استراحة الفطر لم تمر بليبيا ولا بسوريا

03-09-2011

استراحة الفطر لم تمر بليبيا ولا بسوريا

لم تحل عطلة عيد الفطر في العالمين العربي والاسلامي  دون استمرار المشهد الدموي، ولا دون تطورات ميدانية وسياسية  متسارعة، لاسيما على الساحتين الليبية والسورية. فليبيا تعيش حالة من الفوضى العارمة بعد أن تمكن الثوار من فرض سيطرتهم الكاملة على العاصمة مع ما يعني ذلك من سيطرة على القرار السياسي والاقتصادي والمعنوي، فضلا عن زحفهم باتجاه آخر معاقل الرئيس معمر القذافي وتوجيهم انذارا اخيرا للموالين للقذافي للاستسلام تحت طائلة الحسم العسكري المدعوم من قوى التحالف.
في هذا الوقت، بدأ اللاعبون الكبار بالحديث عن مرحلة ما بعد القذافي، وعن كيفية ادارة شؤون البلاد في المرحلة المقبلة، لاسيما ان البدائل السياسية والادارية ما زالت غير متوفرة بحسب ما يؤكد كبار المعارضين والمفكرين الليبيين، فالغرب الذي أدار المعارك الميدانية في ليبيا لا يفهم التركيبة القبلية ولا الاجتماعية للشعب، كما أنّ الثورة انطلقت من الاساس في ظروف سياسية صعبة في ظل حكم ديكتاتوري غير مهيأ لثقافة الديمقراطية، وبالتالي فان الخشية تكمن في مرحلة ما بعد انجلاء غبار المعارك، وذلك في ظل واقع لا يمكن نكرانه وهو أنّ النظام الليبي سقط بفعل انقلاب عسكري مدعوم من دول اجنبية لا يهمها سوى الحفاظ على مصالحها النفطية، ومداراة سياساتها الخارجية التي تعتمد على استغلال ثروات المنطقة وكل ما يمت اليها، بحيث يعرب هؤلاء عن اعتقادهم بان ليبيا ستنضم الى العراق لجهة الفوضى الامنية والسياسية.
المشهد السوري بدا بدوره شديد الوطأة في عطلة الفطر، اذ تحدثت معلومات صحافية عن عدد كبير من التظاهرات ادت الى عدد مماثل من القتلى والجرحى، فضلا عن اعتقالات بالجملة نفذتها القوى الامنية السورية التي تتقدم بصورة واضحة على خط الحسم العسكري، خصوصا بعد جرعة الدعم التي تلقاها الرئيس بشار الاسد من روسيا، والتي حملت في طياتها اكثر من رسالة موجهة الى المجتمع الدولي كما الى المعارضة السورية التي ما زالت تعيش حالة من الانقسام والفوضى وعدم التنظيم والقدرة على ايجاد نقطة انطلاق محددة تسمح لها بمكاسب واضحة.
على هذا الخط، ينقل قادمون من العاصمة السورية ممن شاركوا في تقديم التهاني بالعيد عن مراكز القرار اجواءً لا تخلو من الايجابية على الرغم من الضغط الشديد، خصوصا بعد ان اقتنع الغرب باستحالة اسقاط النظام تحت وطأة الامن والسلاح، وهو بالتالي بات يبحث عن تسوية تحفظ ماء الوجه للمعنيين كافة. فتركيا التي طالما شكلت رأس حربة الولايات المتحدة في حربها على النظام السوري، اعربت عن انزعاجها من تحريك ملف الاكراد في اشارة الى دور سوري او ايراني في هذا المجال، وهي بالتالي باتت عالقة بين فكي كماشة الامن التركي والحراك السوري.
كما يشير هؤلاء الى ان النظام بات في موقع شبه مريح بعد ان تمكن من القضاء بصورة شبه كاملة على مكامن الحراك المسلح، وهو بالتالي اي النظام يميز بين المطالب الشعبية المحقة التي بدأت تسلك طريقها الصحيح الى التنفيذ  ومحاولات استخدام السلاح لاهداف بعيدة عن الاصلاح، انما بهدف تنفيذ مطالب خارجية لا تمت الى المصالح السورية العليا باي صلة.

أنطوان الحايك

المصدر: النشرة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...