الاحتفاظ بالزوج عن طريق المشعوذين: حمص نموذجاً

11-08-2007

الاحتفاظ بالزوج عن طريق المشعوذين: حمص نموذجاً

في زمن يتسم بالفوضى والعنف وارتفاع معدلات الكوارث الطبيعية والحروب والجرائم والأمراض... في زمن الحقائق فيه مقلوبة.. لا بد أن تسجل مخاوف الفرد وتوتره أرقاماً مرتفعة..

في أزمنة كهذه يتخبط المجموع البشري ويعود القهقرى، ويسري هذا على الفرد يتنازعه يقين العلم وأوهام الغيب، وتتعزز هذه الأوهام من خلال وسائل الاتصال والإعلام المختلفة، فما حولنا يؤكد أن أغلب الجرائد والمجلات تفرد في صفحاتها ركناً للأبراج، وليس من مكتبة تخلو من كتب التنجيم والأبراج، ومواقع الكترونية عديدة تخصصت في التنبؤ عن مستقبلك ورسم ملامحه، وبعض الفضائيات تستضيف مع مطلع كل عام أحدهم ممن يلبس لبوس العلماء ويتحدث عن مصير البلاد والعباد... ‏

وآخرون يتحدثون عن الاثني عشر برجاً وتأثيراتها على الأفراد بل ويضيفون اكتشافاً آخر جديداً.. ‏

ويؤكدون أن ما يقولونه علم صرف.. ولكن أي علم... ولماذا لا يقنعوننا به؟ ‏

ولماذا يرفض العلماء الحقيقيون هذه الادعاءات جملة وتفصيلاً؟ ‏

حاولنا رصد بعض أوعدة حوادث، كانت وقائعها في حمص وكذلك نتائجها خطيرة... ‏

من ابتزاز وتهديد للسيدات اللاتي ذهبن إلى أحدهؤلاء المتمشيخين غير عارفات بما يخطط لهن، فلم يكن الأمر فقط حجباً وبخوراً وشفط فلوس بل ما هو أفدح... صور شخصية لهن، تسجيل مكالمات خاصة بهن، أشرطة CD مخلة بالآداب، مقاطع فيديو لنساء عاريات وصور فاضحة... ‏

والواضح أن زبائن هذا المتشيّخ كانوا غالباً أوكلهم من النساء هذا حسب أحد المصادر الأمنيةو الذي حاولنا استقاء بعض المعلومات منه منذ شهور، وللأسف ـ وحسب المصدر نفسه ـ كان مسعاهن ومطلبهن، إما إصلاح حال الزوج الصعب والحفاظ عليه وإما البحث عن زوج وهكذا... ‏

وتأسفنا ذاك له سببان.. لأن المرأة لا تزال الزبون المفضل لهؤلاء المشعوذين ولأن دوافعها لم تكن المرض أو الفاقة وعسر الحال كي نبرر لها ونعذرها في الحد الأدنى.. ‏

لكن.. هل كل المشعوذين على السوية نفسها من الخطورة والدهاء..؟ ‏

لا نعتقد.. لأن الكثيرين منهم موجودون في قرانا المختلفة وفي أحيائنا الشعبيةبل ومنهم، خاصة في القرى، لا يتحرجون من الأمر.. بيوتهم مفتوحة للقادمين، أهالي القرية يأتونهم ودياً وربما في عداد تمضية الوقت، ويمكن أن تدخل دار أحدهم فتستقبلك على الفور القهوة أوالشاي وحتى أفراد من أسرته.. ولكن هذا لا ينفي أنهم بلا استثناء يأخذون منك المال.. وليس من أول زيارة طبعاً بل في الثانية عندما سيعطيك التعويذة السحرية لمشاكلك.. ‏

المصدر الأمني نفسه قال: «وجد ويوجد دائماً العديد من هؤلاء، وغير المعروفين أكثر من المعروفين.. والمهم إقامة حملة توعية للتصدي لهذه الخزعبلات ومن المهم أيضاً أن يبلغ المواطنون عن أمثالهم.. » ‏

أحد الحوادث حصل في مطلع هذا العام بمدينة حمص..فأحدهم أخذ يبتز السيدات ويهددهن عن طريق الأفلام والصور والمذكرات الشخصية ـ فتم توقيفه، وقد توصلت إليه الجهات الأمنية من خلال ادعاء بعض الأشخاص عليه، حيث وجدت لديه حجباً،أفلاماً، صور اًخلاعية، ودفتر عناوين للأشخاص، عشرة أشرطة سي دي خلاعية، كمبيوتراً، أشرطة فيديو، جهازاً خليوياً، كتب سحر وشعوذة، وشموعاً وغيرها من لوازم خلق أجواء التأثير، أما هو.. ففي حوالي الثلاثينيات، تعليمه حتى الثانوية لكنه على معرفة قوية بالتقنيات المعلوماتية، وفي اعترافه قال إنه يمارس هذه المهنة منذ حوالي ثماني سنوات في منزله الكائن بأحد أحياء حمص مدعياً علمه بالأبراج والتنجيم ومعرفة المستقبل والاتصال مع الجان، أما السيدات اللاتي كن يأتين إليه أو يتصلن به ـ حوالي أربعين سيدة من سوريات وغيرهن ـ فبينهن الجامعيات والمثقفات، وكان يستقطب زبائنه ويوقع بهم من خلال موقع الكتروني خاص به وعبر اقتحام أسرار وخصوصيات حياتهم وخاصة النساء، ثم يعمد إلى ابتزازهن وتهديدهن من خلال مجموعة من الأفلام والصور لهن مركبة بوساطة الكمبيوتر أو من خلال تسجيل اتصالاتهن الهاتفية معه والاطلاع على مذكراتهن.. ‏

وغاية تهديده لهن هي الحصول على المال أو إقامة علاقة معهن.. ‏

هذه الواقعة.. سبقتها بحوالي عام واقعة أخرى مماثلة أو أكثر شهرةً، وأيضاً كان صاحبها يمارس دجلاً في أحد أشهر أسواق وأحياء حمص، وقد وجدت لديه أشرطة سي دي تتضمن صوراً مخلة بالآداب لعدد من النسوة اللاتي وصل إليهن بادعاء المشيخة وكتابة الحجب والقراءة عليهن وتنويمهن، وبعد ذلك ابتزازهن للوصول إلى أموالهن وإليهن.. ‏

وبالتحقيق معه اعترف بأنه يمارس مهنته هذه منذ عشر سنوات وأنه مطلع دينياً، يقوم بالقراءات والدعوات والاستغفارات والصلوات للنساء وقد مارس الجنس مع بعضهن أثناء قيامه بالأدعية والقراءات.. ‏

وبمرور السنوات كبرت ادعاءاته ومارس سحره في حمص ودمشق وازدادت أعداد النساء القادمات إليه من مدن أخرى كاللاذقية وإدلب. ‏

وعند توقيفه عثرت الدورية على كتب تدور حول السحر والكهانة وثلاثة أشرطة سي دي وجهاز خليوي وغيرها. ‏

والسؤال... هل لهذه الوقائع من تسمية سوى النصب والاحتيال وأساليب الكسب السهل والسريع؟ ‏

من منا لم يشاهد خلال حياته العشرات من أفلام السينما ودراما التلفزيون عن حالات مماثلة؟.. ‏

أم أن الغريق يتعلق بقشة؟... ‏

ولكن ما نوع هذا الغرق؟... ‏

وما نوع المشكلات التي تدفع بنا إلى هذه الأفخاخ والمصائد..؟.. ‏

ونذكر هنا.. بأنه في الواقعة الأولى كان دافع السيدات ـ غالباً ـ الاحتفاظ بزوج أو البحث عنه... ‏

فأية ثقافة تجعل من هذا الدافع الهدف الرئيس والطريق للوقوع في براثن الأفّاقين؟ ‏

تعاويذ تحرق مع المكواة، ومع مطلع القمر ‏وبالبخور والفلفل والملح: ‏

إحداهن.. جامعية، موظفة وجميلة.. وتكمن مشكلتها في أنها لم تقتنع بعد بصواب اختيارها حول زوج المستقبل... وما بين الجد وعدمه تتعامل مع موضوع المنجمين.. من جانب لا تبدو مقتنعة بهم وبتغييرهم للظروف عبر تعويذة او حجاب، يفك السحر... لكنها مع ذلك ذهبت الى اثنين منهم عن هذا التناقض اجابت.. بأنها تذهب بدافع الفضول أو لأنها لن تخسر شيئاً.. احدهما رجل متوسط العمر مظهره ولباسه عاديان يمارس التنجيم في بيته الكائن في أحد احياء حمص الشعبية... ولاتوجد لديه بخور ولا أدخنة ولاشموع ولاكرة زجاجية ولاسطح مياه يرى من خلال جزيئاته مستقبلنا ولايستعين بالتكنولوجيا ولابالاكتشافات الرقمية.. باب منزله مفتوح للجميع.. لازيارات سرية ولامواعيد مسبقة... وكل مالديه يبعث على الشعور براحة اعتيادية، وليس يميزه سوى كتب عتيقة مصفرة الاوراق تتعلق بالفراسة والارقام والاسماء يقوم بالقراءات الدينيةويكتب الحجب التي ترد الشرور وتغير المصائر، يستعرض وصفاته هذه ويقول واحدة منها للحرق مع البخور يضاف اليها الملح والفلفل، واخرى تحرق مع طلوع القمر وثالثة مع مطلع الآذان والرابعة بالمكواة. ‏

اما تسعيرته فتخضع للمساومة فهي200 ل.س واحياناً أقل. ‏

اما الثاني فوجدت لديه الوضع مختلفاً، زيارته بموعد مسبق، يزاول مهنته في مقره في وسط المدينة الذي يحوي خزائن فيها بعض انواع الاعشاب التي قال إنها لعلاج التوتر والقلق والتابعة وتلبس الجان للانسان والامراض الجلدية والهضمية والتناسلية، إضافة لذلك يوجد سرير فحص مع ستار يشبه اسرّة الفحص لدى عيادات الاطباء. ‏

عنه، قالت إنها لم ترتح لطلبه اغلاق الباب فور دخولها مع صديقتها، ولا لجرأته في طلب المبلغ( وهو كبير نوعاً ما) خمسة آلاف ل.س حيث أكد لها استحالة حل مشكلتها دون الدفع اولاً.. ‏

ولم تعجبها ايضاً حكايته عن احد الاشخاص المعروفين اجتماعياً والذي بكى امامه خشوعاً بعد ان تسبب في شفائه من اضطراب نفسي. ‏

كما وزاد الامرصعوبة عندما طلب منها احضار أثر شخصي جداً من الشخص الذي تزمع الارتباط به. ‏

هذا المطلب الصعب، اضافة لما سبق جعلها تخرج ولاتعود. ‏

للجامعية تلك صديقة اكثر يفاعة واكثر مشاكل وأقل تحصيلاً علمياً، لكنها معتقدة كلياًَ بقدراته ومعرفته ولاندري حتى اللحظة سبب كل هذا اليقين علماً أن مشاكلها لاتزال قائمة ـ وان حلّ القليل منها فبفعل سيرورة الزمن وليس بجهوده وأذكر أنها ارتابت بدوافعي عندما أبديت انا ايضاً رغبتي بالذهاب اليه... وهذا لم يحدث فحتى الآن لم ترتب لي الموعد المطلوب..؟ ‏

أمّ تريد العلم لابنها المقصّر ‏

في واقع الامر.. قصص عديدة نسمعها عن فتيات وسيدات وأمهات يلجأن لهؤلاء المطببين العارفين بالغيب... ‏

ام لولد وحيد... كان متفوقاً في سني دراسته... لكنه وبشكل مفاجئ تكاسل وقصر، وهاهو تقدم لشهادة التعليم الاساسي للمرة الثالثة، ورغم أن الجميع من حولها ارجع السبب الى سنوات المراهقة التي يعيشها لكنها لم تقتنع فليس ابنها بالمراهق الوحيد، ولابد ان احداً ما اصابه بالحسد وعليها ان تفك عنه هذه الكتابة الشريرة... فذهبت الى هذا المداوي بالاعشاب والعارف بالالباب وبالغيب... ‏

لكنها.. خرجت بانطباع غير مريح.. ربما لان المبلغ الذي طلبه كان كبيراً او لأنه اشترط رد الحسد عن ابنها بدفع المال اولاً. ‏

بعض من الموظفات في احدى جهات القطاع العام .. أجبن بتوافق واضح عن ظاهرة التنجيم بأنها دجل وشعوذة... اما الابراج فهي ليست الا رفيق قهوتهن الصباحية... ‏

احداهن قالت:« انها كالعادة لاضارة ولانافعة واحياناً تكون على سبيل جرعة صباحية من التفاؤل. ‏

في حين قال شابان موظفان إنهما لايباليان مطلقاً بصفحة الابراج.. موظف آخر ـ مهندس ـ ممن تجاوز سن الشباب وعلى جانب من التدين اجاب: لقد قال تعالى« واذا مرضت « يشفينِ» اي الله وليس على يد أشخاص مشعوذين هدفهم سلب الناس اموالهم وبرأيه على الانسان أن يرقى نفسه ويقرأ آيات قرآنية على أماكن الالم، ويقوم بذلك احد اخوته أو أقاربه أو أحد الشيوخ لكن دون أجر. ‏

د. جورج خزعل ـ مختص عصبية ونفسية والذي التقيناه منذ شهور في سياق اخذ رأيه عن بعض الظواهر، قال عن ظاهرة المنجمين والدوافع وراء الاعتقاد بها.. للأمر شقان، اولهما قصور الطب في علاج بعض الامراض مايدفع الناس للجوء الى المشعوذين وثانيهما المستوى الثقافي والتعليمي للفرد وحالته ووسطه الاجتماعي... وكلها عوامل تلعب دوراً كبيراً في اللجوء الى الشعوذة والخرافة لحل المشاكل.. وعن وجود مثل هذه الظواهر في دول اوروبا أشار الى وجودها وإن بشكل اقل مما في بلادنا ففي فرنسا على سبيل المثال تنتشر هذه الافكار بين البسطاء وذوي مستوى الذكاء المخفض. ‏

كلنا يعرف ويسمع منذ طفولته احاديث شريفة وغيرها مثل « كذب المنجمون ولوصدقوا» ‏

« لم يمكن الله الجن من الانسان» ‏

« الله كرم بني آدم» ‏

والمهم أيضاً ـ ان أفكار التشيخ والكهانة لم تكن شائعة أيام الرسول «ے» والصحابة ولافي زمن الحضارة العربية.. ‏

وحسب مدير الرقابة الداخلية في أوقاف حمص م.غاصب عكش « تعمد المديرية الى محاربة هذه الظاهرة بكل قوة وتعتمد آلية محاربتها على جهات رقابية لديها وتتبعها لمثل هذه الظواهر وفي حال علمها بأي منها تحيلها فوراً للجهات المختصة، كما تعتمد على ابلاغ المواطنين عن اوضاع كهذه، والاهم حملات التوعية التي تقيمها المديرية من خلال خطب الجمعة وبشكل دوري، وفي أي مناسبة وملتقى دينيين يعمد العاملون في المديرية والعلماء الرسميون إلى توعية الناس بشأن هذه الخزعبلات، فتوجيهات السادة العلماء وعلى رأسهم فضيلة مفتي حمص ومدير اوقافها تهدف الى التوعية لتجنيب الناس الوقوع بين ايدي الدجالين، وكدائرة وقفية لاتسمح لاي كان بممارستها في الجوامع والمساجد. ‏

واضاف م. غاصب: ان الدين بريء منها وليس لمثلها اي مرد شرعي ولاعلاقة لها بالدين وبالتشريع، فالتداوي بالقرآن وبالقراءات الدينية لايحتاج لشخص آخر حتى لوكان رجل دين كما لايوجد شيخ في القطاع الديني الموثق رسمياً يمارس كتابة الاحجبة وغيرها من اساليب الدجل، واذا علمت الاوقاف بأي شخص وفي أي مكان يفصل على الفور من وظيفته الدينية الموكلة اليه ويحال للقضاء المختص». ‏

وأضاف مدير الرقابة الداخلية:« الا أن مثل هذه الظواهر قليلة جداً وخاصة في حمص حيث نسبة وعي العامة مرتفعة وذلك بفضل مساهمات رجال الدين وخطة المديرية وجهود مديرها. ‏

وعن الوقائع المسجلة لديهم؟ فإنها حالة واحدة حدثت العام الماضي وأودع صاحبها السجن. ‏

ولماذا النساء هن الفريسة السهلة؟ ‏

ربما لأنهن الحلقة الاضعف ( حسب المهندس عكش) ‏

صحيح أن المرأة هي الحلقة الاضعف ‏

ولكن لماذا؟ ‏

لان هذاما كرسته الحضارة الذكورية التي نعيش في ظلها واحكامها منذ الآف السنين، فحتى قرارات حرية المرأة ومساواتها بالرجل اتخذها رجال ومازالت قرارات الحروب ومفاهيم الاخلاق وثقافة الجمال واستخدامات العلوم وكل ماحولنا تتخذ من قبل الرجال. ‏

وعندما تقدم الدراسات المجتمعية ارقاماً حول« العنوسة» وتخص بها اعداد النساء دون الرجال ـ من الطبيعي ان تسعى المرأة للخلاص من هذه التهمة بأي طريقة، في حين أن الرجل لايوصف بالعنوسة بل بالعازب المتفاخر والمختال بعزوبيته، وعندما تخشى المرأة فمن الطلاق التعسفي او من زوجة ثانية، فمن الطبيعي أن تلجأ لشتى الطرق مدافعة عن حياتها. ‏

فالمرأة ضحية الالم... وفي الماضي وعبر التاريخ وفي اوروبا القرون الوسطى كان الناس ينظرون للرجال الذين يتعاطون الاعمال السحرية على انهم سحرة ليس غير دون اتهامهم بالتآمر مع ابليس او مع الارواح الشريرة في حين عندما تتجه المرأة... لمثل هذه الاعمال تتهم على الفور بالهرطقة وبأنها من أتباع الشيطان... وصفحات التاريخ مليئة بعشرات الآلاف من حوادث حرق الساحرات... ‏

يأتونك إما من باب العلم وإما الدين: ‏

نعتقد بأن هذه الظواهر عالمية وإن تفاوتت نسبتها من بلد لاخر، او اختلفت طرائقها للوصول الى الناس، ففي الغرب العلماني، رغم مسيحيته، تخاطب عقول مواطنيه من باب العلم الذي يأتي مشوهاً ومسطحاً وفي الشرق الروحاني تُخاطب العقول من باب الدين الذي يشوَّه ويسطَّح هو الاخر.. ‏

ونعتقد أن السينما إما أنها تعكس واقعاً او تترجم وعياً وثقافة سائدين او آخذين بالانتشار وإما تعمل على تكريس قوالب جديدة من الافكار. ‏

وفي افلام الاثارة والرعب الهوليوودية... كثيراً مايكون الموضوع هو الشيطان وتلبّسه لبعض الاشخاص او الكائنات او تمظهره في اشكال اخرى... ‏

واحياناً يدور الفيلم حول اظهار مقدرة استثنائية للبعض وقدرتهم على استحضار الشرور وممارسة السحر الاسود.. عادة ماتكون دوافعهم اما تلبس الشيطان لهم او عقداً من الطفولة وكراهيتهم للاخرين ورغبتهم بالانتقام، او نزوعهم نحو السيطرة وغالباً ماتلجأ هذه الافلام لتفسير هذه الظواهر إلى شذرات من العلم وتبسيط شديدله، واحياناً قليلة جداً تكرس فكرة الشيطان كما أتت في المسيحية وطرق الانتصار عليه بالايمان وبإشهار الصليب وغيرها... وفي مرات أقل تكرس مفهوم الوجود الابدي للشيطان وعدم امكانية غلبته.. ‏

وبعيداً عن السينما والافلام وكحكاية من الواقع، فإن دول ماكانت تسمى سابقاً اوروبا الشرقية ورغم علمانيتها ورفضها لكل ماهوغيبي حتى أنها اعتبرت الدين في عداد الغيبيات... فإن هذه الظواهر كانت موجودة فيها، ولاتزال حكاية العرافة الشهيرة في احدى تلك الدول حية في ذاكرتي منذ دراستي فيها..، كان يحكى عن مقدراتها بين اوساط الشباب الجامعي وكان يشاع بأن أشهر واهم شخصيات تلك الدولة يذهبون اليها عندما تتعسربهم أيامهم.. وطبعاً اجور من كان مثلها مرتفعة... وبالعملة الصعبةاما دوافع ابناء تلك المدينة الاوروبية فكانت في اغلبها اما فضولاً مجرداً وإما نزوعاً طبيعياً لمعرفة المستقبل اضافة للمساعي نحو المال والنفوذ وفرص العمل المهمة والسفروالشفاء للمرضى. ‏

من ناحية اخرى، لعلم النفس فرع يسمى بالبارابسيكولوجيا ويترجم حرفيا الى العربية بأنه الفرع الباحث في التخاطر وماشابه. ‏

وقد حاولنا ان نعرف شيئاً عنه... لكن احد اطباء العصبية قال إنه شخصياًلايتعامل مع هذا النوع من العلوم ويحتاج الاستفسار عنه الى اختصاصيين في علم النفس او الطب النفسي، وطبعاً هذان الأخيران غير موجودين في حمص... ولست أدري عن بقية المحافظات. ‏

إلا أنه... ـ وحسب ماهو معروف ـ فإن هذا النوع من العلوم يربط بين الظواهر المسماة بالخارقة وبين العلم والدليل مثلاً أن المريض العقلي يبدي قوة تعادل قوة ثلاثة أشخاص في آن واحد، وممارس اليوغا يستطيع العيش في جبال الهيمالايا المكسوة بالثلوج دون ثياب او شعور بالبرد، واحياناً يمكنه تقليل عدد ضربات قلبه من سبعين الى 52 في الدقيقة وذلك لمدة 17 ثانية.. والفقير الهندي يشتهر بقدرته على الارتفاع عن الارض بعد تجويع نفسه وافعال اخرى استثنائية مثل التكلم بلغة مجهولة وتحريك الاشياء عن بعد وقراءة أفكار الاخرين... كلها يفسرها البارابسيكولوجيا تفسيراً علمياً يقول إن العقل الباطن يتعلم الكثير من المعارف دون ادراك العقل الظاهر وفي ظروف معينة يثور هذا الباطن ويبدي من المعلومات والمدارك الشيء المذهل مايبرهن على سلطة قوية للفكر على الجسد. ‏

اخيراً، يبقى أن نشير الى أنه لاعرّافات ولامشعوذات لدينا، والملاحظ أن اغلب ممارسي هذه المهنة هم من الرجال... وهنا ايضاً يوزع الرجال الادوار مابين فرائس ومفترسين.. ‏

‏ هالة حلو

المصدر: تشرين

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...