أمراض الجهاز التنفسي ثالث مسبب للوفيات في دمشق

13-12-2007

أمراض الجهاز التنفسي ثالث مسبب للوفيات في دمشق

مازن العلبي لم يتجاوز عمره الـ25عاماً يقضي معظم وقته في سوق مدحت باشا المعروف بهوائه شديد التلوّث وسط دمشق القديمة أصبحت المضادات الحيوية من العيار الكبير مرافقة له نتيجة معاناته من التهابات صدرية والتهاب اللوزات.

كذلك حال جيرانه في السوق عبد الرزّاق صباغ وياسين العلبي وأنور الشامي.. وآخرون يعانون من التهابات متكررة في الجهاز التنفسي، حيث سجّلت قياسات التلوّث بالعوالق (الجزيئات الناجمة عن دخان السيارات والأنشطة السكانية والصناعية والتجارية).. حوالي 11ضعفاً عن المسموح به عالميا. ‏

وتكتمل طبقة من الغبار وهباب الفحم على وجوهم مع نهاية دوامهم في السّوق بما يكشف التلوّث الشديد للهواء الذي يتنفسونه، وسبق إجراء مسحٍ صحيٍ في شارع«مدحت باشا»عام 1999 شمل 120 شخصاً وتمّ تسجيل 38شكوى التهاب قصبات مزمن، و25 حالة التهاب قصبات تحسسي، و3حالات تليّف رئوي، وأربع حالات ربو، 13حالة سعال مزمن، 9 حالات التهاب طرق تنفسية علوية، و6حالات التهاب جيوب.. ‏

ويستغرب الكثير من تجّار شارع مدحت باشا المصابين بأمراض الجهاز التنفسي تحذير الأطباء لهم من التدخين خلال ترددهم المكثّف على عياداتهم، فيؤكدون أنّهم لا يدخنون، بل ينتمون إلى سوق معروف بتلوّثه ودخان سياراته.!هذا حال سوق من أسواق دمشق، فكيف حال العاصمة التي يقطنها ثلث سكان سورية، «حيث تلعب سياراتها دوراً رئيسيّا في زيادة الغازات الملوثة للهواء» كما أكدت الاستراتيجية وخطة العمل البيئية، التي أعدتها وزارة الإدارة المحلية والبيئة عام2003بدعم من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والبنك الدولي؟. ‏

وحسب سجلات مديرية النقل 20%من سيارات دمشق تتجاوز أعمارها 17عاماً، وتستعمل وقوداً دون المواصفات العالمية وبملوّثات مرتفعة، حسب وزارتي النفط والإدارة المحلية والبيئة. 
 ويكشف تحقيق تشرين أنّ أمراض جهاز التنفّس التي كانت السبب الرئيسي الرابع للوفاة في دمشق عام 2000 زادت مخاطرها، وأصبحت تشغل السبب الثالث للوفاة في العام 2006، مع وجود مؤشرات عديدة عن علاقة هذه الأمراض بتلوّث هواء دمشق، وأوّلها نموذج تجّار سوق مدحت باشا.. ‏ ‏

«لن يتحسن الوضع البيئي قبل تحسين مواصفات المازوت والبنزين، والانتقال إلى الوقود الغازي في النقل وتطوير نظم المرور وإحلال منظومة النقل العام مكان الأنظمة الفردية الحالية، ووضع اشتراطات بيئية لاستيراد السيارات..»، بحسب الاستراتيجية وخطة العمل البيئية وخبراء البيئة والأطباء الذين التقتهم تشرين وحسب الهيئة العامة لشؤون البيئة، فإن «عمليات قياس التلوث غير دائمة وتجري بفترات متباعدة، ريثما يتمّ تشغيل شبكات رصد مستمر لنوعية الهواء، ويتوقّع تركيبها في دمشق التي هي من المحافظات الأشدّ تلوّثاً نهاية العام الحالي2007، وتشمل أربع محطّات رصد في أربعة مواقع من المحافظة». 
 واعتمدت وزارة الإدارة المحلية والبيئة بيانات من دراسة نفّذها مركز الدراسات البيئية حول ملوثات الهواء في مدينة دمشق خلال(2005 ـ 2004 ـ 2001). وحددت المتوسط الكلي للتلوّث بالعوالق في ثلاثة مواقع بدمشق، هي ساحة باب توما، ساحة البرامكة، التجارة بجوار مدرسة بسام حمشو، خلال سنوات القياس بما يتجاوز ضعفي المسموح به عالمياً. ‏

وسبق ذلك قيام بعض المؤسسات العلمية والبحثية (مركز الدراسات والبحوث العلمية ومركز الدراسات والبحوث البيئية وهيئة الطاقة الذرية، ووزارة الدولة لشؤون البيئة والباحث البيئي الدكتور محمّد العودات، وآخرون..(، بإجراء قياسات أكثر تفصيلاً في فترات متقطعة مابين 1989و2001 وأشارت القياسات إلى تدني نوعية هواء دمشق، إذ بلغ تركيز العوالق الكلية أربعة أضعاف المسموح به عالمياً. وبلغ تركيز العوالق ذات الأقطار الأقل من10ميكرونات (صغيرة وخطيرة وقابلة للاستنشاق) 222ميكروغراماً/م3 بما يتجاوز ثلاثة أضعاف المسموح به عالمياً70 (ميكروغراماً/م3). وبلغ تركيز العوالق ذات الأقطار الأقل من 3ميكرونات (شديدة الصغر والخطورة لأنّها تخترق الدفاعات التنفسية ويمكن وصولها إلى الحويصلات الرئوية) 115ميكروغراماً/م3 بما يتجاوز7.5 ضعف المسموح به عالمياً ) 15ميكروغراماً/م3.( ‏

ويمكن إيجاز بعض نتائج قياسات ملوّثات الهواء الأخرى (2001 ـ 1989) في دمشق وفق التالي: ارتفاع قيم المتوسطات الساعية واليومية لثاني أكسيد الكبريت SO2 عن الحدود القياسية المسموح بها بمقدار الضعف ـ متوسط تركيز أوّل أكسيد الكربون ضعف المسموح به ـ تركيز الأوزون أعلى 2.5مرة من المعيار المسموح به عالميا ـ سجل تركيز أكاسيد الآزوت قيمة تفوق 1.5مرّة القيمة المسموح بها عالمياً. ‏ كافة الملوثات المذكورة معروفة لدى منظمة الصحة العالمية كأحد مسببات أمراض جهاز التنفس، وبعضها شديد الخطورة على الرئتين وتسبب الموت المبكر، )كالعوالق التي أقطارها أقل من 10و3ميكرونات(.. ‏

كذلك تمّ تسجيل تراكيز مرتفعة للهيدروكربونات الحلقية العطرية ذات الخصائص المسرطنة، والتي تنتج بشكل أساسي من عمليات احتراق الوقود غير الكامل في وسائط النقل، ويفوق تركيز أشهر تلك المركبات )البينزيرين( العالمية أمّا بخصوص الضباب الدخاني الذي أصبح ظاهرة يومية في دمشق خلال فصل الصيف بسبب ارتفاع الحرارة فينجم ـ وفق الهيئة العامة لشؤون البيئة والباحث د.العودات ومراجع علمية منها تلوّث الهواء، لـ )د.نصر الحايك) عن تفاعل الملوثات الأولية، وخاصة أكاسيد النتروجين مع الأكسجين بوجود الهيدروكربونات وثاني أكسيد الكبريت، تحت تأثير الأشعة فوق البنفسجية، وخاصة في ساعات الصباح الأولى. وتتكون نتيجة هذه التفاعلات مجموعة من الملوثات الخطيرة على الصحة وجهاز التنفّس، وهو وفق د.العودات ـ «دليل صريح على زيادة الملوّثات في دمشق». ويأتي زحام السيارات كمصدر رئيسي لتلوّث هواء دمشق وفق وزارة الإدارة المحلية والبيئة. وإن ما يسير في شوارع العاصمة لا يقتصر على السيارات المسجلة فيها البالغة 278ألف سيارة حتّى تموّز 2007، وفق إحصائيات مديرية النقل. وتفيد التقديرات الرسمية أن ما يزيد عن خمسين ألف سيارة أخرى تدخل وتخرج دمشق من المحافظات كافة. ‏

ويفرض الزحام حركة بطيئة جداً للسيارات وبالتالي ـ وفق المراجع العلمية منها (السيارة وتلوّث البيئة، د.علي مصطفى علاء الدين) يسبب استهلاكاً أكثر للوقود وقذف ملوّثات أكثر. وحسب الهيئة العامة لشؤون البيئة فإنّ «ملوثات السيارات القديمة أضعاف ملوثات السيارات الحديثة بسبب رداءة محركاتها» ‏

وهكذا عندما تتكدّس العوالق بما يشبه «هباب الفحم» في أنف المواطن وعلى جبينه كالذي يحصل مع سكان دمشق القديمة يصبح هاجسه (الصحة والعافية)وسط زحام جعل اليوم الدمشقي «يوم الهمّ المروري». فكيف يكون الوضع الصحي للسكان ‏

وفق إحصاءات وزارة الصحة العام 2006فإنّ الوفيات الناجمة عن أمراض جهاز التنفّس تشغل المرتبة الرابعة ضمن قائمة الوفيات في القطر، بينما تشغل المرتبة الثالثة ضمن الوفيات في دمشق. وبلغ عدد الوفيات في سورية أكثر من 57ألف وفاة، 5.5%بسبب أمراض جهاز التنفس، في حين بلغت وفيات دمشق 13287وفاة في العام المذكور6%منها بسبب أمراض الجهاز التنفسي (تعادل حوالي800وفاة)، وكانت نسبة الوفيات بأمراض جهاز التنفّس 4.7% ضمن إجمالي وفيات دمشق عام2000. ‏

إذاً خلال ستّ سنوات زادت نسبة الوفيات بأمراض جهاز التنفّس 1.3%ضمن وفيات دمشق، وهي تعادل 400وفاة جديدة بأمراض جهاز التنفّس وفق الإحصاءات الرسمية. ‏

كما يبلغ عدد مرضى الجهاز التنفسي في دمشق 4352مريضاً عام 2006 توفي منهم 800مريض، إذاً نسبة الوفيات في مرضى الجهاز التنفسي تتجاوز 18%، وهذا يوضّح خطورة الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي.. ‏

وحسب منظمة الصحة العالمية فإنّ «علاقة أمراض جهاز التنفّس وثيقة بتلوّث الهواء» ويمكن التنبّه إلى زيادة مخاطر أمراض جهاز التنفّس في دمشق ما بين 2000 ـ 2006 بما يترافق مع زيادة بأعداد السيارات تبلغ خمسين ألف سيارة سنوياً، وفق مديرية النقل، وزيادة اختناقات المرور واستهلاك الوقود، وتوفّر مؤشرات تتمثّل بزيادة تلوّث دمشق، وزيادة الأمراض، وفق د.أديب دشّاش، أستاذ الطب المهني والبيئي، في جامعة دمشق لسنوات طويلة، أمين سر نقابة الأطباء حاليا. ويقول د. دشاش «علمياً فإنّ 80%من أمراض جهاز التنفّس متعلقة بتلوّث الهواء، وكذلك 80%من سرطانات الرئة..» ‏

وتقول الحكومة في خطتها الخمسية الحالية«تشير دلائل كثيرة إلى تراجع الوضع الصحي في المناطق التي تعاني من التلوث والكثافة السكانية العالية»، وسبق أن اعتبرت دراسات لوزارة الصحة منذ 1995، أنّ إصابات الجهاز التنفسي في المناطق الملوثة في سورية، تفوق بثلاث أو أربع مرات عددها في المناطق النظيفة. كما اعتبرت (خطّة العمل البيئية2003) التلوث بالعوالق وحده (قد يكون سبباً لوفاة أربعة آلاف مواطن سنوياً في سورية). ‏

واعتبرت الهيئة العامة لشؤون البيئة مشكلة تلوّث الهواء بأنّها «تمثّل أولوية بيئية، والمؤشرات عليها زيادة الأمراض والوفيات المبكرة الناجمة عن الأمراض التنفسية..». ‏

‏ ويشير بحث مشترك قام به الباحث د العودات من هيئة الطاقة الذرية، ود.عدنان غاتا جامعة البعث عام 2005 إلى دراسات. (Anan and pan.2004) جرت في الصين اعتبرت التعرض غير المديد إلى زيادة قدرها 10 ميكروغرامات/م3 من العوالق التنفسية، يؤدي إلى زيادة موت مرضى الجهاز التنفسي بمعدل 6 أشخاص لكل 1000 مريض. أما التعرض المديد فيزيد من الأمراض الصدرية بمعدل 3.1% عند البالغين و4.4% عند الأطفال. وقالوا بأنّ دراسة أخرى قام بها (Schneider,2004) اعتبرت أنّ التعرض المديد للعوالق التنفسية الصغيرة يخفض العمر المتوقع من2 ـ 3 سنوات. ‏

وبدلالة المؤشرات السّابقة فإنّ أمراض جهاز التنفّس في دمشق خطر متفاقم، فما العبء الذي تشكله على خزينة الدولة؟ ‏

لا يوجد لدى وزارة الصحة تصوّر حول العبء المالي الذي تمثّله أمراض جهاز التنفّس ووفياتها في دمشق وباقي المحافظات، علماً أنّه لدى الوزارة مديرية خاصّة بالأمراض البيئية والمزمنة. وحسب د.فاديا معماري، رئيسة دائرة السل والأمراض التنفسية، يمكن الوصول إلى تصورات في هذا المجال في السنوات القادمة. أمّا د.عاطف الطويل، رئيس دائرة البيئة، فاعتبر معرفة العبء المالي أنها تتطلّب برنامجاً خاصاً وخبرة في ترجمة المشاكل البيئية إلى أرقام مالية، وأنّه توجد مطالبة من أجل تأسيس برنامج تكلفة العبء المرضي ويحتاج ذلك إلى مساعدة أساسية من منظمة الصحة العالمية. ‏

وبادرنا إلى وضع مؤشرات لتكلفة بعض الحالات الفردية من تلك الأمراض. فمثلاً المعالجة الشعاعية والكيميائية في حالة سرطان جهاز تنفسي لدى مشفى الأورام بدمشق تكلّف حوالي 200ألف ليرة سورية، 400دولار للمريض الواحد، وهذا يعني أنّ مرضى أورام الجهاز التنفسي البالغين 125حالة عام2005 في دمشق، حسب السجل الوطني للسرطان، يكلّفون 25مليون ل.س شعاعياً وكيميائياً، دون ملاحظة النفقات العلاجية الأخرى، والإقامة في المشافي، والتعطّل عن العمل. وفي نموذج أحد الذين توفّوا نتيجة سرطان رئة فإنّ نفقاته خلال العلاج وحتّى الدفن تجاوزت المليوني ليرة سورية. ‏

أحد الذين يتلقون العلاج الكيميائي حالياً وهو أب لأربعة أطفال، يتحدّث عن معاناته منذ عام بسبب سرطان الرئة، وكلّفه العلاج حتّى الآن حوالي ثلاثمئة ألف ل.س، بسبب تعطّله عن العمل، ولولا العلاج شبه المجّاني الذي تقدّمه الدولة له لكان رفض أيّ علاج بسبب عدم قدرته على العلاج المأجور، ويقدّر النفقات التي تحمّلتها الدولة من علاجه حتّى الآن بحوالي مئتي ألف ل.س. ‏

أبو علي، المصاب «بالتهابات الرئة»يقدّر نفقات مرضه والأضرار المالية التي سببها له خلال ثلاث سنوات بأكثر من نصف مليون ل.س. إذ في كلّ مراجعة ومعاينة للطبيب خمسمئة ل.س، وفاتورة الدواء الواحدة لا تقل عن ألف ل.س. والإقامة في المشفى عندما تستدعي الحاجة تكلّفه أكثر من 30ألف ل.س لخمسة أيّام فقط. ‏

أبو نزار ترك عمله في دمشق نتيجة معاناته من الربو وعاد إلى ريف حمص الغربي حيث الهواء النظيف، وقال: الربو كلّفني ترك عملي الذي كان يؤمّن لي عائداً شهرياً لا يقلّ عن 25ألف ل.س.. ‏

يعتبر د.أكرم خوري، مدير عام الهيئة العامة لشؤون البيئة، أنّ وزارة الإدارة المحلية والبيئة تعمل على طرح الحلول واقتراح الإجراءات الكفيلة بتحسين نوعية الهواء التي يُفترض تنفيذها قبل نهاية عام2015، كما ورد في الاستراتيجية وخطّة العمل البيئية. ‏

ويقول: «إنّ مشكلة تلوّث الهواء تشترك في مسؤوليتها جهات متعددة ومهمّة معالجتها متشابكة وتحتاج إلى اشتراك شتّى الجهات بذلك وخاصة وزارة النفط تجاه تحسين الوقود، ووزارة النقل تجاه تطوير أنظمة المرور ..». ‏

وبانتظار إجراءات تحسين نوعية هواء دمشق، فإنّ كلّ ما يسبب التلوّث تقرّ الحكومة بزيادته «زحام وسيارات و استهلاك وقود..» بينما القياسات والبحوث قليلة والأمراض وفق إحصاءات وزارة الصحة متفاقمة. ‏

ويبقى الهواء الصحي مطلب السكان فمتى يتحقق ذلك؟ ‏

هذا السؤال يزداد حرارة مع دموع أم محمّدوهي تراقب ابنها الذي يذوب وهو في ريعان شبابه يصارع داءً رئوياً مزمناً وضعه على حافة الموت، وتنقل الأمّ الحزينة عن ابنها أنّه كان يحلم بهواء نظيف في دمشق فلم يجده.. ‏

ظافر أحمد

المصدر: تشرين

إلى الندوة

التعليقات

أتذكر عنوان قرأته في إحدى المرات في الجمل بأن: -دمشق ستتحول إلى مرأب كبير للسيارات- أ وبعد كل هذا تسألون عن التلوث..

تلوث الهواء.. تلوث المياه.. تلوث الأفكار.. والأخلاق.. تلوث القيم.. كلها أصبحت منتج واحد للزيادة السكانية الكبيرة في دمشق.. وتوافد عناصر غربية عن البيئة السورية (توافد عناصر غربية على أي بيئة كانت) يجعلها تتناسى قيمها وأخلاقها في مجتمع غير مجتمها مجتمع يمكنها بكل بساطة التنكر له.. وارتكاب وفعل ما لا يمكنها أن تفعله في بيئتها الأصلية..

ربما سنضطر في الأيام القادمة إلى شراء عبوات أوكسجين.. كما بدأنا بشراء عبوات المياه... بعد أن كانت مياه دمشق مضرب المثل...

فقط عليك أن تنظر إلى دمشق من أدنى ارتفاع في قاسيون لتشاهد غيمة سوداء تغطي دمشق

كان من النادر أن تسمع عن مرضى السرطان.. ولذلك كان لا يذكر اسمه (كانوا يومؤن بالإشارة –ذاك المرض) إشارة إلى أنه مرض خطير.. أما الآن فبات من الطبيعي جداً.. لا بل أصبحنا نسأل إذا رأينا أحد مريض لم يتعافى فوراً (هل هو مريض بالسرطان).. فهنئياً لكم أيها الأطباء والمشافي الخاصة.. (لأن العامة متل قلتها)...

إن التلوث الهوائي لمدينة دمشق هو أحد المفرزات الأولية والبسيطة للخلل في التنمية والتزايد السكاني في مناطق دون أخرى ففهذا الخلل الكبير في التنمية بين المحافظات وبين المدينة والريف يؤدي بدوره إلى خلل في الإنتشار السكاني و تدفع بالكثير من سكان الاطراف للهجرة الى المدن -وتكدسهم في احياء تنعدم فيها الشروط المناسبة للحياة الصحية واللائقة- بحثاً عن العمل لتحسين مستوى المعيشة مما يؤدي الى تفاقم المشاكل الاجتماعية التي تنتج عن وجود الكثافة السكانية في تلك المناطق، ليس أخرها وتخريب البيئة والتلوث البيئي والتلوث بالضجيج..

بانتظار تنفيذ الخطة الخمسية العاشرة بما يتعلق بالتنمية المستدامة التي ربما ستخفف من تمركز جميع النشاطات في مركز العاصمة وجميع الأعمال.. وعلى الوعد يا كمون..

أعتقد أن التلوث في دمشق قد فاق أضعاف الحد المسموح به عالمياً...

إثارة الموضع هي شمعة أولى في ضلام دامس، ولكنني لا أثق أبدا بإحصائيات وزارة الصحة لأنها غير مبنية على عينة كبيرة بما فيه الكفاية، فالطبيب الشرعي لا يتواجد إلا في حالات نادرة، وإذا تواجد يكتفي بإجراء المعيانة السريرية فتصبح الوفيات بالجلطات الدماغية والقلبية وفيات طبيعية في الاستمارات الإحصائية، فما بلك بتشخيص الأسباب معقدة.

عندما لا تبني السلطة دولة فما الذي يجعل لتاريخها معناً؟ إذا كان قانون ***** ضرورة لتوحيد البلاد في عصر التقسيم فما الذي تقدمه السلطة لدولة سوريا الواحدة المنيعة؟ عندما انتجت المعامل الألمانية سيارة فولكس فاكن في الحقيقة أنتجت فلسفة الحكومة و قراءتها لخدمة المواطن الألماني. و عندما أطلقت شركة إكيا خط إنتاجها كانت تطبق فلسفة في التصنيع و التسويق و مثلها كثير من الأمثلة , فخلف كل شركة و منتج يوجد حاجة انسانية و فكر و فلسفة. و لا أدري كيف أن في سوريا حكومة واحدة و سلطة واحدة و قرار واحد و لكن مع هذا توجد كل هذه الفوضى و هذا العبث . فليس ثمة ناظم حقيقي او موديل يعكس فلسفة في بناء الدولة و إن كانت الفلسفة السياسية واضحة و مكرسة بحرفية عالية لا يمكن ان تتسق مع ما تؤول اليه أحوال الدولة. لا نفهم ما هو سر الطلاق , سر الإفتراق بين السياسي و المواطن! عندما افكر كيف أن السياسي لا يجد في مؤسسات الدولة امتداداً لشخصيته و هويته السياسة أعتقد أن شخصيته فصامية. دمشق شوارعها ضيقة و النتاج الإقتصادي متواضع و الحكومة ذات ميول اشتراكية و مساحة الدولة متواضعة و كل هذا يقود أي حكومة الى الإفتراض ان تشجيع السيارات الصغيرة هو ضرورة استراتيجية. و حتى لو كانت الدولة محكومة بولائها السياسي ان تتعامل مع الصين أو روسيا فإن باستطاعتها عندما تمتلك قراءة حقيقية لسوقها المحلي, تستطيع ان تطلب تصميم سيارة يناسب متطلباتها. عندما يكون باص النقل الداخلي لطبيعة عمله لا يحتاج الى سرعة أعلى من 60 كيلو متر و عندما تكون غحدى مهماته تلبية طلبات العامة و أحدهم ذوي الإحتياجات الخاصة كل هذه العناصر تجعل نسبة الشبابيك أكبر بكثير من المعدن , ارتفاع الباص المنخفض و صغر حجم المحرك توليفة مهمة في اختيار باص النقل الداخلي و لا يمكن ان نرسل قرطة *** لتنجز صفقات فقط لأنها تستطيع أن تستخدم القلم في التوقيع. دائما ثمة هامش للمرابحة و دائماً ثمة هامش للمحاباة و لكن ان تنجز صفقات قائمة على نية التزوير فهذه يمكن إدراجها تحت وصف الخيانة أو الجاسوسية لأن النتائج تدفعها البلاد على مستوى امنها الغذائي و الصحي و القومي و الإقتصادي. طبعاً هي صفقات رابحة و لكن كما يقول المثل الروسي فإن الجبنة المجانية تتوفر فقط في مصائد الفئران. تجار دمشق يبتزون السلطة التي يعتبرها سكان باب الحارة غريبة عنهم. و عليه يصبح على كل الكتلة النقدية السورية ان تسبح في فلك العاصمة , رغم ان كل دول العالم توزع مقدرات الدولة على المدن فهناك المدينة التجارية و هناك الصناعية و هناك العاصمة الإدارية. و هذه العقلية في الحقيقة تنعكس سلباً على سكان دمشق أنفسهم و على سكان المحافظات و على واقع مدينة دمشق و واقع المحافظات. و حالة الجشع الغريبة التي اصبحت متلازمة جينية مع العمل السياسي لا يمكن ان تخضع لأي قانون إنساني من قبيل الطموح او النرجسية او جنون العظمة لأن هذه كلها لا تمنع من بناء دولة مزدهرة و التاريخ ممتلء بالأمثلة. و لكن يبدوا ان حالة الجشع لدى معظم سياسيينا تخضع لقوانين اجتماعية رخيصة من قبيل الحسد و الأنانية و الجبن و الخسة لأن الناظر الى الأسوار الغبية التي تنصب حول الفيلات في سوريا لا يمكن رؤيتها في أكثر البلاد حضوراً للجريمة. وهذا مخالف لمنطق الفيلا و منطق الهندسة المعمارية و منطق الثقة الإقتصادية و منطق استتباب الأمن . أستطيع تعداد عشرين سياسي و اقتصادي من أقوى القوى الفاعلة في تاريخ سوريا الحديث كلهم من مدينة جبلة و مع هذا تكاد تكون جبلة حضيض للمدن بكل المقايسس . قديما قال الإمام علي :( الكرم غطى كل علة) و من المؤسف ان تكون علة سياسينا و رجالات دولتنا فساد مصحوب بالبخل.

إذا الحكومه لم تتدخل بالسرعهاللازمه ويبيقى الشعب بالوعد يا كمًون فهذا سيساعد بكل تأكيدعلى حل ازمةالمرور والمواصلات لانه سيكون نصفالشعب إمًافي المشافي او بالدحداح

الحالة تعبانة جداً و أكيد أن تحسين الطرقات و البنزين و المازوت معاً سيكلف أقل من علاج مجموع الناس الذين يمرضون بسبب تلوث الجو

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...