رسالة جندي أمريكي على فراش الموت

21-03-2013

رسالة جندي أمريكي على فراش الموت

الجمل - قدمها: جيرالد بيرس- ترجمة: د. مالك سلمان:

ذهب بوش وتشيني, لكن آثار أكاذيبهما وأفعالهما لا تزال باقية.
على كل أمريكي أن يقرأ هذه الرسالة, وربما يجب أن يقرأها باراك أوباما أيضاً.

إلى: جورج و. بوش وديك تشيني
من: توماس يَنغ
أكتب هذه الرسالة في الذكرى العاشرة للحرب على العراق نيابة عن رفاقي الجنود الذين قاتلوا في الحرب على العراق. أكتب هذه الرسالة نيابة عن 4,488 من الجنود وقوات المارينز الذين قضوا في العراق. أكتب هذه الرسالة نيابة عن الآلاف من الجنود السابقين الذين جرحوا ونيابة عن أولئك الذين تسببت جروحهم, الجسدية والنفسية, بتدمير حياتهم. أنا ماحد من الجنود الذين تعرضوا لإصابات خطيرة. فقد تعرضت للشلل بعد إصابة تلقيتها من جراء كمين في سنة 2004 في مدينة الصدر. قاربت حياتي على نهايتها. وأنا أعيش أيامي الأخيرة الآن تحت الرعاية الطبية في أحد المشافي.
أكتب هذه الرسالة نيابة عن الزوجات والأزواج الذين فقدوا شركاء حياتهم, ونيابة عن الأطفال الذين فقدوا أباءهم أو أمهاتهم, ونيابة عن الأمهات والآباء الذين فقدوا أولادهم وبناتهم, ونيابة عن أولئك المهتمين بالآلاف من الجنود السابقين الذين يعانون من الأذى الدماغي. أكتب هذه الرسالة نيابة عن أولئك الجنود السابقين الذين قادتهم معاناتهم وكراهيتهم لنفسهم نتيجة ما شهدوه وعانوه وفعلوه في العراق إلى الانتحار, ونيابة عن الجنود وأفراد قوات المارينز الذين لا يزالون على رأس عملهم الذين ينتحرون بمعدل جندي كل يوم. أكتب هذه الرسالة نيابة عن المليون عراقي الذين ماتوا ونيابة عن مئات الآلاف من الجرحى. أكتب هذه الرسالة نيابة عنا كلنا – نحن الحطام البشري الذي خلفته حربُكم وراءَها, نحن الذين سنقضي حياتنا في الآلام والمعاناة التي لا تنتهي.
أكتب هذه الرسالة, رسالتي الأخيرة, إليكما, السيد بوش والسيد تشيني. لا أكتب إليكما لأنني أعتقد أنكما تستوعبان العواقب الإنسانية المرعبة والأخلاقية لأكاذيبكما, واستغلالكما, وتعطشكما للثروة والسلطة. أكتب هذه الرسالة لأنني, وقبل موتي, أريد أن أوضح أنني أنا, ومئات الآلاف من رفاقي الجنود السابقين, والملايين من أبناء وطني, ومئات الملايين من أبناء الشعب العراقي والشرق الأوسط, نعرف تماماً من أنتما وماذا فعلتما. بإمكانكما أن تتهربا من العدالة ولكن في أعيننا أنتما مذنبان بارتكابكما جرائمَ وحشية, وبعمليات نهب وسرقة وقتل, بما في ذلك جريمة قتل آلاف الأمريكيين – رفاقي السابقين – الذين سرقتم مستقبَلهم.
ليس بمقدور مواقعكما السلطوية, ولا ملايين الدولارات التي تملكونها, ولا مستشاري العلاقات العامة الذين يحيطون بكما, ولا امتيازاتكما ولا سلطتكما, أن تقنعَ شخصياتكما الجوفاء. أرسلتمونا لنحاربَ ونموت في العراق بعد أن تهربت أنت, يا سيد تشيني, من الخدمة الإلزامية في فيتنام, وبعد أن فريت أنت, يا سيد بوش, من وحدة "الحرس الوطني" التي طنت تخدم فيها. لقد تم الكشف عن جبنكما وأنانيتكما منذ عقود مضت. لم تكونا مستعدين للمخاطرة بحياتكما من أجل أمتنا لكنكما أرسلتما مئات الآلاف من الشبان والشابات لتتم التضحية بهم/بهنَ في حرب مجنونة بعد تفكير لا يتجاوز المدة التي يحتاجها المرء ليرمي بالقمامة.
التحقت بالجيش بعد هجوم 9/11 بيومين. التحقت بالجيش لأن بلدنا تعرض للهجوم. أردت أن أنتقمَ من أولئك الذين قتلوا حوالي 3,000 من مواطنيَ الأمريكيين. لم أنضمَ إلى الجيش لكي أذهبَ إلى العراق, هذا البلد الذي لم تكن له أية علاقة بهجمات أيلول 2001 ولم يشكل أي تهديد لجيرانه, عداك عن الولايات المتحدة. لم أنضمَ إلى الجيش لكي "أحررَ" العراقيين أو أغلق مؤسسات أسلحة الدمار الشامل الأسطورية أو لأزرع ما تسمونه بلهجتكم الساخرة "الديمقراطية" في بغداد والشرق الأوسط. لم ألتحق بالجيش لكي أعيدَ بناء العراق, والذي قلتما لنا وقتها أن كلفة ذلك سوف تُدفَع من واردات النفط العراقي. فبدلاً عن ذلك, كلفت هذه الحربُ الولايات المتحدة أكثر 3 تريليون دولار. وبشكل خاص لم أنضمَ إلى الجيش للمشاركة في حرب استباقية. فالحرب الاستباقية غير شرعية تبعاً للقانون الدولي. وبصفتي جندياً في العراق, أعرف الآن أنني كنت أدافع عن عتهكما وجرائمكما. فالحرب على العراق هي أسوأ خطأ إستراتيجي في تاريخ الولايات المتحدة. لقد أخلت بميزان القوى في الشرق الأوسط. كما نصبت حكومة فاسدة ووحشية داعمة لإيران في بغداد, حكومة تستمد سلطتها من استخدام التعذيب, وفرق الموت, والإرهاب. وقد جعلت من إيران القوة المهيمنة في المنطقة كلها. على كل مستوى – أخلاقي, وإستراتيجي, وعسكري, واقتصادي – كانت العراق مشروعاً فاشلاً. وأنتما, يا سيد بوش ويا سيد تشيني, بدأتما هذه الحرب. وأنتما اللذان يجب أن تدفعا ثمنَ ذلك.
لما كنت أكتب هذه الرسالة لو أنني جرحتُ أثناء القتال في أفغانستان ضد تلك القوى التي نفذت هجمات 9/11. فلو أنني جرحت هناك لكنت ما أزال بائساً نتيجة وضعي الصحي وموتي الوشيك, ولكن لكنت على الأقل مرتاحاً لمعرفتي أن إصابتي كانت نتيجة لقراري في الدفاع عن البلد الذي أحب. ولما كان علي أن أستلقي في سريري, بجسدي المليء بمضادات الألم وحياتي التي تتلاشى أمام عيني, وأتعامل مع حقيقة أن مئات الآلاف من الكائنات الإنسانية, بما في ذلك الأطفال, ومن بينهم أنا, قد تمت التضحية بهم من قبلكما مقابل جشع الشركات النفطية, من أجل تحالفكما مع شيوخ النفط في المملكة السعودية, ومن أجل رؤاكما المجنونة للإمبراطورية.

لقد عانيت, مثل الجنود السابقين المعاقين الآخرين, من العناية الرديئة وغير المناسبة التي تقدمها "إدارة المحاربين القدامى". وقد أدركت, مثل العديد من المحاربين القدامى المعاقين, أن جراحنا العقلية والجسدية لا تعنيكما أبداً, وربما لا تعني أي سياسي آخر. لقد تم استغلالنا. لقد خدعنا. وقد تم التخلي عنا. أنت, ياسيد بوش, تتظاهر أنك مسيحي. ولكن أليس الكذب خطيئة؟ أليست الجريمة خطيئة؟ أليست السرقة والطموح الأناني خطايا؟ أنا لست مسيحياً. لكنني أؤمن بالقيم المسيحية. أؤمن أن ما تفعله بإخوتك هو ما تفعله بالنهاية لنفسك أنت, لروحك أنت.
حياتي شارفت على الانتهاء. وسوف تنتهي حياتكما أيضاً. آمل أن تُساقا إلى المحكمة. ولكن جُلَ أملي, لصالحكما, أن تجدا الشجاعة الأخلاقية لمواجهة ما فعلتماه لي ولكثير من الآخرين الذين كانوا يستحقون الحياة. آمل قبل أن تنتهي حياتكما على هذه الأرض, كما تشارف حياتي على الانتهاء الآن, أن تجدا قوة الشخصية لتقفا أمام الشعب الأمريكي والعالم, والشعب العراقي بشكل خاص, وتطلبا الصفح والمغفرة.
- توماس يَنغ

("ذ سميركينغ تشيمب"/"الشيمبانزي الساخر", 19 آذار/مارس 2013)

الجمل: قسم الترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...