إسرائيل في انزلاق سريع نحو الفاشية

23-12-2010

إسرائيل في انزلاق سريع نحو الفاشية

أثارت الفتاوى الدينية للحاخامات اليهود، التي تحرم بيع أو تأجير بيوت للعرب، ضجة إعلامية كبيرة في الأسابيع الأخيرة. وقد تعاملت معها الصحافة الإسرائيلية وكأن الحاخامات يغردون خارج السرب، بينما تعكس تلك الفتاوى في واقع الأمر مواقف المجتمع الإسرائيلي تجاه الفلسطينيين بشكل دقيق.
هذا ما يتضح من تقرير أعده مركز «مدى الكرمل»، الذي يشير إلى أنّ تقارير الرصد السياسي تقدم نظرة شمولية حول تفاصيل ما يحدث داخل المجتمع الإسرائيلي، وتوضح خطورة التحولات والسير قدما نحو نظام فاشي.
وتوضح الوقائع الواردة في تقارير الرصد السياسي، من خلال متابعة دقيقة للسياسات الإسرائيلية وعمليات التشريع أن العنصرية والعداء للفلسطينيين والعرب هما تعبير عن فكر ونهج راسخين في النظام والمجتمع الإسرائيليين.
ويحذر تقرير «مدى الكرمل»، الذي يوثق لشهري أيلول وتشرين الأول الماضيين، من تسارع انحدار النظام والمجتمع الإسرائيليين نحو الفاشية. ويشير إلى وجود غالبية راسخة ومضمونة في الكنيست للمصادقة على كل اقتراح قانون يهدف إلى تقييد الحقوق السياسية عامة، وللفلسطينيين خاصة.
كما يحذر التقرير من تحول المجتمع الإسرائيلي إلى مجتمع مغلق يفتقر إلى التسامح مع الخطاب الديموقراطي وخطاب الحقوق، ويقمع أي نشاط أو خطوة تتضمن انتقادا أو معارضة للسياسات الحكومية تجاه الفلسطينيين، مثلما يتضح من خلال مشروع قانون «واجب الكشف عمّن يتلقّى دعمًا من كيان سياسيّ أجنبيّ»، الذي يفرض على مؤسسات المجتمع المدني تقديم كشف لمسجل الجمعيات عن كل دعم مالي من أي كيان سياسي أجنبي.
وقد صادقت الكنيست على هذا الاقتراح في القراءة الأولى في شهر تشرين الأول. وسوف يضيف اقتراح القانون، في حال تمت المصادقة النهائية عليه، عراقيل وصعوبات إضافية أمام عمل الجمعيات، خاصة الجمعيات العربية وجمعيات حقوق الإنسان.
كذلك تتصاعد محاولات الحكومة لفرض الولاء لدولة إسرائيل كدولة «يهودية وديموقراطية»، من خلال قرار رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بدعم توصيات «لجنة لبيد» لتعديل «قانون المواطنة»، واشتراط منح «المواطنة» بالولاء للدولة اليهودية.
ويشكل هذا التعديل خطوة إضافية للمسّ بالمواطنين العرب وبمكانة الفلسطينيّين في أراضي العام 1948. وقد اعتبر بعض الأكاديميين الإسرائيليين الاقتراح مؤشراً إلى «تغلغل الفاشيّة إلى مؤسّسات الحكم في الدولة».
ولا تقتصر جهود الدولة العبرية على فرض وترسيخ طابعها اليهودي على السلطة التشريعية، بل تلقى مساندة من السلطة التنفيذية، خاصة من وزارة التربية والتعليم. فمع افتتاح السنة الدراسيّة الحاليّة، قامت وزارة التربية والتعليم بتقليص جزء كبير من ميزانيّة تعليم «المدنيّات»، وتخصيص الجزء الذي قُلّص لتعليم مواضيع اليهوديّة.
ويستعرض التقرير نماذج تعكس تجلي الكراهية والعنصرية على أرض الواقع، بواسطة أفعال وتصريحات ومواقف المجتمع الإسرائيلي. ففي تشرين الأوّل نظم ناشطو منظمتي «زو أرتسينو» وأعضاء تنظيم «كاهانا حيّ» تظاهرة أمام مكاتب الحركة الإسلاميّة في أمّ الفحم، يرافقهم نحو 1300 شرطيّ، بهدف توضيح «من هو صاحب البيت في الدولة»، ولمن حقّ التظاهر في كلّ مكان وتحت أي شعار يريد، كما صرح منظمو التظاهرة.
وتظهر تقارير الرصد السياسي ان مظاهر العنصرية والكراهية والتنكيل بالمواطنين الفلسطينيين لا تقتصر على الفئات المتطرفة في المجتمع الإسرائيلي أو الهامشية، بل تطال كافة الشرائح وكافة المؤسسات.
ويوثق التقرير للعديد من الأمثلة التي تعكس هذا النهج، ومن بينها، على سبيل المثال، منع المواطن العربي وسام سعدي، من الصعود إلى طائرة «اركياع» في طريق عودته من زيارة لأقاربه في الدنمارك وفنلندا، وكذلك الأمر ما حدث في بلدة عومر في النقب، حيث طردت المدرسة الثانوية طالبتين عربيتين بعد بدء السنة التعليمية ودفع رسوم التسجيل والمشاركة في أيام دراسية مع المعلمين والطلاب، إضافة إلى محاولات نائب رئيس بلديّة كرميئيل، أورن ميلشطاين، منع المواطنين العرب من السكن في المدينة.
وقال ميلشطاين في مقابلة مع الصحيفة اليمينية «بشيباع» إن «كرميئيل بلدة يهوديّة، أُسّست من أجل تهويد الجليل. وفي نظري ليس من الجيّد أن تأتي عائلات عربيّة للسكن هنا».
وفي نفس السياق نظّم حاخام صفد شموئيل إلياهو اجتماعا في هيكل الثقافة في صفد، بمشاركة نحو 400 شخص، بهدف منع تأجير شقق للطلاب العرب الذين يدرسون في كلية صفد.
وتعكس نتائج استطلاعات الرأي المتعاقبة مدى تجذر العنصرية وانتشارها في المجتمع الإسرائيلي. ففي استطلاع للرأي أجري مؤخراً بين الشبيبة اليهود أيد 59 في المئة من المستطلعين التمييز ضد المواطنين العرب. وقال 41 في المئة منهم أنهم يؤيّدون سحب «مواطَنةَ» مَن يعارض يهودية الدولة. كما قال 50 في المئة أنهم لا يوافقون على الدراسة في صفّ يتعلم فيه طالب عربيّ.


(عن مركز «مدى الكرمل»)

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...