الرد الروسي سيكون بهزيمة الناتو في سورية

04-12-2015

الرد الروسي سيكون بهزيمة الناتو في سورية

الجمل ـ أنتوني كارتالوشي: ترجمة مازن الأخرس: نشر المحلل الجيوسياسي كريستوف جيرمان على تويتر مباشرةً بعد الكمين التركي للقاذفة الروسية سو-24 قرب الحدود السورية التركية من قبل ما قيل أنه مقاتلة تركية من طراز إف-16 رابطاً، وكان هذا الرابط يعود إلى مقالة نشرت قبل الحادثة، وكان عنوانها "الجنرال سيلفا من القوى الجوية الأمريكية يزور أنقرة ليناقش الإرهاب وسورية"، وكتب في تلك المقالة بدقة:
"نائب رئيس الأركان الجنرال بول ج. سيلفا يبدأ زيارته إلى أنقرة، لمناقشة الحرب ضد داعش، وأمن الحدود التركية في المنطقة ".
سيلفا، جنرال في القوة الجوية، وثاني أعلى رتبة عسكرية في البلاد، يتوقع أن يبدأ محادثاته الرسمية مع المسؤولين الأتراك اليوم، ويقوم بزيارته إلى نائب القائد العام التركي الجنرال يشار غولار.
من المتوقع أن يناقش المسؤولون خلال الاجتماعات الضربات الجوية الروسية على المناطق السورية المأهولة بالتركمان بالإضافة إلى مواضيع أخرى متعلقة بالمنطقة".
يبدو وكأن الجنرال الأمريكي إما أنه قد أشرف بشكل مباشر، أو أنهى أعماله مع زملائه الأتراك عندما قامت تركيا بما هو من المؤكد أنه كمين تم التخطيط له لوقت طويل لطائرة حربية روسية قرب الحدود السورية التركية، وبالتحديد فوق "المناطق السورية المأهولة بالتركمان".
لم تقم تركيا فقط بكمين للطائرة الحربية الروسية - والتي بأحسن الأحوال انتهكت الأجواء الجوية التركية لمدة 17 ثانية وبأسوأ الأحوال لم تدخل النطاق الجوي التركي أبداً - بل ساهم الإرهابيون المدعومون من الناتو أيضاً داخل سورية بمحاولة إعدام الطيارين بإطلاق النار عليهما بعد أن قفزا بالمظلات إلى الأرض، حيث قتلوا أحدهما - وهي جريمة حرب حسب اتفاق جنيف - وبمهاجمة حوامات الإنقاذ التي حاولت استرجاع الطيارين، مما أدى إلى مقتل جندي روسي.
سبع عشرة ثانية - إن كان ذلك صحيحاً أصلاً - ليس وقتاً كافياً لإطلاق المقاتلات الجوية، وتحديد الأهداف، وإسقاط طائرة تجاوزت الحدود بشكل طفيف بنجاح. إن تواجد مقاتلات الـ إف-16 بالصدفة في المكان، مع جاهزية الإرهابيين على الأرض وانتظارهم للطيارين يؤكد أن تركيا كانت تعلم أنهما سيسقطان في الأراضي السورية. كان يلزم الكثير من التخطيط لذلك، أيام، أو أسابيع قبل الكمين.
إن النتيجة النهائية للعمل الأستاذي الناتوي - العمل الذي حلموا به منذ أن بدأت العمليات الروسية في سورية، وتم طلبه بشكل متكرر في قاعات مجلس الشيوخ الأمريكي - كانت دليلاً غادراً على الفساد في المسرح العالمي - عمل غادر لا يفعل شيئاً سوى التأكيد على دور الناتو في تغذية، وليس محاربة، الفساد، وإعطاء روسيا زخماً أكبر لإنهاء ما بدأته في سورية.
من الواضح أيضاً أنه بينما تحاول الولايات المتحدة الأمريكية المحافظة على الإنكار القابل للتصديق، فإن فعل الحرب التركي تم القيام به بالنيابة عن الناتو كاملاً، متضمناً -وربما بالتحديد- الولايات المتحدة.

تركيا تلعب دور "جوكر" الناتو

تركيا وإسرائيل، كلاهما يلعبان دور "جواكر" للناتو وقد حاولت الولايات المتحدة بالتحديد أن تتظاهر بعدم القدرة على التحكم بهما. يتيح ذلك للولايات المتحدة أن تقوم بأعمال عدائية بالوكالة من خلال استخدام قوات عسكرية مناسبة لا تستطيع أمريكا تبرير استخدامها بنفسها.
إن استخدام الولايات المتحدة لتركيا وإسرائيل بهذه الطريقة تم الكشف عنه منذ عام 2012 في المذكرة الشرق أوسطية لمعهد بروكينغز رقم 21 "تقييم الخيارات لتغيير النظام" والتي نصت على ما يلي:
"بالإضافة إلى ذلك، فإن للاستخبارات الإسرائيلية معرفة قوية بسورية، بالإضافة إلى مصادر قوة داخل النظام السوري يمكن استخدامها لتدمير قاعدة قوة النظام والضغط من أجل إزاحة الأسد. يمكن لإسرائيل أن تنشر قوات في أو قرب مرتفعات الجولان، وبعمل ذلك قد تحول انتباه قوات النظام عن قمع المعارضة. إن نشر القوات هذا قد يولد مخاوف في نظام الأسد من حرب متعددة الجبهات، وبشكل خاص إذا كانت تركيا مستعدة لعمل نفس الشيء على حدودها، بينما تتم تغذية المعارضة بالمزيد من الأسلحة والتدريب. إن تحركاً كهذا ربما يقنع قيادات الجيش السوري لإزاحة الأسد من أجل الحفاظ على أنفسهم. إن أصحاب هذا الرأي يقولون أن هذا الضغط الإضافي قد يقلب التوازن ضد الأسد داخل سورية إذا كانت باقي القوات قد تم ترتيبها بشكل مناسب."
يبدو وكأن إعادة كتابة مملة لهذه الخطة يتم تنفيذها الآن، بالرغم من تواجد القوات الروسية في المنطقة. ربما تظن الولايات المتحدة أن روسيا أيضاً قد تحاول أن تتهرب من حرب على جبهتين مع تركيا وإسرائيل كمقاتلين أساسيين بينما تلعب الولايات المتحدة نفسها دوراً صامتاً من أجل المحافظة على القدرة على الإنكار القابل للتصديق. حتى وإن كانت الحرب ليست هي النتيجة النهائية المرغوبة، ربما تظن الولايات المتحدة أن هذا الضغط الإضافي قد يوفر لهم فائض القوة المطلوب في صراع من الواضح أنه يخرج من تحكمهم.
تحقيقاً لهذه الغاية، وضمن أفعال تركيا، فإن أنقرة تبدو غير نادمة، وبشكل مقصود. بينما تدعي أنها تمتلك تسجيلات لـ"إنذاراتها" المرسلة إلى القاذفة الروسية سو-24، على القارئين أن يأخذوا بعين الاعتبار تسجيلاً آخر قادماً من وسط القيادات العليا التركية.
قبل محاولة فاشلة سابقة لإنشاء "منطقة عازلة" في شمال سورية، تم الكشف أن تركيا تتآمر لتنفيذ اعتداء زائف على أراضيها لتلوم سورية، وبالتالي تبرر القيام بغزو كامل على الحدود السورية الشمالية.
نقلت صحيفة "إنترنيشنال بزنس تايمز" في مقالتها "الحظر التركي على يوتيوب: النص الكامل لمحادثة حرب سورية بين مسؤولي أردوغان" ما نصه:
"قام رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان بحظر يوتيوب بعد محادثة مسربة بين رئيس الاستخبارات التركية حقان فيدان، ووزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو كان يريد إزالتها من موقع مشاركة الفيديوهات.
تفصل المكالمة المسربة أفكار أردوغان أن الهجوم على سورية يجب أن ينظر له على أنه فرصة لنا[لتركيا].
في المحادثة، يقول رئيس الاستخبارات حقان فيدان أنه سيرسل أربعة رجال من سورية لمهاجمة تركيا ليصنعوا سبباً للحرب.
نائب رئيس الأركان التركي الجنرال يشار غولر يجيب بأن مقترحات فيدان هي سبب مباشر للحرب.. ما سيفعله هو سبب مباشر للحرب."
من الواضح أنه ولمدة لا بأس بها، كانت تركيا تلعب قصداً دور المحرض، بهدف تحريك ما كان واضحاً أنه يتحول إلى حالة ميؤوس منها، من خلال أفعال إرهابية، والواضح أنه الآن تحول إلى أفعال حرب.

خط النهاية بدأ يتضح، وظهرت قافلة الخاسرين
يبدو أن سورية وحلفاءها استوعبوا أنه بالرغم من وجود المزيد من العمل لإنجازه، فإن الزخم قد تحول أخيراً وبشكل لا رجعة فيه لصالحهم. الاستحواذ على الأراضي من الإرهابيين المدعومين من قبل الناتو، وقطع خطوط إمدادهم الممتدة من أراضي الناتو في تركيا سينهي الحرب بشكل أساسي لصالح دمشق وطهران وموسكو.
مهما كانت الاستفزازات ضد روسيا مغرية، فإن موسكو ستقاوم الإغراء. وأي رد فعل ستقوم به موسكو ضد تركيا سيكون بشكل يعاكس أي تأثيرات على مهمتها الأساسية في سورية، وهي الانتصار في الحرب.
مع تطوير أجهزة الدفاع الجوي الروسية في المنطقة، فإن المخاطرة تصبح أعلى وترتفع كلفة أي استفزازات أخرى ليس فقط بالنسبة لتركيا، بل بالنسبة لكل حلف الناتو. إذا حاولت مقاتلة إف-16 أخرى تنفيذ كمين لطائرة حربية روسية أخرى وتم إسقاطها نفسها [إف-16]، فإن القوة الخارقة الظاهرية التي تمتع بها الناتو لسنوات ستتبخر في أتون معركة خاسرة بالفعل يخوضها حليفهم العسكري من أجل السيطرة.
الدول التي تتم مغازلتها من أجل تطوير الناتو، والحلفاء من المناطق الجيوستراتيجية المهملة سيبدؤون بإعادة التفكير بالقبول بدور ثانوي في تحالف يبدو غير قادر على الانتصار في الحروب، أو حتى في المواجهات الفردية.
هناك بالفعل همسات في قاعات الأقوياء عبر العالم تلحظ أن انتصار الناتو قاذفة سو-24 الروسية الواحدة كلف أسابيع من التخطيط، والكثير من الغدر بالإضافة إلى صرف الكثير من الرصيد السياسي، وتضمن جرائم حرب صارخة لمجرد قتل طيار وجندي. من غير المحتمل أن الناتو سيكون قادراً على تخطيط كمين آخر من نفس الحجم، لكن حتى وإن كان قادراً على ذلك، فإنه بفعل ذلك فقط سيؤكد للعالم أنه يجب عليه أن يفعل الكثير ليحقق تفوقاً سطحياً على روسيا في صراع قد خسره بالفعل.
يجب أن يصبح هدف سورية وروسيا الآن هو الرفع الهائل للكلفة التي ستتحملها قوات الناتو إذا حاولت التدخل أكثر في الصراع السوري.
ليست تعليقات الرئيس الأمريكي باراك أوباما حول "حق تركيا في الدفاع عن نفسها" منافقة جداً وحسب، بل تتضمن إدانة ذاتية أيضاً. ولكنها مع ذلك قد تقدم لسورية وحلفائها الفرصة ليطهروا سماءهم من أي طائرات حربية غربية متطفلة. إذا كان مبرراً لتركيا أن تسقط طائرة حربية قرب حدودها وهي تعلم أنه لم يكن لديها أية نية في مهاجمة الأراضي التركية، فبالتأكيد من حق سورية أن تسقط الطائرات الغربية التي تهاجم بكل تأكيد الأراضي السورية.
وبشكل بديل، فإن توسيع بصمة روسيا في سورية، وتسريع استئصال الإرهابيين وكلاء الناتو سيجعل الناتو يفتقر إلى أسباب تبرر تدخلهم في المساء السورية، عداك عن التدخل البري. على الأغلب فإن فعل تركيا الحربي كان بسبب استيعابهم لهذه الحقيقة القادمة بسرعة.

*كاتب و محلل جيوسياسي أميركي مقيم في بانكوك، يكتب خصيصاً لموقع New Eastern Outlook

رابط المقال:
http://journal-neo.org/2015/12/03/russian-retaliation-will-be-defeating-nato-in-syria/

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...