5000 قتيل سوري لعام 2000 بسبب التلوث البيئي

28-06-2006

5000 قتيل سوري لعام 2000 بسبب التلوث البيئي

لأن التلوث البيئي بات من القضايا التي تستحوذ على اهتمام الناس بعد أن اتسعت مساحته وتعددت أسبابه ومصادره, آثرنا في هذا الملف تناول هذه القضية من جوانبها المختلفة, انطلاقاً من علمنا المسبق, أن مصادر وأسباب التلوث تختلف من مدينة إلى أخرى, غير أن أبرز ما لفت انتباهنا وترك شيئاً من الاستغراب, هو أن الدوائر الرسمية في مديريات البيئة كانت تمتنع عن تزويد الزملاء بالأرقام والمعلومات اللازمة,

وهذا الأمر إن دل على شيء, فهو أول مايدل على أن الشفافية في التعاطي مع قضية كبرى, مازالت غائبة, وكأن لسان حال هؤلاء يقول وبكثير من اللامبالاة وعدم المسؤولية, بأن هناك مخاطر حقيقية قائمة ولا يجوز الاعتراف بها, وهذا التعاطي الخاطىء مع بعض مديريات البيئة بدءاً من دمشق وليس انتهاء بمديريات أخرى في باقي المحافظات ,يسهم وإلى حد كبير في تفاقم المشكلة بدلاً من الوصول إلى حلول علمية قادرة على خفض نسب التلوث, ذلك أن عرض هذه القضية بكافة تفاصيلها أمام الرأي العام والجهات المسؤولة والمهتمين من شأنه أن يخلق حالة من الجدل والنقاش للتحفيز على البدء في مشوار إعادة التوازن البيئي, فالمخاطر البيئية لا تستهدف منطقة بعينها أو شريحة محددة من المجتمع, وإنما تطال اليوم كافة المدن والمحافظات والقرى, والسعي إلى الكشف الحقيقي عن هذه المخاطر يعتبر الخطوة الأولى على طريق الألف ميل, وأما أن يردد البعض الأسطوانة القديمة- الجديدة, أن ليس هناك من يسمح من المسؤولين من نشر هذه المعلومات فهذا الأمر و ببساطة يعني كما أن هناك من يقصد التستر على الخطأ أو التقصير, ونقول بصراحة بعيدة عن لغة التأويل, بأنه لو كانت هناك خطوات جادة من جانب مديريات البيئة للتخفيف من مساحات التلوث, لأمكنها الأمر من نشر هذه المعلومات والتباهي في الأعمال والأنشطة التي تنجزها, غير أن واقع الحال لا يبدو على هذا النحو أبداً, فما تقوم به هذه المديريات يتمثل في طرائق وأساليب لاعلاقة لها في مكافحة التلوث وإنما في مقياس نسبه لا أكثر, فإذا كان الأمر يتعلق بالماء أو بالغذاء أو بالأراضي الزراعية, فإن العمل ينحصر في الحصول على(عينات) وقياسها. ومن ثم تدوين النتائج الرقمية ضمن جداول تنهب إلى الأدراج, والسؤال هنا: ولكن ماذا عن الحلول, ولماذا الاتبادر هذه المديريات في صوغ سياسة واضحة تعرضها على الحكومة لتشكيل الفرق واللجان التي من شأنها البدء في هذا النشاط أو ذاك.‏

في كل الأحوال, الزملاء بذلوا جهداً واضحاً لانجاز هذا الملف, والبعض منهم تمكن وبأسلوبه الخاص من الحصول على معلومات, أقل ما يمكن القول أنها مرضية نسبياً, ويتعين على الجهات المعنية والوصائية التوقف عندها مطولاً نظراً لما تشكله من أهمية, فالقول على سبيل المثال ومن خلال الزميل عبد اللطيف الصالح ( مراسلنا في دير الزور) على أن (555) م3 من الصرف الصناعي تصب في نهر الفرات سنوياً, هذا الأمر ليس عادياً على الإطلاق, والإبقاء على مكب البصة في اللاذقية وتلويثه للتربة والمياه الجوفية واستمرار ذهاب مياه الصرف الصحي إلى البحر, أيضاً يحمل مخاطر كبيرة ويهدد سلامة الناس, مع التذكير أن هذه المحافظة هي الواجهة السياحية ويتعين أن تلقى اهتماماً في حال كانت هناك نوايا جادة كالنهوض بصناعة السياحة.. من اللاذقية إلى طرطوس حيث 800 مصدر للتلوث.. إلى ادلب حيث أكوام (البيرين) المتعفنة والتي مصدرها معاصر الزيتون.. وإلى حمص حيث العاصي الملوث والسويداء التي تستغيث لانقاذها من تداخل المياه الجوفية بالصرف الصحي.. ببساطة غالبية المحافظات التي ذكرناها أم لم نذكرها, تطلق الصرخات من أجل البدء في إنقاذ الهواء والماء والتربة والغذاء من مخاطر التلوث والتي بدأت فعلاً تقرع أجراس الخطر.‏‏

ما بذلناه من جهود لإعداد هذا الملف الحيوي, ليس القصد منه إشاعة الخوف في نفوس الناس, وإنما هي محاولة جادة تتكىء على النوايا الحسنة, من أجل تحفيز الحكومة على التحرك السريع من أجل صوغ سياسات جادة وفاعلة من شأنها الحد من زحف التلوث, فالشعار الذي ترفعه الدول الصناعية والمتقدمة منذ نحو نصف قرن, أنه ليس هناك تنمية حقيقية دون وجود بيئة نظيفة, وهذا القول الأخير ما أحوجنا اليوم للأخذ به بعد كل مانشهده من تدهور بيئي في بلدنا, فبعض الأرقام التي بدأت تتسرب من هنا وهناك باتت تشير صراحة على أن نسب تلوث الهواء في مدينة دمشق على وجه التحديد تجاوزت النورمات العالمية وبأضعاف, وباعتقادنا إن مثل هذا الكلام لاغبار عليه مادام أن مراقبة العاصمة من أعالي قمم قاسيون, تؤكد هذه الحقيقة, حيث إن الغمامة السوداء باتت تخيم على العاصمة ليل نهار, حتى أن رؤية هذه المدينة باتت متعذرة بسبب سحب الدخان الناجمة عن أكثر من مصدر, وكي لا يأخذ كلامنا صفه الوصف فإنه يمكن إبراز بعض الأرقام التي تفقأ عين الحقيقة, بعض الأرقام الرسمية كانت قد أشارت وفي غير مناسبة, بأن دمشق كانت قد سجلت نحو(5) آلاف حالة وفاة خلال 2005 بسبب ازدياد غاز ثاني أوكسيد الكربون في الهواء, وهذا الرقم جاء كنتيجة مباشرة لاتساع مساحة الانبعاثات الغازية في الهواء وعلى وجه التحديد من عوادم السيارات, ويكفي أن نعلم, أن هذه السيارات مسؤولة عن نسبة(75) بالمئة من تلوث الهواء ففي مدينة دمشق لوحدها, هناك مايزيد على 30 ألف سرفيس تعمل على المازوت, وهناك نحو 300 ألف سيارة تجوب شوارع العاصمة يومياً, أي مايوازي ثلث عدد الآليات العاملة في القطر, وبالمناسبة السيارات العاملة على المازوت ليس المقصود بها السيارات الخاصة فقط, وإنما هناك نسبة كبيرة من السيارات الحكومية أيضاً تنفث سمومها ليل نهار, فضلاً عن المنشآت الصناعية التي تعود أيضاً للقطاع العام وتسهم في تلوث المدينة وريفها بمعنى أن المسؤولية لا تنحصر بجهة محددة, فالتلوث هو مسؤولية متكاملة تبدأ من تقصير مديريات البيئة في الكشف عن المخاطر الحقيقية, ولا تنتهي عند حدود وزارات الصناعة والزراعة والنقل والري وسواها من الوزارات والمؤسسات العامة والخاصة.‏‏

ببساطة شديدة مصادر التلوث لا تنحصر بمصدر واحد, فإذا كانت عوادم السيارات في مقدمة الأسباب, فهناك أيضاً غياب معالجة مصبات الصرف الصحي وغياب محطات المعالجة, والانتشار العشوائي وغير المدروس للمنشآت الصناعية والطرائق الخاطئة في التخلص من عوادم هذه المنشآت وخاصة الدباغات, إلى جانب الاستخدام العشوائي للأسمدة العضوية والمبيدات الحشرية في الأراضي الزراعية, والانتشار العشوائي وغير المنظم لمكبات القمامة وسواها الكثير من مصادر التلوث أو التي أدت إلى زحف التصحر أيضاً.. فعلى سبيل المثال وليس الحصر, فإن تنامي السكن العشوائي أدى إلى خسارة الغوطتين في دمشق إلى نحو نصف المساحة أو مايزيد على ذلك, وإذا كانت أرقام المنظمات الصحية في العالم والبيئة تشير إلى ضرورة أن لاتقل المساحات الخضراء عن(40) بالمئة من إجمالي مساحة أي مدينة, فأنه للأسف تشكل المساحات الخضراء في دمشق نحو(7) بالمئة لا أكثر.‏‏

وفي النهاية نقول وبكثير من الكثافة اللغوية, لابد من صوغ سياسة بيئية سليمة, فالأمر الذي كان واضحاً, أن قانون البيئة الذي صدر قبل أكثر من عامين لم يترك أي بصمات ايجابية بسبب عدم ترجمته إلى واقع مشخص, كما أن وزارة البيئة (سابقاً) أطلقت مبادرة خلال عام 2004 أسمتها ( الهواء النظيف العام 2004) وعلى ما يبدو أن هذه المبادرة أيضاً لم يسمح بها أحد, وقانون النظافة الذي صدر قبل أكثر من عام كأنه لم يولد.. ببساطة المطلوب أفعال وليس قوانين وكلام على الورق.. وإذا كانت الحكومة جادة ويأخذها الهم العام, فهي مطالبة وبلا تلكؤ في الإعلان عن مناقصة لاستقبال شركات عالمية تقوم بتنفيذ مشروع مترو الانفاق في دمشق.. هذه الخطوة وحدها قادرة على البدء وبقوة في البرهان على أن هناك من تأخذه الغيرة على سلامة الناس الذين يتنفسون أعمدة الدخان ليل نهار.‏‏

دمشق وريفها.. سيارات المازوت حولت الفضاء إلى غمامة سوداء‏‏

تعد مشكلة تلوث البيئة بمدينة دمشق وريفها من المشكلات التي تزداد تفاقما يوما بعد يوم, حيث تتهدد آلاف الآليات من سيارات خاصة وعامة وشاحنات صغيرة وميكروباصات وباصات نقل داخلي, وما تنفثه محركاتها من عوادم نفطية أخطرها البنزين المشبع بالرصاص والمازوت, تتهدد الصحة العامة في هذه المدينة الوادعة والبيئة بمناخها وأشجارها ومياهها, وقد وصلت كمؤشرات التلوث إلى حد يستوجب النهوض بمشاريع عملية وتجاوز كل التنظيرات التي تطرح بين الحين والآخر ذلك لأن الخطر المحدق قد حل بالعاصمة, وبدأ يفعل فعله, فالمياه الجوفية أخذت تحمل شوارد متزايدة من النترات, كما تلوثت بالصرف الصحي حتى بعد إنجاز مشروع الصرف الصحي الكبير المعروف بحيثياته وتفاصيله وعدم تحقيقه الآمال المرجوة منه حيث من المتعذر الآن تناول أي كمية من مياه آبار مدينة دمشق قبل معالجتها وعشرات آلاف آليات النقل العاملة ضمن مدينة دمشق وريفها العابرة أيضا به ومعظمها يعمل على المازوت باتت مصدرا كبيرا لتلوث المدينة وقد ازداد تفاقم المشكلة عندما أوفدت الحكومة بل سمحت باستيراد الآلاف المؤلفة من الميكروباصات الصغيرة التي أخذت تعمل مع الشاحنات وباصات النقل الداخلي على نفث السموم وتغطية سماء العاصمة بهالة سوداء كثيفة من الهباب الرمادي والأسود والتي ترى بالعين المجردة في بعض الأوقات وهي جاثمة في سماء المدينة.‏‏

أما الغبار المداهم للمدينة من الحفريات والسيارات الشاحنة المكشوفة فلا يقل خطورة عن الدخان الرمادي والأسود على الصحة العامة وبخاصة على رئات المواطنين وأجهزتهم التنفسية.‏‏

وتعاني مياه الأنهار والمياه الجوفية مشكلة نفايات الدباغات التي تحمل المواد الكيماوية الخطرة معها إلى الأراضي الزراعية والآبار.‏‏

كما تأتي ظاهرة إلقاء النفايات في الأنهار من الظواهر الخطرة حيث تحمل معها القمامة ونفايات المطاعم المنتشرة على طول مجرى بردى, والمضحك المبكي في آن معا بالأمر هو أن محطة الصرف الصحي وصلها في يوم واحد حوالى (250) ألف فروج نافق, فكيف الحال عندما ترافقها كميات لا بأس بها من القمامة وعبوات المياه البلاستيكية الفارغة وغيرها..?!‏‏

وتنتشر في المدينة والريف المستوصفات والمشافي الحكومية والخاصة, وحتى الآن لا يوجد لدينا ما يسمى بعلم المشافي وهو علم يختلف في اختصاصه عن علم التمريض, وتنتج هذه المشافي النفايات المختلطة تصل إلى 5كغ لكل سرير في اليوم الواحد و20% منها خليط من النفايات الملوثة والآلات الحادة, ومعظم هذه المشافي لا تقوم بفرز نفاياتها الطبية وتتلخص إمكانية التخلص منها إما بالحرق في الهواء الطلق أو الطمر في مكبات عشوائية باستثناء بعض المشافي وهي قلة تمتلك المحارق الخاصة بها ما يؤدي إلى انتشار ملوثات الهواء في المناطق المحيطة بها.‏‏

وبناء على المعطيات المتوفرة حتى الآن نقول إن المشافي والمراكز الصحية والعيادات الخاصة والمخابر تلقي بنفايات طبية غير مقدرة بدقة حتى الآن, ويتم بجمع النفايات المعاشية مع الخطرة في حاويات واحدة, وهناك نقص كبير في الحاويات الطبية النموذجية وفي تعقيم الحاويات كما يتم صرف النفايات السائلة والطبية في شبكة الصرف الصحي العامة ودون معالجة, كما أنه لا يوجد أي بند تمويل مالي ضمن ميزانيات المشافي لإدارة النفايات الطبية, على الرغم من أن قانون النظافة الصادر في العام 2004 قد حدد تصنيف النفايات الطبية الخطرة إلى نفايات خامجة, نفايات باثيولوجية, نفايات دوائية, نفايات مشعة, نفايات كيماوية.‏‏

ومن مصادر التلوث في مدينة دمشق كذلك, الصرف غير المعالج والصرف الصناعي, ويأتي الضجيج والضوضاء في مدينة دمشق كعامل مؤثر ومهم في تلوث البيئة حيث تساهم الكثافة السكانية المزدحمة في العاصمة إلى حد كبير في تفاقم ظاهرة التلوث.‏‏

الحسكة.. استخدامات مكثفة للمبيدات وانحسار المساحات الخضراء‏‏

عندمات طلب مني الزميل مروان دراج المشاركة في هذا الملف الذي خصصه هذه المرة للتلوث البيئي اقترحت عليه أن يكون ثمة ملف آخر حول نوع آخر من التلوث يكاد يكون المسؤول الأول والأخير عن أي كارثة بيئية هو تلوث العقول.!! فالإنسان هو الذي يفكر ويضع الخطط والبرامج وينفذها ولذلك يظل السؤال في هذا السياق إلى أي مدى تتم مراعاة قيم الحفاظ على البيئة في إطار منظومة بيئية متكاملة, خذوا الوقائع هنا من الكلام الذي يمكن أن يقال عن الحسكة في هذا المجال, فرغم أنها محافظة زراعية فإن أبرز المظاهر السلبية في ملامح المشهد البيئي فيها نقص المساحات الخضراء ضمن المدن. يضاف إلى ذلك الاستعمال المكثف للأسمدة والمبيدات الزراعية على امتداد المساحة الزراعية ,الأمر الذي يؤدي مع مرور الزمن الى تراجع خصوبة التربة.‏‏

إلا أن المشكلة الأكثر وضوحا داخل المدن وفي الشوارع والساحات العامة هي رمي النفايات بشكل عشوائي ومن ضمنها النفايات الطبية الناتجة عن المشافي والعيادات والتي تختلط مع باقي أنواع النفايات وتكون عرضة للعبث.‏‏

يضاف إلى ذلك أقنية الصرف الصحي المكشوفة في العديد من التجمعات السكنية وعدم وجود محطات لمعالجة الصرف الصحي في مدن المحافظة. ولا تقتصر المسألة على رمي النفايات بشكل عشوائي وإنما يتم رمي القمامة في مكبات مفتوحة دون أي نوع من أنواع المعالجة أو الفرز عدا عملية الفرز التي يقوم بها الأطفال جامعي القمامة.‏‏

ويأتي الغبار المنبعث من بعض المنشآت الصناعية ليزيد من حجم المشكلة, ومن هذه المنشآت محلج القطن والصوامع ومجابل الإسفلت ورغم أن مديرية البيئة تتابع مع الجهات المعنية ضرورة تركيب فلاتر للتخفيف من الغبار المنبعث عنها ولكن حتى الآن لم تتم الاستجابة.‏‏

أما حكاية المنطقة الصناعية بالحسكة فيمكن الحديث عنها على مدى البصر بعد أن أصبحت ضمن البيوت السكنية ولاتزال إجراءات المنطقة الجديدة التي يفترض أن تكون خارج المدينة حبرا على ورق.‏‏

وإذا كان النفط هو أهم مصادر الطاقة فهو الآخر له تأثيرات بيئية. وفي الحسكة بالذات ثمة شكاوى ووقائع موجودة حول إمتلاء جور الآبار النفطية وكسر خطوط الآبار وتلوث التربة بالمياه الطبقية. والملاحظ بوضوح أن أنابيب النفط تمتد لمسافات طويلة في الأراضي الزراعية حيث يتسرب من هذه الخطوط كميات من النفط الخام.‏‏

وإن كان لابد من الإشارة هنا إلى الإجراءات الخاصة بمعالجة الغاز الحر والتي حققت خطوات متقدمه.. يبقى أن نشير أخيرا إلى موضوع بناء الوعي البيئي الذي يعتبر القاعدة الأساسية لحل كل المشكلات التي تواجه البيئة.. وإذا كانت المديريات المختصة بالبيئة وإداراتها هي المعنية بذلك فإن هذه المؤسسات على ما يبدو تعاني هي الآخرى من عدم توفر المستلزمات الأساسية التي تؤهلها لتقديم معطيات واضحة حول أشكال وحجم التلوث والأضرار التي تحصل كل يوم.‏‏

بدليل أن هذه المديريات لا تستطيع أن تقدم معلومات لأي مهتم بموضوع التلوث سوى الكلام الإنشائي العام حول مصادر الثلوث وخطورته وأسبابه.‏‏

إلا أن آخر معلومة توافرت لدينا حول مديريات البيئة أن نصف عدد المديرين من الإناث وبانتظار تأنيث النصف الآخر كي تصبح كل البيئة مؤنثة ( وهذه مزحة على هامش المشاركة في هذا الملف).‏‏

حماة.. معامل الزيوت والاسمنت والحديد ومجابل الاسفلت‏‏

حماة مثلها مثل غيرها من المحافظات السورية تعاني من مشكلة التلوث البيئي ولكنها قد تتميز عن غيرها في هذا المجال لوجود مسطحات مائية يشكلها نهر العاصي مثل سد محردة... وسد العشارنة.. وأقنية الري الكثيرة والمتشعبة المنتشرة في منطقة الغاب إضافة لعدد من المستنقعات مثل مستنقعي تل سكين.. وتل ملح.. وايضا بسبب وجود عدد كبير من المنشآت الصناعية في المحافظة وداخل أو حول مركز المحافظة, الأمر الذي يقسم مصادر التلوث إلى ثلاثة اقسام. الأول: يقع داخل مدينة حماة ( تلوث هواء وضجيج) ناجمان عن عوادم السيارات وعن معمل زيوت حماة الذي بات هو ومحلج العاصي والفداء ومستودعات الحبوب ومعمل التبغ يتوسط أحياء المدينة التي تعاني ايضا من وجود ورش مختلفة ومعامل منظفات كيماوية وكلها تشكل مصادر هامة للتلوث. والثاني: يقع ضمن محافظة حماة ( تلوث هواء وتلوث صرف صناعي وصحي) ويشمل عددا كبيرا من معامل الزيوت والأجبان والألبان حول مدينة حماة ومعمل البصل ومحلج مدينة سلمية ومحطة توليد كهرباء محردة التي باتت تلوث البيئة في أهم منطقة زراعية في المحافظة وتساهم في نشر عدد كبير من أمراض التلوث المعروفة في منطقة محردة وكذلك محطة توليد كهرباء الزارة بالقرب من سد الرستن.‏‏

يضاف إلى كل هذه المصادر عدد من المجابل الزفتية والغبار المنبعث من شركة اسمنت حماة ومعملي الحديد وصهر الخردة اللذين باتا يلوثان الأراضي الزراعية في مساحات واسعة حول المدينة المحاصرة بالتلوث من جميع الجهات, وثمة مصادر اخرى للتلوث في المحافظة أهمها: منصرفات تجمع كفر بهم, الخالدية والمعامل المحيطة بهما وبخاصة معمل أجبان حماة الذي يمتلك محطة معالجة غير فعالة تدفعه لأن يدفع بمتصرفاته إلى مجرور مكشوف يصب في النهاية في مركز المدينة ناشرا الروائح المزعجة التي تزكم الأنوف وتجعل الناس يتراكضون تجنبا لآثارها المزعجة. وكذلك مياه الصرف الصحي لكافة الوحدات الادارية ناهيك عن تلوث نهر العاصي الذي تحول إلى ( مجرور) مكشوف لمياه الصرف الصحي لبعض القرى الواقعة على ضفتي النهر ولبعض المعامل والمنشآت غير المجهزة بواحدات معالجة.. وفي حديث لنا مع الكيميائي علي جويد مدير مديرية شؤون البيئة في محافظة حماة أكد كل هذه المشكلات وتحدث عن الاجراءات المتخذة من قبل المديرية للحد من آثار هذا التلوث وفقا للقانون البيئي رقم 50 والذي ينص من بين ما ينص عليه إلزام كافة المنشآت بتسوية أوضاعها البيئية اعتبارا من 12/9/2004 خلال عام واحد وهو ما نجم عنه تشكيل لجنة تفتيش بيئي تقوم بزيارة المنشآت واعداد تقارير بحق المخالفة منها لاحالتها إلى القضاء وبخاصة ان مؤشرات التلوث التي اعدتها هذه المديرية عن المتصرفات الصناعية والنسب التي وصلت اليها بعضها يدعو إلى التدخل السريع: ومثالنا على ذلك ان احدى شركات الزيوت النباتية الواقعة إلى الشمال من مدينة حماة بلغ فيها مؤشر COD والذي يعني الاحتياج الكيميائي من الأكسجين والذي يقدر بالملغ/ل (100000) مئة ألف ملغ /ل بينما الحدود العليا المسموح بها هي 1600 ملغ/ل اي بمقدار 62 ضعفا في حين تجاوزت درجة الPH ( القلوية) 12,5 والحد المقبول هو 9,6 وهناك الكثير من الشركات المصنعة للزيوت والأجبان والألبان والمياه الغازية لها نفس نسب مؤشر التلوث الكيماوي ولايمتلك معظمها ان لم نقل كلها محطات معالجة وإن وجد بعضها فهو غير فعال.. وبصفة عامة فإنه وفي غياب وجود وسائل لقياس نسب التلوث في الهواء في حماة فإن معالجة هذه المتصرفات المائية تظل في مقدمة الأولويات التي يجب التعامل معها بجدية تفاديا لمخاطر بيئية لا أحد يعرف نتائجها الكارثية.‏‏

دير الزور : النفط والغاز ومعامل القطاع العام‏‏

كنا نظن أن مهمتنا ستكون سهلة للغاية بالحصول على كل المعلومات المتعلقة بالتلوث البيئي ومصادره على مستوى محافظة دير الزور وذلك بوجود مديرية للبيئة في المحافظة باعتبارها الجهة الرسمية الوحيدة التي تمتلك قاعدة واسعة من المعلومات والمصدر الأكثر موثوقية في إعطاء أي رقم أو احصائية بهذا الجانب ولكن هذا الظن لم يأت في محله وبخاصة عندما فوجئنا بالتحفظ والتكتم على الأرقام من قبل عناصر مديرية البيئة بحجة عدم اعتماد الأرقام المتوفرة لديهم والخاصة بنسب التلوث وعملهم ينحصر فقط في أخذ العينات وقياسها ولا يملكون الصلاحية في البوح بأي معلومة للصحافة أو لغيرها دون علم السيدة مديرة البيئة أو على الأقل أخذ الأذن منها والتي لم نحظ باللقاء معها أو الاتصال بها هاتفياً لانشغالها خارج المديرية أو ربما لوجودها خارج التغطية!!. ومع ذلك لم تقف محاولاتنا بالحصول على أي معلومة تخدم مادتنا الصحفية عند حدود نطاق مديرية البيئة المعطلة بغياب مديرتها, وإنما طرقنا أبواب جهات معنية أخرى, وكانت مفتوحة أمامنا بقدر ما تملك من معلومات بخصوص التلوث البيئي, ولهذا يمكننا أن نجمل مصادر التلوث في المحافظة بالصرف الصناعي الناتج عن مخلفات بعض المعامل مثل معمل السكر والورق والكونسروة ونواتج هذه المعامل والتي غالباً ما تكون مواد كيماوية تصب بواسطة أقنية في نهر الفرات ومن ثم التلوث النفطي الناتج عن عمل المنشآت النفطية ومعامل الغاز المنتشرة في المحافظة والصرف الزراعي, حيث إن هناك نحو 555 مليون م3 سنوياً من مياه الصرف الزراعي تصب في نهر الفرات وناتجة عن غسيل الأراضي في القطاعات المستصلحة ومياه هذا الصرف ملوثة بمواد كيماوية ناتجة عن استعمال الأسمدة في الزراعات والصرف الصحي الذي يصب هو الآخر في مياه نهر الفرات بما يقارب 10,2 مليون م3 سنوياً وذلك لعدم وجود محطات معالجة على مستوى المحافظة, أضف إلى ذلك مصادر التلوث الأخرى ممثلة بالقمامة التي يتم ترحيلها من المدينة وتبلغ ما بين 300- 350 طن يومياً دون وجود مطامر نظامية أو معامل لمعالجة النفايات الصلبة, والنفايات الطبية الناتجة عن عمل المشافي والتي تقدر بحدود طن يومياً ومخلفات المسلخ البلدي والتي تصب في نهر الفرات وتبلغ نحو 4 أطنان يومياً. وهنا أمام هذا الحجم الكبير من التلوث البيئي المتعدد المصادر على مستوى المحافظة ألا يستدعي ذلك من مديرية البيئة أن تكون أكثر فاعلية في عملها ولو على مستوى حضورها أو ألا يستدعي ذلك أيضاً من الحكومة أن تفكر جدياً بمعالجة هذه المشكلة المتزايدة والمتفاقمة والتي تنذر بمخاطر كبيرة على الصحة العامة وصحة المواطن وبخاصة فيما يتعلق بتلوث مياه نهر الفرات والذي يعد المصدر الخامي الوحيد لتصفية وتنقية مياه الشرب, باعتقادنا إن الحلول النظرية التي دائماً تطرحها الحكومة في خططها وبرامجها لا تفي بالغرض بقدر ما يتطلب منها الأمر البدء بالحلول العملية دون أي تباطؤ أو تأخير لتفادي أي ظاهرة أو كارثة منتظرة..‏‏

السويداء.. تداخل المياه الجوفية‏‏ بالصرف الصحي والسدود مهددة‏‏

بالعودة إلى مصادر مديرية البيئة بالسويداء, ومن خلال المعطيات التي أفادنا بها المهندس رفعت خضر معاون مدير البيئة فإن المحافظة تعاني أولاً: من استنزاف وتلوث الموارد السطحية والمياه الجوفية,ومن مياه الصرف الصحي لعدم وجود محطات معالجة لمياه الصرف, وعدم استكمال خطوطها في جميع مناطق المحافظة,‏‏

وهذا يؤدي إلى تلوث المياه السطحية والجوفية الناتج عن تلوث السدود بمياه الصرف وبالنفايات الصلبة على مسار الوديان الصبابة, وتلوث المياه بالمبيدات الحشرية المستعملة في الأراضي الزراعية المجاورة للسدود والتي تتغذى على مياه الأمطار, وتلوثها بنواتج المعامل كما في صناعات مواد البناء وقص الحجر والرخام, وبمياه الجفت الناتجة عن معاصر الزيتون إذ لوحظت زيادة في العوائق الهوائية والغبار ومخلفات لمعامل قص الرخام في بعض المواقع.‏‏

ثانياً: (تدهور موارد الأراضي) بسبب التوسع في الزراعات والاستغلال الزائد للغابات مثل قطع الاشجار في المواقع الحراجية لاستعمالها كأراض زراعية والاحتطاب والرعي الجائر, الاستعمال غير المرشد للمبيدات والأسمدة.‏‏

ثالثاً: (تملح التربة), وينتج عن تراكم الأملاح في الأراضي المروية, واستخدام مياه الصرف الصحي في ري مساحات محدودة من الأراضي لاستثمارها في بعض الزراعات, والتصحر الناتج عن العوامل السابقة وعن انخفاض الهطولات المطرية.‏‏

رابعاً: (تدهور نوعية الهواء) بسبب زيادة تركيز العوائق, نقص الغطاء النباتي, قرب الصحراء, وغلبة المناخ الجاف, إضافة إلى المشكلات الناتجة عن بعض المنشآت مثل (المجابل الاسفلتية والبيتونية والكسارات), كما سبق وذكرنا ووجود (ملوثات غازية) بسبب الازدحام المروري ضمن المدينة وتلوث هواء مدينة السويداء بعوادم المركبات والضجيج!.‏‏

رابعاً: (تراجع التنوع الحيوي والموارد الحيوية) وترجع المصادر أسباب التراجع الكبير في التنوع الحيوي إلى: الرعي الجائر والاحتطاب والصيد, عدم وجود محميات طبيعية, الزحف العمراني. خامساً: (مشكلة النفايات الصلبة) وتتلخص بعدم ترحيل النفايات بشكل كاف ومنتظم لوجود نقص في أعداد عمال النظافة وفي وسائط النقل والحاويات, ولوجود (مكبات بشكل عشوائي وغير مدروس), في معظم التجمعات السكنية بالمدينة, والطرق البدائية المتبعة في معالجة النفايات المتجمعة مثل الحرق المكشوف ما يؤدي إلى انتشار الغازات السامة. إضافة إلى ذلك هناك مشكلة (النفايات الطبية) والتخلص منها دون عملية فرز حيث يتم جمعها مع النفايات العادية دون معالجة خاصة, علماً أنها مخلفات خطرة, تحتاج إلى وسائل نظامية للتخلص منها.

طرطوس.. (800) مصدر تلوث والمصفاة في المقدمة‏‏

الجميع يدرك جيداً أن مصادر التلوث في محافظة طرطوس عديدة ويدرك أيضاً أن التلوث الناجم عن تلك المصادر يؤثر سلباً وبشكل خطير على حياة السكان وصحتهم وعلى كافة مكونات البيئة من مياه سطحية وجوفية- تربة- أشجار- بحيرات- أنهار- بحر إلخ.‏‏

ولمن يحاول تجاهل هذا الواقع غير المقبول.. سوف نذكره بأبرز مصادر التلوث في المحافظة!‏‏

أبرز المصادر: مصفاة النفط في بانياس ومحطة توليد الطاقة في بانياس والمواد النفطية من البواخر الناقلة وشركة إسمنت طرطوس ومجابل الإسفلت المنتشرة في عدة مواقع ومكبات القمامة (النفايات الصلبة) ومصبات الصرف الصحي ومعاصر الزيتون وعوادم السيارات وغبار الفوسفات وإذا أردنا التوقف عند الملوثات الناجمة عن تلك المصادر نشير إلى أن ما يصدر عن المصفاة ومحطة التوليد من تلوث لهواء بانياس مدينة وريفاً أكبر من أي تصور فأينما ينظر الإنسان يلاحظ الغازات المنبعثة والدخان الأسود (الشحار) كل ذلك بسبب حرق مادة الفيول حيث إنهما تعملان على الفيول وليس على الغاز وهنا نشير إلى أن كمية الفيول التي تحرق سنوياً في مصفاة النفط تصل إلى 200 ألف طن وفي المحطة الحرارية إلى أكثر من مليون طن ولكم أن تتصوروا كمية الغازات المختلفة والكبريت والشحار التي تنتشر في هواء المنطقة كل يوم نتيجة ذلك!! وبالتالي حجم الأمراض السرطانية والقلبية والصدرية هناك كما يؤكد أطباء المشفى والمراكز الصحية!!‏‏

أما بالنسبة لغبار معمل اسمنت طرطوس فقد انخفضت كميته كثيراً بعد تركيب الفلاتر الكهربائية للمداخن العالية لكن الغبار ضمن المعمل وبجواره القريب فما زال على حاله وهو يؤثر على صحة العاملين في المعمل نفسه ويؤدي إلى أمراض كثيرة!!‏‏

ومكبات القمامة المنتشرة في أكثر من ثلاثين موقعاً في المدن وريف المحافظة تشكل بؤرة تلوث كبيرة وخطيرة وهي تنغص حياة الناس وأكبر مشكلة حالياً تتمثل في مكب مدينة طرطوس (المؤقت) الذي تغطي سحبه يومياً مدينة طرطوس ناشرة الروائح الكريهة والبق والبرغش والجميع بانتظار الانتهاء من مكب أو مطمر (وادي الهدة) الذي يضم مطمراً صحياً ومعمل فرز قمامة ومعمل سماد!!‏‏

أما التلوث الذي يسببه 350 مصباً للصرف الصحي على امتداد رقعة المحافظة فهو أكبر من أي كلام لاسيما أن المياه المالحة وغير المعالجة تلوث مياه الشرب والمياه الجوفية والتربة الزراعية ومياه البحر وهذا التلوث ينتقل بشكل أو بآخر إلى الغذاء ورغم التحذيرات التي أطلقناها حول هذه القضية منذ نهاية الثمانينات من القرن الماضي فإن الدولة لم تتحرك جدياً لمعالجة مصبات الصرف الصحي إلا في السنوات القليلة الماضية حيث أجرت الوزارة المعنية دراسة إقليمية شاملة لمحطات المعالجة وبوشر بتنفيذ عدد منها وفق أولويات لكن يبدو أن قضية محطة معالجة مدينة طرطوس مازالت عصية على الحل مع الشركة الفرنسية التي تعاقدت على تنفيذها منذ أكثر من 5 سنوات دون أن تباشر حتى الآن!!‏‏

أما مصادر التلوث الأخرى فلا تقل خطورة وإن كانت الأمور نسبية بين مصدر وآخر من جهة التأثير القريب أو البعيد المهم أن كل هذه المصادر تحتاج إلى خطط وبرامج زمنية من الحكومة لمعالجتها وفق أولويات تراعي الإمكانات المتاحة للدولة فلا يجوز أن تبقى الجهات ذات العلاقة بمعالجة هذه القضية أو تلك مستهترة بالمشكلات البيئية التي تسببها للبشر والشجر والحجر إلخ.‏‏

مشيرين في هذا المجال أن مصادر التلوث في المحافظة تزيد عن 800 مصدر أبرزها المصفاة والمحطة والفوسفات ومصبات الصرف الصحي ومكبات القمامة ومعاصر الزيتون ومجابل الإسفلت!!‏‏

حلب.. أكثر من 10 آلاف‏‏ منشأة صناعية‏‏ ومحطات المعالجة غائبة!‏‏

عوامل متعددة تلعب دوراً كبيراً في تفاقم مشكلة تلوث الهواء والمياه الجوفية والتلوث البيئي عموما في حلب.‏‏

ومن هذه العوامل نذكرالمركبات التي تجاوز عددها 185 ألف مركبة والمناطق الصناعية التي بلغت 15 منطقة في حلب وأطرافها والتي تحتوي على أكثر من 10500 منشأة وينعدم فيها بشكل كلي أو جزئي محطات المعالجة إضافة إلى تلوث المياه والتربة الناتج عن الصرف الصحي والصناعي الذي يصب في نهر قويق بما في ذلك النفايات الطبيعية البالغة نسبتها عشرة أطنان شهريا إضافة إلى النفايات الصناعية والصلبة أيضا.‏‏

وحسب مصادر مجلس المدينة فإن 1500 طن ينتج يوميا من القمامة والقمامة المنزلية تبلغ نسبتها 800 طن في اليوم. ومع وجود مقلبين للقمامة في حلب الأول وهو الرئيسي بمساحة 80 هكتاراً ويقع في تل الضمان الذي يبعد عن حلب 57 كم والثاني المقلب الوسيط الذي يقع في منطقة الشيخ سعيد بمساحة 2 هكتار والذي يتم فيه رمي القمامة بشكل مؤقت ليتم تحميلها وتحويلها بعدئذ إلى مقلب تل الضمان باليوم نفسه فإن الأمر بات بحاجة إلى مقلب آخر غير مقلب تل الضمان بسبب كثرة اعتراض اهالي المنطقة عليه‏‏

كما تتابع اللجنة المشكلة من محافظة حلب والجهات المعنية بأمور الحد من التلوث أعمالها بهدف وصل الفضلات السائلة للمنشآت الصناعية الموجودة في المناطق الخمس عشرة بخطوط الصرف الصحي بشكل نظامي وبعد معالجته بما في ذلك التأكد من عمل محطات المعالجة الصناعية القائمة ومدى صلاحيتها أو إلزام المنشآت التي تفتقد لمحطات المعالجة لإحداث مثل هذه المحطات فيها وبخاصة في المنشآت الواقعة في مناطق (الشقيق -عين التل- البلليرمون- الراموسة- الشيخ سعيد وغيرها) ومع ان اللجنة لا تألو جهدا في هذا الشأن ومتابعة الأمور إلا أن هناك الآلاف من المنشآت ما تزال تفتقد إلى محطات المعالجة فيها.‏‏

والأمر ايضا من حيث الخطورة ينطبق على النفايات الفيروسية الطبيعية الناتجة عن أدوات ومواد المشافي حيث وللحد من التلوث والعدوى تقوم مديرية الشؤون الصحية يوميا بحلب بحرق نفايات المشافي التي يتم استلامها وفرزها ضمن أكياس وبحسب الأنواع وذلك لإحراقها في المحرقين التابعين لها ومع أن طاقتها الاستيعابية ضعيفة فإن الأمر بات يتطلب احداث محارق حديثة ومتطورة تتناسب والتطور الحاصل في مدينة حلب وبخاصة اذا ما تم فعلا حرق نفايات المخابر والمراكز الصحية والمشافي الواقعة في ريف المدينة فهل يتم ذلك قريبا هذا هو السؤال.‏‏

حمص.. العاصي وقطينة والمصفاة‏‏

الكل يصرخ منذ عشرات السنين بأن وضع مصفاة حمص في مكانها الحالي كان خطأ.. ولكن تلك التصرفات لم تجد من يستجيب لها بل استكمل الخطأ بخطأ آخر أشد قسوة وخطورة من الأول ألا وهو مجموعة معامل الشركة العامة للأسمدة بكل مخلفاتها التلويثية للهواء والماء والتراب . بالإضافة إلى مخلفات الرحبة ومجموعة المعامل القريبة توضعاً من مجرى نهر العاصي السكر وغيرها بالإضافة إلى ما ينفث يومياً وعلى مدار الساعة من عوادم السيارات. أمام هذا التشخيص السريع للمشكلة: أين يكمن الحل?!‏‏

أولاً: العمل جدياً قولاً وفعلاً لإنشاء معمل اسمدة جديد في مناطق الإنتاج بعد تأمين المياه اللازمة لهذه الصناعة خلال السنوات القليلة القادمة باعتبار أن مياه نهر الفرات مصدر مائي واعد يمكن الاعتماد عليه بإنشاء قناة جر مغلقة أو مفتوحة منه إلى منطقة إنتاج الفوسفات السوري في قلب البادية. يتبع هذا العمل النوعي إنشاء معامل الأسمدة في مناطق الإنتاج وإقامة مصفاة نفطية للبترول جديدة في مناطق الإنتاج, وهاتان خطوتان في غاية الأهمية في تخليص حمص من أهم مصدرين للتلوث وإعادة الحياة إلى بحيرة قطينة ونهر العاصي. واستكمالاً للتعليمات التنفيذية للقانون رقم 50 لعام 2002 والصادرة عن السيد وزير الإدارة المحلية والبيئة بتاريخ 11-11-2004 كان لمديرية شؤون البيئة بحمص, وكما أفادنا المهندس سليمان كالو مدير شؤون البيئة بحمص رأى في المطالبة بإحداث حساب خاص يتبع الميزانية المستقلة للمحافظة باسم:حساب دعم وحماية البيئة تودع فيه جميع الغرامات المالية التي ستتم نتيجة لتطبيق القانون البيئي رقم ,50 حيث يكلف مهندسو شؤون البيئة المختصون بكافة أعمال التفتيش البيئي لحين صدور قرار بتسمية واعتماد المفتشين البيئيين من قبل السيد وزير العدل, وبناء على نتائج التفتيش يتم إحالة المخالفين للنظام البيئي إلى النيابة العامة لمخالفتهم حسب ما ورد في مواد القانون البيئي, يرافق العقوبة المادية عقوبة إغلاق زمني أو نهائي لأي منشأة مخالفة.‏‏

وفيما يخص مديرية النقل يوضح السيد كالو أنه طلب منها العمل على حصر كافة المخالفات الفنية للآليات فيما يخص الحفاظ على بيئة سليمة وثم الموافقة على تحديد اليوم الأول من شهر تموز القادم يوماً يمنع فيه مرور الآليات ضمن مدينة حمص مع تطبيق يوم نظافة لتحسين الواقع البيئي في المدينة.‏‏

وإحداث مراكز بيئية في المدن التابعة لمديرية البيئة وطلب من مديرية الموارد المائية بيان امكانية استبدال أقنية الري من أقنية مفتوحة ومكشوفة إلى أقنية أنبوبية مغطاة تحفظ المياه.‏‏

وهنا نؤكد أن تخلص حمص من أهم مصدرين للتلوث الأسمدة والمصفاة يعتبر إنجازاً مهماً جداً في إعادة الأمور إلى نصابها في التوازن البيئي للمدينة وتخلص بحيرة قطينة ونهر العاصي من التلوث يعني إعادة المياه إليهما.‏‏

إدلب .. أكوام ( البيرين)‏‏ متعفنة ومياه الشرب ملوثة‏‏

في ادلب منشآت تنفث سمومها الصناعية بمحاذاة الطرق العامة وفي مناطق زراعية وبالقرب من مراكز المدن والبلدان.. فعلى الطريق الدولي ادلب- دمشق تغرق أعين المارة بفيض من نواتج تكرير البيرين بقع من الزيت و أكوام من المخلفات وغازات ضارة الغازات الضارة تنبعث من المداخن وتتطاير في الهواء وتتطاير معها جميع الآمال التي يعلقها المواطنون والتي يفقدونها.. والبيئية المحيطة بسكان مدن وبلدان( ادلب- سرمين- سراقب- بنش- كفريا) والواقعة ضمن نشاط المنشأة هذه تستغيث من الويل الزاحف نحو الهواء والأرض والماء والصورة تشير إلى اختلاف الأغلفة الهوائية المتواجدة في المنطقة المحيطة بالمنشأة نتيجة انبعاث الغازات الضارة التي تثير القلق والخوف والناتجة عن تكديس أكوام البيرين المتعفنة والمتخمرة. الصورة هذه يراها الجميع من كل الزوايا واحدة وتزداد قتامة عند مشاهدة الأراضي الزراعية المحيطة بالمنشأة والمتأثرة بنواتج التكرير فقد بدأت الأضرار تظهر على سطح التربة وانعكس ذلك على الزراعات في تلك المنطقة. والسكان القاطنون بالقرب منها والقادمون إلى مركز المدينة والسائرون على الطريق الدولي ادلب-دمشق لا يعلمون إلى متى ستطول معالجة مشكلة التلوث التي تسببها هذه المنشأة!! فكل ما يعلمونه أن المنشأة هذه أهدت الناس أفضل الروائح الكريهة) يستنشقونها طيلة فصول السنة وقد يصابون بالتخمة وسوء الهضم من جراء استنشاقها وكذلك قد يصابون بالخلل الوظيفي لبعض الحواس وغير بعيد عن المنشأة هذه وبالقرب من بلدة( كفريا) تقع منشأة أخرى والشكاوى كثيرة من نواتج تكريرها التي تماثل نواتج مقالب القمامة في معرتمصرين ومصيبين ومجابل الاسفلت ومقالع الحجارة المجاورة لبلدة كفرنبي.‏‏

نتفق مع الجميع فيما يقولونه عن ضرورة المواجهة الحاسمة لمشكلة التلوث في محافظة ادلب وأسبابها وعواملها.. ولكننا نختلف معهم في التسمية فهي ليست مشكلة وإنما( مأساة) تفسد حياة المواطنين !! وعلى الرغم من وجود القوانين التي تعمل على حماية البيئة فما زالت المخالفات فيها مستمرة وإذا سألت لماذا ? يردون عليك: علمنا علمك ومثل مابتشوف) أصحاب المنشآت هذه يخرقون قانون حماية البيئة ويحولون مخلفات المنشأت إلى ظاهرة عشوائية لا تتناسب مع الوجه الحضاري للمحافظة, ونعود لنقول: إن الميكروبات الناتجة عن تلوث البيئة بمياه الصرف الصحي تسبب الاصابة بالفشل الكلوي وتليف الكبد فقد ثبت أن نسبة كبيرة من سكان قرى المحافظ لا يتمتعون بخدمات الصرف الصحي!! ونضرب مثالاً على ذلك سكان قرى منطقة معرة النعمان وقعر دبسي وجرباس الذين يستخدمون مياه الآبار الجوفية المحفورة في منازلهم ويحفرون بجانبها آباراً سطحية لتصريف مخلفاتهم وتشير الحقائق إلى تلوث مياه الشرب في العديد من قرى ا لمحافظة والتي تستخدم الآبار السطحية أو الحفر الفنية لاحتوائها على ملوثات بيولوجية وبكتريا ناتجة عن المخلفات الآدمية تحمل العديد من الأمراض ونحن نتحدث عما يعانيه سكان العديد من القرى جراء عدم توفر محطات لضخ المياه وشبكات للصرف الصحي لابد من ايجاد بعض المشكلات البيئية التي تعاني منها محافظة ادلب والتي تتمثل بالزحف العمراني العشوائي نحو الأراضي الزراعية انتشار ظاهرة الري بمياه الصرف الصحي إضافة إلى وجود بعض النشاطات الصناعية ضمن المدن دون ترخيص.‏‏

درعا ..(450) طناً من النفايات الصلبة يومياً‏‏

تتعرض مصادر المياه وغيرها من عناصر البيئة الأخرى في محافظة درعا حالياً, للتلوث ما يلحق الأذى والضرر بالمزروعات والتربة ومن ثم بصحة الإنسان وبعض الكائنات الحية, لما تحمله الملوثات من عناصر سامة وقاتلة أحياناً. وتعد مياه الصرف الصحي العامل الرئيسي الذي يهدد البيئة الآن, حيث تصب مياه الصرف الصحي لمدن الشيخ مسكين وإزرع في سد إبطع الذي يتسع إلى نحو 4 ملايين م3 من المياه, وتتدفق مياه شبكات الصرف الصحي لمدن داعل وطفس والحراك وغزالة في سد طفس الذي تبلغ طاقته التخزينية أكثر من 8 ملايين م3 من المياه, كما تختلط مياه الصرف الصحي لمدينة نوى مع مياه سد عدوان الذي يصل مخزونه إلى 5 ملايين م,3 ولم يقتصر التلوث بمياه الصرف الصحي على السدود, بل يطول بعض مصادر المياه الأخرى مثل وادي الرقاد ووادي الزيدي وسدي درعا والشيخ مسكين.‏‏

وهذا يعني أن المزروعات الصيفية كالبندورة والبطيخ والخضار التي تتغذى من مياه هذه السدود الملوثة تتعرض للتلوث العضوي والجرثومي.‏‏

ومن العوامل الأخرى التي تساهم في خلق مشكلات التلوث بالمحافظة الاستخدام العشوائي للأسمدة العضوية والكيميائية والمبيدات, فالاستخدام غير المنظم لهذه المواد في الحقول والمزارع يلوث المياه العامة بالمحافظة.‏‏

ويؤكد الفنيون في مؤسسة مياه درعا أن هذا النوع من التلوث يعد الأخطر على مصادر المياه, فالمعالجة من هذا التلوث معقدة ومكلفة جداً ومن الأسباب الأخرى التي تؤدي لتلوث المياه بالمحافظة, وتعمق مشكلة التلوث فيها هو قيام أصحاب المنشآت الصناعية الغذائية بإلقاء المياه العادمة الناتجة عن تلك المنشآت في الوديان والمسيلات المائية دون معالجة.‏‏

ومن أبرز هذه المنشآت معاصر الزيتون (وهي كثيرة في المحافظة..) كمجرى وادي العرام, ومجرى وادي الزيدي بدرعا.‏‏

ومن المصادر الأخرى التي تلوث البيئة بالمحافظة حالياً كثرة النفايات وسوء التعامل معها ومعالجتها وضعف الاهتمام بالنظافة بشكل عام والاختيار غير المناسب لمقالب القمامة, فأغلب الشوارع والأحياء في الوحدات الإدارية مليئة بالنفايات والأوساخ وغالباً ما يتم ترحيلها بعد عدة أسابيع إلى مقالب غير نظامية دون أن يتم دفنها أو حرقها ما يجعلها مجرد بؤر للتلوث, ويكفي أن نشير هنا إلى أن المحافظة تطرح يومياً نحو 450 طناً من النفايات الصلبة, ولمواجهة حالات التلوث التي جئنا على ذكرها في هذه العجالة وسد منابعها لابد من الإسراع بإنجاز محاور الصرف الصحي التي تقرر تنفيذها بالمحافظة منذ أواخر التسعينيات وتنفيذ محطات المعالجة اللازمة لذلك, ولعل الشيء الآخر الواجب القيام به هو المراقبة الشديدة على استخدام المبيدات والأسمدة.‏‏

القنيطرة.. نهر الرقاد والمستنقعات والسدود‏‏

تعتبر الأنهار والسدود من أكثر البيئات المائية في محافظة القنيطرة عرضة للتلوث من جراء ما يلقى بها من مخلفات الصرف الصحي ومياه الصرف الزراعي والتي تؤدي إلى أخطار صحية تصيب السكان.‏‏

ويعد نهر الرقاد والذي يبلغ طوله 73,6 كم ويقع في معظمه في محافظة القنيطرة ويغذي السدود التخزينية المقامة عليه وهي: رويحينة, بريقة, كودنة, غدير البستان, الرقاد, عابدين, المنطرة قيد التنفيذ.‏‏

يعد المصدر الأول للتلوث في المحافظة, وإن القرى التي تصب مياه الصرف الصحي في وادي الرقاد هي: جباتا الخشب, خان أرنبة, مدينة البعث, الحميدية, بريقة, بئر عجم, وريحينة, قرية عين العبد.‏‏

ويبلغ التجمع السكاني لهذه القرى 35 ألف نسمة, ويتراوح التصريف لمياه الصرف ما بين 10-40 ل/ثا حسب فترة الجريان صيفاً وشتاء. ومن خلال نتائج دراسات جامعة دمشق كلية العلوم لتلوث مياه الرقاد لوحظ اختلاف القيم العددية للمؤشرات الجرثومية (F.S,S.S,T.C) باختلاف المواقع المدروسة حسب قربها أو بعدها عن مصادر التلوث بالنشاطات الإنسانية وكان أعلاها في موقعي المشتل وسد رويخية بسبب تأثرهما بمياه الصرف الصحي وتربية الأسماك.‏‏

وكذلك وجود جراثيم العصيات المعويةT.C في مياه جميع المواقع حيث يمكن ترتيب المواقع بالاعتماد على المتوسط الحسابي السنوي كمايلي: سد رويحينة, المشتل, سد الرقاد, جسر ما قبل سد رويحينة, جسر ما قبل سد غدير البستان, سد بريقة, سد كودنة.‏‏

كما تبين وجود الجراثيم الممرضة السالمونيلا, الشيفيلا S.S في مياه جميع المواقع كذلك وجود جراثيم الكورات العقدية البرازية F.S وارتفاع تركيز الطلب الحيوي للاوكسجين B.O.D.‏‏

وقد ابدى قياس +NH4 قيماً أعلى من الحدود المسموح بها تزيد عن 0,05 mg/L, كما أبدى قياس po4-2 قيماً غير مسموح بها في موقعي الشتل وجسر ما قبل سد رويحينة حيث زادت عن 0,5 mg طوال فترة الدراسة.‏‏

وإذا تجاوزنا تلوث نهر الرقاد والسدود المقامة عليه فإن المستنقعات للصرف الصحي تملأ قرية الكوم حيث إنها القرية الوحيدة التي لم يشملها الصرف الصحي حتى الآن واعتماد السكان على الحفر الفنية والتي تفيض مشكلة المستنقعات والاوبئة والأمراض, أما الأمر الآخر والذي يضر البيئة في محافظة القنيطرة وجود مقالب للقمامة غير نظامية.‏‏

اللاذقية .. مكب البصة أولاً والمصبات البحرية تالياً‏‏

في قراءة للوضع البيئي في محافظة اللاذقية آثرنا التطرق الى أخطر الأمور تلوثا ويحتاج حلها إلى القليل من الإدراك والوعي من قبل المعنيين في نظرة سريعة للدكتور هيثم شاهين عميد المعهد العالي للبحوث البيئية أشار إلى أحد الجوانب المؤذية وهو مكب البصة للنفايات فالمطمر الحالي يسبب تلوثا للتربة والمياة الجوفية والهواء ناهيك عن المشكلات الصحية للقاطنين في البصة وخصوصا بعد أن كثر الحديث عن وجود ارتباط ما بين الليشمانيا ووجود مطامر غير نظامية للنفايات.. وتتلخص أضراره الناجمة وفق الآتي:‏‏

التربة: تدل الدراسات والتحاليل التي أجريت في المعهد العالي للبحوث البيئية على أضواء الرشاحة- على نسبة عالية من الملوثات العضوية حيث يصل مؤشر التلوث العضوي إلى أكثر من 50 ألف ملغرام في الليتر بينما لايزيد هذا المؤشر عن 400 ملغرام في الليتر لمياه الصرف الصحيح.. وبالإضافة إلى التلوث بالمعادن السامة وبقايا المواد الكيماوية والطبية والصناعية وكلها ذات أثر صحي خطير على التربة التي تدفن فوقها كل أصناف النفايات.‏‏

المياه الجوفية: ويؤكد د. شاهين على أن منسوب المياه الجوفية في منطقة البصة قريب من سطح الأرض ويتراوح عمقه من 2-4م وهنا تكمن خطورة تسرب الرشاحة الناتجة عن تحلل النفايات إلى مستودع الماء الجوفي.. تلك الرشاحة التي بيناها سابقا تحوي تراكيز عالية جدا من الملوثات العضوية والمعدنية والسامة.‏‏

ويضيف : إن وجود نظام جمع الرشاحة بالشكل المنفذ في المطمر عبارة عن هدر أموال وخسارة دون جدوى لأنه من البديهي وضع أنبوب جمع الرشاحة على طبقة كتيمة من الغضار أو من الأغشية الصناعية ليتم حجز الرشاحة وبالتالي تذهب عبر ثقوب الأنبوب إلى المكان المخصص.‏‏

الرمال: هناك ظاهرة خطيرة لم يجد لها د. شاهين مثيلا من خلال خبرته وهي خلط القمامة بالرمال الساحلية فقد تفتحت عبقرية الجهة المنفذة للمطر على أخذ الرمال الشاطئية وخلطها بكميات كبيرة من القمامة وهذا خطر لسببين الأول أن كل حبة من الرمال الساحلية تعتبر ذات أهمية بالغة بالنسبة لتوازن البيئة الشاطئية وهذه البيئة من أغنى البيئات تنوعا. واستنزاف هذه الرمال سيؤدي إلى تدهور توازن البيئة الشاطئية وتخريبها. الثاني: الرمال مادة نفوذة ولا تفيد في تغطية القمامة نهائيا.. وكما أسلفنا فإن استخدام الرمال بهذا الشكل يعتبر من الكبائر في مجال التخريب البيئي.‏‏

ويتطرق د. شاهين في حديثه لمياه الصرف الصحي قائلا: تتوزع هذه المصارف في مدينة اللاذقية لتصب في نقطتين على الشاطئ شمال وجنوب اللاذقية وهي تسبب خطرا على البيئة البحرية والشاطئية فكما هو معلوم فإن هذه المياه تتميز بمحتواها العالي من الجراثيم والبكتريا الضارة بصحة الإنسان ويصل عدد البكتريا الضارة إلى 100 مليون عصية في الميللتر الواحد لمياه الصرف الصحي وإن أي تماس مباشر مع هذه المياه أو الرذاذ الناجم عنها يعرض الكائنات الحية للمخاطر الصحية.. واستغرب د. شاهين كيف يتنزه الناس مع أنفاس النرجيلة ورذاذ مياه الصرف الصحي يتطاير إلى جوارهم في منطقة الرمل الجنوبي. أما المصب الآخر قرب أفاميا فينشر الروائح الكريهة على كامل المنطقة السياحية.. ورغم اعتراض المعهد العالي للبحوث البيئية بشكل علمي ومدروس على موقع محطة المعالجة المقترح قرب المنشآت السياحية وغير البعيدة عن موقع الأبجدية الأولى فإنه لابد من ايجاد صيغة من أجل تبديل الموقع بعد مقارنته بموقع آخر سيكون أكثر ملائمة من الناحية الصحية والبيئية والسياحية.‏‏

وكنا قد تحدثنا مرارا عن موضوع المصابات البحرية للصرف الصحي كما هو دارج في كثير من المدن الشاطئية في العالم. حيث كان من الممكن بعد معالجة مياه الصرف الصحي معالجة أولية بواسطة أحواض ترسيب إرسالها عبر مصب قد يمتد إلى عدة كيلو مترات في البحر وينفذ بشكل مدروس. وحسب حركة التيارات البحرية ويكون في جزئه النهائي مثقبا. وكل ذلك عبر برنامج يعتمد على حركة المد والجزر وحركة التيارات البحرية ومستوى الأمواج وغيرها.. وهذا حل مناسب.‏‏

أما فيما يتعلق بإدارة النفايات الطبية فأكد د. شاهين على وجود واقع غير صحيح في التعامل مع النفايات الطبية وخصوصا في المشافي العامة والخاصة فلا يوجد فرز صحيح لهذه النفايات ضمن المشافي بل في أغلب الأحيان تجمع مع نفايات المطابخ والمكاتب وبالتالي تزداد كميتها حيث يجب معاملتها كلها كنفايات خطرة.. أما ما يتعلق بالمعالجة فيوجد محارق قديمة جدا في مشفيي الأسد الجامعي والوطني فلا تحوي هذه المحارق فلاتر لمعالجة الغازات الناتجة عن الاحتراق وهي تعمل بدرجات حرارة أقل من 1000 درجة مئوية وهذا مخالف للتوجهات الحديثة بأن تكون حرارة الاحتراق فوق 1000 درجة مئوية لتجنب تشكل مركبات الدايوكسين المسببة لأمراض السرطان وهناك خطأ كبير يسبب مخاطر صحية حيث توضع بعض نفايات المشافي ضمن الحاويات مع القمامة المنزلية في المناطق المجاورة للمشافي. وفي أحيان كثيرة نجد الأطفال يعبثون ببقايا النفايات الطبية البلاستيكية كالسيرنكات وغيرها. مما قد يعرضهم إلى أمراض خطيرة جدا هذا من جهة ومن جهة أخرى فإنك تجد الرشاحة المتسربة عبر الحاويات الصدئة وغير الكتيمة تملأ الشارع مما يسبب خطرا صحيا وبيئيا ينعكس مباشرة على صحة القاطنين والخدمات المجاورة.‏‏

 

 

المصدر: الثورة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...