عشرات القتلى من المدنيين والعسكريين في حمص واعتقال الشيخ عيروط في بانياس

09-05-2011

عشرات القتلى من المدنيين والعسكريين في حمص واعتقال الشيخ عيروط في بانياس

دخلت الأزمة في سوريا منعطفا جديدا أمس بحصول مواجهات دموية بين مجموعات مسلحة، وفق بيانات السلطات الرسمية من جهة، وبين الجيش من جهة أخرى في كل من حمص وبانياس، ولا سيما من حمص، حيث تحدث إعلاميون محليون عن مقتل 10 مدنيين في هجوم جرى في ضواحي المدينة على حافلة مدنية، وذلك إضافة الى عشرة قتلى من الجيش أول من أمس في المدينة بينهم ثلاثة ضباط، وفق ما ذكر أطباء في حمص.سوريون يشيّعون عنصراً من الشرطة قتل في حمص أمس (أ ف ب)
وفي حين لم تصدر حصيلة رسمية عن المواجهات في بانياس، تحدثت وكالة (سانا) عن جرحى في صفوف القوى الأمنية، وحصول توقيفات ومصادرة أسلحة، في إيحاء إلى انتهاء العملية العسكرية في حيّين من المدينة، وهما راس النبع والقبيات، فيما انقطعت الاتصالات عن المدينة والكهرباء عن بعض أحيائها.
وبقيت هذه الأخبار هي التي تشكل المزاج العام في البلاد، فيما شهدت طرق البلاد الدولية ضعفا شديدا في الحركة، بسبب انقطاع طريق اللاذقية ـ طرطوس الذي
يصل المدينتين بمحافظتي حلب وحمص والعاصمة أيضا، وبسبب ضعف الحركة الواردة من حمص وبالعكس بسبب الظروف الأمنية.
في هذا الوقت، استمر التعاطي السياسي على مستويين، الأول اجتماعات الرئيس السوري بشار الأسد بالفعاليات الاقتصادية والاجتماعية من المدن المختلفة، حيث التقى أمس وفدا جديدا من ممثلي فئة الشباب في سوريا وآخر من وجهاء مدينة اللاذقية. ونقلت وسائل الإعلام المحلية عن الأسد تشديده على ضرورة عدم التخوين في هذه المرحلة، والابتعاد عن الحديث عن الفتنة الطائفية. وعلى المستوى الثاني، تواظب الحكومة على الاجتماع ودراسة أفكار ومقترحات اقتصادية وخدماتية بشكل خاص.
وكانت مصادر إعلامية محلية نقلت أمس عن الأسد تشديده، خلال ثاني لقاء يعقده في غضون ايام مع وفد شبابي، على «ضرورة الابتعاد عن التخوين، والسعي للتقليل من الانشقاق في الرأي بين الناس، والسعي لحل هذه الأزمة».
ودعا الأسد وفقا للمصدر ذاته «للابتعاد عن الشعارات التي سبق وسوقت خلال الأزمة من محاربة للطائفية وسواها»، مؤكدا أن «مثل هذه المشاكل ليست موجودة في المجتمع وتكرارها من الممكن أن يخلق أزمة».
وذكرت المصادر أن بعض الحضور تطرقوا «الى بعض ممارسات العنف التي أبداها بعض عناصر الأمن، وهو أمر لم ينكره الأسد، مؤكدا ان ما وقع في بعض الاحيان يمثل سلوكيات افراد وأن التوجه في الحكومة هو لاحتواء الازمة والبعد عن العنف، لأنه كثيرا ما يسقط أناس أبرياء لا علاقة لهم ضحايا وهو ما وقع في بعض المناطق فعلا». ودعا الرئيس السوري إلى إبقاء «الوطن فوق الجميع، لأنه أم الجميع» مشيرا الى أن البلاد في أزمة ولكنها ستنتهي.
وقال جمال وزان من اللاذقية إن اللقاء بين الاسد ووجهاء المدينة، والذي ضم 25 شخصا ودام اربع ساعات، تركز على مواضيع الإصلاح الإداري، ولا سيما مكافحة الفساد. وأشار وزان الى أن الموضوع الأمني ما زال ملحا في الحالة الراهنة وأن «ثمة مطلوبين لا بد من القبض عليهم»، مشيرا الى أن الأسد أكد استمرار العمل بالمشروع الإصلاحي، والذي من ضمنه قانون جديد للإدارة المحلية يخفف من سلطة الإدارة المركزية إضافة إلى التعددية السياسية وقانون عصري للإعلام.
من جهته، قال طبيب، حضر لقاء فئة الشباب مع الأسد وطلب عدم ذكر اسمه، إن قانون الأحزاب سيطرح للنقاش العام قبل إقراره، مشيرا الى أن اللقاء مع الرئيس ضم 14 شابا وشابة، واستمر ثلاث ساعات تقريبا. وذكر أن الشباب «رحبوا» بدخول الجيش على خط الحسم الأمني، ولا سيما في درعا بعد أن «انتشرت في المدينة الحواجز والمتاريس التي أقامها المحتجون المسلحون وفرضوا فيها نظامهم على السكان».
وقال الطبيب إن الوفد ضم ايضا أشخاصا شاركوا في تظاهرات مطالبة بـ«التغيير والحرية» في بداية الأحداث، فيما قال حسام عريان (حلب)  إن أغلبية الحديث ركزت على مشاكل الشباب وآفاق المستقبل، ولا سيما في ما يتعلق بمجال التعليم وخدمة العلم.
وعلى مستوى السياسة الخارجية، تلقى الأسد أول من أمس رسالة شفهية من ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة، نقلها وزير خارجية البحرين الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة، «تتضمن دعم البحرين الكامل لأمن سوريا واستقرارها، ومسيرة الإصلاحات بقيادة الأسد». وتناول الحديث الأوضاع الراهنة في المنطقة، وخصوصاً في البحرين وسوريا، وضرورة استمرار التشاور بين البلدين حول مختلف القضايا على الساحتين العربية والدولية.
من جهتها، وفي بيان جديد أعلنت وزارة الداخلية «ان عدد الذين سلموا انفسهم للسلطات المختصة من المتورطين بأعمال شغب وصل إلى 915 شخصاً في مختلف المحافظات، تم الإفراج عنهم فوراً بعد تعهدهم بعدم تكرار أي عمل يسيء إلى أمن الوطن والمواطن». وقال مصدر مسؤول في الوزارة «إن العديد من المتورطين ما زالوا يتوافدون إلى مراكز الشرطة والأمن لتسليم أنفسهم»، داعياً «كل من غرر بهم، وشاركوا أو قاموا بأعمال يعاقب عليها القانون من حمل للسلاح أو إخلال بالأمن أو الإدلاء ببيانات مضللة، للمبادرة إلى تسليم أنفسهم وأسلحتهم إلى السلطات المختصة، والإعلام عن المخربين والإرهابيين وأماكن وجود الأسلحة للاستفادة من المهلة التي كانت حددتها بهذا الشأن، بحيث يصار إلى إعفائهم من العقاب والتبعات القانونية وعدم ملاحقتهم وذلك لغاية 15 أيار الحالي».
وكان مصدر عسكري مسؤول قال أول من أمس إن «بعض وحدات الجيش والقوى الأمنية ما تزال تتابع ملاحقة عناصر المجموعات الإرهابية المسلحة في مدينة بانياس ومحيطها وبعض القرى من ريف درعا»، مشيرا الى أنه «تم إلقاء القبض على العشرات من المطلوبين، إضافة إلى مصادرة كميات كبيرة من الأسلحة المتطورة والذخيرة المتنوعة. وأسفرت المواجهة المباشرة عن إصابة 10 عناصر من الجيش بينهم ضابطان وسقوط العديد من القتلى والجرحى في صفوف العناصر الإرهابية المسلحة».
وقتل 10 مواطنين، وأصيب ثلاثة، من أبناء محافظتي حماة وإدلب نتيجة تعرضهم لإطلاق نار خلال عودتهم في حافلة نقل عام من لبنان عند تحويلة حمص - دمشق.
وقال مدير المستشفى الوطني في حمص غسان طنوس إن المستشفى استقبل 10 جثامين لمواطنين مدنيين، وثلاثة جرحى، أصيبوا بأعيرة نارية مختلفة في أماكن متفرقة من أجسادهم، موضحا أنه تم تقديم الإسعافات اللازمة للمصابين، وأجريت لهم عمليات جراحية لإنقاذ حياتهم.
وأوضح شاهين لـ«سانا» أن إطلاق النار عليهم تم من مسافة قريبة، الأمر الذي أدى إلى إصابتهم بجروح بالغة وشديدة تركزت في مناطق الرأس والصدر والبطن، مؤكدا أن الإصابات ناتجة عن أسلحة متنوعة، حيث عثر في أجساد المصابين على آثار لطلقات خردق من سلاح صيد، إلى جانب طلقات من أسلحة حربية.
بدوره، قال الطبيب في مستشفى في حمص عبد المعين الحسن إن 10 عسكريين قتلوا في مواجهات جرت أول من امس في حمص، مضيفا في تصريح لـ«الإخبارية» السورية أن بعض الجثث «تم التمثيل بها بعد الموت». كما اشار بيان عسكري أمس إلى وفاة ثلاثة ضباط ايضا. وقالت مصادر محلية أن بعض الضباط أصيبوا برصاص قناصة متطورة تصيب عن بعد 2 كلم.
بدوره بث التلفزيون السوري السبت الماضي اعترافات لشاب يدعى «أحمد محمد عياش» باعتباره رئيس إحدى المجموعات المسلحة التي ألقي القبض عليها في درعا. واعترف عياش «بأنه سافر إلى السعودية من أجل البحث عن عمل، وهناك التقى أحد الأشخاص (سعود العتيبي) الذي أقنعه بمحاربة النظام في سوريا ووعده بتزويده بالمال». كما بث التلفزيون السوري اعترافات كل من عبد الله سامي اليبرودي ووليد قاسم العودات.
وذكرت «سانا» أمس أن المئات من السوريين «تجمعوا أمام السفارة الأميركية في دمشق معبرين عن رفضهم للتدخل الاميركي في شؤون البلاد الداخلية. وأكد المتظاهرون، من خلال اللافتات التي حملوها، ان هذه التدخلات لن تزيد الشعب السوري إلا وحدة وتضامنا، متسائلين «أين حقوق الإنسان في العراق ولبنان؟».
الى ذلك،  أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان أن قوات الأمن اعتقلت قادة حركة الاحتجاج في بانياس، بينهم الشيخ أنس العيروط وبسام صهيوني، لافتاً إلى أنها أوقفت أكثر من 250 شخصاً في المدينة خلال اليومين الماضيين.
دوليا، اتفقت دول الاتحاد الاوروبي الـ27 الجمعة الماضي على فرض عقوبات تشمل تجميد ارصدة وعدم منح تأشيرات دخول لدول الاتحاد على 13 من مسؤولي النظام السوري ليس بينهم الرئيس الاسد.
وحذرت الولايات المتحدة بأنها ستتخذ «إجراءات اضافية» ضد سوريا اذا لم يتوقف قمع المتظاهرين، بعد اسبوع على فرضها عقوبات اقتصادية على عدد من المسؤولين والكيانات الادارية في النظام السوري.
وقال المتحدث باسم البيت الابيض جاي كارني في بيان ان «الولايات المتحدة تعتقد ان تحركات سوريا المؤسفة تجاه شعبها تبرر ردا دوليا قويا. في ظل غياب تغيير ملموس في الاسلوب الحالي للحكومة السورية بما في ذلك وقف قتل الحكومة للمحتجين ستقوم الولايات المتحدة وشركاؤها الدوليون باتخاذ خطوات اضافية لتوضيح اعتراضنا القوي على اسلوب معاملة الحكومة السورية لشعبها».
وقالت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون الجمعة إنه لا يزال بإمكان الحكومة السورية القيام بإصلاحات رغم تصاعد العنف.
وقالت كلينتون إن الولايات المتحدة كانت صريحة بشأن حملة الرئيس السوري بشار الاسد السياسية لكن الوضع هناك معقد. وأضافت في تصريحات نشرتها وزارة الخارجية الاميركية «توجد بواعث قلق عميقة تجاه ما يحدث داخل سوريا، ونحن نحث الحكومة السورية بقوة على أن تفي بالتزامها المعلن بالاصلاحات».
وأضافت إن الوضع في سوريا «مثير للمشاعر» لكنها رفضت تشبيه سوريا بليبيا. وتابعت «ما اعرفه هو أنه لا تزال أمامهم فرصة لتحقيق جدول أعمال للاصلاح»، موضحة «لم يصدق أحد أن القذافي سيفعل ذلك. الناس يصدقون أنه يوجد مجال محتمل للمضي قدما مع سوريا. لذا سنواصل المشاركة مع كافة حلـفائنا من أجل الضـغط بكل قوة بشأن ذلك».

زياد حيدر

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...