التوازنات الإسرائيلية في الولايات المتحدة بعد فوز الديمقراطيين

15-11-2006

التوازنات الإسرائيلية في الولايات المتحدة بعد فوز الديمقراطيين

الجمل:   ظلت المؤسسات الأمريكية الرسمية، التنفيذية والتشريعية، إضافة إلى مؤسسة الرئاسة الأمريكية –ممثلة بالبيت الأبيض- تدعم بلا حدود وبشكل مفتوح كل توجهات دولة الكيان الصهيوني –إسرائيل- وعلى خلفية الرأي العام الأمريكي المناهض للحرب ضد الإرهاب، وعلى وجه الخصوص حرب العراق، فاز الحزب الديمقراطي بأغلبية مقاعد الكونغرس الأمريكي، على النحو الذي غير التوازنات السياسية داخل أمريكا ضمن مستويين.
الأول: أصبح التيار المؤيد للحرب (الجمهوريين) يمثل الأقلية داخل الكونغرس في مواجهة التيار المناهض للحرب (الديمقراطيين) وبالتالي فإن القوانين والتشريعات التي سوف يصدرها الكونغرس خلال دورة أعماله القادمة، سوف لن تكون داعمة للتوسع في الحرب المفتوحة ضد الإرهاب، بل وسوف تطالب بالانكماش في الأنشطة الحربية الأمريكية الجارية حالياً.
الثاني: خلال الفترة السابقة بسبب سيطرة تيار الحرب (الجمهوريين) على الكونغرس وعلى البيت الأبيض والأجهزة التنفيذية، كان هناك انسجام تام في توجيه عملية صنع واتخاذ وتنفيذ قرارات الحرب والتدخل في شؤون بلدان العالم الأخرى.. والآن فقد أدت سيطرة الديمقراطيين إلى انقطاع هذا الانسجام والتناغم، بشكل كسر حلقة الدائرة التي ظلت تؤمن سلاسة الحركة بين دوائر السلطة السياسية الأمريكية: المؤسسة التشريعية، البيت الأبيض، والأجهزة التنفيذية.
الهزيمة التي مني بها الحزب الجمهوري، تعتبر في حقيقة الأمر هزيمة لجماعة المحافظين الجدد، والذين لا يمكن القول: إنهم يؤيدون إسرائيل، بل هم من اليهود الأمريكيين.. وبالتالي كما يصفهم الأمريكيون أنفسهم بأنهم أصحاب الولاء المزدوج، الذي يتضمن ولاءً (معلناً) لأمريكا، ويستبطن ولاء غير معلن لإسرائيل.. وبسبب تورطهم في أعمال التجسس ضد أمريكا لصالح إسرائيل، فقد اصبح الأمريكيون يفهمون أن ولاء المحافظين الجدد (غير المعلن) لإسرائيل، هو الولاء الحقيقي، الثابت، وغير القابل للتغير، لأنه ولاء يقوم على العصبية الدينية المتطرفة، غير المرتبطة بالجغرافيا، أو الثقافة، أو الاعتبارات الاقتصادية والسياسية، أو حتى الوطنية الأمريكية.
كذلك، يرى كل المحللين تقريباً أن هزيمة الجمهوريين من المتوقع أن تمتد تداعياتها السالبة –إذا لم يتم تطهير عناصر جماعة المحافظين الجدد- إلى العلاقات الأمريكية- الإسرائيلية.
ظل الإعلام الإسرائيلي طوال الفترة السابقة في إسرائيل وفي أمريكا وبقية الغرب، يروج محاولاً التسويق لفكرة أن يهود أمريكا قد صوتوا بأغلبية كبيرة لصالح الحزب الديمقراطي، وهي محاولة ساذجة، لأنه ما من أحد في أمريكا، وفي بقية العالم، يصدق بأن اليهود الأمريكيين قد صوتوا ضد المحافظين الجدد، برغم أن بعض المحللين في أمريكا قالوا بأنهم لا يستبعدون ذلك لأن اليهود قد ظلوا يتميزون بالغدر ونكران ال جميل، وبالتالي فعندما أحس اليهود بأن الموقف ليس في صالح الجمهوريين والمحافظين الجدد، قرروا على الفور الركوب في قاطرة الديمقراطيين، وترك الجمهوريين يواجهون محنة الحروب التي ورطهم فيها اليهود، وحدهم، على أمل اللقاء في الانتخابات القادمة، عندما يقضون على الحزب الديمقراطي في الفترة القادمة.
ويعتبر هؤلاء المحللين بأن هذا الموقف ليس بمستغرب، فريتشارد بيرل الملقب بأمير الظلام وأحد كبار زعماء المحافظين الجدد تملص من مسؤولية حرب العراق، برغم  أنه من أبرز من خططوا لها داخل البيت الأبيض، والبنتاغون، ووكالة الأمن القومي، ومراكز الدراسات الإستراتيجية.
الصحف الإسرائيلية تقوم هذه الأيام باستطلاع آراء الإسرائيليين وتحليل توقعاتهم لتداعيات فوز الديمقراطيين بالأغلبية في الكونغرس.
يقول داني ايعالون السفير الإسرائيلي في أمريكا بأن الديمقراطيين والجمهوريين على خلاف وانقسام قوي حول مسائل السياسية الأمريكية الرئيسة، ما عدا دعم وتأييد إسرائيل، والذي يقره ويتفق عليه الجانبان.
يقول محرر صحيفة هاآرتس: إن المسألة لا يمكن أن تكون من النوع الذي يتميز بهكذا بساطة، وكما هو واضح ومؤكد بواسطة المفكرين بأن على خلفية طول وامتداد الخلاف حول التوجهات الممكنة فإن الروابط الأمريكية- الإسرائيلية يمكن أن تتأثر في ظل الكونغرس الجديد الذي يسيطر عليه الديمقراطيون.
أبرز الأسئلة التي طرحتها صحيفة هاآرتس تقول:
• ما هو المدى وما هي الطرق والسبل التي يمكن على الأرجح أن يغير الكونغرس ضمنها التوجه إزاء إسرائيل؟
• هل تتوقع إسرائيل ضغوطاً جديدة من أجل تقديم تنازلات للأطراف العربية، وبالذات على خلفية الاعتبارات المتعلقة بالتغييرات المحتملة في السياسات الأمريكية حول حرب العراق.
• ما مدى صحة وحجم التباعد بين الكونغرس (الديمقراطيين) والبيت الأبيض (بوش) حول المسائل المتعلقة بالمصالح الإسرائيلية؟
وفي معرض الردود على هذه الأسئلة برزت العديد من الآراء، منها على سبيل المثال:
- ليونيل يابو- انديانا بولس، امريكا:
على إسرائيل أن لا تتوقع أن الكونغرس الجديد سوف يطيل لها الحبل لكي تفعل ما تريده، كما فعل الجمهوريون، وذلك لأن الجمهوريين مضغوطين حالياً بواسطة الشعب الأمريكي من أجل حل مشكلات العراق، وبحل هذه المشكلات، من الممكن بشكل مباشر أو غير مباشر، وفقاً لأجندة الديمقراطيين أن يؤثروا على الطريقة التي ينظر ويدرك بها العالم العربي إسرائيل، وهذا بسبب أن خروج أمريكا من العراق سوف يفهم ويدرك على أنه انتصار بوساطة جيران إسرائيل، ومن ثم من الممكن أن تكون إسرائيل لوحدها إذا اندلعت حرب ثانية، وذلك لأن الولايات المتحدة سوف تكون متخوفة من التورط في عراق آخر.
- شارلي غيرل- اركناس، أمريكا:
أعتقد أن كل من إسرائيل وأمريكا قد أصبحتا على وشك أن تمضيا في سبل مختلفة، والأغلبية الديمقراطية المنتخبة حديثاً في كل من مجلس النواب والشيوخ، سوف تجعل الموقف خطيراً للغاية.
وبغض النظر عن الآراء غير المتفائلة، والمتشائمة للغاية التي عكستها ردود الإسرائيليين واليهود الأمريكيين حول استمرارية دعم أمريكا المفتوح لإسرائيل في الفترة القادمة.
ويخلص محرر هاآرتس إلى عرض ما كتبه جان مايسترو من أمريكا والذي قال: أتفق مع ايعالون –السفير الإسرائيلي في  أمريكا- بأنه سوف لن يكون هناك خلاف رئيسي في السياسات الأمريكية إزاء إسرائيل تحت ظل الكونغرس الديمقراطي، وعلى أية حال، سوف تكون هناك معارضة حقيقية، وعلى الأرجح أن يقوم بعض من هؤلاء المعارضين، بتبني أفكار جديدة حول كيفية حل المعضلة الحالية.
إن على إسرائيل أن تنظر جيداً من أجل البحث عن قدراتها الذاتية لحل مشكلاتها مع أو بدون مشاركة الولايات المتحدة.

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...