الانتخابات الأمريكيةوالتنافس على العراق والإرهاب والاقتصاد والهجرة
الجمل: انتخابات نصف الفترة الأمريكية، والتي سوف تبدأ صبيحة اليوم ، سوف يشترك فيها حوالي 300 مليون أميريكي يتوزعون داخل الولايات الأمريكية وفي سائر انحاء العالم.
على مدى أكثر من ثلاثة أشهر تحولت الساحة الأمريكية إلى ميدان صراع كبير بين القوى الانتخابية المتنافسة بحيث يحاول كل طرف التسويق لأجندته السياسية بما يقتع الناخبين الأمريكيين بالتصويت له هذا وكالعادة فقد انحصرت المنافسة حالياً بين الديمقراطيين والجمهوريين على نحو قام في كل من الطرفين (مثلما كان يحدث من قبل) باستقطاب الجماعات والقوى السياسية ومنظمات اللوبي المتوافقة مع برامجه مقدماً لها التنازلات والوعود بدعم مصالحها وتخصيص الموارد السياسية الكافية لذلك خلال دورة الكونغرس التي تغطي فترة الأربع سنوات القادمة.
يرى ويتفق معظم المراقبين والمحللين المختصين بشؤون الانتخابات الأمريكية عملية الحشد والتعبئة الانتخابية للرأي العام الأمريكي، قد ارتبطت بقدر كبير بالمساءل والقضايا الاتية:
• الحرب على العراق: وتعتبر الملف الأكثر سخونة في الساحة السياسية الأمريكية، وعلى خلفية الفشل الذي منيت به الإدارة الأمريكية في السيطرة على الأزمة العراقية نجح الديمقراطيين في توظيف الملف العراقي واستطاعوا بنجاح شن حملة سياسية كبيرة داخل وخارج الكونغرس تندد بسياسة الجمهوريين الخاطئة في العراق هذا ومن أبرز المؤشرات على نجاح الديمقراطيين في تعبئة الرأي العام الأمريكي ما أوضحته وكشفت عنه إستطلاعات الرأي والذي تمثل في أن 51% من الأمريكيين يؤيد الانسحاب من العراق مقابل 27% فقط يؤيدون البقاء.
• الحرب ضد الإرهاب: كان صعود الجمهوريين وفوزهم في الانتخابات الماضية بسبب مواقفهم المتشددة الداعمة لاجندة الحرب الأمريكية ضد الإرهاب وقد ظلوا يستخدمون أحداث الحادي عشر من أيلول كـ(فزاعة) أمام الرأي العام الأمريكي بحيث يلوحون بخطر الإرهاب كمبرر لتوجهات الإدارة الأمريكية أما الأمريكيين وفقاً لنظرية أولوية دواعي الأمن القومي الأمريكي والاستثنائية الضرورية التي يجب ان تبرر ضرورة التشدد والمضي قدماً في الحرب ضد الإرهاب ولكن على ما يبدو فإن انكشاف الحقائق والاجندة الخفية الخاصة بالحرب ضد الإرهاب قد أدت إلى تآكل ورقة الحرب ضد الإرهاب والخطأ الأكثر فداحة الذي ارتكبه الجمهوريين يتمثل في مواصلة تشددهم وعدم لجوءهم إلى استخدام ورقة بديلة.
• القضايا الاقتصادية: ظل الجمهوريون اكثر تشدداً في اتباع سياسة اقتصادية تقوم على رفع الضرائب وتقليل مخصصات الدعم والضمان الاجتماعي إضافة إلى رفع المعونات الخارجية لاصدقاء وحلفاء أمريكا كذلك ركز الجمهوريون على رفع ميزانية الدفاع الأمريكية بـ(أرقام فلكية) وذلك على النحو الذي جعل ميزانية الدفاع الأمريكية تفوق مجموع ميزانيات دفاع كل دول العالم الأخرى.
إزاء هذه التوجهات الاقتصادية المتشددة أصبح الاداء الكلي للاقتصاد الأمريكي يشير إلى ارتفاع معدلات التضخم والبطالة وانخفاض النمو المصحوب بتزايد العجز في ميزان المدفوعات والميزان التجاري ومن الأمثلة الدالة على ذلك ان الصين إضافة إلى كونها تمثل مهدداً عسكرياً وامنياً لأمريكا فقد أصبحت أيضاً تمثل عنصر تهديد اقتصادي.
وحالياً فإن صدور قرار من بكين يقضي بسحب الارصدة الصينة الموجودة في أمريكا من الممكن بكل سهولة أن يؤدي إلى إفقاد الدولار الأمريكي 50% من قيمته السوقية وهو أمر سوف يؤدي إلى خراب ودمار غير مسبوق للاقتصاد الأمريكي.
• القضايا الاجتماعية: أدت ملفات فضائح الشذوذ الجنسي والمال السياسي والرشاوى واستغلال النفوذ والتي تورط فيها كبار زعماء الحزب الجمهوري وبالذات نوابه البارزين في الكونغرس الأمريكي إلى تشويه كبير في سمعه ومصداقية وموثوقية الحزب الجمهوري الأمريكي وقد تراكمت هذه الملفات خلال الأربع سنوات الماضية هذا وقد استطاع الديموقراطيون توظيف هذه الملفات بشكل مؤثر خلال الشهريين الماضيين.
• القضايا الأخرى: ابرزها مشكلة البيئة والتلوث ومشاكل زواج المثليين وحيازة الأسلحة، والهجرة وغيرها ويعتبرها الكثير من المحللين محدودة التأثير ماعدا ملف الهجرة والذي دارت حوله ضجة كبيرة وكان يمكن ان يكون من الملفات الرئيسية إلا أن الملفات الأخرى مثل حرب العراق والحرب ضد الإرهاب والقضايا الاقتصادية قد طغت عليه وبرغم ذلك يمكن القول بان ملف الهجرة والإجراءات المشددة التي اتخذتها الإدارة الأمريكية في التعامل مع المهاجرين قد أدت إلى رفع شعبية الجمهوريين (الذين يتشددون في هذا الملف) في الولايات الأمريكية الجنوبية وبين اوساط الجماعات الأمريكية المتشددة خاصة التيارات النازية وجماعات الكوكلاكس كلان العنصرية.
• وعموماً يمكن القول بان اداء الديمقراطيين إزاء هذه الملفات قد إتسم بالبراجماتية والذرائعية على النحو الذي اكسبهم شعبية أكبر في الشارع الأمريكي أما الجمهوريين فقد أدى بهم التشدد في السياسات الـ(صقورية) إلى جعلهم يفقدون عنصر المناورة وحرية الحركة المرنة الأمر الذي أدى إلى إفقادهم أهم مبدأ أبستمولوجي في علم السياسة، هذا المبدأ القائل بأن السياسية هي فن التعامل مع العدد الكبير من البدائل المتاحة.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد