لجوء المرأة إلى الشرطة.. ماذا بعد تقديم الشكوى؟!

15-12-2009

لجوء المرأة إلى الشرطة.. ماذا بعد تقديم الشكوى؟!

كنا نختلف دائماً ويضربني باستمرار حتى انه مرة كسر انفي بفعل صفعاته المتكررة على وجهي، ولم أجرؤ يوما على الشكوى حتى لأقرب الناس إلي.. فأهلي من عائلة محافظة جداً وهكذا حديث يعتبر فضيحة.. وأمي لاتمل تردد جملتها المعهودة في أذني: " بيت جوزك متل قبرك"
حتى ذلك اليوم الذي كسر فيه انفي من شدة ضربه لي فقد كان ينعتني دائما بالغبية مع أنني كنت ادرس أدب إنكليزي سنة ثانية..
حينها تركت المنزل بالثياب التي علي والدم يسيل من انفي وفمي وركبت بأول سيارة استقلتها إلى بيت أهلي..
ولن تصدقوا هناك فقد نلت تقريعاً شديداً من أهلي.. فقط لأنني جئت وحدي، وبدون علم زوجي ورضاه، ولم يريعهم المنظر الذي أتيت به أليهم..
اكتفوا فقط بأن طببوا وجهي وخضعت لعملية عاجلة لأنفي، وحقيقة عندها لم أكن اعرف انه باستطاعتي ان اشكوه للشرطة..
كما لم يسألني أي احد في المشفى عن سبب الكدمات في وجهي..
فقد دخلت المشفى ضمن موعد وليس بشكل إسعافي كوني خضعت لعملية
مكثت عند أهلي بضعة أيام وأمي تدعو ان يأتي لكي يعيدني للمنزل، خوفا من الفضيحة
أتى ليعيدني بوعود بت أعرف أنها وليدة ساعتها فقط، وكان عليّ أن أعود فانا مخطئة بنظر الجميع دائما..
وشفع له أهلي بحجته المعهودة بأنني استفزه دائما ليسارع إلى ضربي..
---------------
امرأة أخرى كانت أقوى من ظرفها فمع تتالي ضربه المتكرر لها قامت بتقديم شكوى بحقه إلى الشرطة لكي يرتدع، وهنا كانت هذه الشكوى بمساندة لها من أخيها الذي شجعها على ضرورة ان تدافع عن نفسها بالقانون، كيلا يعاود ضربها..
وكانت النتيجة حال استدعاؤه من الشرطة أن طلقها فوراً..
ولازالت تتحمل مسؤولية لجوئها إلى الشرطة من قبل جميع من حولها
فضمن عرف المجتمع وعقليته أفراده ما قامت به خطأ كبير..
----------------------
تلقت امرأة أمام أطفالها عدة صفعات على وجهها ومن ثم ركلا بقدمي زوجها والذي يعتبر تبعا لعمله ورهافة حسه إنسانا على حد تعبير المجتمع مميزا..
والسبب أنها طلبت منه ان يتوقف عن احتساء الكحول بشكل يومي..
-----------------
عنف متواصل.. والقاسم المشترك بينهن أما الصمت.. أو اللجوء إلى القضاء..
ومن يلجأنّ إلى الشرطة نسبة قليلة وبسيطة مقارنة بالنسبة الغالبة من النساء اللواتي لا يفكرنّ حتى مجرد تفكير باللجوء إلى الشرطة مهما كان الظرف ودرجة الإيذاء التي تعرضنّ لها من جراء الضرب.. والسبب خوفهن من الناس والمجتمع والأهل.. عدا عن ان فكرة تقديم شكوى بحق الأب او الأخ في حال وجود ضرب متكرر من قبلهم أمر غير وارد إطلاقا بحسب معتقدات مجتمعنا والطريقة التي يتم تلقينها للعقول سواء بشكل ديني او أدبي..
وحتى في حال قيام المرأة بتقديم شكوى وتنظيم ضبط بحق من قام بأذيتها، يبقى الموضوع عالقا..
فماذا بعد تنظيم الضبط واستدعاء صاحب الاعتداء سواء من أب – أخ – زوج
فتنظيم الضبط يستند إلى المواد (540 - 541- 542) من قانون العقوبات و تكون العقوبة بحسب تقدير درجة الإيذاء والتعطيل عن العمل الذي يقرره الطبيب الشرعي، وفي حال توقيف من وقع منه الاعتداء وإدانته، يبقى وضع المرأة التي قدمت الشكوى غير مريح اجتماعيا ونفسيا..
فهل سيقبل ذويها بحبس أحد أخوتها او حتى والدها مهما امتدت بهما درجة الأذى؟ وهل سيقبل زوجها ان يعود لمتابعة الحياة الزوجية، بعد ان قدمت زوجته شكوى بحقه إلى الشرطة.. وحتى بعد تنظيم الضبط.. ماهي الإجراءات المتبعة لحماية المرأة بعد قيامها بالشكوى..
أين تذهب بعد ذلك؟
وماهي الضمانات المتاحة لها كيلا تتعرض لأي عنف أو أذى من العائلة مهما كان نوعه؟
من هو المسؤول عن حمايتها حين عودتها من زوجها.. أهلها.. أخوتها..وحتى أولادها..
الجواب : توقيع تعهد.. بضع كلمات على ورق، لا تفيدها من لحظة غضب من قبل أهلها..
وهل تكفي هكذا ورقة لحمايتها من عائلتها بأكملها على اختلاف عقليات هذه العائلة وطرائق تفكير أصحابها..
أيضا.. ماذا عن الإيذاء المتكرر من الزوج، كالضرب المتواصل والإهانة اللفظية المتكررة لكن بدون ترك أي اثر مادي على الجسم يدين هذا الزوج او غيره ممن يعطون أنفسهم هذا الحق..
كيف لامرأة تنال حظاً وافراً يومياً من الإهانات ان تثبتها ضمن شكوى او محضر ضبط؟
بل عليها لكي لا يعتبر ضبطها كيديا ان تنال قسطا من الضرب يترك أثرا عميقا في وجهها وسائر أنحاء جسدها لتشملها مواد قانون العقوبات خصصت للإيذاء الجسدي العام بين الأشخاص في خلافاتهم وليس بين أفراد أسرة واحدة..
وذلك نظرا لعدم وجود قانون يحمي من العنف الأسري بكافة أنواعه..
في ذكرى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي يصادف العاشر من كانون الأول..
استوقفتني الكثير من آراء النساء اللواتي وصلن ّ حد تناسي وجود حق لهنّ في العيش ضمن الحد الأدنى للكرامة الإنسانية، بدون توجيه إهانات وألفاظ بذيئة.. حتى بتنّ يعتقدنّ انّ ما يحدث هو من بديهيات الحياة الزوجية، ولا يستحق عناء ان تصل الأمور حد خروجها خارج جدران المنزل..


  ربا الحمود

المصدر: مجلة ثرى

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...