موسم الصيد في لبنان: إسرائيل وحزب الله

15-07-2007

موسم الصيد في لبنان: إسرائيل وحزب الله

الجمل:     تناقلت بعض الصحف المعلومات حول وجود مخططات إسرائيلية- أمريكية تهدف إلى القيام بسلسلة من العمليات السرية، ومن أبرزها عمليتين، الأولى تمثلت في المخطط الإسرائيلي- الأمريكي لاغتيال السيد حسن نصر الله زعيم حزب الله اللبناني، ووردت أبرز المعلومات حول هذا المخطط في صحيفة المدار العراقية، وصحيفة ايديعوت أحرونوت الإسرائيلية، والثانية تمثلت في مخطط إسرائيل لاختطاف ممثلي حزب الله وحركة أمل الذين يشاركون في مؤتمر باريس، ووردت أبرز المعلومات حول هذا المخطط في صحيفة ايديعوت احرونوت.
• الاغتيالات السياسية:
تلجأ أجهزة المخابرات، والجماعات المسلحة إلى عمليات اغتيال الخصوم السياسيين، إما لإضعاف البنية القيادية للتنظيمات والكيانات الأخرى، أو لتوظيف عملية الاغتيال من أجل توجيه عملية الصراع السياسي، أو لأهداف أخرى خاصة بالطرف القاتل أو بالطرف المقتول.
التخطيط لتنفيذ عمليات الاغتيال السياسي، يختلف عن الاغتيالات العادية، وذلك لأنه يتم وفقاً لعملية تخطيط ودراسات دقيقة تتناول كل الملابسات وردود الأفعال التي يمكن أن تترتب على العملية، إضافة إلى أن الأطراف التي تقوم بتنفيذ الاغتيالات عادة ما تنفذ المخطط وفق أقصى درجات وظروف الحماية التي تكفل تنفيذ العملية بقدر عال من الأمان والسلامة والسرية.
• الصراع السياسي وتوظيف الاغتيالات:
تطورت عمليات الاغتيال السياسي، ولم تعد مجرد عملية تصفية خصم سياسي بدافع الانتقام أو الإقصاء والاستئصال، وأصبحت تلعب دوراً كبيراً ورئيساً في عمليات الصراع السياسي الداخلي، والإقليمي، والدولي.
كذلك تطورت بيئة الصراع السياسي التي يتم فيها تنفيذ الاغتيالات السياسية، إضافة إلى أن القيام بتنفيذها أصبح أكثر صعوبة بسبب اهتمام الزعماء والقادة السياسيين بتكوين أجهزة الأمن المختصة في شؤون الحماية الشخصية.
وبرغم ذلك، ماتزال أجهزة استخبارات بعض الدول الكبرى تستخدم عملية الاغتيالات السياسية، ومن أبرز الأجهزة التي برعت في هذه العمليات نجد جهاز الموساد الإسرائيلي، ووكالة المخابرات المركزية الأمريكية، كذلك لم تعد كل دول العالم تصلح مكاناً ملائماً لتطبيق برامج الاغتيالات السياسية، ففي دول مثل بريطانيا، والسويد، وكندا.. وغيرها من البلدان المتقدمة، من المستحيل أن تنجح الاغتيالات السياسية في التأثير على توجهات دولاب الدولة وقوى الحكم، وذلك بسبب نضج عملية صنع واتخاذ القرار، وفقط أصبحت (الدول الفاشلة) هي المكان الخصب لنمو وترعرع بذرة الاغتيالات السياسية.
• (الدول الفاشلة) وخبرة الاغتيالات السياسية:
التطوير الاستخباري لتقنية الاغتيالات السياسية، أصبح يركز على مجموعة من الوسائط، منها الأسلحة الذكية، كما في حالة استخدام إسرائيل للقذائف الذكية بواسطة الطيران في تنفيذ الاغتيالات المستهدفة ضد قادة فصائل المقاومة الفلسطينية، وأيضاً نجد ما يعرف بـ(فرق الموت) ويتم استخدامها حالياً في أربعة من (الدول الفاشلة)، وهي: كولومبيا، الفيلبين، العراق، ولبنان. وتقول التأكيدات بأن عمليات فرق الموت بدأت في دولة السلفادور، وقد تم التخطيط لها بواسطة وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، وكان رئيس الإدارة المسؤولة عن هذه الفرق هو (روبرت غاتز) وزير الدفاع الأمريكي الحالي، وتم تطبيقها في السلفادور بالتنسيق مع (جون نيغروبونتي) الذي كان سفيراً لأمريكا في أمريكا الوسطى، وبالتالي ليس مصادفة أن يتم استخدام فرق الموت في العراق، فقد كان جون نيغروبونتي سفيراً لأمريكا في العراق في الفترة التي أعقبت مباشرة عملية غزو واحتلال العراق، ويقال بأن عمليات فرق الموت العراقية قد خطط لها نيغروبونتي بالاشتراك مع أحمد الجلبي زعيم المؤتمر الوطني العراقي.
• فرق الموت اللبنانية:
تمثل فرق الموت اللبنانية شكلاً متطوراً عن فرق الموت التي استخدمت في السلفادور، والعراق، وذلك بفضل اللمسات المتطورة والتكنولوجيا الذكية التي تم استخدامها في الاغتيالات اللبنانية، ويرجع الفضل في ذلك لجهاز الموساد الإسرائيلي الذي نجح في استخدام وتوظيف المزيد من القدرات والعناصر المتطورة، مثل استخدام المتفجرات والقذائف الذكية التي تصيب الهدف بدقة فائقة مثل تلك التي استخدمت في اغتيال الحريري، وغيره من الساسة اللبنانيين، كذلك نجح الموساد في استخدام عناصر المافيا الروسية الإسرائيلية، الذين تدربوا على ممارسة القتل بدم بارد.
كذلك تميزت عمليات فرق الموت في لبنان، بانتقاء الأهداف واستخدام التضليل و(الخداع الاستراتيجي).. بحيث كان دائماً الهدف المعلن بعملية الاغتيال هو أحد الحلفاء والأصدقاء المقربين من إسرائيل والولايات المتحدة وتحديداً يتم انتقاءه من بين صفوف (القوات الصديقة) التي تدعم الجهود والمخططات الإسرائيلية والأمريكية والفرنسية في لبنان، باستثناء جورج حاوي زعيم الحزب الشيوعي، والذي كانت عملية اغتياله بهدف إضعاف البنية القيادية للمقاومة الوطنية اللبنانية والقضاء على تأثيره على الرأي العام المسيحي في لبنان.
• التصعيدات المحتملة في لبنان:
هدفت كل عمليات الاغتيال السابقة إلى إعطاء الأزمة اللبنانية المزيد من الزخم وقوة الاندفاع، وكانت هذه العمليات تهدف أيضاً إلى توجيه هذا الزخم وقوة الاندفاع بهدف توجيه الغضب الشعبي اللبناني والعالمي ضد سورية، على خلفية التسويق السياسية بواسطة أعلام وزعماء قوى 14 آذار، ومساندة أمريكا وفرنسا وبريطانيا، بما يحقق المزيد من العزل والاتهامات ضد سورية من جهة، ومن الجهة الأخرى يتيح لإسرائيل –باعتبارها القاتل الحقيقي- البقاء خلف الكواليس دون أن ينتبه إليها أحد.. بحيث تتسلسل عناصر الموساد بالتنسيق مع الزبائن اللبنانيين مرة أخرى واصطياد زعيم لبناني جديد.
بعد تنفيذ عملية اغتيال النائب اللبناني وليد عيدو (المعادي لسورية) والفشل الذريع لبرنامج توظيفها واستثمارها في تسويق العداء لسورية وحزب الله وحركة أمل.. بسبب الشكوك والتردد الذي تلقى به الرأي العام اللبناني والعالمي هذه المرة عملية الاغيتال، كان لابدّ لأصحاب (ماكينة الاغتيالات السياسية) أن يقدموا باستخدامها ضمن اتجاه أخر، وعلى ما يبدو فإن (دراسة الجدوى) الجديدة تقوم على الافتراضات الآتية هذه المرة:
- لقد نجحت عمليات الاغتيال السابقة في إثارة سخط بعض الكتل السياسية السنية والمسيحية اللبنانية ضد سورية وحلفائها اللبنانيين مثل حزب الله وحركة أمل.. وبالتالي لابدّ من استخدام عمليات الاغتيال على النحو الذي يثير غضب وسخط الشيعة اللبنانيين والقوى الوطنية اللبنانية وأنصار التيار الوطني الحر، ضد الأطراف اللبنانية الأخرى، وذلك على النحو الذي يرفع حدة الغضب والتوتر بين الطرفين.
- إن رفع التوتر وحدة الخلاف بين القوى اللبنانية يمكن استغلاله وتوظيفه بكل سهولة، ومن أجل إثارة الفوضى، على النحو الذي يعطي المبرر لتدخل القوات الدولية تحت ذرائع حفظ الأمن والاستقرار، إضافة إلى أن حالة الفوضى هذه سوف تتيح لبعض الأطراف مثل القوات اللبنانية وحلفائها تنفيذ المزيد من عمليات الاغتيال بدعم ومساندة الموساد الإسرائيلي ووكالة المخابرات المركزية الأمريكية، على النحو الذي يؤدي لإضعاف بنية حزب الله القيادية السياسية والعسكرية والدينية.
وعموماً، إن الهدف الجديد لن يكون السيد حسن نصر الله وحده، وبلا شك فإن المخططين في الموساد ووكالة المخابرات المركزية الأمريكية، يستطيعون على خلفية المعلومات التي توفرها لهم المخابرات الأردنية ومخابرات جهاز الأمن الوقائي التابع لمحمد دحلان، والمخابرات المصرية، أن لا يحددوا أهدافاً رئيسة للاغتيال وحسب، بل  والأهداف البديلة، إن تعذر الوصول إلى من هم في قوة ونفوذ السيد حسن نصر الله الذين يتمتعون بمحبة الشعب والجمهور اللبنانية، والذين لا يجدون صعوبة في أن يقوم الشعب اللبناني بتوفير غطاء الأمن والحماية لهم من عبث ومكائد عملاء الموساد المحليين والإقليميين والدوليين.

 

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...