مذيعة برنامج حواري تطرد ضيفتها على الهواء مباشرة!

29-04-2009

مذيعة برنامج حواري تطرد ضيفتها على الهواء مباشرة!

كان كل شيء في الأستوديو الواسع الأنيق الديكور والباهر الإضاءة كان هادئاً ومريحاً في برنامج (ساعة ونصف) على قناة (البغدادية) حين بدأت معدة ومقدمة البرنامج من أستوديو القاهرة علا شوشة، تقدم موضوع الحلقة عن (تعدد الزوجات) بحضور وكيل الأزهر الشريف سابقاً الشيخ محمود عاشور، والدكتور نجلاء إمام الناشطة ضد تعدد الزوجات، ثم انضمام المحامية فاطمة الزهراء لاحقاً من مكان آخر بالصوت والصورة.
تحدث وكيل الأزهر السابق في البداية فشرح بهدوء دواعي تعدد الزوجات في الدين الإسلامي، والضوابط التي وضعت لذلك، كإعلام الزوجة السابقة وأخذ موافقتها، وقبول الزوجة الثانية أيضاً بهذه التعدد، وقال إن هذا ما توصي به الشريعة الإسلامية أساساً، حتى لو كان بعض المسلمين لا يعمل به!
وما إن بدأت الدكتور نجلاء إمام بالحديث... حتى علا الصخب فجأة، واحتد النقاش... وهي لم تكتف بإيراد آرائها الخاصة بهذه المسألة، بل طلبت من شيوخ الأزهر أن (يقعدوا على جنب) وألا (يتدخلوا في اللي مالهمش فيه) وكظم الشيخ الذي كان يتكلم بنبرة هادئة ووقورة غيظه... وجلس يستمع وينصت على مضض، ثم أراد الكلام فاحتدم النقاش مرة أخرى... وتكررت المقاطعات بدون (نقطة نظام) كما يقال... فما كان منه إلا أن فك مكبر الصوت المشبوك بطرف قفطانه، وانسحب من الأستوديو!
طلبت المذيعة الانتقال إلى فاصل، ثم اعتذرت عما حدث... ووعدت بعودة الشيخ إلى المشاركة في الحلقة، لأنه يبدو أنه لم يغادر بعد، وأن هناك من اعتذر له، ووعده بتنظيم وضبط الحوار أكثر مع الدكتورة نجلاء... وفعلاً ما هي إلا دقائق حتى عاد... وتابع الحوار!
وعندما أعطي فرصة الحديث مرة أخرى، لم يستطع أن يوفر خصمه النسائي الشرس... فأشار إلى أن الأزهر يمارس دوره المنوط به، رغماً عن بعض (المعاتيه) أو المعتوهين... وانتقل الحوار هذه المرة إلى المحامية الإسلامية السيدة فاطمة، التي ما إن بدأت الحديث، حتى انبرت لها الدكتورة نجلاء بالمقاطعة، فاستشاطت غضباً منها، ومما فعلت بالشيخ من قبل... وصرخت في وجهها بغضب: (أرجوك ما تقاطعنيش... مش ح اسمح إنك تقاطعيني)، وهنا فكت الدكتورة نجلاء مشبك مكبر الصوت، وقامت وغادرت الأستوديو... وطلبت المذيعة مرة أخرى الانتقال إلى فاصل، قبل أن تعود لمتابعة الحوار مع المحامية الإسلامية التوجه... وتعدنا أيضاً بعودة الدكتور نجلاء مرة أخرى للمشاركة في موضوع الحلقة باعتبارها تمثل وجهة النظر الأخرى!
وبالفعل ما هي إلا دقائق حتى عادت الدكتورة نجلاء إلى قواعدها سالمة، لتشتبك مرة أخرى مع الشيخ محمود عاشور، بل وتصف الأزهر صراحة وبالحرف بأنه (مؤسسة إرهابية) ويبدو أن الحماس للدفاع عن قضية المرأة ومنع تعدد الزوجات الذي تراه مهيناً بحق المرأة، قد دفعها لاعتبار المذيعة نفسها طرفاً في المؤامرة ضد هذه القضية النبيلة، فقالت لها: (إنت تقبلي إني أتجوز جوزك) وردت المذيعة بهدوء: (لو هو يقبل ما فيش مانع) وطلبت من المذيعة أن تعطيها أرقام زوجها، فوعدتها أن تفعل بعد انتهاء الحلقة أو (تحت الهواء) وهنا عادت الدكتور نجلاء للشيخ فقالت له: (أنت تبارك هذا) فرد عليها: (أنا لا أبارك الفجور... هو لم يطلب الزواج بك).
وتطور النقاش لتشتبك الدكتورة مع المذيعة التي كانت تدافع عن شتم الدكتورة نجلاء لشخصية ذكرت المذيعة اسمها مسبوقاً بلقب (أستاذة) فردت عليها الدكتورة نجلاء: (دي مش أستاذة ولا حاجة) فذكرتها المذيعة بآداب الحوار، وضرورة حفظ ألقاب الناس الغائبين، الذين لا يتمكنون من الدفاع عن أنفسهم، كما ذكّرتها أنها حين انسحبت قبل قليل، كانت محتجة على غياب آداب الحوار، فلماذا لا تتقيد بها الآن؟! وهنا امتعق وجه الدكتورة نجلاء، وبدا أنها مقبلة على طامة كبرى من طامات حوارها الفريد فقالت للمذيعة: (إنت طلبتي مني أكثر من مرة أظهر معاكي في البرنامج ده... وأنا كنت برفض صح؟) فاعترفت المذيعة ببراءة: (مزبوط) فقالت لها: (عارفة ليه؟) ثم تابعت: (عشان أنا لما أظهر في برنامج لازم اللي يحاورني يكون في مستواي) وهنا شعرت المذيعة أنها وجهت لها الإهانة فسارعت لاستباق الرد عليها قائلة: (وأنت أكيد لقيتي مستوى أعلى من مستواكي؟) فقالت لها الدكتور نجلاء: (لأ... لقيت مستوى آخر)! وهنا شعرت المذيعة أن الإهانة بلغت بها كل مبلغ، وعلى مرأى ومسمع من مشاهدين لا يعلم عددهم إلا الله، فردت بثبات: (مادام كده يا فندم... إحنا شاكرين حضرتك... اتفضلي مع السلامة).
سابقة نادرة الحدوث في الإعلام العربي، بل ربما نستطيع القول إنها لم تحدث على الإطلاق من قبل... فقد سمعنا عن انسحاب ضيوف، وعن شجارات بين ضيوف متخاصمين ومتصارعين في الرأي والعقيدة والمبدأ... لكنني شخصياً لم أر مثل هذا (الانفراد) الذي تداركه المخرج، فقطع البث المباشر ونقل إلى فاصل... وعندما عاد، كان على درجة من التهذيب، حتى أنه تحاشى أن يأخذ لقطات عامة للأستوديو، حتى لا يظهر المكان الفارغ الذي طردت منه الضيفة... ربما مراعاة لمشاعر المشاهد، وربما تداركاً لحرج بالغ وجدت القناة نفسها أنها وقعت فيه! أردت أن أسرد هذه التفاصيل الدقيقة كما شاهدتها، كي يكون القارئ حكماً: هل تصرفت مذيعة قناة (البغدادية) علا شوشة بحكمة عندما ثأرت لكرامتها من إهانات ضيفتها التي لم تراع آداب الحوار حتى مع مضيفتها؟! أم كان عليها أن تبتلع الإهانة وتتابع، كما فعلت وفاء كيلاني في ضد التيار ذات مرة، عندما قالت لها العبقرية مريم نور كلاماً مشابهاً... فأعادت كيلاني ترداده بطريقة ساخرة ودارت الموضوع بابتسامة عتب؟! أم كان عليها أن تنهي البرنامج كله... كي لا تتابع مع الضيفة التي أهانتها، وكي لا تطردها في الوقت نفسه؟!
بالنسبة لي شخصياً، كنت سأقف ضد هذه الزميلة الإعلامية لو أنها تحدثت عن ضيفتها بعد إخراجها من الأستوديو بما يسيء، لكن والحق يقال فانها لم تذكرها بأي كلمة خير أو شر بعد خروجها، ولم تسمح لأي من الضيوف أن يتحدثوا عنها في غيابها وهم لم يفعلوا بطبيعة الحال... ولذلك فأنا أحيي شجاعة علا شوشة في الدفاع عن كرامتها، ضد ضيفة تجاوزت كل حدود اللياقة والأدب... وخصوصاً أن هذه المذيعة كانت تحاول أن تدير الحوار بحيادية شديدة، ولم تكن منحازة لأي طرف من أطراف الحوار... وهي عندما شُتمت، كانت تدافع عن شخصية غائبة تشتمها ضيفتها وقالت عنها باستهزاء: (دي مش أستاذة ولا حاجة) وفي الوقت نفسه... احترمتُ ذكاء وذوق مخرج البرنامج، لأنه لم يركز على مسألة طرد الضيفة (بصرياً) وآثر الانتقال بين الضيوف المتبقين والمذيعة في لقطات قريبة! وإذا كنا في المحصلة نأسف، لأن كثيرين منا لم يتعلموا ديمقراطية الحوار الذي هو أكبر معين لأي قضية عادلة... ونأسف أكثر لأن يظهر بعض المثقفين وهم يرفضون الحوار ويبتذلون سويته فيتحولون أحياناً إلى شتامين في كل الاتجاهات... فإننا ننحاز بإنصاف لكرامة الإعلامي، وخصوصاً إذا كان يدافع عن آداب الحوار، ويسعى للتعبير عن احترامه لنفسه، واحترام القناة التي يعمل بها!

غسان بن جدو: التهذيب القاتل!

تابعت الحوار المفتوح الذي قدمته (الجزيرة) مع الرئيس السوداني عمر حسن البشير، بحضور إعلاميين عرب كبار، طرحوا فيه أسئلة هامة وجيدة على الرئيس السوداني، وإن لم يستفض ويتوسع في الإجابة عليها، كما لم يترك المجال جيداً للسائلين كي يعقبوا ويخلقوا حالة من السجال الثري! وعلى العموم كانت تجربة فريدة ومميزة إعلامياً، وهي لا تخلو من مغزى سياسي واضح بالنسبة لدولة قطر... لكن المشكلة الحقيقية التي أفقدت هذا الحوار سخونته، كانت في تهذيب الإعلامي غسان بن جدو القاتل! فغسان بن جدو يتحدث بتهذيب شديد وفائق الحلاوة، لدرجة تجعلك تشتهي لو يشتمك ويلعن سنسفيل أجدادك كي تتخلص من هذا التهذيب المضجر والزائد عن الحد!

ليبرمان ونصر الله: عذراً للمقارنة!

من المؤسف حقاً... بل من المريع أن يتعامل الإعلام المصري مع التصريحات العدوانية لوزير خارجية إسرائيل ليبرمان ضد مصر، وضد الرئيس المصري الذي قال عنه: (فليذهب إلى الجحيم) بتفهم ولطف وتهذيب لم ينله السيد حسن نصر الله، في الأزمة الأخيرة التي حدثت بين مصر وحزب الله.
السيد أبو الغيط، طالب ليبرمان فقط بـ (الاعتذار) والنظام المصري فتح له باب الاعتذار هذا بطيب خاطر... لأنه كبح جماح شتامي الإعلام المصري عنه، كي لا يفكر ليبرمان ألا يعتذر إن بالغوا في شتمه لا سمح الله!!

 

محمد منصور

المصدر: القدس العربي
 

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...