سورية: الحقيقة هي الضحية الأولى

07-04-2012

سورية: الحقيقة هي الضحية الأولى

الجمل- ترجمة رندة القاسم: يستمر التيار الرئيسي لوسائل الإعلام الغربية بقرع طبول الحرب لأجل معاملة سورية كما ليبيا، مستخدمة إحصائيات لأعداد الموتى في محاولة لتصوير الصراع السوري، الذي بلغ عامه الأول، و كأنه كارثة إنسانية تستدعي تدخل الناتو و حلفاؤه لقصف و إخضاع القوات العسكرية الحكومية. و من المثير للسخرية، أن قوات الناتو و أتباعها من عرب الخليج تقوم، و تحت قناع "مسؤولية الحماية"، بتزويد قوات المعارضة المسلحة بالأسلحة و التدريب و الدعم اللوجستي.
و تفضلت الأمم المتحدة بنشر أعداد القتلى كما وصلتها من منظمات معارضة مبهمة، و التي تقوم بالطبع بمعالجة الإحصائيات(و بشكل عام تزيد الأرقام) بشكل يدعم صورة الكارثة الإنسانية.بداية الثورة حي على السلاح في جبل الزاوية
و  ترواحت أرقام الإحصائيات الأخيرة الصادرة عن الأمم المتحدة (حسب تقديرات المعارضة)  ما بين ثمانية آلاف و عشرة آلاف، مع قيام وسائل الإعلام المتعاونة بخلق الانطباع بأنها أعداد الموتى المدنيين، بينما هي في الحقيقة تشمل مدنيين و مقاتلين من الجانبين.
و الانطباع الآخر المزيف يظهر أن معظم مقاتلي المعارضة مواطنون سوريون "انتفضوا" ضد حكومتهم ضمن تحرك الربيع العربي  لأجل الديمقراطية، و قد حملوا السلاح فقط لأنهم تعرضوا للهجوم من قوات حكومتهم (الجيش و الأمن و الشرطة). و لكن الكثير من الصحفيين المستقلين أظهروا بأن معظم مقاتلي المعارضة مرتزقة مستوردون، و خاصة من  ليبيا، تم تسليحهم و دعمهم من قبل تحالف دول أخرى.
إذن، الصورة الحقيقة تظهر حكومة، مزودة بشكل معقول، ترد بالقوة العسكرية لمواجهة قوة عسكرية، و هذا ما يعرف ب "الحرب"، و في الحرب يقتل مدنيون و مقاتلون. و لكننا لم نملك أي تحليل جيد لحالات الموت المعلنة.
و دعونا نفترض أن حرب العراق هي الى حد ما صورة عن الصراع السوري، بمعنى أن قوة عسكرية أعلى تعمل ضد أخرى أدنى،  لا ترتدي زيا موحدا و ساحة قتالها بشكل أساسي في الضواحي، حيث لا يمكن بسهولة التمييز بين المعارضة التي بدون بدلات نظامية و المدنيين غير المقاتلين، إلا عن طريق نشاطاتهم المسلحة.
و كما في سورية تضم العراق طوائفا مختلفة. الأمر الذي يزيد من احتمال قتل المدنيين على يد مرتزقة من طوائف أخرى. و لكن في الواقع موت المدنيين يمكن أن يقع على يد مقاتلين، بغض النظر عن الطائفة و عمدا أو خطأ و هذا يسمى بالضرر الملازم.
و الموضوع الآخر المعقد المرتبط بالاحصائيات هو حقيقة أن قوات المعارضة تحرص على الحصول على جثث موتاها و دفنها بسرعة و شكل سري لكي لا تمنح انطباعا سلبيا عن قواتها أو تبوح بهويات المرتزقة(غير السوريين). مع ملاحظة أن  المساعدات الطبية الجيدة غير متوفرة دائما لمقاتلي و مدنيي المعارضة. ما يؤدي إلى أعداد أكبر في وفياتهم و التي تشمل أولئك الذي جرحوا بالأصل و لم يقتلوا.
و الجيش المعد جيدا يقبل بشكل عام الخسائر وفق ما يسمى "نسبة القتل" ( و هي عدد الموتى في مقاتلي العدو مقابل الموتى في الجيش) و بشكل عام يكون هذا الرقم لصالحه. و تعمد الولايات المتحدة  الى الحصول على نسبة 10/1 (عشرة من مقاتلي الأعداء مقابل مقاتل من جيشها) رغم أنها في حرب العراق كانت 6,2/1. و بالمقابل يتوقع أن تكون النسبة في الجيش السوري 2/1 مجموعة من المسلحين في سورية تطلق على نفسها اسم "سرية الشهيد رفيق الحريري"
و ذكر بأن القوات السورية خسرت حتى الآن ثلاثة ألاف مقاتل، ما يعني و فقا لنسبة 2/1 موت ستة آلاف من المقاتلين المعارضين. و يبدو هذا الرقم معقولا قياسا لما ذكر عن دخول حوالي خمسة عشر ألف مرتزق مسلح و مدرب الى سوريه، و مع زيادة أعمال الجيش السوري ،  يبدو استنفاذ أربعين بالمائة من عدد مقاتلي الأعداء أمرا منطقيا.
و بهذا فان قبول عدد الإصابات الكامل وفقا للأمم المتحدة و البالغ عشرة آلاف، يعني أن عدد الموتى من المدنيين غير المقاتلين هو فقط ألف، و مع ذلك هذا يعتبر رقما صغيرا و بالتأكيد لا يؤهل لأن يدخل ضمن تصنيف الكارثة الإنسانية وفقا لتيار وسائل الاعلام الرئيسي. غير أن تقديرات الأمم المتحدة تقول أنه في الصراعات العالمية تكون النسبة  هي ثلاثة قتلى من المدنيين مقابل واحد من المقاتلين، و في حرب العراق كانت النسبة 4 مقابل 1 .  و في سورية النسبة فقط 0,11مقابل 1(1000/9000)، و هذا رقم صغير جدا بالطبع، بغض النظر عن عدد الذين قتلوا عمدا من قبل أحد الجانبين و من قتل تحت تصنيف (ضرر ملازم).
و وفقا للمعدل العالمي النموذجي و البالغ 3 / 1 ، فان النتيجة تكون موت 27,000 مدني قياسا إلى كون عدد وفيات المقاتلين هي 9,000 . و هذا اختلاف كبير. فإذا كان الرقم الحقيقي هو 1000 و مع تطبيق معدل 3 /1 ، عندها سيكون الرقم الفعلي لقتلى المقاتلين (في الجانبين) حوالي 2,500 و عدد المدنيين 7,500.
اذا ، اما أنه لا توجد "كارثة انسانية" مدنية على الاطلاق، أو أن أعداد  الموتى بين المقاتلين مبالغ بها جدا ، أي أنها حوالي 2,500 و ليست حوالي 9,000، الرقم الذي يعتبر ،قياسا الى عدد الموتى المدنيين البالغ 7,500 ، رقما نموذجيا وفقا لاحصائيات الأمم المتحدة التاريخية. أو أن الرقم الكامل المقدر ب 10,000 مضخم بشكل كبير، و لك أن تختار بين الاحتمالين.
و بكل الأحوال يجب أن تؤسس الحكومة السورية سريعا لجنة لاحصاء القتلى و تحديد هوياتهم تضم مراقبين موثوقين و مستقلين للوصول الى أرقام حقيقية عوضا عن اعتماد العالم باسره على "تقديرات المعارضة".و يجب أن تكلف اللجنة بتحقيقات قضائية حول الأعداد المتزايدة للتفجيرات الارهابية في محاولة لتحديد هوية مرتكبيها.


بقلم روس روثينبيرغ،محلل سياسي مقيم في شيكاغو

عن موقع The 4th Media

الجمل: قسم الترجمة

التعليقات

السادة إدارة موقع الجمل. مع جزيل الشكر وبالغ التقدير للجهود التي تقومون بها، أقترح أن تقوموا مشكورين بإرفاق رابط للمقال الأصلي حتى نستطيع الاستفادة منه في نشر الفكرة وتوضيح الوضع لمعارفنا في دول العالم المختلفة.

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...