الاقتصاد السوري لم يعرف سياسة مالية منذ الاستقلال وحتى اللحظة!

08-03-2009

الاقتصاد السوري لم يعرف سياسة مالية منذ الاستقلال وحتى اللحظة!

تعتبر السياسة المالية وأدواتها جزءاً من السياسة الاقتصادية العامة ، لأن تغير إيرادات الدولة ونفقاتها له تأثير مباشر على التوازن الاقتصادي العام أي أن المتغيرات المالية تؤثر على المتغيرات الاقتصادية والعكس صحيح .. آخذين بعين الاعتبار الأزمة المالية العالمية الحالية التي بدأت بالولايات المتحدة الأمريكية وتحولت إلى أزمة اقتصادية لتصبح بمثابة إعصار مالي واقتصادي يجتاح العالم ومن غير الممكن لأية دولة أن تكون خارج نطاق هذه الأزمة وانعكاساتها ..ولو بنسب متفاوتة .. مع الإشارة إلى أن أحد أسباب هذه الأزمة هو (النيوليبرالية الاقتصادية) والفساد والجشع وتهميش دور الدولة والمؤسسات الرقابية على الاقتصاد وخاصة على الأنظمة المالية والمصرفية.
إن من أهم التحديات التي تواجه مسألة التنمية في عصر العولمة، و خاصة في ظل الأزمة المالية العالمية الحالية ، إيجاد الموارد العامة وتوجيهها في قنوات الإنفاق حسب أولويات الخطة من ناحية وتأمين متطلبات دور الحكومة التدخلي من ناحية أخرى بما في ذلك ضخ الأموال العامة في مفاصل القطاعات المالية والمصرفية المتأزمة،.. سيما وأن الحكومات أصبحت في ظل الأزمة الحالية مصدراً هاماً لرأس المال واللاعب الرئيسي لوقف انهيار النظام المالي العالمي.
لقد تضمنت المحاضرة التي ألقاها الدكتور قحطان السيوفي الوزير والسفير والمدير سابقاً ضمن ندوة الثلاثاء الاقتصادي، عرضاً موجزاً للنشاط المالي العام في سورية ، من خلال التعرف على دور أدوات السياسة المالية عبر الموازنة العامة للدولة باعتبار هذه الأخيرة تمثل الحاضنة الأساسية لعناصر وأدوات السياسة المالية والمحرك الرئيسي لتفعيل هذه السياسة . . من خلال رؤية لدور هذه الأدوات في سورية في أطار مفاهيم اقتصاد السوق الاجتماعي ومواجهة تداعيات الأزمة المالية والاقتصادية العالمية.
 حيث فاجأ السيوفي الحضور في بداية محاضرته بالسؤال التالي: هل عرف الاقتصاد السوري سياسة مالية واضحة بالمفهوم العلمي والعملي منذ الاستقلال وحتى الآن ؟؟ أم أنَّ ذلك لم يتعدَ كونه جملة من الإجراءات المالية  بعضها ذو طابع ضريبي أو اقتراضي دون أن ننسى المساهمات الكبيرة للقطاع العام الاقتصادي من خلال الفوائض الاقتصادية.
ثم انتقل المحاضر بعد ذلك إلى استرجاع بعض الأمور التاريخية فقال: النظام المالي الاقتصادي السوري في مرحلة ما بعد الاستقلال وحتى عام /1963/ اتسم بطابع الاقتصاد الرأسمالي بشكل عام ماعدا بعض الإجراءات ذات الطابع الاشتراكي في السنة الأخيرة من حكم الوحدة مع مصر وفي عام /1963/ بدأت مرحلة التحول الاشتراكي .. و منذ عام /1970/ اعتمد نهج التعددية الاقتصادية. وخاصة في الثمانيات حيث شجعت الدولة القطاع المشترك والقطاع الخاص .. وصدر القانون رقم /10/ لعام/1991/ الذي أعطى مزايا وإعفاءات عديدة للقطاع الخاص .. واستخدمت أدوات السياسة المالية لخدمة هذا التوجيه ، وازداد حجم الإنفاق العام الممول من الضرائب وفوائض القطاع العام الاقتصادي ومن الإصدار النقدي في النصف الثاني من تسعينات القرن الماضي ظهرت حالات الركود في الاقتصاد السوري .. وتراجعت نسبة الإنفاق العام إلى الناتج المحلي الإجمالي من /25 % /عام 1995إلى /21,6 %  /عام 2000 وبالتالي كانت سياسة الإنفاق العام خلال السنوات الخمس الأخيرة من عقد التسعينات غير إيجابية وساهمت في تعميق حالة الركود الاقتصادي رغم زيادة الاحتياطيات .. نتيجة ضغط الإنفاق العام حيث بلغ حجم الاحتياطيات (355) مليار ل.س.
كما أقر المؤتمر القطري العاشر لحزب البعث العربي الاشتراكي في عام/2005/ التحول إلى اقتصاد السوق الاجتماعي. . ومن الطبيعي والمفترض أن تنعكس هذا التوجهات على أدوات السياسة المالية السورية ومن خلالها على المتغيرات المالية باتجاه إيجاد مكونات سياسة ضريبية ذات بعد مالي واقتصادي تؤمن وفرةً في الحصيلة المالية وعدالة.
وعاد الدكتور السيوفي متسائلاً: اليوم وبعد مرور ثمانية سنوات ونيف .. إلى أين وصلت أدوات السياسة المالية في سورية بأداء دورها المالي والاقتصادي ؟ .. وما المطلوب لتفعيلها خاصة ونحن ككل دول العالم ، نواجه أزمة مالية واقتصادية عالمية حادة .. وإن كانت انعكاساتها على اقتصادنا الوطني لا تزال محدودة ؟؟
 وأوضح السيوفي إن الموازنة العامة للدولة عام /2009/تم البدء بإعداد مشروعها من بداية النصف الثاني من عام /2008/ أي قبل الانفجار الفعلي والمدوي للأزمة المالية العالمية في منتصف أيلول عام /2008/ والأزمة مرشحة للتفاقم بعد أن تحولت إلى أزمة اقتصاد حقيقي رغم أن الموازنة العامة أقرت من قبل السلطة التشريعية في الأيام الأخيرة من عام/2008/ ، والسؤال المهم هنا والذي يطرح نفسه بقوة، ما مدى مراعاة مكونات الموازنة العامة للدولة لعام /2009/ التي اقرتها الحكومة للمؤشرات الواردة في الخطة الخمسية العاشرة .. وما مدى انسجام أرقام هذه الموازنة مع مجمل مكونات الاقتصاد الكلي
وهنا لا بد من ذكر الأرقام التي قدمها المحاضر عندما أكد أن نسبة مجموع الموارد المحلية الى الناتج المحلي الإجمالي قد ارتفعت بسعر السوق من (17,8 % ) عام 2008  إلى ( 19 % ) عام 2009العجز المقدر في موازنة عام /2009/ يقارب /226/ مليار ل.س أي بنسبة 33 % من إجمالي الموازنة العامة مقابل (192) مليار ل.س عام /2008/ أي بنسبة( 32  %) من حجم الموازنة.
وبلغت الإيرادات الجارية المقدرة لعام /2009/ مبلغ ( 459) مليار ل.س أي بزيادة /12.5 %  عن الإيرادات الجارية في عام /2008/ في حين سجلت الإيرادات الجارية في عام /2008/ تراجعاً بنسبة /18.8 %  / عنها في عام /2007/، كما بلغت الإيرادات الضريبية المقدرة ( الأبواب السادس والسابع والثامن ) /317/ مليار ل.س من عام/2009/  مقابل /299/مليار ل.س عام /2008/ أي بزيادة نسبتها ( 6 % )، وقدرت الضرائب والرسوم المباشرة في موازنة عام/2009/ ( 195) مليار ل.س  مقابل (176) مليار ل.س عام /2008/ أي بزيادة ( 10.8% ) في حين أن نسبة الزيادة كانت ( 8 % ) في عام/2008/ عنها في عام /2007/ أما بالنسبة لإيرادات الشركات النفطية لعام /2009/ قدرت ب /110/ مليار ل.س أي ما يقارب ( 24.1 % ) من إجمالي الإيرادات المحلية المقدرة في موازنة هذا العام وهي موزعة بين ضرائب دخل أرباح ( إيرادات جارية ) وفوائض الموازنة(إيرادات استثمارية ) مشيراً إلى أن موازنة عام /2009/ اعتمدت أسعار النفط الخام ب /51 / دولار لبرميل النفط للخفيف و/42/دولار الثقيل بالمقابل بلغت خسارة شركة محروقات ( 229 ) مليار ليرة سورية عام 2009 يقابلها( 252) مليار ليرة سورية خسارة عام 2008 .
وأكد السيوفي أن الإيرادات الاستثمارية في موازنة عام /2009/ تتشكل من فوائض الموازنة في مؤسسات وشركات القطاع العام فقط نظراً لان فوائض السيولة تحتفظ بها المؤسسات والشركات العامة سنداً لإحكام القانون المالي الأساسي للدولة رقم/54/ لعام /2006/، كما قدرت فوائض الموازنة لعام /2009/ بمبلغ /116/ مليار ل.س وقدرت فوائض الموازنة لدى الجهات العامة النفطية بمبلغ /183/ مليار ل.س يقابله خسارة لدى شركة محروقات/229/ مليار ل.س ناتجة عن بيع المشتقات النفطية بأقل من تكلفة إنتاجها أو استيرادها ( حسب بيان الحكومة المقدم إلى مجلس الشعب حول موازنة عام /2009/. 
ومن الجدير بالذكر هنا بأنه توجد حوالي /260/ مؤسسة وشركة عامة يعاني معظمها من صعوبات ومشاكل معروفة على صعيد الإدارة والتمويل والإنتاج والتسويق  منها /14/ شركة عامة يتقاضى عمالها رواتبهم من وزارة المالية  وبالمقابل هناك أكثر من /15/مؤسسة وشركة عامة تحقق فوائض تقارب/100/ مليار ل. س.
وبين السيوفي أن على صعيد الإنفاق العام الاستثماري قد زادت اعتمادات الإنفاق العام الاستثماري في موازنة عام /2009/ إلى (275) مليار ل.س وبنسبة زيادة (19.6%) من إجمالي اعتمادات الإنفاق الاستثماري لعام /2008/ البالغة (230) مليون ل.س، والملاحظ هنا تراجع نسبة الإنفاق العام الاستثماري في سنوات 2005 ، 2006 ، 2008 وعاد ليرتفع في عام 2009 .
حيث أشار المحاضر إن أهم ما أفرزته الأزمة المالية العالمية تركيز الجهود على إعادة هيكلة النظام المالي العالمي بعد عقود من الإيمان المطلق بنظام السوق المفتوح، وآليات الاقتصاد الحر بالإضافة إلى أهمية التركيز على دور الحكومات التدخلي الايجابي لحماية وتفعيل النشاط الاقتصادي، وخاصة إعادة التفكير حول دور هذه الحكومات في قطاع الخدمات المالية . مشيراً إن ظاهرة زيادة إجمالي الموازنة العامة للدولة في سورية لعام 2009 بنسبة( 14.3% )عن العام السابق يشير إلى التوجه لزيادة الإنفاق العام وينسجم مع المتغيرات الاقتصادية العالمية في ضوء الأزمة المالية الدولية .
وإن زيادة اعتمادات الإنفاق العام الاستثماري في عام 2009 بنسبة( 19.6%) عنه في عام 2008 يؤكد على التوجه أيضاً لتشجيع وتوسيع الاستثمار العام رغم أن عام 2008 شهد انخفاضاً في حجم الإنفاق الاستثماري العام عن عام 2007 وفي رأينا إن إعادة الأخذ بزيادة اعتمادات الإنفاق الاستثماري العام يشكل توجهاً إيجابياً في ظل الأزمة المالية والاقتصادية العالية والظروف المناخية التي تشهدها سورية
وأبدى السيوفي ملاحظته على أن زيادة حجم الموازنة العامة لعام 2009 رافقها زيادة في عجز هذه الموازنة الذي وصل إلى (226) مليار ليرة سورية أي بنسبة (9.25% )من الناتج المحلي الإجمالي بسعر السوق المقدر ب ( 2430) مليار ليرة سورية ، ونسبة ( 33%) من إجمالي حجم موازنة عام 2009 وبالرغم من الجدل والقلق الذي تثيره ظاهرة عجز الموازنة العامة إلا أن هذه الظاهرة ليست سلبية بالمطلق لأسباب عديدة ذكر المحاضر بعض منها على سبيل المثال منها :
ليس من الضروري إن ترتبط سياسة الإنفاق العام بالإيرادات العامة و من المفيد ربطها باحتياجات التنمية وآفاق النمو وحاجات المجتمع والدفاع ونرى أن مثل هذا التوجه إيجابي شريطة التركيز على الإنفاق الإنتاجي.
كما إن أرقام العجز لا تتحقق عادة بالكامل لأن بعض الاعتمادات لا تصرف بالكامل ولأن ثمة فرص كبيرة لزيادة الإيرادات العامة الفعلية : نذكر على سبيل المثال  إن رقم العجز الفعلي في موازنة عام 2007 انخفض بمعدل( 57%) عن العجز المقدر بعد تنفيذ الموازنة العامة لتلك السنة .و تشير الأرقام الأولية لتنفيذ الموازنة العامة للدولة لعام 2008  إلى انخفاض رقم العجز الفعلي لذلك العام بنسبة تقارب(50%)
وإن موازنة عام 2009 تشير إلى تراجع الإيرادات العامة التي مصدرها القطاع العام الاقتصادي (ضرائب وفوائض اقتصادية) في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها القطاع العام . . كما أن إيرادات الضرائب التي مصدرها القطاع الخاص لم تحقق الزيادة المتوقعة بعد تطبيق التشريعات الضريبية التي صدرت في السنوات الأخيرة لأسباب عديدة منها التهريب والتهرب الضريبي وعدم اكتمال إعداد تأهيل وإعادة تأهيل الإدارة الضريبية .
وإن ظاهرة زيادة الإنفاق العام وخاصة الاستثماري منه على أهميتها وضرورتها يجب أن تدرس وتطبق بدقة في إطار ضوابط ومعايير محددة والإقلال من الإنفاق غير الإنتاجي مع الأخذ بأساليب تقدير وتوزيع النفقات المعتمدة على مبدأ عقلنه الإنفاق العام وترشيده ، والنظر للنفقة العامة ليس فقط ببعدها المالي وإنما أيضاً ببعدها الاقتصادي والاجتماعي والسياسي .
ففي ظل تزايد مهام الدولة في مرحلة الانتقال إلى اقتصاد السوق الاجتماعي وفي ظل الأزمة المالية العالمية فإن التدخل الإيجابي للحكومة في الشأن الاجتماعي والاقتصادي مسألة هامة وتحتاج لموارد عامة كبيرة خاصة مع تراجع الموارد التي مصدرها القطاع العام الاقتصادي ووجود تهرب وتهريب ضريبي كبير من القطاع الخاص والقطاع غير المنظم فالدولة القوية والقادرة في يومنا هي التي تملك موارد عامة كبيرة. . . وقد عمدت معظم دول العالم لزيادة حجم موازناتها العامة لمواجهة تداعيات الأزمة المالية العالمية ... اليابان مثلاً وضعت أكبر موازنة عامة في تاريخها للسنة المالية التي تبدأ في 1/4/2009 بمبلغ ( 88.5 ) تريليون ين .
وإن بعض الاستثمارات غير المنتجة للقطاع الخاص وخاصة في قطاع العقارات أخذت طابع المضاربات وأدت إلى ارتفاع في أسعار العقارات وأيضاً إلى بطء في نمو الناتج المحلي وتخفيض فاعلية الاستثمار .  
إن التنسيق بين الإجراءات المالية والنقدية لم يصل بعد إلى المستوى المطلوب حتى الآن سيما وأن الإجراءات النقدية لم تتمكن من التحكم بالكتلة النقدية وبشكل فعال وهناك كتلة من العملات الأجنبية في السوق المحلية غير معروفه بدقة وقد تؤدي إلى زيادة في الضغوط التضخمية وتحتاج لمعالجة .
كما أن سعر الفائدة استخدم لتعديل التركيب الهيكلي للودائع بغض النظر عن أثره على الاستثمار والتضخم  . . . ويتضح ذلك من خلال تغير تركيبة الودائع لصالح الودائع طويلة الأجل  بالإضافة إلى  ذلك تم استخدام سعر الفائدة لتحقيق أهداف نقدية دون ربطه بالاستقرار السعري، فأمام الأزمة المالية والاقتصادية العالمية نؤكد على تعزيز دور الدولة التدخلي الايجابي وزيادة الموارد العامة  لتتمكن الدولة من القيام بمهامها. . . بما في ذلك تعزيز شبكات الأمان الاجتماعي، مكافحة التهريب والتهرب الضريبي بأشكاله المختلفة وخاصة في مجال ضرائب دخل الأرباح الحقيقة للقطاع الخاص الذي تجاوزت مساهمته في الدخل القومي بنسبة  65%، وبالتالي مكافحة التهريب والتهرب من الرسوم الجمركية من خلال البيانات الجمركية ومن المفيد إعادة هيكلة المؤسسة الجمركية وتحديثها من النواحي التشريعية وآليات العمل وتبسيطها من خلال الأتمتة، ومحاربة كل أشكال  الهدر و التسيب و الفساد في الجهات العامة مهما كان موقعه وشكله، وإعادة النظر بمنظومة الضرائب والرسوم غير المباشرة باتجاه إحداث ضريبة على القيمة المضافة تعفى منها المواد الأساسية الضرورية لحياة المواطنين .
المبادرة وبالسرعة الكلية , لمعالجة الصعوبات والمشاكل التي تواجه القطاع العام الاقتصادي لاستعادة دوره الايجابي في خلق قيم مضافة وفرص عمل ورفد الموازنة العامة للدولة بإيرادات جارية ( ضرائب ) وإيرادات استثمارية ( فوائض اقتصادية )، دعم الإنتاج الزراعي الاستراتيجي كون الزراعة العنصر الأساسي للأمن الغذائي، ودعم الإنتاج الحيواني للحفاظ على الثروة الحيوانية حتى لا يتكرر ما حصل في صيف عام /2008/، وضرورة زيادة الإنفاق الاجتماعي المنتج كالخدمات التربوية والصحية.
وأكد السيوفي أن ما يلاحظ حالياً بداية نوع من الانكماش في السوق السورية ..مما يتطلب اتخاذ إجراءات جادة لزيادة القوة الشرائية وتحسين الطلب  وتعتبر زيادة الإنفاق العام واحدة من إجراءات معالجة هذه الظاهرة، والتحضير لمساعدة القوى العاملة السورية التي يحتمل أن تعود إلى الوطن بسبب الأزمة المالية العالمية، والإسراع بتنفيذ قانون إصدار سندات الخزينة العامة لتساهم في تأمين موارد (قروض داخلية ) توجه لتمويل  مشاريع استثمارية إنتاجية بشكل رئيسي. 
وفي ختام محاضرته تمنى الدكتور قحطان السيوفي أن يكون ما عرضه في الندوة حول دور أدوات السياسة المالية في ظل اقتصاد السوق الاجتماعي وعلى ضوء الأزمة الاقتصادية العالمية مساهمة جادة ومتواضعة تساعد على إيجاد بدايات لسياسة مالية ونقدية واضحة وملائمة تتيح للجهات العامة المعنية وضع برامج وصيغ وآليات عمل تنفيذية لتحفيز المبادرات الفردية في إطار الشراكة والمنافسة العادلة والبناءة بين الخاص والعام وفي ضوء دور الحكومة التدخلي والإيجابي الهام لتهيئة البنية التنظيمية المحفزة للاستثمار والراعية لتحقيق العدالة الاجتماعية والحد من البطالة والداعمة لشبكات الأمان الاجتماعي.
في المداخلات: غاب أصحاب الشأن...فاحترقت الطبخة
أحمد الناصير قال: أن هناك رقم تم تسويقه على ألسنة كثيرة وهو العبء الضريبي كما جاء قبل أسابيع على لسان النائب الاقتصادي عبدالله الدردري أن هذا الرقم مضلل وإذا كان العبء الضريبي 9.12 في عام /2009/ فان هذا أكبر تضليل لذا فان المعادلة بالضرورة غير متوازنة. نواف بلان تساءل: من يضع هذه الميزانية في سورية والتي يتم فيها توزيع الدخل بشكل غير عادل؟ ان من يضعها هم السماسرة لليبرالية الاقتصادية، والزيادة التي يتم الحديث هي غير حقيقية أيضا ولا يمكن الاستفادة منها، وأكد بلان انه وعلى الرغم من الإفلاس المنهجي الذي حققته السياسات الليبرالية وفشلها ما زال البعض في سورية يقوم بإجراءات لضرب الاقتصاد الوطني وضرب القطاع العام بسياسات طفيلية فقاعية لن يستفيد منه إلا القليل من الشعب السوري.
عزت الكنج نائب رئيس الاتحاد العام لنقابات العمال تمنى لو أن المحاضر وضع الأدوات الصحيحة للسياسة المالية في سورية، وخاصة بعد أن ذكر أن الفوائض الاقتصادية إلى فترة قريبة كانت من القطاع العام، وهو احد الأدوات التي تملكها الدولة للتدخل وأهمية هذا القطاع في لعب دور المورد لخزينة الدولة لا سيما في اقتصاد السوق الاجتماعي، وتساءل الكنج حول سبب عدم تطرقه للتهرب الضريبي وخاصة الجمركي الذي ينعكس سلبا على كافة شرائح الشعب السوري وبلغة الأرقام.
د.أكرم حوراني قال: يبدو أن المحاضر ما زال متأثراً بالمناصب التي ترئسها ففي بداية محاضرته قال منذ الاستقلال وحتى الآن هل رسمنا سياسة مالية لسورية أم ما تزال توجهات؟ لقد انتظرناه حتى آخر المحاضرة لكي يبين لنا ذلك، لكننا للأسف لم نحصل عليها، أما ما يخص موضوع العجز فيقدر بموازنة /2009/ بنحو /226/ مليار، ولكن ما عدا العجز التموين حسب التصريح الحكومي، وإذا تم إضافته فسيكون العجز كارثياً وفي حال اللجوء إلى السندات فان فوائدها ستكون قريبة لأرقام السوق وبالتالي سنقع في تناقض بالسياسة المالية وزيادة في الإنفاق العام سيكون زيادة توسعية لكن المنحى الأول سيكون زيادة تقشفية، أن المحاضر انتقل من خصوصية السياسة المالية إلى إجمالية السياسة الاقتصادية وحبذا لو تحدث عن القضايا المرتبطة بالسياسة المالية وحدها ولكنا قد أعطينا الموضوع حقه تماماً.
د.أجمد مقصود قال: أن موضوع بحث العبء الضريبي يجب أن يتم توزيعه على ناتج الدخل القومي حتى يتبين لدينا ماذا يتحمل كل قطاع وخاصة النشاط الزراعي الذي لا احد يتحدث عنه أو النشاط السياحي الذي مزال معفى من حساباتنا وفي موضوع التهرب الضريبي أكد مقصود بأنه لا يعفي أحدا من المسؤولية فالمكلف يتحمل لكن في القطاع الإداري الفاسد هو احد الأسباب الرئيسية في التهرب الضريبي.
الأستاذ غسان القلاع مدير الجلسة بعد أن غاب المكلف بتلك المهمة قال: ما زلنا في بداية وصول هواء العاصفة أي الأزمة الاقتصادية والى الآن لم يصدر أي تقرير عن تداعيات الأزمة واليوم أعلنت شركات وبورصات كبرى عن إفلاسها فالعمالة السورية في الخارج إذا رجعت سيتم انخفاض الإنفاق اليومي بسبب توقفهم عن إرسال الأموال لذويهم في سورية، كما أكد القلاع أن حساب الفرق بين سنة وأخرى من الموازنة يجب أن يتم فيها حساب نسبة التضخم أي أن الزيادة ما زادت بالشكل الذي يحس فيها المواطن العادي.
وهكذا انتهت المحاضرة والمداخلات دون أن نصل قيد أنملة أن كان الاقتصاد السوري قد عرف سياسة مالية وواضحة بالمفهوم العلمي والعملي منذ الاستقلال وحتى الآن ؟؟ 


علي نمر- بورصات واسواق 

           

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...