ملف الجمل حول مشروع «الاتحاد من أجل المتوسط» (2)

15-06-2008

ملف الجمل حول مشروع «الاتحاد من أجل المتوسط» (2)

الجمل: توجد علاقة وثيقة بين الحوار والأجندة لأنه وبكل بساطة لا حوار بدون أجندة ولا أجندة بدون حوار والعلاقة بين الحوار والأجندة تخضع بشكل تام لمبدأ التأثير المتبادل وفقاً لصيغة جدل الشكل والمضمون بحيث يمثل الحوار الشكل، وتمثل الأجندة المضمون، وتأسيساً على ذلك من الممكن أن نتساءل: إذا أسقطنا جدلية الشكل والمضمون على التطورات الجارية في ملف الاتحاد من أجل المتوسط، فما هو "شكل" الحوار المطلوب وما هو "مضمون" الأجندة المطلوبة؟ ومن سيفرض حضوره وسيطرته ونفوذه على الآخر هل يوجه شكل الحوار أجندة المضمون أم يوجه مضمون الأجندة شكل الحوار؟
* أجندة الحوار المتوسطي وإشكالية الترسيم:
تبدأ نوايا الدخول في الحوار مع بدء ظهور النوايا الحسنة وبشكل متزامن مع ذلك يظهر الكثير من الغموض وعدم الوضوح والالتباس والسبب في ذلك يعود إلى تحفظ أحد أطراف الحوار أو الطرفين وهو أمر يقود إلى ما يعرف بظاهرة "عدم الإفصاح" وهو ما حدث فعلاً في الحوار الدائر المتعلق بملف الاتحاد من أجل المتوسط وبتحديد أكثر فإن الطرف الفرنسي ما زال غير مستعد للإفصاح عن تصوره لسيناريو ملف الاتحاد من أجل المتوسط وبسبب عراقة تقاليد الدبلوماسية الفرنسية في المجالين العام غير الرسمي والخاص الرسمي فإن عدم الإفصاح الفرنسي هو أمر مقصود في حد ذاته وذلك لأن فرنسا تريد على ما يبدو أن تفتح المجال للآخر لكي يقول ما عنده وذلك لجهة:
• التعرف على النوايا.
• تحديد الملامح العامة لخارطة الـ"فرص" والـ"مخاطر".
• تحديد نقاط القوة والضعف.
• تحديد الكيفية التي يدرك بها الآخر ملف الحوار من أجل المتوسط.
إضافةً لكل ذلك، فإن الفرنسيين يهدفون على ما يبدو إلى تفادي الحساسيات التي يمكن أن تحدث وتتصاعد بما يؤدي إلى تقويض الملف بالكامل، وعلى هذه الخلفية فإن الطرف الفرنسي ربما يكون قد قصد بعدم إفصاحه أن يتيح لنفسه معرفة مؤشرات التقدم والتراجع في مستوى الإدراك الإيجابي الذي سبق أن تمتعت به فرنسا خلال الحقب الشرق أوسطية الماضية، ومن حق فرنسا أن تلجأ إلى هذه الآلية –أي آلية عدم الإفصاح- وممارسة هواية حسن الاستماع والإنصات خاصةً وأن طاحونة قصر الإليزيه قد صبت مياهها في منطقة الشرق الأوسط وأن القلة فقط ترى أن مياهها نظيفة بينما الأكثرية تراها ملوثة بالكثير من "الفطريات" الإسرائيلية.
* ترسيم أجندة حوار الإتحاد من أجل المتوسط:
مع بدايات التفاهم وانعقاد اللقاءات وورش العمل، تشكل الخلفيات على ضوء استطلاع الذات واستطلاع الآخر، وهنا لابد من البدء –على الأقل- في  ترسيم الملامح الأولية لأجندة الحوار، و هو المطلوب البدء فيه إزاء ما يمكن أن نطلق عليه تسمية أجندة حوار "الإتحاد من أجل المتوسط" ليس بغرض تحقيق النجاح النهائي فهذا أمر سابق لأوانه ويتوقف على مدى توافق مواقف الأطراف الذين ينقسمون حالياً بين متفائل متسرع ومتشائم متسرع أيضاً ومحايد إيجابي يتبنى موقف دعنا نتحاور أو لننتظر ونرى ما الذي سنتوصل إليه من توافق أو عدم توافق لأن مجرد التعرف على طبيعة وخصوصية الخلافات والمصاعب يمثل رصيداً وكنزاً قيماً للحوارات الأخرى القادمة:
• سياقات أجندة الحوار المتوسطي: تتشكل سياقات أجندة حوار الإتحاد من أجل المتوسط من العديد من العناصر والتي يأتي في مقدمتها المعلومات والتفاصيل وتموضعاتها التاريخية والجغرافية. أما الخلافات حول سياقات أجندة الحوار المتوسطي فهي خلافات لا يمكن أن تظهر وتبرز من الفراغ لأن قبول أو عدم قبول "الآخر" يأتي من مواقف وسلوكيات هذا "الآخر" نفسه وتشير معطيات الأداء السلوكي بين ضفتي المتوسط إلى وجود مخزون ضخم من حالات القبول وعدم القبول في علاقات الأطراف وهي ظاهرة سببها موقف الآخر إزاء القضايا النوعية: الاقتصادية، الاجتماعية، السياسية، الأمنية... إضافةً لذلك، استطلاع النوايا والآراء والتوجهات وصولاً إلى استقراء ردود أفعال ضفة المتوسط الجنوبية إزاء الأطروحات الفرنسية وعلى وجه الخصوص المتعلقة بمشروع ساركوزي المتعلق بحل ملف الصراع العربي – الإسرائيلي!!
• أطراف الحوار المتوسطي: توجد العديد من الأطراف المشاركة في هذا الحوار ويتوقف تنوعها على تنوع الخارطة الجيوسياسية المتعلقة بضفتي المتوسط وبرغم ذلك من الممكن التركيز في هذه المرحلة على وجود مستويين تعمل ضمنهما أطراف الحوار، الأول هو مستوى الدبلوماسية العامة الذي تعمل فيه الأطراف غير الحكومية، والثاني هو مستوى الدبلوماسية الرسمية الذي تعمل فيه الأطراف الرسمية الحكومية. وتختلف أطراف الحوار المتوسطي من حيث توجهاتها إزاء طبيعة وكيفية المشاركة ومدى أهمية الناتج الذي سيتم التوصل إليه، وضمن سياق أجندة الحوار المتوسطي الجاري حالياً توجد وجهات نظر متعارضة ووجهات نظر متوافقة ووجهات نظر تنطوي على قدر من الرهان على ضرورة الانتظار ومعرفة الناتج النهائي.
• أسباب الخلاف والتداعيات: من غير الممكن دائماً التمييز دفعة واحدة بين أسباب الخلافات وتداعيات هذه الخلافات وبالتالي فإن خيارات اللجوء إلى التعامل بسلبية أو بعداوة أو حتى اللجوء إلى الحيادية في الحوار المتوسطي بشقيها الإيجابي والسلبي يمكن أن تكون لها تداعياتها الأكثر ضرراً لجهة الحجم والتأثير ليس على مجرى أجندة الحوار المتوسطي وإنما على مجمل ملف الإتحاد من أجل المتوسط. الملفات المتفرعة من ملف الحوار المتوسطي مليئة بالخلافات والمواقف المتباينة وعلى سبيل المثال لا الحصر نجد على جانب الضفة الجنوبية ملف الصراع العربي – الإسرائيلي وتفرعاته أما في الضفة الشمالية فنجد ملف الهجرة وإضافةً لهذه الملفات هناك الخلافات الهيكلية والوظيفية حول مفهوم الإرهاب .
• التأطير المذهبي والقيمي: تتباين مذهبيات وقيم أطراف الحوار المتوسطي، على النحو الذي ترتب عليه نشوء نوعين من الصور: الصورة الإيجابية والصورة السلبية. كذلك يوجد الكثير من عدم الاتفاق حول الحقائق والأوضاع، وضمن هذا التأطير يوجد الكثير من ما يمكن أن نطلق عليه تسمية "المفسدون" الذين يحاولون إما عرقلة هذا الحوار إذا لم يكن بمقدورهم توجيهه، أو السماح له بالاستمرار والتطور إذا كان يخدم مصالحهم وتوجهاتهم وهذه الحقيقة يدركها الفرنسيون نفسهم قبل غيرهم طالما أنهم منخرطون وغارقون في ملفات علاقات عبر الأطلنطي مع واشنطن.
حتى الآن يبدو من الصعب تحديد أو توصيف دقيق لأجندة الحوار من أجل المتوسط وبالتالي فإن ما يحدث الآن هو التقدم الهادئ المتدرج الذي يتيح قدراً كبيراً من الفهم المتبادل والإدراك المتبادل وصولاً إلى بناء الثقة التي يمكن أن تؤدي بكل سهولة إلى "مقاربة" ملف الاتحاد من أجل المتوسط. وعندما تتضح الملامح الرئيسية لشكل المقاربة تتضح تلقائياً المقاربات الأخرى المتعلقة بأجندة حوار الاتحاد من أجل المتوسط.

 

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...