مئة مليون دولار. 3. قامت ذات العصابة التي قامت ببيع مخزون القمح السوري الجيد، بالتعاقد مع الشركة المصرية المذكورة وهي شركة "استثمار" فاسدة، وذلك لشراء قمح روسي مخصص "لاستهلاك الحيوانات" وقد استلمت الدفعة الأولى منه وهي نصف مليون طن في شهري آب وإيلول الماضيين 2008. 4. توصل نتائج هذه الصفقات في التصدير والإستيراد إلى ما يلي 1) إن فرق السعر في تصدير القمح السوري الجيد هو عبارة سرقة من الخزينة السورية. 2) كان تاريخ استيراد الشركة المصرية للقمح الروسي المخصص للحيوانت في أول سنة 2008، وقد تم إطعام الشعب المصري أكثر من مليون طن منه. وحقائق هذه العملية بالتاريخ والأسعار قم تم نشرها في صحف مصرية، وهذا يعني أن العصابة التي تعاقدت مع الشركة المصرية كانت تعلم أنه قمح مخصص للحيوانات وتعرف أسعاره الحقيقية، وبالرغم من ذلك فقد تعاقدت نصف المليون الأول بأكثر من أربعة أضعاف السعر الحقيقي، وفي هذا فروق أسعار تزيد عن مئتي مليون دولار. 3) إن مجرد استيراد قمح روسي من شركة مصرية يعني بداهة أن هناك صفقة فساد ولصوصية، فلماذا لم تستورد العصابة قمحا روسيا من روسيا مباشرة كما تنص القوانين؟ السبب بالطبع هو صعوبة الحصول على فرق أسعار وتزوير بالسعر والعقد مع مؤسسة روسية. 4. طالب الكثيرون على صفحات المواقع، ومنذ أكثر من أربعة أشهر ونصف بطلب تشكيل لجنة قضائية نزيهة للتحقيق في الموضوع وتقديم الفاعلين إلى القضاء، ولكن وحتى اليوم لم يصد أي قرار بهذا الشأن. 5. إن العملية ليس فيها أي تجّار يُمكن توجيه الإتهام إليهم كما ورد في المقال، وإنما هي عقود حكومية سورية بالكامل بالتصدير والإستيراد، وهذا يعني أن العصابة هي من مسؤولي الدولة السورية حصراً. أؤكد المطالبة بتشكيل لجنة تحقيق في المسألة، لخطورتها وحقارتها الكاملة، وفي رأيي أن عقوبة الإعدام قليلة بحق من يعمل على إطعام الشعب قمحا فاسدا مخصصا لاستهلاك الحيوانات.

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...