الأكراد في قاموس «الجزيرة»: مناديل ورقية ومرتزقة

11-02-2016

الأكراد في قاموس «الجزيرة»: مناديل ورقية ومرتزقة

بالتوازي مع عملها الدؤوب على مقاربة الحدث السوري من زاوية مذهبيّة وطائفيّة، بدأت «الجزيرة» بتكثيف اللعب على الوتر العرقي. فمع تقدّم الجيش السوري و «وحدات حماية الشعب» الكرديّة في ريف حلب الشمالي، على حساب تنظيمي «جبهة النصرة» و «أحرار الشام»، خصّصت القناة خلال الأسبوع الماضي جزءاً كبيراً من اهتمامها للشأن الكردي في سوريا. هكذا، عرضت سلسلة تقارير عن تاريخ الأكراد، وعلاقتهم بـ «حزب العمال الكردستاني». كما طرحت في برنامج «ما وراء الخبر»، قضية الدعم الأميركي لـ «قوات سوريا الديموقراطية» التي يقودها الأكراد، متسائلة «لماذا يقتصر الدعم الأميركي على أكراد سوريا؟».
تناولت حلقة أمس الأوّل الثلاثاء من برنامج «الاتجاه المعاكس» موضوع الأكراد من زاوية جديدة، تحت عنوان «هل غدر النظام السوري بحلفائه الأكراد؟». استندت الحلقة إلى تصريح رئيس وفد الحكومة السورية إلى «جنيف 3» بشار الجعفري مطلع الشهر الحالي، حين أعلن رفضه إقامة نظام «فيدرالي» في سوريا، داعياً من يفكّر بالتقسيم إلى تناول «بنادول».
قبل عرض الحلقة، مهّد مقدّم البرنامج فيصل القاسم لمحتواها، عبر حسابه على موقعي «فايسبوك» و «تويتر»، طارحاً سؤال: «هل تعتقد أن نظام الأسد ينظر إلى بعض الجماعات الكردية كحزب الاتحاد الديمقراطي الذي يقوده صالح مسلم كمرتزقة». وأضاف في منشور آخر: «هل يستخدم النظام السوري بعض الجماعات الكردية كالمناديل الورقية ثم يرميها في سلة الزبالة؟». وجاءت منشورات القاسم المتعلقة بالبرنامج بين مجموعة منشورات أخرى عبارة عن «رسائل من أرض الخلافة»، يروّج من خلالها لتنظيم «داعش».
استضاف فيصل القاسم في برنامجه شخصيتين كرديتين هما المتحدث باسم «الإدارة الذاتية الديموقراطية» وممثلها في إقليم كردستان العراق شيرزاد أليزيدي، والمتحدث باسم «تيار المستقبل الكردي» جيان عمر العضو في «الائتلاف» المعارض. وكان الائتلاف المذكور وقع في كانون الأوّل الماضي على وثيقة في الرياض، تعتبر «حزب الاتحاد الديموقراطي الكردي»، حزباً «إرهابياً».
أفسح فيصل القاسم المجال أمام جيان عمر لشتم أليزيدي (شفّرت الجزيرة الشتائم في إعادة البرنامج أمس، وفي النسخة المتوافرة على «يوتيوب»، الدقيقة 11:24 مثالاً). تبنّت الحلقة اتجاهاً واحداً يتهم الأكراد بالإرهاب لارتباطهم بـ «حزب العمال الكردستاني»، وبالحكومة السوريّة. علماً أنّ هذا المقطع حذف أيضاً من حلقة البرنامج في إعادتها، ومن نسخة «يوتيوب»، إلا أن ناشطين سجّلوه وتناقلوه على مواقع التواصل.
طوال 42 دقيقة، ساد الصراخ بين الضيفين من جهة، وبين القاسم وأليزيدي من جهة أخرى. ممثّل «الإدارة الذاتيّة الديموقراطيّة» ردّ على اتهام القاسم له بتهجير العرب من تل الأبيض بالقول: «حررناها من حليفتك داعش»، فاتحاً الباب على جدل استمرّ لنحو دقيقة، ختمه القاسم سائلاً «انت بتعتقد رح تجي على هالبرنامج مرة تانية؟». عند هذه النقطة، انسحب أليزيدي من الحلقة، قائلاً إنّ القاسم يريد إثارة الفتنة بين العرب والأكراد. واخرج عمر من جيبه «تحميلة» وأعطاها لأليزيدي، ليقول القاسم «خود بنادول ولا تحميلة»، خاتماً المشهد بطرد أليزيدي بشكل مهين من الأستوديو.
اعتماد برنامج «الاتجاه المعاكس» على نمط سوقي في الحوار، ليس جديداً، إذ زخرت حلقاته منذ اندلاع الحرب في سوريا بعشرات المواقف غير الأخلاقيّة. تحوّل البرنامج إلى منبر لتبادل الشتائم والسباب، إلا أنَّ اعتماد القناة على خطاب تمييزي عرقي، قد يمثل نقطة جديدة في طريقة تناولها للملف السوري، واعتمادها الربط بين أكراد سوريا و «حزب العمال» في تركيا. وكانت «الجزيرة» قد عرضت الاثنين الماضي ترجمة خاطئة لتصريحات وزير الخارجية الأميركي جون كيري، خلطت من خلالها بين «حزب العمال الكردستاني» و «حزب الاتحاد الديموقراطي»، ما أثار جدلا واسعاً. كذلك يحسب للقناة اعتمادها مصطلحات جديدة في قاموس هذا الملف من الصعب أن تتآلف الأذن مع سماعها.

علاء حلبي

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...