لماذا خسر حزب الشعب الجمهوري في الإنتخابات التركية

05-04-2014

لماذا خسر حزب الشعب الجمهوري في الإنتخابات التركية

الجمل - صونير يالتشين- ترجمiها عن التركية: محمد سلطان:

حشد الصفوف
بداية سأقدم لكم خبراً: في إحصائية قام بها مدير المبيعات في صحيفة سوزجو كنت قد توقعت النتائج التالية: (حزب العدالة والتنمية 44%, حزب الشعب الجمهوري 28%, حزب الحراك القومي 16%).
دائماً كنت أكتب وأقول وأكرر في القول أنه يجب القراءة الجيدة للأحداث.

زاوية نقد:
يجب على حزب الشعب الجمهوري أن يتعلم جيداً من أخطائه. حزب الشعب الجمهوري لم يعرف تركيا, حزب الشعب الجمهوري لا يتقن الأيديولوجيات, حزب الشعب الجمهوري لا يجيد السياسة.
هذه نتائج الانقلاب العسكري في 12 أيلول 1980 في تركيا. تمت تصفية الكوادر الخبيرة صاحبة المعرفة من هذا الحزب. ولهذا السبب وقع هذا الحزب العريق في أيادي الهواة ممن لا يجيدون السياسة.
عليّ أن أنتقد بعض الأمور. جميعنا نعمل من أجل خلق آمال جديدة. بدايةً يجب أن نتخلص من نصائح الثقافة الغربية الفارغة وأن نتخلى عن مفاهيم لوم الآخرين عند الفشل. فلا يجوز النقد فقط, بل يجب أن أشرح لكم أيضاً:
لماذا خسر حزب الشعب الجمهوري؟
هناك سبب وحيد؛ إنه انعدام الثقة, هو من جعل الحزب يخسر الانتخابات. أصبح الحزب المؤسس للدولة التركية والبطل في حرب التحرير والمناضل من أجل المساكين والمحتاجين في موضع يخجل فيه من ثوريته. تأثر بموجة "الليبرالية الجديدة" التي تدمر جميع القيم الإنسانية, ونزل إلى مستوى تقييم السياسة بالمال. ظن بنفسه أنه قادر على تصميم السياسة, وبذلك أصبح غريباً عن برنامجه الثوري الأساسي. حبس السياسة ضمن أربعة جدران في البرلمان.
خاف من الشارع. خاف من الشباب. خاف من المتدينين. خاف من العلمانيين. خاف من فقد الأصوات المركزية له. خاف من غضب الإعلام المركزي له. خاف من أن يتهم بأنه كردي. خاف من أن يتهم بأنه علوي. تحول إلى حزب جبان يخشى كل شيء. ولكن الأهم من ذلك أنه خاف من أسهمه الستة (إشارة إلى علمه ومدلولاته المتعلقة بجذور العرق التركي). خاف من أن يلفظ اسم مصطفى كمال أتاتورك.
لم يكتف من ذلك بل تحول إلى حزب ذو التكة (العمامة). طلب النجدة من أرذال الأمس بعد الخلافات التي حصلت بينهم وبين حزب العدالة والتنمية. أي أنه تحالف مع جماعة فتح الله كولين بكل ما تعنيه الكلمة من معنى.
استند في برنامجه السياسي على تسجيلات فضائح حزب العدالة والتنمية التي سوقتها الجماعة. ابتعد عن الشعب وانفصل عن الكتل المناضلة. أعطى الأولوية للجهلاء والمشاهير ومتوسطي المستوى و"لخبراء السياسة" ممن يهتمون بمصالحهم الشخصية.
رفع الجماعة دمى الكلاديو واليمينيين الماكرين فوق الأيدي. وأنهى عزيمة ونضال الناس ضمن الحزب. وضع إشارات استفهام في أذهان قاعدته الشعبية. لطخ العار حزب العشب الجمهوري.
النتيجة... هناك حزب الشعب الجمهوري الذي لا يدري ماذا سيفعل, ولا يدري ماذا سيقول, تائه ضائع. رأينا مرة ثانية أن المعارضة لحزب العدالة والتنمية فقط من مبدأ المعارضة لا تجلب منفعة. أستطيع أن أكتب المزيد ولكن سأكتفي بهذا.
تركيا بحاجة لحزب الشعب الجمهوري. إذا انهار حزب الشعب الجمهوري تنهار تركيا معه. يجب على الحزب أن يعود لبرنامجه الثوري القديم من أجل كسب جماهيرية المحتاجين والمساكين من الشعب التركي. يجب أن يخرج إلى شعبه ببرنامجه الثوري وهو مفتخر بماضيه دون الانتباه للأقاويل التي ستحكى عنه.

من الخاسر؟
كتبت في مقال سابق أن الخاسر الأكبر هم المحتاجين الذين ظنوا بأنهم نجحوا, وكنت محقاً في ذلك. أما الأعضاء الآخرون ضمن نادي الخاسرين:
أولهم الجماعة, فتح الله كولين, سيتم طردهم من الدولة ومن تحالفهم مع حزب الشعب الجمهوري. وهذه كانت أفضل النتائج في الانتخابات. فناء هذا التنظيم العميق الذي يدير السياسة في تركيا من قصره في بنسلفانيا في أميركا والذي دمر حياة الكثير من الناس بالألاعيب والمؤامرات والأكاذيب سوف يكون من مصلحة الدولة التركية والشعب التركي. أما الخاسر الثاني هم المعارضة التي لم تتقدم بالرغم من نظام حزب العدالة والتنمية المنهك الحاكم منذ 11 سنة والذي فضح بسرقاته في 17 كانون الثاني وفشله في السياسة السورية والكردية وظهور علامات الأزمة الاقتصادية. أما الخاسر التالي هو رجب طيب أردوغان. في الديمقراطيات الرقميات غير مهمة بل القيم. لو لم يكن كذلك لما كان العالم ليصفق على خلع حسني مبارك الذي حصل على نسبة 92% في الانتخابات. مهما حصل حزب العدالة والتنمية على أصوات ولكن رجب طيب أردوغان قد انتهى. سوف يجبر أردوغان الضعيف على خطوات مثل الحكم الذاتي ومن ثم سوف يتم استبعاده من السياسة. مستقبله السياسي سوف يكون شبيه بمستقبل بولينت أجويت في 2001 عندما قبل بعرض صندوق النقد الدولي ومن ثم سقط من النظام. لن يكون أردوغان في السياسة في المستقبل القريب. والجميع بات يعرف أن مصطفى صاري كول (مرشح حزب الشعب الجمهوري على رئاسة مجلس بلدية اسطنبول) سوف يرشح نفسه لرئاسة حزب الشعب الجمهوري قريباً, فهو كان يعرف أنه لن ينجح في انتخابات اسطنبول ولكن كانت غايته أن يظهر لحزبه الذي حصل على 27% نسبة أصواته التي حصل عليها في اسطنبول البالغة 40%. إن الأصوات التي حصل عليها تتيح له إمكانية الترشح لرئاسة حزبه. لذلك نستطيع أن نصنف مصطفى صاري كول ضمن قائمة الرابحين وليس الخاسرين.
إن الأقاويل التي تشير إلى أن "المتدينين نجحوا والعلمانيون خسروا" تافهة وغير صحيحة. فإن قيم الناخب تهتم بالبرنامج السياسي للحزب ومدى إقناعه.

حشد الصفوف
لا يجوز على أحد أن يدخل ضمن متاهات النجاح في البلدية الفلانية والخسارة في البلدية الفلانية.النضال هو المهم وليس النجاح, لأن بريق النجاح يتلاشى بعد مدة ولكن النضال يبقى أبديا. لا يفقد أحد معنوياته. لا يظن أحدكم أن الانتصار يأتي بسهولة. كما يقول الشاعر الكبير ناظم حكمت:
اليوم المنتظر ليس اليوم, لا تضمروا الرايات
أنصتوا, ما تسمعونه هو عواء أبناء آوى
احشدوا الصفوف يا شباب
هذا الصراع ضد الفاشية, هذا الصراع صراع الحرية

لا تنسوا أن الهزيمة تعلم. ونحن سوف نتعلم من أخطاءئنا، وصدقوا أننا سننجح.

(صونير يالتشين – صحيفة: سوزجو)

الجمل

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...