مسرحية ليلة القتلة عرض النص المحكم والأداء الجميل

21-12-2010

مسرحية ليلة القتلة عرض النص المحكم والأداء الجميل

ثلاثة ممثلين مع ديكور بسيط ونص محكم للكاتب الكوبي خوسيه ترييانا، استطاعوا أن يشكلوا رافعة للعرض المسرحي «ليلة القتلة» إخراج مأمون الخطيب،.

فالنص الذي سبق أن تم تناوله على الخشبة، يملك إلى حد كبير مقومات النجاح لكن مع تضافر رؤية المخرج ومهارة الأداء بالنسبة للشخصيات وهي مسائل تمكن فريق العاملين من تجسيدها على خشبة القباني حيث تشهد المسرحية عرضها الجماهيري بعد أن عرضت في مهرجان دمشق المسرحي الخامس عشر منذ أيام.. ولأن القصة شائقة وماهرة في العبور إلى داخل الشخصيات والكشف عن حالة الحلم لدى كل منها، فإن الحديث عن لعبة يقوم بها الممثلون الإخوة في هذا العرض، تكون بمثابة مسرح مواز للمسرح الأساس الذي يحكم تصاعد الأحداث في العمل.. ‏

في هذا الجو تميزت ندى العبد الله وعلا باشا ويامن سليمان في تجسيد مختلف الحالات التي تعصف بهم كإخوة يعانون من القمع وإلغاء الشخصية من قبل الأهل، حيث لا يصبح المنفذ بالنسبة إليهم أن يمارسوا ما يسمونها لعبة على المسرح، بشكل يتفاقم فيما بينهم ويزداد حدة ليبرز مجموعة التناقضات التي يعيشها الأبناء فيصلون إلى حدود القتل واغتيال بعضهم أو أهلهم بهدف تحقيق شخصيتهم الغائبة والمحاصرة بمجموعة من الأحكام والضغوط الموجهة من الأبوين!. ‏

الحلم بالتغيير هو العنوان العريض للعمل، ذلك الهدف بقدر ما يبدو مستحيلاً بالنسبة للأبناء، فإنه يدفع الابن إلى قتل أبيه وأمه حيث يكشف المسرح الموازي أو اللعبة أهداف الابن وتخيلاته لتنشأ محاكمة بين الإخوة الثلاثة يكشف فيها كل واحد عن رؤيته لمجريات الأحدث من منظاره الخاص ما يزيد من ارتفاع حدة الصراع بينهم إلى درجة العداء.. هذه اللعبة الخطرة والمروعة تبدو هي الخيار الأخير بالنسبة إليهم حتى يتغلبوا على حالة الحصار تلك.. فرغم أنها حالة دفاع أو بحث عن الحلم فإنها في الوقت نفسه تكشف معنى الاقتراف والذنب والخلاف على من هو الضحية في النهاية!. ‏

حالات متناقضة
 تلك التوليفة المتداخلة والشائكة بين الحلم والحقيقة، تطلبت إمكانات كبيرة من شخصيات الممثلين الذين كانوا أشبه بمن يؤدي عدة أدوار في عمل واحد، وبالتالي عدة حالات متناقضة وانفعالات فيها الكثير من الجهد والمهارة، فبدءاً من تقليد لهجات الأهل والجيران وحركاتهم، إلى العودة باتجاه ارتداء الحالة النفسية الأولى والتنقل بين شخصيات اقتضتها «اللعبة»، يحصل المشاهد على متعة كبيرة يؤكدها عامل الإتقان من ممثلين شباب سبق أن قدموا عدة عروض وشاركوا في أعمال تلفزيونية ربما لم يظهروا فيها على النحو القادر على كشف إمكانياتهم الحقيقية، فما يكتشفه المتابع للعرض على الخشبة بدا أكثر رحابة وحرية لهذه المواهب.. فالعرض منفذ بوتيرة تصاعدية عالية، حيث تنعدم الاستراحات لدى الشخصيات فيكون عليهم الانتقال سريعاً في الحالات المتناقضة التي يتناولها النص الذي يقوم بعملية تفكيك متسلسلة لمجموعة حالات وشخصيات تعاني الفقد في جانب ما!. ‏

طاقات شابة
 في العرض تظهر خيارات المخرج مأمون كامل خطيب الموفقة، فهو لم يشأ الخوض في موضوع التجريب والبحث كثيراً عن الأدوات، فاستحضر نصاً فيه العديد من مقومات النجاح ثم رفده بطاقات شابة متمكنة استطاعت أن تخدم الفكرة وتقدم عرضاً شائقاً وناجحاً في تجسيد الحالات المختلفة والمتناقضة إلى درجة الصعوبة، وربما لم تساهم تلك الرؤية الواضحة في تحديد المسار بالنسبة للمخرج، وبالتالي الكشف عن قدرات لم يكن لها حظ أن تظهر في نص آخر، بل أيضاً كان للأمر تداعياته الإيجابية بالنسبة للجمهور الذي ملأ الصالة رغم الشتاء والبرد، وربما هذا يفتح الباب أكثر باتجاه الحديث عن عرض يجمع المتعة والمهارة مع النص الجميل، وهي نقاط تحسب للمخرج بالتأكيد!. ‏

مسرحية ليلة القتلة، تأليف خوسيه ترييانا، إخراج مأمون خطيب، دراماتورج وداد سلوم، مساعد مخرج رامي عيسى، سينوغرافيا وسام درويش، أزياء ريم الحلو، إضاءة بسام حميدي، رؤية موسيقية: محمد آل رشي. ‏

زيد قطريب

المصدر: تشرين

التعليقات

عن جد المسرحية رائعة و الممثلين كتير شاطرين بالتمثيل الله يوفق كل طاقم العمل و بانتظار المزيد من هالعروض المميزة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...