إسرائيل تستعد لمعركة «نووية» جديدة

04-08-2015

إسرائيل تستعد لمعركة «نووية» جديدة

رغم الحملة الكبيرة والمعركة الشديدة التي تخوضها حكومة بنيامين نتنياهو ضد إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما لمنع تمرير الاتفاق النووي مع إيران في الكونغرس، تجد إسرائيل نفسها مضطرة لشن حملة أخرى لإحباط مسعى دول عربية وإسلامية لإخضاع المنشآت النووية الإسرائيلية للرقابة الدولية.
وقد حمل مسؤولون أمنيون سابقون على تشتت الجهود الرسمية الإسرائيلية، وطالبوا باعتبار الاتفاق النووي حقيقة قائمة، وتجنب الصراع مع الإدارة الأميركية والتعاون معها.
وأشارت صحيفة «هآرتس» إلى أن إسرائيل بدأت في الأسبوعين الأخيرين حملة ديبلوماسية ترمي إلى إحباط مشروع قرار لفرض الرقابة على منشآتها النووية. وتقود المبادرة الجديدة لفرض الرقابة على منشآت إسرائيل، مصر ودول عربية وإسلامية أخرى في مشروع قرار سيصوت عليه في المؤتمر العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية في أيلول المقبل.
ونقلت «هآرتس» عن مسؤول رفيع المستوى في وزارة الخارجية الإسرائيلية خشيته من أن الاتفاق النووي مع إيران سيجعل متعذراً على إسرائيل منع القرار.
ومشروع القرار، الذي جاء تحت عنوان «قدرات إسرائيل النووية»، هو مبادرة مصرية تعرض للتصويت منذ سنوات في المؤتمر العام لوكالة الطاقة الذرية. ومشروع القرار يدين إسرائيل ويطالبها بفتح منشآتها النووية للرقابة الدولية، وهو يدعو لعقد مؤتمر دولي لجعل الشرق الأوسط منطقة خالية من السلاح النووي. والأمر لا يتعلق بقرار ملزم لمجلس الأمن، ولكن القرار يلحق ضرراً بإسرائيل، ويركز الاهتمام الدولي على مشروعها النووي، وقد يستجلب قرارات أخرى من الوكالة الذرية.
وكانت مصر وإيران قد حاولتا حث مثل هذا القرار في مؤتمر مراجعة معاهدة حظر انتشار السلاح النووي الذي عقد قبل شهرين. حينها أفشلت الإدارة الأميركية وبريطانيا وكندا هذا المسعى، بعد رفض القاهرة تلطيف صيغة القرار. ولكن فشل مصر في المؤتمر السابق يحفزها على العمل بجهد أكبر لإنجاح المشروع هذه المرة.
عموما أفلحت إسرائيل في السنوات الثلاث الأخيرة في إحباط مشاريع القرارات، وتجنيد غالبية نافذة لمنع إقرارها. وكان إحباط المشاريع السابقة محصلة تعاون وجهد ديبلوماسي مشترك مع أميركا، وفي أجواء سياسية كانت توحي بالاستعداد لحوار مباشر مع الدول العربية في ميادين الأمن الإقليمي. وقد بدأت إسرائيل جهدها الحالي لإفشال مشروع القرار المصري قبيل خروج الأوروبيين إلى إجازتهم الصيفية.
وقبل أسبوعين أرسلت الخارجية الإسرائيلية رسالة سرية إلى كل ممثلياتها في العالم، طلبت فيها من كل السفراء التوجه لوزارات الخارجية في البلدان التي يعملون فيها، وتبليغهم رسالة تأمل فيها إسرائيل منهم أن يصوتوا ضد مشروع القرار. وجاء في الرسالة ان «مشروع القرار متحيز تحيّزا أساسيا، ومعد لصرف الأنظار العالمية عن المخاطر الحقيقية لانتشار السلاح النووي في المنطقة». وتضيف الرسالة أن «هذه خطوة فقط تعني تسييسا إضافيا للوكالة الدولية للطاقة الذرية، ويمس بالثقة الضرورية في أي حوار إقليمي حول هذا الموضوع».
كما أرسلت الخارجية ولجنة الطاقة النووية الإسرائيلية مبعوثين إلى عدة دول اعتبرت مركزية في التصويت. وهكذا أرسل المدير العام السابق للخارجية الإسرائيلية مئير بن شطريت، قبل 10 أيام، للأرجنتين في محاولة لإقناع وزير خارجيتها بالوقوف إلى جانب إسرائيل. وإذا وقفت الأرجنتين إلى جانب إسرائيل فهذه إشارة لموقف دول أميركا الجنوبية.
وفي النقاشات التي جرت حول الأمر في الخارجية ولجنة الطاقة النووية نشأ سجال بشأن أثر الاتفاق النووي مع إيران على مشروع القرار المصري. وقال مسؤول رفيع المستوى في الخارجية إن قسماً من المشاركين في النقاشات رأوا أن الاتفاق النووي سيسهل على إسرائيل إحباط مشروع القرار. ويرى هؤلاء أن أميركا والدول الغربية ترى أن الاتفاق النووي كان ضربة كافية لإسرائيل، ولا ينبغي الإثقال عليها. ولكن كانت هناك مدرسة أخرى رأت عكس ذلك، وأن تمرير الاتفاق النووي سيشجع على تقليص الدعم الأميركي لإسرائيل، ويزيد المصاعب أمام مشروعها النووي.
من جهة أخرى، كشفت «يديعوت أحرونوت» النقاب عن عريضة وقع عليها عشرات من كبار القادة الإسرائيليين الأمنيين السابقين تطالب نتنياهو بالتسليم بالاتفاق النووي مع إيران، واعتباره حقيقة ناجزة. وتشير الوثيقة إلى وجوب تحرك الحكومة من أجل تجديد الثقة والتعاون الأمني والسياسي مع الإدارة الأميركية، والمبادرة إلى خطوة سياسية تؤكد التزام إسرائيل بحل الدولتين، وتسمح بإنشاء محور سني ـ غربي معتدل ضد القوى المتطرفة التي تزعزع استقرار المنطقة.
وأشارت الصحيفة إلى أن بين الموقعين على العريضة رئيسي «الشاباك» السابقين عامي ايالون وكرمي غيلون، نائب رئيس «الموساد» السابق عميرام لفين، العميد احتياط عوزي عيلام، المدير العام السابق للجنة الطاقة الذرية، الألوية السابقين دافيد بن بعشت، شلومو غازيت، اليكس طال، اليعيزر يعاري، عمرام متسناع، مندي مروم، داني روتشيلد، غيورا رام، ميخا رام، امنون ريشف، نتان شاروني وضباطا كبارا آخرين.
وتقول الوثيقة «انطلاقا من الرؤية بأن اتفاق القوى العظمى مع إيران هو بمثابة حقيقة ناجزة، فنحن الموقعين أدناه نتوجه إلى حكومة إسرائيل بالدعوة إلى تبني سياسة تجدد الثقة وتعزز التعاون السياسي ـ الأمني مع الإدارة الأميركية، من أجل الاستعداد لجملة التحديات الناشئة عن الاتفاق، وعلى رأسها بلورة تفاهمات حول نظام المتابعة لتطبيق الاتفاق والإجراءات التي ستتخذ لمعالجة خرقه؛ التعاون الاستخباراتي لمتابعة تنفيذ الاتفاق من جانب إيران والتشخيص المسبق لكل خرق؛ الاستعداد لعمل مناسب ـ سياسي، اقتصادي وعسكري ـ في حالة خرق الاتفاق؛ بلورة مساعدة أمنية خاصة لإسرائيل لضمان تفوقها النوعي، مبادرة بخطوة سياسية تمنح مصداقية لتأييد إسرائيل لحل الدولتين وتسمح بإقامة محور سني ـ غربي معتدل ضد القوى المتطرفة في المنطقة».

حلمي موسى

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...