مراكز الإخصاب تتكاثر أيضاً العلم في خدمة الآباء حتى الفقراء منهم

10-02-2010

مراكز الإخصاب تتكاثر أيضاً العلم في خدمة الآباء حتى الفقراء منهم

عام 1978 ولدت لويز براون في أولدهام شمال غربي إنكلترا وهي أول طفلة أنبوب في العالم ، بينما كانت ولادة أول توأم بهذا الأسلوب في مركز الإخصاب ومعالجة العقم في سورية عام  2003 . ويعتبر طفل الأنبوب  الحل المثالي الوحيد، والاكتشاف العلمي الذي أوجده  العلماء الفرنسيون والبريطانيون مع عدة محاولات أمريكية. هو من اقتحم  للمرة الأولى مجال الحمل البشري بأكثر الطرق

حسماً وأعطى الفرصة لعلاج الأمراض الوراثية في ما بعد، وهو ما جعل امرأة محرومة من الأمومة أكثر من 14 سنة  تنجب 5 توائم في دير الزور بعد علاج طويل في مركز الإخصاب، وهو ما سمح لزوجين بالحصول على طفل رائع  بعد 18 محاولة، معظمها جرى خارج سورية. وهو ما جعل امرأة  مغامرة عمرها 46 سنة تنجب طفل أنبوب مع  درايتها أن نسبة نجاح العملية  لن تتجاوز 5 %.
 ¶ العلم في تصرّف الآباء
يعرّف الدكتور مروان الحلبي مدير مركز الإخصاب ومعالجة العقم وأطفال الأنابيب طفل الأنبوب التقليدي  بإخصاب بويضات الزوجة بنطاف زوجها ضمن المختبر خارج الجسم، والوصول إلى أجنة تطورية، ثم إعادتها إلى رحم الزوجة بعد وضع النطاف المعالجة مع البويضة ضمن حاضنة خاصة إلى أن تنقسم البويضة وتعاد الأجنة داخل الرحم في مرحلة 2-8 خلايا، والنوع الآخر هو الحقن المجهري لنطفة الزوج ضمن البويضة حقن نطفة واحدة ضمن بويضة الزوجة بواسطة إبرة مجهرية، أو الحقن المجهري باستخدام التكبير الفائق بالإضافة إلى التلقيح بنطاف مستخرجة من البربخ أو الخصية وتقنية ثقب غلاف الجنين بالليزر، وآخر التقنيات المستخدمة في طفل الأنبوب، بحسب الدكتور الحلبي، هو ثقب غلاف الخلية بالليزر لتعشيش الأجنة بشكل جيد داخل بطانة الرحم، بالإضافة إلى التشخيص الوراثي للأجنة قبل الإرجاع والتي تستخدم لتحديد جنس  الجنين، ودراسة الخلايا والجينات الوراثية عند العائلات التي لديها أمراض وراثية أو اضطرابات صبغية .

¶ تجميد نطاف للميسورين
يمكن أن تعيش النطاف أو البويضات أو الأجنة في الآزوت السائل مدة لاتقل عن 25 سنة وكذلك البويضات في حالات التأخر في الزواج أو تأجيله، وقبل إجراء المعالجة الكيميائية والشعاعية لمريضات الأورام التي تتلف بويضاتها وتقلل خصوبتها، حيث يحتفظ المستشفى بالبويضات والنطاف المجمدة بناءً على رغبة صاحبي العلاقة، وطالما هما على قيد الحياة، ولاتستخدم للإخصاب إلا بنطاف الزوج أثناء استمرار الحياة الزوجية. وتجاوزت نسبة بقاء البويضات في سورية بعد إذابتها الـ80 % كما بلغت نسبة الإلقاح أكثر من 50 % أما نسبة الحمل من بويضات مجمدة كادت تقارب نسبة الحمل بالأجنة الطازجة، خاصة بعد استخدام تقنية التجميد السريع. علماً بأن التجميد يكلف ما يقارب الـ 25 ألف ليرة سورية، عدا عن التكاليف الأخرى اللاحقة والباهظة التي لايستطيع تحمل أعبائها إلا الميسورون من الآباء.

¶ثقافة العيب بين العرب والغرب
تسود في مجتمعنا الشرقي وفي مناطق الريف أكثر من غيرها أفكار تجعل من الرجل غير المنجب لأطفال كثر منقوص الرجولة، فيأتي إلى مركز الإخصاب ويقوم بعملية طفل أنبوب، على الرغم من أن لديه أطفالاً. وقد يقابله رجل عقيم لا يفكر في إنجاب طفل أنبوب، إلا أنها حالة نادرة في بلدنا، عادية في دول أوروبية كثيرة تتجه إلى تحديد النسل بشكل كبير وأستراليا مثلاً  لم تتجاوز نسبة أطفال الأنابيب فيها العام الماضي الـ1000 طفل .
كما لا يخلو الأمر من وجود بعض المدنيين والمثقفين ممن راجعوا مركز الإخصاب بعد شهرين  فقط من الزواج  وآخرين أدى ذهابهم إلى أطباء قليلي الخبرة أوإعطاء أدوية خاطئة أو الاستجابة لوصفات شعبية، بحسب الدكتور الحلبي، إلى أضرار كثيرة أودت بهم إلى العقم النهائي ـ ومن أسف ـ  بأعمار صغيرة .

¶ الطفولة بين الطبيعي والأنبوب
التوجهات العالمية تفضل التكتم على طريقة الولادة لطفل الأنبوب؛ بأنه ولد بهذا الأسلوب عندما يكبر، خوفاً من إصابته بالإحباط أو الحرج من جراء نظرة رفاقه إليه، على الرغم من خروج دراسات كثيرة كان آخرها عام 2009 تبين أن الأدوية المستخدمة وبرامج تحريض الإباضة، سواء للإخصاب  داخل أو خارج الجسم لاتزيد من نسبة حدوث الأمراض السرطانية عند السيدات، كما لم تدل دراسات أخرى على زيادة نسبة التشوهات الخلقية والشذوذات الصبغية عند أجنة الأنابيب.

¶لا ضمانات سوى مشيئة الله
نسبة الحمل العالمية بالتلقيح الصناعي تقع بين 37 و42 % عالمياً، ارتفعت هذه النسبة  في مركز الإخصاب «مستشفى الشرق» لتصل إلى 50 % وهي نسبة ترتفع وتنخفض حسب عمر الزوجة و الحالة المرضية والوضع السريري للزوجين. علماً بأن نسبة نجاح طفل الأنبوب ممكنة أكثر عندما تكون المرأة غيرمنجبة، حيث تصل إلى 50 % بينما تصل نسبة نجاح الحمل، إذا كان الرجل هو السبب في عدم الإنجاب من 37 إلى 40 % وتقل عن هذه النسبة، إذا كانت قلة الخصوبة من كليهما. وبرغم الشرح المسبق حول عدم ضمان هذا البرنامج في كل الأحيان، يواجه بعض الأزواج عدم  التقبل لوضعهم، وتأتي ردات فعلهم قوية ومستاءة وكأن الطب يحقق المعجزات، ولا يدركون احتمالية أن  يكون عاجزاً في بعض الأوضاع، خاصة عند عدم وجود أي مانع للحمل من الطرفين، سوى بمشيئة الله في خلقه .
  العقم في ازدياد!!
لا توجد إحصائية دقيقة لنسبة العقم في سورية، فهو مرض مخفي  بحسب الدكتور الحلبي، حيث  تتناسب مع عدد السكان كغيرها من الأمراض، بينما لاحظ الدكتور خليل ابراهيم خليل استشاري العقم وطفل الأنبوب، ازدياداً ملحوظاً في العقم في العالم عموماً وسورية خصوصاً،  نتيجة التلوث البيئي والاعتماد على الأغذية المهرمنة وارتفاع نسبة الالتهابات والضغط والشدة النفسية التي يعيشها معظم الناس، بالإضافة إلى طريقة الحياة الاجتماعية، إلا أن البدانة على حد قوله لا تشكل سبباً للعقم؛ فهي ليست ملحوظة في معاناة الشعب السوري كحجم معاناة الشعب الأمريكي مثلا والذي حقق أعلى  نسب بدانة في العالم ، وكل هذه الأسباب  تؤثر بحسب الدكتورة المسؤولة عن أطفال الأنابيب في مركز الإخصاب «صباح موضي « سلباً على  (هرمون H ) الذي يعتبرمؤشرعمل المبيض داخل الجسم. وفي مقارنة بسيطة بين عدد مراجعي مستشفى الشرق الذي لم يتجاوز 3 أو 4 مرضى في السابق وصل عددهم حالياً إلى 15 مريضاً على الأقل يومياً، وهو ما يدل على زيادة نسبة العقم من جهة وازدياد الإقبال على طفل الأنبوب من جهة أخرى.
كما أن 70 % من المرضى السوريين يراجع مركز الإخصاب بحسب الدكتور مروان الحلبي، ويصل عدد المرضى المعالجين من  1000 إلى  1500سنوياً، يشكل المرضى العراقيون نصف هذا العدد تقريباً نتيجة الأوضاع النفسية السيئة والمشاكل العضوية التي يعانون منها، ولا يتجاوز عدد الحالات الميؤوس من إنجابها  أكثر من 20 إلى 25 حالة سنوياً من أصل جميع الحالات .
 ¶دعاوى كيد أم  ابتزاز؟
في حادثة حصلت مع أحد الأزواج (ع – ف) بعد انتظار دام لأكثر من 10 سنوات، حملت الزوجة بعد زرع 8 أجنة  لم ينجح منها بعد شهر من الترقب سوى جنين واحد، مالبث أن مات وتحوّل إلى ذكرى، وقد تتجدد الفكرة أو تموت حسب  قدرته على تجميع المبلغ اللازم لإعادة المحاولة، ومع كل هذا الحزن المرافق لفشل المحاولة، قد يتجرأ بعض المرضى على رفع دعاوى هي نادرة الحدوث بحسب معظم الأطباء  العاملين في هذا المجال؛ فعلى الرغم من إعطاء المريضة جرعة أمل عالية بنجاح الحمل، إلا أنه لابد بحسب الدكتورة موضي أن نضع المريضة بصورة كل الاحتمالات الممكنة، خاصة عند ضعف نسبة النجاح، ويكون  هدف بعض المرضى من الدعوى القضائية بحسب الدكتور خليل هو الابتزاز الطبي الذي سيخرج المدعين  فارغي الأيدي، سواء من الطفل أو من القضية المرفوعة على الطبيب، لأن القوانين تحمي الطبيب في الوقت الذي لا جزم فيه ولا تأكيد  لنجاح الحمل والولادة.
الطبيب ، لأن القوانين تحمي الطبيب في الوقت الذي لا جزم فيه ولا تأكيد من نجاح الحمل والولادة.
لم يصرح الدكتور خليل عن نسبة مراجعة المرضى لإجراء تلقيح اصطناعي باعتبارها سرية للغاية، حيث مازالت شريحة كبيرة من الناس تنظر إلى طفل الأنبوب بغرابة واختلاف أحياناً أو تحريم أحياناً أخرى. وفي إحدى القصص التي نجح فيها طفل الأنبوب مع أحد الأزواج بعد 10محاولات متتالية من العلاج، ظنت العائلة أنهما رزقا بطفل طبيعي وحتى تاريخه مازال الموضوع سرياً بل وتقوم بعملية طفل أنبوب آخر، ولعله سيبقى الأمر سرياً عن الطفل عندما يكبر. وكأن في الأمر ما يستدعي المراوغة أو الخجل .
ففي المجتمعات المحافظة، كثيراً ما تؤدي السرية التي يشترطها معظم المرضى إلى بقاء علاجات ودراسات الأطباء سرية أيضاً، وهو ما يضر بالطب كمهنة، حيث يهم جميع الأطباء على حد قول الدكتور خليل التعريف بنسب النجاح والتقدم الحاصل في هذا المجال الطبيعي علمياً وطبياً غير المألوف اجتماعياً. ويحبذ الدكتور مروان الحلبي  فكرة بقاء طفل الأنبوب سرياً وذلك لتخفيف الضغط النفسي على المرضى من خلال أسئلة المقربين لهم عن التطورات، والترقب الدائم لموعد الحمل والولادة المحددين مسبقاً، على عكس الحمل الطبيعي، مبيناً أن العلاج  يبقى سرياً في ملف خاص لا يطلع عليه سوى عدد محدود من الكادر الطبي العامل في المركز، حتى في حال عدم اشتراط الزوجين السرية.

¶بين النهائي والمجهول دموع
تزوجا بعد قصة حب طويلة، وانتظرا وقتاً طويلاً ليرزقا بطفل لكن جميع المحاولات باءت بالفشل لسبب مجهول، وقسوة الحرمان التي ذاقها كلاهما، جعلت كلا الطرفين يتنازلان عن هذا الحب ليتزوج كل منهما بآخر ثم ليرزق كلاهما بأطفال. والسبب المجهول أفصح عن نفسه في ما بعد بعدم مطابقة الحمض النووي (DNA )، وطبياً هناك عدة إجراءات يتخذها أطباء مركز الإخصاب  في حال فشل عملية الإلقاح لتفادي الأسباب، إلا أنه بحسب الدكتورة موضي هناك ما يسمى العقم مجهول السبب، حيث لا يوجد سبب مباشر من المرأة أو الرجل يمنع الحمل.
بينما أكد الدكتور خليل ضرورة توافر شروط نجاح طفل الأنبوب بعد توافر الاستطباب، إلا أن هناك ما يسمى العقم النهائي والذي يشكل أحد أهم أسبابه، دخول المرأة سن اليأس.
  سري للغاية
 ¶ للحرمان ضريبتان ..مادية ومعنوية
تتكلف أول عملية، بما فيها الأدوية والتحاليل وسحب البيوض وإرجاع الأجنة حوالي 110 آلاف ليرة سورية بالمجمل، ويراعى في العمليات المتكررة نفس السعر المخفض، وسبب ارتفاع تكلفة هذا التلقيح
 ناتج، بحسب الدكتور خليل، عن ارتفاع  تكاليف الأجهزة الطبية والمواد المستعملة في العلاج، بالإضافة إلى ندرة الأطباء الخبراء في إجراء مثل هذه العمليات الدقيقة ضمن هذا الاختصاص، لكنها على الرغم من ذلك تبقى تكاليفها أقل من العلاج في البلدان المجاورة، التي يتحول مرضاها وكنوع من السياحة الطبية إلى العلاج في سورية نظراً لتكاليفه المنخفضة من جهة وأجهزته الحديثة من جهة أخرى.
والحرمان في المجتمع الشرقي  الذكوري يفرز مشكلة كبيرة تدفع ثمنها المرأة غيرالمنجبة، هذا على الرغم من وجود نسبة 40 % من العقم سببه الرجال بمقابل 30 % سببه النساء و30 % سببه مشترك، فمن المعيب في بعض المجتمعات المنغلقة أن يراجع الرجل عيادة طبيب وترتفع التكاليف في ظل تجربة القطاع العام في طفل الأنبوب التي مازالت تخطو خطواتها الأولى، حيث تبقى تجربة القطاع الخاص والمراكز المتخصصة أسرع في تدارك الأمور ومعالجتها بمعزل عن الإجراءات الروتينية.

مزمار الحي لا يطرب

 أصبح المجتمع متقبلاً لفكرتي طفل الأنبوب وإمكانية العلاج في سورية، إلا أن تأخر وصول هذه التقنية إلينا، بعد وصولها إلى الأردن وبعض دول الخليج، تحت ضغط الحصار الاقتصادي، حال دون  تأمين بعض الأدوية والأجهزة الطبية، وهي مشكلة مازالت  بحسب الدكتور خليل قائمة في بعض جوانبها إلى الآن. ومع كل هذا التأخر، نافست نسب النجاح التي حققتها سورية في هذا المجال  مثيلاتها في دول الشرق الأوسط ، إلا أن مزمار الحي لا يطرب، كما يقال وميسورالحال يفضل العلاج  في الأردن الشقيق مثلاً ويتكلف بما لايقل عن المليون ليرة سورية لمجرد أنه تعالج في الأردن كنوع من إرضاء الغرور الداخلي. 
 القناعة كنز لايفنى 
يسهم العامل النفسي في عملية حدوث الحمل إلى حد كبير بحسب الدكتورة صباح موضي، خاصة بعد معرفة أن 25% فقط هي نسبة حدوث الحمل بشكل طبيعي، فكيف إذا كان الحمل بالأصل ضعيفاً أو رافقه توتر وترقب وضغط كبير يزيد مع تقدم الأزواج في العمر.؟ بينما عارض الدكتور خليل إسهام العامل النفسي في عدم الإنجاب مشيراً إلى إمكانية حمل الفتاة بعد اغتصابها، والضغط في العلاقة بين الزوجين قد تؤثرعلى بعض الهرمونات وتخفف من الخصوبة، لكنها لن تمنع الحمل، فما الذي يفسر إنجاب كثير من النساء إذاً طالما أن أغلبهن متوترات نفسياً أواجتماعياً أوعائلياً.
ومع كل الإحباط والتوتر المرافق للعقم، يبقى طفل الأنبوب هو الضرورة الحتمية عند توافر الاستطباب والحاجة الملحة التي يلجأ إليها الزوجان في حال عدم  قدرتهما الحصول على الطفل بالطرق الأخرى، وبالتالي يبقى هو الخيار الوحيد الذي لا بد من تقبله، سواء كان السبب الرجل أم المرأة، إلا أن عقم الرجل عموماً أسهل من عقم المرأة في تقبل الفكرة نظراً لإمكانية زواج الرجل مرة أخرى من امرأة منجبة واحتمالية القيام بعملية طفل أنبوب للمرأة الأولى، أو طلاقه منها، بالإضافة إلى بقاء نسبة من الرجال المقتنعين بما كتب الله لهم .
كما أن إمكانية  تشخيص بعض حالات العقم قبل الزواج تعتبر قليلة  نظراً لصعوبة التشخيص عند الفتاة، إلا أن تعاون الزوجين والتأكد من القدرة على المعالجة أوالاستعانة بطرق الإخصاب المساعد مبكراً يساعد في التعامل مع المشكلة بشكل أسهل.
 نظرة اجتماعية قاسية 
 لا يمكن فصل الجانب الطبي عن الاجتماعي في مشكلة عدم الإنجاب، فهما مرتبطان ببعضهما ارتباطاً وثيقاً بما يشبه المنظومة القيمية المتكاملة التي تحث على الذرية، ومازالت النظرة إلى المرأة غير المنجبة سلبية وظالمة إلى حد كبير بحسب الدكتور الاختصاصي في علم الاجتماع والأستاذ في جامعة دمشق  طلال مصطفى، بل إن المرأة  تتقبل في مجتمعاتنا فكرة عدم قدرة الرجل على الإنجاب. هذه النظرة تقلصت كثيراً على حد وصف الدكتور مصطفى، مع إمكانية الإلقاح الاصطناعي الذي يأتي أحياناً  «كالكي في آخر الدواء» على حساب القدرة المادية، وهو ما دفع  نقابة أساتذة الجامعة إلى تخصيص مبلغ مساعدة يسمح بإجراء طفل أنبوب لمرة واحدة، وهو ما يعتبر بحسب الدكتورمصطفى دليلاً واضحاً على الموقف الإيجابي من طفل الأنبوب، كونه حل مشكلة عاطفية واجتماعية كبيرة من الممكن أن تتحول إلى معضلة تهدد استقرار الأسرة وتبدد سعادتها، بغض النظر عن التوجهات الحالية في تحديد النسل، مضيفاً أن حل مشكلة التضخم لا تأتي على حساب الأفراد قليلي الخصوبة أصلاً، والنظرة الاجتماعية التي تبلورت سابقاً حول طفل الأنبوب هي حالياً تأخذ منحى إيجابياً يظهر جلياً من خلال الاهتمام والرعاية المضاعفة المنصبة على طفل ولد بعد عناء أهله الطويل وأصبح أغلى ما يملكان .

مفارقة إنسانية

إحدى النساء أنجبت ثلاثة توائم «أنابيب»، لكن الظروف لم تكن مهيأة لاستيعاب مصاريفهم منذ أول يوم تنفسوا فيه، فتوفي أحدهم ضعيفاً وبقي الثاني في حاضنة المركز الوحيدة، بينما نقل الرضيع الثالث إلى حاضنة أحد المستشفيات الخاصة، مما ترتب على الوالد «السعيد بمجيئهم إلى حياته والتعيس بأحواله المادية «مبلغ مليون ونصف المليون كتكاليف بقاء الطفلين على قيد الحياة في الحواضن واضطر بعد عجزه عن تأمين هذه المبالغ  إلى الاتصال بأحد البرامج العربية التي تسهم في إيصال معاناة الأشخاص إلى الجهات القادرة على توصيل المساعدة  للمحتاجين إليها، وهي حالة إن لم تكن دائمة هي  ليست الوحيدة، وقد لا تتوقف على حدود  التكاليف المادية فحسب ، بل قد تتعدى ذلك عند وجود خطر على صحة الأم، ما يضع الجميع أمام مفارقة إنسانية حاضرة في كل زمان ومكان، ففي الوقت الذي تأتي بعض العائلات الفقيرة بـ10 أولاد أو أكثر يتشرد معظمهم في الشوارع، يتضرع الآلاف لينعموا ولو بطفل واحد. وعائلات أخرى تكتفي بطفل واحد أو تختار عدم الإنجاب، على الرغم من إمكاناتها الجسمية والمادية المساعدة، مثلها مثل توجّه معظم أفراد الدول الأوروبية والمتقدمة.

وعد زينية

المصدر: بلدنا

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...