السكن العمالي بطء في الاستثمار وبطء في التنفيذ

06-12-2009

السكن العمالي بطء في الاستثمار وبطء في التنفيذ

صدر القرار رقم 920 لعام 2008 عن رئيس مجلس الوزراء بفتح باب الاكتتاب على السكن العمالي العام وفق القرار 920 لعام 2008، والذي يعتبر الأضخم في تاريخ المؤسسة العامة للإسكان، حيث وصل حجمه إلى 22060 شقة. وتفاءل العمال بالاستفادة من السكن؛ فالشروط الموجودة -وفقاً  للقانون رقم 39 - تساوي بين جميع العمال.. .

إلا أنَّ اختراق القانون من قبل بعض العمال المالكين للعقارات ظهر جلياً من خلال آلية تنفيذه، وضاعت بذلك أحلام آلاف العمال لاسيما الشباب منهم، الذين بنوا الآمال على قرار كهذا.
 بدأت القصة من شكوى شريحة الشباب العاملين في القطاع العام حول موضوع السكن العمالي. فرامي (موظف حكومي) انتابه شعور بالفرح بعد صدور القرار، وذلك  لعدم قدرته على شراء منزل، في ظلّ ارتفاع أسعار العقارات في سورية، مبيّناً أنه تقدّم إلى التسجيل على أمل الاستفادة، ولكنَّ صدور أفضلية العلامات للعاملين المتقدمين الدائمين في الإعلان المشار إليه من الاتحاد العام لنقابات العمال، والذي ينصّ بالنسبة للفئة الوظيفية (5 علامات للفئة الأولى، 4 علامات للفئة الثانية، 3 علامات لباقي الفئات بالنسبة للخدمة، علامتان للعامل عن كل سنة من خدماته المشمولة بالتأمين).. وبالنسبة للأسرة (5 علامات للزوجة أو للزوج، 4 علامات للولد الأول، 3 علامات للولد الثاني، 2 علامة للولد الثالث،1 علامة لكلّ ولد بعد الثالث)، أحبطَ الأمل لأنَّ العلامات وفق الأفضلية ضئيلة.
جمال القادري (رئيس اتحاد نقابات العمال في دمشق) حجّته كانت أن العلامات مغايرة؛ لأنَّ مراعاة الوضع الاجتماعي -برأيه- ضرورة حتمية في السكن؛ فعند صدور كلّ قرار اكتتاب للسكن العمالي تشكّل لجنة لدراسة الاعتراضات في الاكتتاب الذي مضى لتصحيح الأخطاء قبل الإعلان عن التسجيل في التعميم الجديد.. مثلاً في الاكتتاب الماضي كانت هناك علامات لأصحاب الرواتب المرتفعة وكان عليها شكاوى كثيرة، فتمَّ استبعادها لتحقيق العدالة والمساواة بين العمال.. ولكن من غير المعقول أن يكون هناك موظف لديه خدمة طويلة في العمل وعمره كبير ولديه أولاد ولا يملك منزلاً ونساويه بالتسجيل للسكن مع موظف شاب جديد في الخدمة.
فيما رأى إياس الدايري (مدير المؤسسة العامة للإسكان) أنه «تمَّ تشكيل لجان مختصة من عدة جهات لدراسة وضع نظام العلامات للمتقدمين إلى الاكتتاب، كي تكون المساكن وفق القرار 920 للعام 2008 للمحتاجين. وتمَّ إعطاء علامات للخدمة ولأفراد الأسرة وللفئة الوظيفية، وبالتالي ستكون الفائدة للعاملين الحاصلين على  المجموع الأعلى من النقاط».
 - لؤي (موظف) يشكّك في آلية التدقيق لمن يسجّل في السكن العمالي -وهو في الأصل مالك لمنزل أو بناية- ويتساءل عن الطريقة التي تُؤمن بها ورقة عدم الملكية لمسكن من «الطابو»، وأحياناً يكون لديه عقارات في المناطق العشوائية التي يزيد حجمها على 50 % من السكن العام، وطبعاً هذه العقارات غير مسجلة في الطابو. وهذا المالك للعقارات العشوائية أيضاً يأخذ حصة موظف بحاجة ماسة للسكن الذي يعتبر من ضرورات الحياة. واللجان في المؤسسات تنتظر شكوى مثبتة حتى تتابع الموضوع. والسؤال: لماذا لا يطلب اتحاد العمال، في كتاب رسمي يوجّه إلى مؤسسة المياه والكهرباء، أسماء الذين يملكون عدادات، إذا كان الطابو عمله روتيني وهناك من يملك سيارة واستفاد من القرار.. فهل يعقل أن يملك أحد سيارة ويدفع ضريبة رفاهية وهو لا يملك منزلاً؟... ويجيب القادري: لا يحقّ لأيّ شخص أن يحصل على مسكن عمالي ولديه منزل مُسجّل باسمه في الدوائر العقارية أو مستفيد من جمعية. وهذه مسألة محسومة؛ حيث «مرّت علينا حالات اكتشفناها بعد عامين وتمَّ سحب المنزل ومعاقبة المستغل. وأحياناً يتمّ إجبار العمال بعدم التسجيل لكي يستفيد المديرون.. وحصلت هذه الحالة وتمَّت معاقبة المدير العام على ذلك. ولكن عندما لا تصلنا شكوى كيف سنعلم بالأمر، والكشف عن مشاكل التسجيل للسكن هي مسؤولية اللجان النقابية الموجودة في مؤسسات القطاع العام.. ودائماً يتمّ الضغط على هذه اللجان بتطبيق تعليمات الاتحاد العام للعمال حرفياً. ولكن أحياناً يكون التقصير من العامل الذي لا يشتكي على الخطأ. وعند الاكتتاب يفتح باب الاعتراض وتقديم الشكاوى لمدة أسبوعين، ويحقّ للعامل الذي لم تُقبل شكواه في اللجنة أن يتقدَّم إلى اتحاد العمال في المحافظة التي يعمل فيها.. وأيّ شكوى تفسّر لمصلحة العامل وتعامل بموضوعية وجدية. ولا يستطيع اتحاد العمال أن يوجّه كتاباً إلى المصلحة العقارية أو مؤسسة المياه والكهرباء لمعرفة وضع المتقدم على منزل، ولا يجوز تجاوز اللجان الإدارية ودور الإدارات العاملة في المواقع الميدانية، ولكن تتمّ دراسة أيّ شكوى أو اعتراض من العامل ومتابعتها بدقة. وحجة الدايري أنَّ المساكن العمالية خاضعة لأحكام القانون 39، وشروطه لم تتضمّن هذه الإجراءات، ومن الناحية القانونية لا يمكن الاعتداد بها كإثبات لملكية الأشخاص لعقارات محددة.
  -  محمد (موظف) يعترض على توزيع السكن في المحافظات، وبرأيه دمشق وحلب يوجد فيهما ضغط عمال ومؤسسات عمل للقطاع العام كثيرة وأسعار العقارات فيهما (بشكل عام) مرتفعة على أسعار العقارات في باقي المحافظات، والعامل معاشه وفق الفئة الوظيفية نفس راتب العامل في نفس الفئة الوظيفية في المحافظات الأخرى. ورغم ذلك يتمّ التوزيع وتخصيص السكن العمالي دون مراعاة الفروق في أسعار العقارات ومستوى المعيشة المرتفع في هاتين المحافظتين عن باقي المحافظات السورية.. وما السبب الذي يمنع تحويل تسجيل العمال غير المستفيدين من السكن العمالي تلقائياً والمحتاجين إلى السكن إلى دور نظامي ولو كان ضمن السكن الشبابي، مع تفعيل هذا السكن بشكل أسرع؟!..

بالنسبة للتوزيع يجيب القادري: «يكون حسب المساكن المنجزة من قبل المؤسسة العامة للإسكان، ويتمّ التوزيع على العمال في المحافظات حسب عدد العمال بالنسبة والتناسب، والتوزيع الأخير كان بنسبة 8 % على العمال، بغضّ النظر عن أمر أسعار العقارات المتباعدة بين محافظة وأخرى ومستوى المعيشة المختلف. وهذا موضوع يحتاج إلى لجان مختصة لدراسته، ومن الممكن أن يتمّ في المراحل المقبلة»، بينما الدايري يقول: «توزيع المساكن على كافة الجهات العامة، بما يتناسب مع عدد العمال في كل جهة، وبحسب الحصص السكنية على المحافظات، وبحسب الأراضي المتوافرة لتنفيذ المساكن».

- فيما يتساءل ملهم (موظف): لماذا هذا الشحّ والتأخر الشديد في إقامة المشاريع السكنية إذا كانت المؤسسة رابحة من هذه المشاريع، وإذا كان عدد العمال لدى المؤسسة قليل لإنجاز هذه المشاريع السكنية؟!!.. ولمَ لا تتمّ الاستعانة بالشركات الخاصة لتأمين بناء المساكن وسدّ العجز عند العمال؟!..
تأمين الأرض هو الأهم لأيّ اكتتاب على مشروع سكني، ومازال مشكلة كبيرة تواجه المؤسسة. وعن البطء في معالجة أزمة السكن العمالي كان العتب من المؤسسة العامة للإسكان على مجالس المدن لعدم تعاونها لتأمين الأراضي للمؤسسة لتنفيذ المشاريع السكنية وبادعاءات مختلفة من مجلس كلّ مدينة في المحافظات، رغم الأراضي والمساحات الواسعة الفارغة.

- الخبير برهان عبد الوهاب (أمين الخدمات الاجتماعية في الاتحاد العام لنقابات العمال) يعلّق على الأخطاء الماضية بأنّ «التطبيق العملي لأيّ قرار يؤدي إلى ظهور مجموعة من الثغرات التي يتمّ تلافيها في قرارات لاحقة. فالقرار 920 للعام 2008 جاء محصلة لتطبيق أحكام القرار 1600 للعام 2006 على أرض الواقع، حيث كانت هناك مجموعة من النقاط التي تمَّت إعادة صياغتها، ومن أهمها إلغاء العلامات المستحقة للأجر المقطوع والاستعاضة عنها للعلامات المستحقة للفئة الوظيفية؛ ما قلص الفارق بين الفئة الأولى والفئات الرابعة والخامسة، وأدّى إلى توسيع الاستفادة في السكن العمالي بالنسبة للشريحة الأخيرة للعمال. وتمَّ تنظيم آلية العمل من خلال الدعوة إلى التقيّد التام بالتعاميم الصادرة عن الاتحاد العام لنقابات العمال أثناء دراسته الطلبات المقدمة من قبل العمال المكتتبين على السكن العمالي.. مضيفاً: «الأخطاء التي نتحدّث عنها ظهرت نتيجة التطبيق السلبي والخاص لأحكام القرار 1600 للعام 2006 من قبل اللجان الخاصة بدراسة الطلبات، وتمَّ تلافي هذه الأخطاء بتحويل الأضابير غير المدروسة بشكل مناسب إلى لجنة الاعتراض. فتأمين مسكن لكلّ عامل في القطاع العام أمرٌ مهم ويحتاج إلى تضافر جهود السوريين من كلّ النواحي ليترجم إلى واقع ملموس. وفي بداية العام 2009 بدأت المؤسسة العامة للإسكان بوضع خطة طموحة نتمنّى أن تستمرّ في إنجازها.. ولا بدَّ أن نلفت الانتباه إلى دور الاتحاد العام لنقابات العمال في حصول عمال القطاع العام على مسكن وجهوده الحثيثة ليشمل ذلك عمال القطاع الخاص.  
 مساحات الشقق، التي ستنفذ في إطار اكتتاب العام 2009، تتراوح ما بين 70 - 80 متراً مربعاً فقط؛ بمعنى سعر المتر المربع الواحد من هذا السكن  يتراوح ما بين 14 و16 ألف ل.س، وعجز السكن العمالي في سورية لغاية هذا العام 200 ألف شقة، أي 200 ألف عامل بحاجة إلى سكن. ومنذ بدء مشروع السكن العمالي في الثمانينات وحتى الآن لم يتجاوز تنفيذ 7000 مسكن للعمال.
يُذكر أنَّ اللجان المكلفة بالإشراف على التسجيل للسكن العمالي هي من إدارات المؤسسات نفسها والمتقدمين إلى السكن المذكور.
عدد المساكن العمالية استناداً إلى قرار الاكتتاب لعام 2008 هو 22060 شقة في سورية، موزعة على 1320 جهة عاملة في القطاع العام في كل سورية.  
 -  بناء على أحكام الدستور، الذي أقرّه مجلس الشعب في جلسته المنعقدة في تاريخ 18/12/1986، يُعاقب من يخالف أحكام القانون رقم 39 المذكورة في الشروط السابقة بالحبس من ثلاث سنوات إلى ست سنوات، ويحكم ببطلان التصرف وإلغاء البيع ومصادرة ملكية التصرف للمسكن محلّ المخالفة مع سائر حقوقه فيه لمصلحة الجهة العامة التي باعته أو خصّصته دون أيّ تعويض، وتنزع يد شاغل المسكن وواضع اليد عليه أياً كان الشاغل أو واضع اليد، وتؤول ملكية المسكن المصادر خالياً من الإشارات والحقوق أياً كان نوعها إلى الجهة التي باعته أو خصّصته ويسجّل باسمها في السجل العقاري دون أيّ رسوم أو نفقات.. تنفّذ المصادرات ونزع اليد بمواجهة البائع والمشتري والشاغل وواضع اليد، وترفع سائر الإشارات الواردة على الصحيفة العقارية بواسطة دائرة تنفيذ الأحكام الجزائية، ولا تطبّق الأسباب المخفّفة التقديرية أو وقف التنفيذ أو وقف الحكم على الجرائم المعاقب عليها بموجب أحكام هذا القانون، كما لا تطبّق الأسباب المخفّفة التقديرية أو وقف الحكم النافذ على الجرائم المعاقب عليها بموجب أحكام هذا القانون.

ألا يكون العامل قد اشترى مسكناً من أيّ جهة من جهات الدولة أو الجمعيات التعاونية السكنية، وألا يكون هو وأولاده القاصرون مجتمعين أو منفردين مالكين لمسكن كامل، وأن يكون العامل من مواليد المحافظة التي يقع فيها المسكن أو مقيماً فيها، وفي حال ثبوت مخالفة الشروط في أيّ وقت وفق القانون 39 لعام 1986 يعتبر الاكتتاب لاغياً وتعاد له كافة المدفوعات مع حسم 5 %.

عمار بكور

المصدر: بلدنا

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...