ما هو تأثير العقوبات والحصار الغربي على الاقتصاد الإيراني

24-06-2008

ما هو تأثير العقوبات والحصار الغربي على الاقتصاد الإيراني

الجمل: اتضح بجلاء أن الولايات المتحدة الأمريكية تسعى لإسقاط النظام الإيراني واستبداله بنظام يتكون من المتعاملين الإيرانيين على غرار المتعاملين العراقيين الذين يحتمون بالقوات الأمريكية ويتحدثون باسم العراق والعراقيين، وستظل الإدارة الأمريكية تسعى من أجل تطبيق استراتيجية تغيير النظام الإيراني سواء عن طريق الخيار العسكري أو المدني.
* خيار العقوبات والحصار:
يعتبر خيار اللجوء إلى العقوبات والحصار أمراً قديماً قدم الصراع والحروب، وحالياً بعد اكتمال عمليات الحشد العسكري الأمريكي البري والبحري والجوي والاستعانة بعشرات الأقمار الصناعية وغيرها من وسائط التكنولوجيا المتطورة فإن إيران أصبحت في مواجهة ثلاثة خيارات هي:
• خيار الضربة العسكرية الأمريكية – الإسرائيلية.
• خيار العقوبات الاقتصادية والحصار.
• خيار استمرار الوضع القائم.
حتى الآن توجد الكثير من المعطيات التي تقدم السند والمصداقية المحتملة لكل واحدة من هذه الخيارات، فالقائلون بخيار الضربة العسكرية لديهم الوقائع التي يستندون عليها في ترجيح وجهة نظرهم، ونفس الشيء بالنسبة للقائلين بالعقوبات وبالحصار البحري، فقد برزت بعض التسريبات الجديدة التي تعزز احتمالاته وأبرزها التسريب الذي أورده موقع مون أو ألاباما الإلكتروني الأمريكي، الذي جاء فيه أن الولايات المتحدة تعمل حالياً من أجل تمديد أنابيب النفط والغاز من تركمانستان الموجودة في آسيا الصغرى، وتحديداً الواقعة على الضفة الشرقية لبحر قزوين، بحيث ينطلق خط الأنابيب من حقول داوليت آباد التركمانية ويمر بمناطق غرب أفغانستان بمحاذاة الحدود الأفغانية – الإيرانية عبر مناطق هيرات وقندهار بحيث يدخل الخط إلى منطقة بلوشستان الواقعة غرب باكستان ثم بعد ذلك يمتد شرقاً عبر الأراضي الباكستانية حتى يصل إلى الأراضي الهندية. وتشير التسريبات إلى:
• تبلغ تكلفة خط الأنابيب حوالي 7.6 مليار دولار أمريكي.
• التزمت حكومة المتعاملين الأفغانية بزعامة حامد كرزاي بحماية خط الأنابيب والقضاء على حركات التمرد الأفغانية الموجودة في منطقة مرور الخط.
أكدت التحليلات بأن إلحاح إدارة بوش على إقامة هذا الخط بأسرع ما يمكن هو إلحاح سببه أن الإدارة الأمريكية تخطط لجعل عملية تمديد خط الأنابيب لجهة توفير إمدادات الطاقة للهند وباكستان بما يترتب عليه إفشال مشروع روسيا – إيران لتمديد أنابيب النفط من جنوب روسيا عبر إيران إلى باكيتان والهند بما يؤدي إلى توفير إمدادات النفط والغاز لباكستان والهند.
تطرح التحليلات بعض التساؤلات المتعلقة بمحاولة إدارة بوش إكمال هذا المشروع بمثل هذه السرعة والتكلفة العالية ومن أبرز هذه التساؤلات:
• لماذا في هذا الوقت؟
• إذا كانت إدارة بوش تخطط لضرب إيران فإن الضربة ستؤدي إلى إفشال مشروع الأنابيب الروسي – الإيراني تلقائياً، وبالتالي هل صرفت الإدارة الأمريكية النظر عن خيار الضربة وأصبحت تستعد لتعزيز مقدمات خيار فرض العقوبات والحصار ضد إيران وتمهيد المسرح عن طريق عزل باكستان والهند من أي محاولة تهدف إلى ربط المصالح الهندية والمصالح الباكستانية بإيران وروسيا.
* مدى مناعة القوام الإيراني إزاء العقوبات والحصار؟
هناك احتمالات كبيرة لإمكانية نجاح الإدارة الأمريكية في دفع مجلس الأمن الدولي باتجاه فرض قرار العقوبات الدولية المتعددة الأطراف، وذلك لأن أمريكا ستتشاور مع أعضاء مجلس الأمن الدائمين وبالذات روسيا والصين بأن هناك خيارين لا ثالث لهما: إما خيار العقوبات المتعددة الأطراف أو خيار الضربة العسكرية، وإذا لم يتم التوافق فإن الموقف الأمريكي سيؤكد على خيار عمل أمريكا وحلفائها من طرف واحد وخارج إطار الشرعية الدولية تماماً كما حدث في حرب العراق.
الصين أصبحت في مواجهة العديد من المصاعب والمهددات الأمنية الداخلية وروسيا ستجد نفسها مضطرة إلى القبول بخيار العقوبات تفادياً للضربة العسكرية وفي أفضل الأحوال قد تلجأ روسيا والصين إلى الامتناع عن التصويت. العقوبات الدولية المتعددة الأطراف يتوقف نجاحها على عدد من العوامل أبرزها:
• مدى التزام دول الجوار الإقليمي الإيراني بتنفيذ العقوبات.
• مدى قدرة الأساطيل البحرية الأمريكية والغربية على إحكام الرقابة والحصار على السواحل الإيرانية.
• مدى قدرة الدول والكيانات الاقتصادية والمالية في القيام بالتجاوب مع قرار العقوبات.
وتشير التحليلات إلى وجود بعض العوامل التي تجعل من الصعب تفعيل شدة أحكام العقوبات ومن أبرزها:
• طبيعة الحدود الدولية عندما تكون الحدود الدولية طويلة ووعرة فإن من الصعب فرض الرقابة المحكمة على الحدود.
• طبيعة السواحل البحرية عندما تكون السواحل البحرية طويلة وتتميز بالمضائق والخلجان المتشعبة من الصعب فرض السيطرة عليها.
• الواقع الديمغرافي: عندما توجد الجماعات الإثنية والقبائل العابرة للحدود فإنه يكون صعباً السيطرة على حركة الأفراد والجماعات العابرة للحدود وبالتالي يكون من الصعب تفعيل شدة أحكام العقوبات.
• الاعتماد على الخارج: عندما يكون الاقتصاد معتمداً في احتياجاته الأساسية على الخارج أي عندما يكون مندمجاً في الاقتصاد العالمي عن طريق حركة الصادرات والواردات فإن العقوبات يكون لها تأثير كبير عليه، ولكن في حالة الاقتصاد الذي يعتمد الاكتفاء الذاتي فإن العقوبات لا يكون لها تأثير كبير.
تقول التحليلات بأن تأثير العقوبات والحصار على إيران سيكون على النحو الآتي:
• القطاع التجاري: ستتضرر كثيراً حركة الصادرات والواردات على النحو الذي سيلقي بظلاله على التجارة الخارجية الإيرانية ولكن من الممكن أن تعتمد إيران على النقل البري مع دول الجوار الإقليمي خاصة أن الحدود الإيرانية مع العراق، تركيا، أذربيجان، أفغانستان، تركمانستان، وباكستان، تتميز بالوعورة وبوجود القوميات والإثنيات العابرة للحدود.
• القطاع الصناعي: تستطيع إيران تشغيل قطاعها الصناعي من أجل تلبية الاحتياجات الداخلية إضافةً إلى إمكانية الحصول على قطع الغيار عبر الوسطاء.
• القطاع الزراعي: لن يتأثر بالعقوبات والحصار لأن الزراعة الإيرانية تهدف أولاً وقبل كل شيء إلى تلبية احتياجات السكان.
• القطاع العقاري: لن يتأثر بالعقوبات وعلى الأغلب أن تهبط الإيجارات وأسعار العقارات.
• القطاع المالي: ستتضرر بقدر كبير المعاملات المصرفية الخارجية، إضافةً إلى أن القطاع المصرفي الإيراني سيواجه صعوبة في الحصول على القطع الأجنبي. كذلك سترتفع أسعار العملات الأجنبية بقدر كبير وستنشط السوق السوداء في مجال العملة بما يؤدي إلى انخفاض القدرة الشرائية وهو أمر سيقود إلى التضخم وارتفاع الأسعار وركود الأسواق بسبب الإحجام عن شراء السلع والخدمات.
* خارطة طريق العقوبات والحظر: إلى أين؟
يهدف برنامج العقوبات والحر إلى الآتي:
• تقويض القدرات الاقتصادية الإيرانية.
• عزل إيران عن شركائها وحلفائها عن طريق قطع خطوط النقل والحركة والتواصل.
• ردع حلفاء إيران من مغبة التعامل معها، وإلا فإنهم سيواجهون خطر العقوبات والحظر إن رفضوا الامتثال للقرار الدولي.
• رفع معاناة الشعب الإيراني (بحسب الرأي الغربي).
وعلى هذه الخلفية فإن المطلوب إجمالاً هو تقويض العلاقة بين النظام الإيراني والشعب الإيراني، والقضاء على مصداقية برنامج الثورة الإيرانية بما يترتب عليه في نهاية الأمر دفع الشعب الإيراني إلى الثورة ضد النظام. تقول المعلومات بأن مراكز الدراسات الأمريكية قد بدت أكثر نشاطاً في تعزيز علاقاتها مع القوى والجماعات المعارضة الإيرانية وعلى وجه الخصوص مؤسسة بيت الحرية الأمريكية ومؤسسة منحة الديمقراطية ومؤسسة الدفاع عن الديمقراطية والتي تخطط وتدفع باتجاه تفعيل مخطط تفجير حركات الاحتجاج المدني داخل إيران لجهة الوصول إلى إشعال ثورة ملونة حدد لها خبراء اللوبي الإسرائيلي تسمية "الثورة المخملية" لتكون على غرار الثورة البرتقالية وثورة الأرز وما شابه ذلك.

 


الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...