سرطان الثدي: طرطوس ودمشق والسويداء على رأس القائمة

22-06-2010

سرطان الثدي: طرطوس ودمشق والسويداء على رأس القائمة

هو ذاك المرض الخبيث إذاً، يحمل كل المعاني في كل حروفه، وفي أحاديث الناس التي تدورحوله. لا يستطيع  المفجوع فيه التنبؤ به أو تجنبه ولا حتى الغضب عليه، فقد يجتاح الإنسان وهو في قمة نشاطه وعطائه، وما بين يوم وليلة لا ينفك هذا الورم المتطفل يبحث عن مساحة أكبر يلتهمها ويصيبها بآلام لا تنتهي سوى بالموت. وقسوته تأتي من التهديد الدائم بعودته ضيفاً ثقيلاً حتى بعد علاجه، و مع ذلك يبقى سرطان الثدي  أخف وطأة من بين السرطانات الأخرى لإمكانية كشفه مبكراً، لكنه الأكثر شيوعاً عند نساء العالم،
وهو ثاني سبب لوفيات المرأة في العالم، آثاره الصحية والإجتماعية بالغة الخطورة، لم تترك للإنسانية أي وسيلة للوقاية منه، والسؤال الذي يطرح: هل علينا أن نتقبل هذا الوضع كقدر حاصل لا مفر منه؟ أم بإمكاننا الحصول على أكبر نسبة من مجتمع يؤمن بأهمية الكشف المبكر وبالتالي تقليل الوفيات ما أمكن ؟
  ¶الخبر السعيد والخبر المفرح
يبقى الاستقصاء القائم على الفحص السريري والجس الذاتي فقط والذي ينقص الوفيات إلى12% أفضل من لاشيء.
كما يشير الدكتور ياسرالصافي (الأمين العام للجمعية السورية لأمراض الثدي و أخصائي أشعة) إلى أن بعض سرطانات الثدي لا تشكل كتلاً محسوسة، ما يجعل  صورة جهاز الماموغراف عبر أشعة إكس ضرورة  ليس لها مخاطر، تكشف الورم بسهولة حتى لو كان في بدايته، فهو الضمانة الوحيدة للكشف المبكر قبل ظهوره سريرياً بسنتين، وإذا توافرت الجودة التقنية والقراءة الجيدة مع الفحوص المتممة الأخرى والتعامل الجيد مع كل حالة، فإن النتيجة ستفوق 80 % في إيجابيتها، ثم يأتي دور فحص الإيكوغرافي  لتحديد نوع الكتلة، منوهاً إلى أن الخطرقد يتضاعف عند حاجة الأطباء إلى التوعية أيضاً نتيجة طمأنته المريضة بعد فحصهاعلى أجهزة غير خاضعة لضبط الجودة. فقد يخبر الطبيب مريضته بضرورة الاستئصال، وتكتشف بعدها أن الورم لايستدعي الاستئصال أوالعكس، أي عندما يكون خبر الاكتشاف المبكر للورم خبراً سعيداً بالنسبة  للمريضة،إذا ما قيس بالاكتشاف المتأخر الذي يسبب ردة فعل قوية لا تدري أين ستذهب المريضة بعدها، وكيف ستواجه هذه المصيبة. فشعور كل امرأة بثديها كونه مجموعة من الكتل يبعث الهلع في نفسها، لكن الدكتور الصافي أوضح أنه بوجود علامات مثل انتفاخ أو ورم غير عادي والتغيير في لون أو ملمس الثدي أوالألم في الحلمة والإفرازات غير المألوفة قد تنبئ بوجود ورم خبيث أو حميد على حد سواء لكن المهم عدم الإهمال.

¶أجراس إنذار
 النساء اللواتي  اجتزن سن 40 أواللواتي تعاني أمهاتن وأخواتهن من سرطان الثدي هن الأكثر تعرضاً للإصابة بالإضافة إلى النساء اللواتي لم ينجبن أو اللواتي تزوجن وأنجبن بعد سن30 وممن عانت من سرطان الثدي في إحدى الثديين وذوات الوزن الزائد وخصوصاً في القسم الأعلى من الجسم .وتبقى ممارسة الرياضة في المقابل تشكل حماية من الإصابة، بالإضافة إلى تناول الخضار والفواكه والألياف وتخفيف الدهون والمشروبات الكحولية. وبحسب الدكتورالصافي، فإنه يقال أن المرأة المرضع أقل تعرضاً للإصابة بسرطان الثدي من غيرها.
مضيفاً أن رابطة الشعاعيين والجمعية السورية لأمراض الثدي تسعى لتحقيق أكبر نسبة من الكشف المبكر عن أمراض الثدي. فالكشف أفضل من التشخيص، مميزاً بين الكشف والتشخيص للمرض؛ فالكشف يأتي قبل الأعراض السريرية، ومن خلال كشف الورم في بدايته نستطيع الحيلولة دون انتشار المرض في مرحلة الانتقالات العقدية، ليكون العلاج أنجع ولا يسبب ألماً أو رضاً، ولا يكلف مادياً  ويصل الشفاء إلى 97 %، بينما تكون الآفة باترة والمعالجة راضة وتزيد الاضطرابات النفسية وقد تؤدي إلى التمزق العائلي والاجتماعي في حال تأخر الاكتشاف. لا سيما أن سرطان الثدي ينتقل ليكون، السبب الأول للوفيات عند النساء في العالم، وسورية وحدها لديها ما يزيد على 8 آلاف سيدة مصابة بسرطان الثدي، بينما في دولة كالسويد توصل أطباؤها منذ الثمانينات إلى معرفة نتيجة خضوع السيدات إلى الفحص الشعاعي الماموغرافي التي تقلص الوفيات بحوالي 30 %، ومعظم الدول الغربية استطاعت على الرغم من الصعوبات الجمة وضع وتنفيذ برامج وطنية للاستقصاء الجماعي عن سرطان الثدي، بينما في سورية تتكلف من لديها سرطان متقدم مبالغ تصل إلى مليون ونصف المليون ليرة سورية بين أدوية هرمونية وأخرى كيميائية وصور شعاعية، وقد تكون جراحية، وقد تحد من تكاثرالإصابة به حملات وطنية منظمة وجماعية لا تتوافر في سورية كل الضمانات اللازمة لوضعها وتنفيذها  على حد تعبير الدكتور الصافي، كذلك الوضع في ضعف التوعية لأخطار هذا السرطان بالنسبة للمرأة والمجتمع، وأهمية الفحص الذاتي من قبل كل امرأة ، تصوير الثدي كل سنتين، بالإضافة إلى تعميم علامات الإنذار.
   مؤشرات عالية الخطورة 
بلغت نسبة الإصابة بسرطان الثدي 30.5 %  في العام 2007 من النساء السوريات و1% من الرجال ، بينما تراوحت النسب في السنوات الماضية بين 29 و33 %، وبلغ المعدل العمري  المعياري بسرطان الثدي 48 حالة لكل 100 ألف امرأة. وحسب السجل الوطني لتوثيق أمراض السرطان السورية، أكد مصدر طبي في الصحة العامة والوبائيات أن أكبر توزع لانتشار سرطان الثدي في طرطوس بسبب بعض العادات المتبعة كاستعمال البيوت البلاستيكية والهرمونات والمبيدات الكيميائية المسرطنة، يليها دمشق والسويداء بسبب التلوث في الأولى وتلوث المياه في الثانية وسوء تصريف مياه الصرف الصحي، ثم يليها اللاذقية، وبحسب المصدر، فإن استعمال حبوب منع الحمل المتكرر يسبب سرطان الثدي، كما يقدر مركز مكافحة الأمراض العالمية أن المناطق الأكثر ارتفاعاً تكون أكثر عرضةً للإصابة بسرطان الثدي لعدة أسباب.

   معركة الحياة أو الموت 

روت السيدة ندى فنري أمينة سر الجمعية السورية لأمراض الثدي قصتها العنيفة مع سرطان الثدي، فبمجرد دخولها عامها 47 ، شعرت بتغير في الدورة الشهرية، خاصة بعد متابعتها لأدوية كانت عبارة عن هرمونات كان قد وصفها لها أحد الأطباء دون معرفته بنتائج هذه الهرمونات العشوائية، ودون طلب صورة ماموغراف، مؤكدةً أنها كانت تعيش حياة صحية متكاملة لا يشوبها سوء.  وأضافت «لولا الإجراءات الوقائية التي اتخذتها منذ بداية إحساسي بالمرض أي عبر فحص الثدي بالماموغراف لما كشفت التكلسات المشبوهة في الدرجة الأولى من الورم الخبيث، ولما استطاع جسمي مقاومة المرض، حيث تم استئصال غدد تحت الإبط، ليكون العلاج الكيميائي ضرورياً بعد الاستئصال» .ناصحةً كل النساء بعدم تأجيل الفحص وعدم وضع زوجها أو أولادها من أولوياتها على حساب صحتها. لأنها أغلى ما تملك. وفي تجربتها مع المرض، تقول فنري: إن أسوأ ما في سرطان الثدي أنه يصيب المرأة وهي في قمة إنتاجيتها  وذروة تفاعلها الأسري وعطائها الاجتماعي، يصيبها ويحملها عبئاً معنوياً ومادياً ثقيلاً، وتنتقل المرأة بسرعة من مرحلة النشاط  إلى مرحلة إنقاذ نفسها من المرض والآثار السلبية التي يخلفها في العلاقات الاجتماعية، وهي تقترح لذلك وجود مراكز دعم نفسية أسوة بدول الخارج التي تقدم من خلال مراكزها الدعم المعنوي للمريضات بسرطان الثدي من قبل أخصائيين يساعدون المريضات على تجاوز الآثار القاسية للعلاج الكيميائي وما يقترفه من تشويه الشكل الخارجي والجمالي للمرأة ليجعلها فاقدة الثقة من الداخل والخارج، وعندها تظهر الفروق بين مريضة وأخرى في مواجهة المرض. فمنهن من يقويهن إيمانهن الروحي ومنهن من يدفعهن حب الحياة إلى تجاهل الآلام، وأخريات تدعمهن الأسرة والأصدقاء وكل من حولهن، ما يشعرها أنها لم تنه مشوار حياتها معهم بعد،.بينما تشعر بقية النساء بالاستسلام والإحباط والعزلة الاجتماعية، إذا لم تلق من وما يساعدها ، وكثيراً ما تخفي مرضها عن من حولها، لأن العلاج طويل ويحتاج إلى توافق روحي وفكري وقرارات حكيمة من الأطباء والتزام وصبر من المريضات. وعلى حد تعبير فنري تصل المرأة  في الوقت الذي  يحتضر فيه ثدي المرأة، ويغدو من غير الممكن سوى استئصال كلا أو أحد الثديين إلى مرحلة تخاف فيها من خوض غمار معركة الجراحة مرة أخرى لإجراء الجراحة التجميلية، وتبقى الغصة مؤثرةعلى شعورها الداخلي أكثر من تأثيرها على شكلها الخارجي، فالمرأة  قد تتخطى المرض وتتجاوز مراحل العلاج، لكنها لن تقوى على تخطي أنوثتها وتجاهل فقده، وقد تزداد حياتها بعد ذلك ألماً مع مرور كل يوم أو يزداد تمسكها بالعيش حتى يغدو شروق الشمس أثمن هدية لها الكثير من المعاني، لكن لا شيء يعادل نشوة المريضة بعد كشفها المرض في بدايته تقول  فنري: أي عندما تختصر كثيراً من تفاصيل نزاعها في معركة الحياة والموت الصعبة، وتنتصر أخيراً. 
  احذري.. فالمجتمع والقدر عليك!
يؤكد الدكتور الصافي أن مكافحة المرض بحاجة إلى تعاون وتضافر الجهود مع الطبيب والمريضة ووزارة الصحة والقطاعين العام والخاص، وتؤيده السيدة فنري من خلال إيمانها، بأنه كلما احتوت العلاقة بين المريض والطبيب، سواء الجراح أم الكيميائي على أكبر قدر من الشفافية والثقة والصدق، كان تجاوز المريض لعقبات مرضه أسهل، مؤكدة أن أصعب ما في الأمرعندما تذهب المرأة إلى طبيب يطمئنها وتذهب لآخر يؤكد خلوها من المرض بينما ينتشرالمرض في جسمها، وأضرار كثيرة تلحق بالمرأة المصابة قد تصل إلى ابنتها أيضاً كأن يحرمها مرض أمها من فرصة الزواج بحجة أن المرض قد يكون وراثياً، مع الخطأ المجتمعي الشائع الكبير في التعميم، فقد تحمل العائلة الواحدة بحسب فنري 6 أو 7 إصابات، بينما تخلو عائلة أخرى من أي إصابة، لذا يجب الالتزام بالفحص الروتيني الذي تتراوح تكلفته من 1500 إلى 3000 ليرة للعمل على الأجيال القادمة لإعطائها فرصة ذهبية في الكشف المبكر.

وعد زينية

المصدر: بلدنا

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...