عزلة كاملة تطوّق اليمن خلال أيام

28-04-2015

عزلة كاملة تطوّق اليمن خلال أيام

أصبح اليمن قاب قوسين أو أدنى من التعرض الى عزلة شبه كاملة. فإلى جانب الحصار الجوي الذي تفرضه حرب «عاصفة الحزم» بالترافق مع الحصار البحري والبري، أعلنت السلطات اليمنية ان خدمة الاتصالات الدولية والمحلية، وخدمات الإنترنت، ستتوقف بالكامل خلال الأيام القليلة المقبلة.يمنيون خلال تظاهرة للتنديد بغارات "التحالف" في صنعاء، أمس (أ ف ب)
السعودية والحلفاء أفشلوا اتفاق اليمنيين. هذا ما خلص إلى قوله المبعوث الأممي السابق إلى اليمن، جمال بن عمر، من دون أن يغفل أحد أهم تداعيات «عاصفة الحزم»، أي استفادة «القاعدة» من هذه الحرب، في ظلّ مواصلة «التحالف» قصفه العشوائي على المحافظات اليمنية، وبروز أول المجالس العسكرية الموالية له جنوباً، والتي تسعى إلى تنظيم صفوفها في مواجهة «أنصار الله».
ومنذ خطاب مرشد الجمهورية الإيرانية السيد علي خامنئي في التاسع من الشهر الحالي، حين فتح النار بشكل لم يسبق له مثيل ضدّ السعودية، مشبهاً الحرب التي تقودها على اليمنيين بالعدوان الإسرائيلي على غزة، وبعد يوم على تأكيد طهران أنّ سلوك الرياض في اليمن، لن يبقى من دون ردّ، ذهب قائد الحرس الثوري اللواء محمد علي جعفري بعيداً في هجومه على المملكة بعدما اتهمها بـ «الخيانة»، معتبراً أنّها «تحذو حذو إسرائيل في المنطقة».
وفي ظل المراوحة السياسية التي تخرقها بعض التصريحات والبيانات من الأطراف النافذة، حمّل جمال بن عمر «التحالف» مسؤولية فشل المفاوضات، مؤكداً، خلال مؤتمر صحافي في مقر الأمم المتحدة في نيويورك، أنّ اليمنيين «كانوا قريبين من التوصل إلى اتفاق» قبل بدء «عاصفة الحزم».
وفي آخر إحاطة له بشأن تطبيق قرار مجلس الأمن الدولي الرقم 2216 بعد تعيين الديبلوماسي الموريتاني إسماعيل ولد شيخ أحمد، أوضح بن عمر أنّ «انهيار العملية السياسية في اليمن ليس مسؤولية جهة واحدة، وإنّما يتحملها جميع الأطراف».
واعتبر أن الحرب التي تقودها السعودية «صارت مواجهة شاملة بأجندات إقليمية، والقاعدة هو المستفيد منها»، نافياً بشدة مسؤوليته أو مسؤولية الأمم المتحدة عن الإخفاق الذي واجهه في تنفيذ مراحل العملية السياسية في اليمن.
وبشأن خلافات بينه وبين دول مجلس التعاون الخليجي خلال السنوات الثلاث الماضية، وخصوصاً في الأسابيع الأخيرة التي سبقت الحرب، قال «إننا عملنا عن كثب مع دول مجلس التعاون الخليجي منذ بد العملية الانتقالية في اليمن (العام 2011)، وستستمر الأمم المتحدة في هذا التعاون الوثيق.. لقد عملنا مع الجميع من أجل تنفيذ الاتفاقية الانتقالية، بناءً على المبادرة الخليجية».
ولكنه عاد وانتقد دول المجلس قائلاً إنّه «لا يمكن وضع العملية السياسية مجدداً على السكة والوصول إلى سلام دائم، إلا عبر مفاوضات بين اليمنيين ومن دون تدخل القوى الخارجية».
وفور انتهاء إفادة بن عمر، قالت رئيسة المجلس الحالية دينا قعوار، مندوبة الأردن الدائمة لدى الأمم المتحدة، إنّ «مجلس الأمن أكّد خلال اجتماعه المغلق (أمس) على أن يقوم السيد بان كي مون بالبدء في إيجاد حل سياسي للأزمة في اليمن».
وفي إطار التصعيد المتبادل، اتهم قائد الحرس الثوري الإيراني اللواء محمد علي جعفري «السعودية الخائنة» بأنّها «تحذو حذو إسرائيل والصهاينة»، معتبراً أنّ «أعداء الثورة الإسلامية بدأت تتضح معالمهم».
ولفت إلى أن المسؤولين الإيرانيين كانوا يتجنّبون الحديث عن السعودية لبعض الاعتبارات الخاصة، مضيفاً «الآن حيث تجري هذه الهجمات (العدوان على اليمن) ينبغي وضع هذه الاعتبارات جانباً، واليوم فإن نظام آل سعود أصبح آيلا إلى الانهيار والسقوط»، مشيراً إلى أن السعودية تقوم «بكل وقاحة وبلا حياء بقصف وقتل شعب يسعى وراء رفض نظام الهيمنة».
من جهتهم، أدرج وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي الأزمة في اليمن على جدول أعمال الاجتماع الذي تستضيفه الرياض بعد غدٍ الخميس.
وقال الأمين العام لمجلس التعاون عبد اللطيف الزياني إنّ وزراء خارجية دول المجلس سيعقدون اجتماعاً في قاعدة الرياض الجوية، برئاسة وزير الخارجية القطري خالد بن محمد العطية، مضيفاً أنّ «اجتماع وزراء الخارجية هو اجتماع تحضيري للقاء التشاوري الخامس عشر لأصحاب الجلالة والسمو قادة دول مجلس التعاون المقرر عقده في الرياض في الخامس من أيار المقبل، بضيافة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود».
وأشار في السياق إلى أنّ «الوزراء سيتدارسون عدداً من الموضوعات الحيوية لمسيرة مجلس التعاون، وتطورات الأوضاع في المنطقة بما فيها الأزمة» في اليمن.
وفي بيان نشر في ختام الاجتماع الأسبوعي لمجلس الوزراء السعودي برئاسة الملك سلمان، أعلن المجلس أنّ «الدول العربية التسع المشاركة في التحالف تؤكد حرصها على استعادة الشعب اليمني العزيز لأمنه واستقراره بعيداً عن الهيمنة والتدخلات الخارجية الهادفة إلى إثارة الفتنة والطائفية وليتمكن من بلوغ ما يصبو إليه من آمال وطموحات وليعود إلى ممارسة دوره الطبيعي في محيطه العربي».
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان رأى، بدوره، أنّ تأسيس الاستقرار في اليمن أمر مهمّ، مؤكداً دعم أنقرة لعمليات «التحالف» هناك، وداعياً إلى حوار سياسي شامل بمشاركة جميع الأطراف في اليمن.
وفي مقابلة مع وكالة الأنباء الكويتية – «كونا» دعا أردوغان إلى إطلاق حوار سياسي شامل يؤسّس مناخاً للاستقرار والسلام بمشاركة الجميع، مشدداً على أهمية وقف «الأعمال العدوانية» التي تقوم بها «جماعة الحوثي، وأن تشارك في العملية السياسية كطرف سياسي».
في هذا الوقت، دعا وزير الخارجية الأميركي جون كيري «الجميع للقيام بما عليهم» بهدف تخفيف العنف وتشجيع المفاوضات في اليمن، مشيراً إلى أنّ «مستقبل اليمن يجب أن يقرره اليمنيون وليس الأطراف الخارجية والوكلاء». وقال إنه سيطلب من نظيره الإيراني محمد جواد ظريف الضغط على الحوثيين من أجل دفعهم إلى طاولة المفاوضات.
وبعدما أعرب «وزير الخارجية» اليمني رياض ياسين استعداد الحكومة المستقيلة للتفاوض مع الجماعة ولكن «بشروط»، مستبعداً أن تشمل أيّ محادثات مستقبلية زعيم «أنصار الله» عبد الملك الحوثي أو الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح، رفضت الجماعة تلك الدعوات.
وقال ياسين في تصريحات لهيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» على هامش زيارته إلى لندن، إنّه «يتعين على الحوثيين أولاً سحب أسلحتهم الثقيلة، والبدء في التصرف ككيان سياسي».
وردّ القيادي في «أنصار الله» محمد البخيتي على دعوة ياسين، مؤكداً رفض الجماعة شروط التفاوض التي طرحها. واعتبر أنّه لا يحق لأحد من قبل الرئيس اليمني، المقيم في السعودية، عبد ربه منصور هادي وضع أيّ شروط لاستئناف الحوار.
جنوباً، برز تطوّر لافت، يوم أمس، بإعلان الميليشيات عن تشكيل أول مجلس عسكري لتنظيم جبهة المسلحين الموالين لهادي في عدن، والذي سيعمل على «إدارة المقاومة حتى انتهاء العدوان وخروج الغزاة المعتدين وعودة الأمن والاستقرار».
وأكّد «مجلس قيادة المقاومة الشعبية في محافظة عدن»، في بيان، تشكيله «دعم شرعية فخامة الرئيس عبد ربه منصور هادي»، وتأييد عمليات «التحالف».
وذكرت وكالة الأنباء اليمنية – «سبأ» نقلاً عن مؤسسة حقوقية، أنّ «العدوان السعودي أسفر عن استشهاد ثلاثة آلاف و512 شخصاً، بينهم 492 طفلاً وطفلة و209 نساء، وبلغ عدد الجرحى ستة آلاف و189 جريحاً، بينهم 978 طفلاً وطفلة و713 امرأة».
ونقلت الوكالة الإحصائيات الأولية عن مؤسسة «بيت الحرية لمكافحة الفساد والدفاع عن الحقوق والحريات» بشأن ضحايا العدوان على اليمن والأضرار التي تسببت فيها الغارات منذ بدايته في 26 آذار الماضي.
ووفقاً للتقرير، فإنّ عدد الأسر التي نزحت من مساكنها في الأحياء والقرى والمدن التي طالها القصف خلال 30 يوماً، بلغ حوالي 95 ألف أسرة، مشيراً إلى أنّ عدد المساكن التي تهدّمت وتضرّرت كلياً أو جزئياً بلغ أربعة آلاف و898 منزلاً، منها 129 منزلاً تم تدميرها على ساكنيها موزعة على 504 تجمعات سكانية، إلى جانب تدمير 857 منشأة مدنية ذات طابع خدمي في مختلف محافظات اليمن.
وبسبب تفاقم أزمة المشتقات النفطية وانعدامها، الناجم عن الحرب التي تشهدها البلاد، أعلنت المؤسسة العامة للاتصالات السلكية واللاسلكية اليمينة، أمس، أنّ خدمة الاتصالات الدولية والمحلية، وخدمات الإنترنت، ستتوقف بالكامل خلال الأيام القليلة المقبلة.
ونقلت وكالة «سبأ» عن المدير العام للمؤسسة صادق محمد مصلح قوله إنّ «مخزون المؤسسة وفروعها من مادة الديزل قد استنفد خلال الأسابيع الماضية بصورة متسارعة»، مضيفاً أن «انعدام المشتقات النفطية ومحدودية الكميات، التي تم الحصول عليها من شركة النفط، وكذلك الانقطاع الكلي للتيار الكهربائي، سوف يتسبب في قطع خدمات الاتصالات الدولية والمحلية، والإنترنت، بالكامل، خلال أيام».
وبينما كثّف «التحالف» غاراته، أمس، تمكنت اللجان الشعبية التابعة لـ «أنصار الله» والجيش اليمني من التقدّم في محافظة مأرب، بعدما سيطرت بالكامل على وادي الجبينة الذي يقع جنوب غرب مدينة مأرب، وفقاً لمصدر عسكري.
وتسبّبت غارة شنّها «التحالف» على مبنى حكومي في مدينة عدن بمقتل خمسة مدنيين من عائلة واحدة، وانهيار خمسة منازل مجاورة، بحسب مسؤول محلي، أكد أنه تمّ استهداف مبنى الواجبات في حي كريتر في منطقة قريبة من قصر المعاشيق الرئاسي.
وقصفت المدفعية السعودية مناطق الحصامة والمثلث والملاحيط والضيعة في صعدة، فيما استهدف القصف الصاروخي أسفل جبل مران.
وذكر سكان أنّ مروحيات «أباتشي» تُمشّط تلك المناطق منذ أيام، وأنّ الجماعة تحشد مقاتليها هناك، وتخوض اشتباكات متقطعة مع القوات السعودية.
وتركزت الاشتباكات بين اللجان والجيش من جهة، والميليشيات المسلحة الموالية لهادي من جهة أخرى في كل من لودر وعدن وتعز حيث ارتفعت حصيلة الضحايا المدنيين إلى 17 شخصاً.
ونفذت الطائرات الحربية بين 15 و20 غارة جوية في الضالع ومدينة قعطبة القريبة، صباح أمس، ما أدّى إلى سلسلة من الانفجارات استمرت ساعتين.

المصدر: السفير+ وكالات

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...