كتاب لكل 300 ألف عربي

26-08-2006

كتاب لكل 300 ألف عربي

بلغت الاستعدادات أوجها لإطلاق الدورة الحادية عشرة من “معرض عمّان الدولي للكتاب” الذي يبدأ في السادس من الشهر المقبل ويستمر عشرة أيام. الا أن موضوع الرقابة يظلّ هاجس المثقفين على الرغم من أن اتحاد الناشرين الأردنيين أسهم في التخفيف من وطأته.
لكن ما يراه الاتحاد “انتصاراً” ليس سوى عملية “لأم” لجراحه الداخلية ومحاولة للمحافظة على وحدته من الانشطار، لا سيما بعدما لوحت مجموعة من الناشرين في وقت سابق بالاستقالة من عضوية الاتحاد وتأليف ائتلاف أطلقت عليه "التجمع المهني” ضم ثلاثين من أبرز الناشرين في الأردن.
ونجمت الخلافات عمّا سمّاه ماهر الكيالي، أحد أبرز أقطاب تجمع الناشرين “مخالفات قانونية تتعارض مع النظام الداخلي للاتحاد”. هذه المخالفات، رأى الكيالي الذي يدير “المؤسسة العربية للدراسات والنشر” في بيروت وعمّان، أنها “مهّدت الطريق لدخول أعضاء إلى قيادة الاتحاد لا يستحقّون مواقعهم”.
وتدخّل وزير الثقافة الأردني عادل الطويسي واعداً بحل المشكلات، ومعالجة التجاوزات، وفتح صفحة جديدة، ليتمكن الاتحاد من تحضير دورته المقبلة في مناخ من الصفاء، حسب رئيس الاتحاد فاروق مجدلاوي. وأعلن هذا الأخير، أن الافتتاح سيكون في موقع المعرض الجديد على أرض مشروع تطوير العبدلي، بالقرب من مجلس الأمة وسط العاصمة عمّان. وما يميز الموقع الجديد، بحسب مجدلاوي، مساحته الواسعة التي تبلغ نحو تسعة آلاف كيلومتر، كما يشتمل على ساحة مخصصة للسيارات تتسع لزهاء 500 سيارة. وأفاد مجدلاوي بأن المعرض سيكون "في أبهى حلّة، ووفق الذوق اللبناني في تنظيم المعارض” مشيراً إلى أن "الشركة عينها التي تنظم معرض بيروت ستتولى معرض عمّان”.
ويشارك في المعرض حوالى 620 دار نشر، مباشرة أو عبر توكيلات رسمية، وتمثّل المشاركة اللبنانية 10 في المئة. وستطرح هذه الدور مجتمعة زهاء 50 ألف عنوان ليصل عدد الكتب في المعرض حسب توقعات المنظمين إلى مليون كتاب. وطلبت ادارة المعرض من المشاركين الالتزام بإجراء خفض لا يقلّ عن 25 في المئة على الاسعار المعلنة. كما طلبت من المشاركين ألاّ تقلّ الاصدارات الجديدة عن نسبة 50 في المئة من العناوين المعروضة، متمنيةً على الناشرين التركيز على كتب الاطفال والناشئة والاصدارات الأجنبية.
وتسعى إدارة المعرض إلى إفساح المجال من وراء ذلك إلى توسيع “أفق القراءة” التي يصفها رئيس رابطة الكتاب الأردنيين أحمد ماضي بأنها “هزيلة ومتدنية قياساً الى نسبة القراء في أوروبا والعالم المتحضر”.
ويذكّر ماضي بآخر إحصاءات منظمة اليونسكو للعام الماضي، التي تكشف أن كل 300 ألف عربي يقرأون كتاباً واحداً، أي أن سكان العالم العربي البالغ عددهم حوالى 300 مليون نسمة، ويعيشون في 22 دولة عربية، يقرأون 900 كتاب فقط لا غير.
وتشير آخر الإحصاءات الصادرة عن اليونسكو وتقرير التنمية الإنسانية العربية، إلى أن إنتاج الكتب في البلدان العربية لم يتجاوز 11 في المئة من الإنتاج العالمي، على رغم أن العرب يمثّلون 5 في المئة من سكان العالم.
وتفيد تقارير، بأن مداولات سوق الكتاب العربية بيعاً وشراء لا تتجاوز أربعة ملايين دولار أميركي سنوياً، بينما يصل هذا الرقم في دول الاتحاد الأوروبي على سبيل المثال لا الحصر، إلى 12 مليار دولار. بهذا المعنى، فإن “العالم العربي هو خارج القراءة عملياً”، يستنتج بأسى رئيس رابطة الكتاب.
ويأتي طيف الرقابة ليخيّم على واقع النشر، فيزيد الأمور تعقيداً ويفاقم أزمة القرّاء، وأزمة النشر والتوزيع في الأردن، أسوة بالواقع العربي العام... علماً أن الخطاب الرسمي بدا مطمئناً عشية افتتاح معرض عمّان، وقد لبست الرقابة رداء الشفافية... إنما يبقى للرقيب، كما أكّد لـ “الأخبار” كل من مجدلاوي والكيالي، حقّ التدخل وسحب أي عنوان من المعرض، إذا "ارتأى” أنه مخالف لميثاق الشرف الذي وافق عليه الناشرون العرب. ورأى الشاعر والروائي إبراهيم نصر الله في هذا الإجراء “إساءة الى الكتابة والقراءة على حد سواء”. والكاتب الفلسطيني ــ الأردني المذكور، رفعت دائرة المطبوعات والنشر الأردنية عليه أخيراً قضية أمام المحكمة ومنعت أعماله الشعرية الكاملة من التداول، بسبب “تضمنها قصيدة تشير إلى الأحداث الدموية بين الفدائيين الفلسطينيين والجيش الأردني في أيلول (سبتمبر) 1970”. ويرى الشاعر في هذا الصدد أن “تجربة الرقابة أثبتت عقمها ولاجدواها على الصعد كلها”، مطالباً إياها أن تكفّ عما سمّاه “لعبتها العبثية”. وعلى رغم ذلك، يأمل رئيس “اتحاد الناشرين الأردنيين” ألاّ “تتعسف” الرقابة في مصادرة الكتب، وأن تكون “سلسة”، وأن يصدر قرار منع الكتب من خلال التفاهم مع الاتحاد ومجموعة من المثقفين. وألّفت دائرة المطبوعات والنشر فريقاً من عشرة رقباء سينفّذون زيارات ميدانية مستمرة و“مفاجئة” بغية “التأكد من خلو المعرض مما يعكر الصفاء السياسي العام والحياء الاجتماعي والسلم الأهلي ومن التجديف الديني”، على ما علق أحد الكتاب، وأضاف متسائلاً: “كيف يحق لهؤلاء، وهم موظفون حكوميون غير معنيين بالضرورة بالشأن الثقافي، أن يحاكموا كتباً بعضها معقد وملتبس يناقش الفلسفة والأديان والنظريات الاجتماعية؟ وما المقياس الذي يعتمدونه في المنع والمصادرة والإباحة؟”.

المصدر: الأخبار

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...