الصناعة السورية: غياب الاستراتيجية وضعف الاستثمار

17-04-2008

الصناعة السورية: غياب الاستراتيجية وضعف الاستثمار

لم تأت ندوة الثلاثاء الاقتصادي لهذا الاسبوع بجديد رغم عنوانها العريض (التحديث الصناعي في سورية-الضرورة- الواقع والتحديات)

حيث قام المحاضر فؤاد اللحام المنسق الوطني لبرنامج التحديث الصناعي باستعراض لهذا الواقع فكان أقرب للتنظير منه للتحليل والتشخيص لأوجاع القطاع الصناعي وتقديم الحلول التنفيذية حسب ما أكده المداخلون في الندوة..‏

فقد أوضح اللحام أن للتحديث الصناعي دوراً في التنمية الصناعية وهناك تحديات يواجهها الاقتصاد السوري وتطبيق الاتفاقيات العربية والدولية مشيرا الى محاولات التحديث الصناعي والواقع الراهن للتحديث والسمات العامة للصناعة السورية والتي وصفها اللحام بانخفاض القيمة المضافة المتحققة وتدني نسبة مساهمة قطاع الصناعات التحويلية بالناتج المحلي الاجمالي التي تبلغ حوالي 7% في حين تبلغ حوالي 17% في تونس و 16% في مصر وعجز الميزان التجاري للصناعات التحويلية مترافق مع خلل هيكلي في بنية التجارة الخارجية لهذه الصناعة حيث تنحصر معظم الصادرات الصناعية بالمواد الأولية ونصف المصنعة في حين تنحصر معظم المستوردات الصناعية الجاهزة ونصف المصنعة.‏

وضعف التشابك داخل قطاع الصناعات التحويلية وبينه وبين القطاعات الاقتصادية الأخرى وتدني المستوى والمكون التكنولوجي للصناعات القائمة واعتمادها على الصناعات الاستهلاكية الخفيفة وقصور واضح في عمل المؤسسات الداعمة من ناحية وتدني كفاءة الإدارة بشكل عام وضعف الخبرات التسويقية والتدريب والتأهيل مع غياب ثقافة العمل وغلبة المنشآت الحرفية الصغيرة والشركات العائلية والصناعات البسيطة على نشاط القطاع الخاص الصناعي وضعف مناخ الاستثمار بكافة مكوناته وقصور واضح في نشاط ترويج الاستثمار وخاصة الصناعي حيث تركزت الاستثمارات في القطاعات الخدمية ولم تتجاوز الاستثمارات الصناعية نسبة 13% من مجمل الاستثمارات الخاصة والأجنبية وتدني نسبة الاستفادة من الطاقات الانتاجية القائمة وضعف المستوى التعليمي للقوى العاملة.وغياب الرؤية الاستراتيجية المتكاملة لتطوير الصناعة وضعف التحويل الصناعي من المصارف .‏

واستعرض اللحام الواقع الراهن للتحديث الصناعي والخطوات التي تم القيام بها من تحسين بيئة العمل ومناخ الاستثمار واعداد الخطة الخمسية العاشرة وتنمية مساهمة القطاع الخاص في الاستثمار الصناعي وتناول البرنامج الرائد للتطوير والتحديث الصناعي المتمثل في تعزيز القدرة التنافسية للصناعة السورية ومواجهة التحديات التي تواجهها .‏

كما تناول المحاضر البرنامج الوطني الشامل للتحديث الصناعي في سورية والذي كان أحد أهداف البرنامج الرائد ورؤيته للتحديث والتطوير ومهمته وملكية هذا البرنامج ومكوناته.‏

وتحدث اللحام عن التحديات التي تواجه التحديث الصناعي حيث أوضح أنها تتعلق بالظروف المحلية والاقليمية والبطء في عملية الاصلاح الاقتصادي وضعف تجاوب القطاع الخاص مع هذه العملية.‏

وطالب اللحام بتبني برنامج التحديث الصناعي حكومياً وأن تكون عملية التحديث مستمرة ومتجددة وبتوفير كل ما يلزم لتشجيع القطاع الخاص والاسراع في اصدار قانون اصلاح القطاع الصناعي والتأكيد على ضرورة وجود مورد وطني متجدد ومستمر من أجل ضمان استمرارية حصول هذا البرنامج على التمويل اللازم.‏

موضحاً الحاجة الى خبرات استشارية متنوعة ومتقدمة في مرحلة اعداد الدراسات التشخيصية الشاملة ووضع خطط التطوير والتحديث أو في تنفيذها.‏

وطالب اللحام بدور جديد لوزارة الصناعة يتمثل بتشجيع وتحفيز وتمكين الصناعة السورية بكافة أشكال الملكية وتوسيع نطاق اللامركزية فيها.‏

كما طالب على مستوى القطاع الخاص في دور تشاركي في عملية التحديث موضحاً أن التوازن بين الحقوق والواجبات لا يمكن أن يتحقق دون رؤية موضوعية ومسؤولية من قبل القطاع الخاص.‏

وقدم وزير الصناعة السابق غسان طيارة مداخلة أوضح فيها أن التحديث الذي طرأ منذ 1974 وحتى 2002 كان مجرد مذكرات لم تر النور الى التطبيق وأن اللجان التي شكلت للاصلاح عمقت الخصخصة وليس الاصلاح وسأل طيارة إن كان التحديث أساسياً وواضحاً للجميع وضمن سلة متكاملة وإن كانت وزارة الصناعة قادرة على رعاية التحديث مطالباً أن يتم البدء بالتحديث من وزارة الصناعة أولاً لتصبح وزارة سياسات ودراسات.‏

مشيراً الى أهمية التدريب والتأهيل لافتاً الى أن التطوير والتحديث ما زال غير واضح وإن كان القانون الموضوع هو الملائم والمناسب للتحديث والتطوير؟!!‏

وتطرق غسان قلاع نائب رئىس غرفة تجارة دمشق في مداخلته الى أنه ومنذ الخمسينيات لم يكن هناك وزارة صناعة وانما مديرية صناعة وكان لدى القطاع الخاص قناعة أن الوزارة مجرد مركز للترخيص الصناعي وبالتالي لم ترع التحديث والتطوير.‏

وأكد القلاع على أنه لم يحدث تطوير على الصناعة السورية بل ظلت تعمل ضمن المهنة الضيقة لتقديم التراخيص.‏

وأوضح سمير سعيفان الباحث الاقتصادي في مداخلته أن الشراكة السورية الأوروبية ليست بأكثر من برنامج لتحرير التجارة منه برنامج للتنمية الاقتصادية وأن المساعدات التي قدمها مركز الأعمال السوري الأوروبي منذ تأسيسه وحتى الآن لم تتجاوز ال25 مليون يورو وأن هذا غير كاف للاصلاح مشيراً الى أن مجمل مشاريع الاتحاد الأوروبي بتمويلها تنفق على خبراء هذا الاتحاد.‏

وأكد سعيفان على عدم وجود قرار فعلي لاصلاح القطاع العام اضافة الى التردد في اصدار مثل هذا القرار معتبراً أن هذا دليل على أن البرامج الاصلاحية التي ستصدر ستظل محكومة بنفس الآليات القديمة.‏

مؤكداً أن الأهداف التي وضعتها الخطة الخمسية العاشرة ليست سوى أهداف عامة ونوه الى أن الحكومة لا تملك برنامجا للتحديث الصناعي للقطاعين العام والخاص ذاته وأنه من الضروري أن تشمل التوصيات بأن يتم الاعتماد على أنفسنا في التحديث والتطوير الصناعي وأن يكون هناك سياسة شاملة من خلال التشخيص والمسح ويجب أن يتم تطوير برامج مخصصة سواء بالتمويل أو بالضرائب وغيرها.‏

الدكتور ابراهيم حداد مدير التكاليف في وزارة الصناعة سابقاً بدأ مداخلته باتهام المحاضر بأنه لا يحق له الحديث عن الاصلاح والتحديث الصناعي خاصة أنه كان معاوناً لوزير الصناعة سابقاً ولم نلمس منه أي تطوير مشيراً الى أن الوزير الحالي للصناعة انسان جيد وكفء ويحتاج الى أناس أكفاء للعمل في الصناعة.‏

وقدم الدكتور محمد حمود مداخلة أوضح أن الصناعة هي معمل وليست مكتباً غير أننا ما زلنا نعامل الصناعة كمكتب مشيراً الى أهمية الصناعة الاستخراجية وأن لدى سورية 14 مليار طن من الفوسفات والانتاج لا يتجاوز منذ السبعينيات 3 الى 4 أطنان بينما في دول أخرى لديها انتاج وفير . وأشار الى أن سورية غنية بالمواد الأولية المستخدمة في صناعة الاسمنت غير أننا ما زلنا نعاني من نقص في هذه الصناعة منوهاً الى التخلف الحاصل في صناعة النفط حيث يتم الدوران في حلقة مفرغة.‏

وفاء فرج

المصدر: الثورة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...