قانون الجنسية على طاولة النقاش ثانيةً

27-03-2010

قانون الجنسية على طاولة النقاش ثانيةً

من المنتظر أن يقدم عدد  من أعضاء مجلس الشعب السوري في أول جلسة قادمة للمجلس مشروعاً معدلاً لمشروع قانون يتيح للمرأة السورية المتزوجة بأجنبي منح أبنائها الجنسية السورية.
وبحسب عضو مجلس الشعب محمد حبش فإن المشروع سيتضمن التعديل الذي يوافق القمم العربية بإضافة جملة تؤكد ذلك في المشروع (وبما لا يخالف قرارات القمم العربية)، وذلك على المادة التي تتيح منح الجنسية لأبناء السوريات المتزوجات من أجانب.
وقد تقدم عدد من أعضاء مجلس الشعب باقتراح التعديل للمادة القانونية التي تحرم المرأة السورية من منح جنسيتها لأبنائها، وتم الاعتراض عليه، لأنه سيتسبب في حال تطبيقه بمنح الجنسية لعدد كبير من الفلسطينيين المقيمين في سورية والمتزوجين من سوريات، وفي ذلك مخالفة لقرارات عدد من القمم العربية، التي تفرض على الدول التي تضم لاجئين فلسطينيين عدم اتخاذ أي إجراءات أو فرض قوانين تفقد الفلسطينيين انتماءهم في المجتمعات التي يعيشون فيها. وهذه حجة الرفض الدائمة لهذا المشروع الذي ظلّ حبيس الأدراج منتظراً الإفراج عنه منذ أن بدأت حملة رابطة النساء السوريات بطلب تعديل  المادة القانونية التي تحرم المرأة السورية من المساواة مع الرجل في منح جنسيتها لأسرتها.علما أن هذا انتهاك واضح ليس فقط للدستور السوري الذي يساوي بين جميع المواطنين، بل أيضاً هو انتهاك للاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها سورية، ومنها اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، واتفاقية حقوق الطفل. فهي تحرم الطفل من جنسية تساعده على أخذ الحقوق المساوية لطفل آخر يعيش معه في البلد نفسه.
وقد أسفرت الحملة التي بدأتها رابطة النساء السوريات في سورية منذ عام ،2004 بالتوازي مع الحملة الإقليمية التي قامت بها مجموعة الأبحاث والتنمية في مصر والأردن وتونس والجزائر والمغرب ولبنان وسورية تحت عنوان (جنسيتي حق لي ولأسرتي)، عن عدد كبير من الانتهاكات التي تتعرض لها الأسر المحرومة من الجنسية السورية. والتقت مع أطفال وشباب ونساء ورجال عانَوْا الأمرين بسبب حرمانهم من الجنسية السورية، وهم يعيشون في سورية ومن أم سورية، وذلك بسبب المواد القانونية التي تحرم المرأة من إعطاء جنسيتها لأسرتها أسوة بالرجل الذي يعطي جنسيته لأولاده بحق الدم منذ الولادة، ويعطي زوجته الجنسية عند إقامتها عامين على أرض الوطن إن كانت عربية، وخمس سنوات في حال كونها أجنبية. وهذا كله محرّم على المرأة السورية فقط لأنها امرأة، ولم يُعتدّ بعد بمواطنيتها المساوية للرجل في أرضها التي تحاسب بها كما يحاسب الرجل.
ففي المادة الثالثة من قانون الجنسية الفقرة(ا) يحصر حق منح الجنسية السورية حكماً بالميلاد بمن ولد في القطر أو خارجه من والد عربي سوري، دون إعطاء المرأة هذا الحق لأسباب لا توضحها الحكومة. لكن الجواب الذي تلقّته حملة (جنسيتي لي ولأسرتي)، كان مفاده أنّه يهدد السيادة الوطنية والأمن القومي، بمعنى أنه من المحتمل أن تتزوج امرأة سورية من أجنبي ويتبين فيما بعد أنه يعمل ضد المصلحة الوطنية السورية، باعتراف ضمني أن المرأة عاطفية ولا ينطبق هذا على الرجل لأنه عقلاني!
وفقاً لأرقام وزارة الداخلية فإنّ عدد النساء السوريات المتزوجات من عربي في عام 2006 بلغ ألفاً وأربعمئة وواحدةً وخمسين حالة، ما يعني أن هنالك  الآلاف من محرومي الجنسية السورية منذ سنين طويلة. ووفقاً لتقدير مبدئي أعدّته رابطة النساء السوريات وهي التي تقود الحملة في سورية، فقد بلغ عدد النساء السوريات المتزوجات من أجانب وعرب نحو (مئة ألف) امرأة. وانطلاقاً من تقديرات هيئة تخطيط الدولة في سورية التي تحدد متوسط عدد أفراد الأسرة السورية بخمسة أفراد، فإنّ هذا يعني أنّ نحو نصف مليون شخص يعاني من آثار هذه المشكلة في سورية.
وفور انطلاق الحملة عام2004 تضامن معها 35 نائباً في مجلس الشعب السوري وتبنّوْا مطالبها عبر مشاركتهم في وثيقة التواقيع التي أطلقتها الرابطة، والتي رُفعت إلى رئيس مجلس الشعب في حينه. إضافة إلى الكتاب الذي رفعته الرابطة إلى السيد رئيس الجمهورية بتاريخ 1652006 المرفقة بعريضة وقع عليها الآلاف من المواطنين يطالبون بالتعديل. علما أن عدد أعضاء مجلس الشعب السوري 250 عضواً، وبحسب الدستور السوري لتعديل القانون يجب موافقة خُمْس أعضاء مجلس الشعب، إضافة إلى موافقة  رئيس الجمهورية.
والآن عاد التحرك من جديد علّه يعيد النقاش حول أهمية هذا الوضع وخطورته، وبهذه الأثناء لاتزال نساء كثيرات منهن أم ديفيد التي ولدت ابنها من رجل قبرصي الجنسية لكنها طلقت منه قبل أن تضع مولودها ولم تعرف عنه شيئاً منذ نحو ثلاثين عاماً وابنها معها في سورية بلا أية جنسية لا قبرصية ولا سورية، في انتهاك واضح لقانون الجنسية نفسه، على الرغم من أنه درس في مدارس القطر، لكنه لا يستطيع التحرك خارج منطقة معينة لأنه لا يحمل جواز سفر أو هوية، ورغم اجتهاده إلا أنه أسير قوانين حملت أمه على التخلي عنه ليتبناه شخص سوري علّه يعطيه الجنسية السورية، ولأن التبني ممنوع في سورية فإن المساعي لم تنجح. ومازالت تعوّل، وقد بلغت السبعين من العمر، على حلم واحد مع كثير من النساء في الظروف نفسها وأشد صعوبة منها حلم واحد وأمل واحد فقط الحق بالمساواة مع أخيها الذي يعيش في بلد آخر أجنبي. وعلى الرغم من ذلك أعطى أولاده الجنسية السورية وهم لا ينتمون إليها أكثر من الاسم، بينما ولدها الذي أحب سورية وعاش فيها لا يتمتع بحق أن ينال جنسيتها، هذا الحق الذي يؤهله للانتقال بحرية والعمل الخاص أو العام، ويؤهله لمتابعة الدراسات العليا وللسفر. أهذا حق الإنسان الطبيعي في بلده؟!

رهادة عبدوش

المصدر: جريدة النور

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...