إسرائيل تسعى لاحتواء الهبَّة: 30 ألف تصريح عمل لفلسطينيين!

09-02-2016

إسرائيل تسعى لاحتواء الهبَّة: 30 ألف تصريح عمل لفلسطينيين!

في إطار الخشية من تفاقم الوضع في الضفة الغربيّة، تتعامل حكومة اليمين الإسرائيليّة، وفق نصائح من المؤسّسة العسكريّة، بطريقة جديدة. وبرغم إعلان رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو قبل أسابيع، أنَّه لن يتردّد في إصدار أوامر بمنع العمّال الفلسطينيين من العمل في إسرائيل، إلَّا أنَّ المجلس الوزاري المصغّر قرّر منح 30 ألف تصريح عمل جديد لفلسطينيّين من الضفة الغربيّة. ولا تخفي المؤسسة العسكريّة الإسرائيليّة تقديرها بأنَّ مثل هذه الخطوة، إلى جانب «تسهيلات» أخرى، ستساعد في كبح الهبَّة الشعبية المستمرة منذ أكثر من أربعة أشهر.
وأشار المراسل العسكري لصحيفة «هآرتس»، عاموس هارئيل، إلى أنَّ المؤسسة الأمنيّة تبلور، في الأسابيع الأخيرة، خطّة للسماح لحوالي 30 ألف عامل فلسطيني آخر من الضفة الغربيّة للعمل داخل إسرائيل بتصريح. وبحسب هارئيل، فإنَّ الخطّة التي أُقرّت في المجلس الوزاري المصغّر للشؤون الأمنيّة، يفترض أن تنفذ رغم التصعيد في المواجهة مع الفلسطينيين وتزايد عدد عمليّات الطعن والدهس. وقد عرض الخطة، الشهر الماضي، على المجلس الوزاري المصغّر، منسّق نشاطات الجيش في الأراضي المحتلّة، الجنرال يؤاف مردخاي، ووزير الدفاع موشي يعلون. وتجري حالياً المداولات في الإجراءات العمليّة داخل الوزارات للمصادقة على الخطة في الحكومة.
ووفق الأرقام الرسميّة، فإنَّ إسرائيل تسمح حالياً لـ58 ألف فلسطيني بالعمل داخل الخط الأخضر بتصاريح. وهناك تقديرات تتحدّث عن أنَّ ما لا يقلّ عن 120 ألف عامل من الضفة الغربيّة يعملون في إسرائيل وداخل المستوطنات حوالي نصفهم من دون تصاريح وبأشكال غير قانونيّة. ولا يشمل هذا الرقم أعداد العاملين الفلسطينيّين من القدس المحتلّة والذين لا يحتاجون إلى تصاريح للعمل داخل الخطّ الأخضر. ويتركّز عمل الفلسطينيين في ميادين البناء والبنى التحتيّة والخدمات والزراعة ومجالات أخرى.
وكان ملاحظاً أنَّ من بين وزراء اليمين الأشدّ تطرّفاً الذين دعوا منذ البداية إلى مكافحة الهبَّة الشعبيّة بمضاعفة أذونات العمل للفلسطينيين، كان وزير التعليم وزعيم «البيت اليهودي»، نفتالي بينت. ولكن هذه النظرة صارت تتكرّس بشكل متزايد في الأوساط الإسرائيلية بعد عدوان 2014 على قطاع غزَّة، الذي أظهر أنَّ إسرائيل تفقد قدرتها الردعيّة طالما ليس لدى الفلسطينيين ما يخسرون. ويفسّر كثير من الإسرائيليين إقدام الشابات والشبان الفلسطينيين على طعن ودهس إسرائيليين، بأنّه تعبير عن اليأس من انعدام أفق الحياة جرّاء الإجراءات القمعيّة.
وبحسب هارئيل، فإنَّ المؤسسة العسكرية التي لطالما أشارت إلى أنَّ لا حلّ عسكرياً للهبَّة الشعبيّة، تؤيّد بشكل واسع توسيع نطاق إدخال عشرات آلاف الفلسطينيين في دائرة العمل في إسرائيل لتجنّب انجرافهم نحو المشاركة في نشاطات الانتفاضة. وسيضطرّ طالبو التصاريح إلى اجتياز تدقيق أمني من جانب جهاز «الشاباك»، وهو إجراء معهود طوال الوقت. وكان قادة في الجيش قد طالبوا مراراً، منذ بدء الهبَّة، بزيادة أعداد العاملين الفلسطينيين في إسرائيل. وكما سلف، صار وزراء يؤيّدون بشكل متزايد تلبية هذا المطلب على أمل أن يسهم ذلك في وقف التصعيد الخطير في ما يعتبرونه «أعمال عنف». وأكَّدت جهات أمنيّة لـ «هآرتس» أنَّ سياسة الحفاظ على أماكن عمل للفلسطينيين في إسرائيل، برهنت أنَّها كابحة لأعمال العنف.
وتفيد التقارير الإسرائيليّة بأنَّ اثنين فقط من كل من يعملون في إسرائيل بتصاريح، شاركا في عمليّات ضدّ إسرائيليين. وأحد هؤلاء هو من نفّذ عملية طعن بالسكين بحق اثنين من الإسرائيليين في تل أبيب. وفي عمليّة أخرى، طعن فلسطيني يعمل في البناء اثنين من الإسرائيليين في منطقة موديعين. وتضيف هذه التقارير أنَّ عدد منفّذي العمليّات بين أبناء عائلات من يعملون في إسرائيل، يعتبر أيضاً ضئيلاً مقارنةً بغيرهم.
وكان رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، الجنرال غادي آيزنكوت، قد طلب خلال محاضرةٍ ألقاها، الشهر الماضي، أمام مركز أبحاث الأمن القومي في جامعة تل أبيب، بتغيير سياسة العقاب الجماعي التي اعتبرها غير مجدية. وأشار إلى أنَّ توفير فرص العمل للفلسطينيّين واستمرار عملهم في إسرائيل «يساعد في كبح الإرهاب» ويحول دون انضمام آلاف أخرى إلى دائرة العنف. ودعا آيزنكوت إلى الفصل بين منفّذي العمليّات ضدّ إسرائيل وباقي الفلسطينيين الذين لا يشارك أغلبهم في هذه المرحلة، لا في العنف ولا في التظاهرات. وتقريباً أيَّد وزير الدفاع هذه السياسة، وتصدّى لمن حمل على الجيش. وليس صدفة أن نفتالي بينت كان من بين أبرز من أيّدوا في اجتماع المجلس الوزاري، زيادة عدد تصاريح العمل داخل إسرائيل إلى 100 ألف تصريح.
وتشيع أوساط الجيش الإسرائيلي نتائج استطلاع أجري في الاراضي المحتلّة ويظهر تراجعاً في تأييد سكّان الضفة والقطاع لانتفاضة ثالثة من 63 في المئة في تشرين الثاني الماضي إلى 42 في المئة مؤخراً. ولكن من الواضح أنّه برغم إعلان الجيش رفضه سياسة العقاب الجماعي، إلَّا أنّه فرض، خلال الأسبوع الماضي، قيوداً على الدخول والخروج من رام الله وحاصر بلدة قباطية إثر عمليّة طعن وإطلاق نار خرج منفذوها من هناك. كما أنَّ الجيش الإسرائيلي يسحب تراخيص العمل أو أذونات التنقل من أبناء عائلات نفّذ أحد أفرادها عمليّة طعن أو دهس ضدّ إسرائيليين.
وكتب المعلق العسكري في «يديعوت»، أليكس فيشمان، أمس، «أننا في اسرائيل نستعد للأنفاق التي تهدد بأن يخرج منها بالتوازي عشرات مقاتلي حماس المسلحين، ولكن لا يبدو أننا نكرس ما يكفي من الانتباه للتهديد الذي يأتي منذ الان من جهة القطاع ـ الجدران، التي سيخترقها ليس المئات بل آلاف الغزيين إلى الأراضي الاسرائيلية. وها هم يأتون». وأشار إلى تسلّل الفلسطينيين من غزَّة باتجاه إسرائيل بحثاً عن عمل وإلى اضطرار الأخيرة مضاعفة أعداد تصاريح الخروج من القطاع مقارنة بما قبل الحرب الأخيرة بسبب إغلاق معبر رفح. وعزا التغيير في الموقف الإسرائيلي إلى واقع الضغط الذي يعيشه القطاع حيث 53 في المئة من الشباب عاطل من العمل في ظلّ نقص في المياه والكهرباء والقدرة على السكن. كذلك أشار إلى أنَّ الناتج المحلّي للفرد في غزَّة بات ألف دولار سنويّاً، مقارنةً بأربعة آلاف للفرد في الضفة الغربيّة.

حلمي موسى

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...