نورمان كوهن :داعش ظاهرة مصيرها الزوال

30-10-2014

نورمان كوهن :داعش ظاهرة مصيرها الزوال

الجمل-*ويليام بفاف- ترجمة: رندة القاسم:
منذ زمن الاستكشاف و الامبرياليه، عودت الأمم الغربية نفسها على سيادة أمم ناشئة أو متخلفة أو مدمره، أو امبراطوريات بدائية أو منقرضه، و مارسوا عليهم سلطة تدرجت من القسوة و الاستغلال الى الهيمنة الاستعمارية الممتدة من العشرينات الى خمسينات القرن الماضي. لقد عينوا ملوكهم، و لقنوهم  تعليما و دينا غربيا، ,و  منحوهم عهودا عبثية و كاذبة بأنهم ذات يوم سيكونون كأسيادهم الغربيين، يتمتعون بمحاكاة للطرق الغربية في الحياة و رؤية مختلفة عن رؤيتهم السابقة حول الحضارة الممارسة في الغرب.
اليوم قلبت الأدوار في العلاقات بين ضحايا الاستعمار و حكام الاستعمار، اذ تحولت طبيعة العلاقة إلى أخرى تتصف بترهيب الأخيرين من قبل السابقين.
الأمر الذي ينطبق على الولايات المتحده، التي كانت تفخر عادة بنفسها كمحرر للأمم ، غير أنها تسيطر على امبراطوريه حقيقية منذ 1898/1901 حتى 1945، تضم الفيلبين، بورتو ريكو ، الجزر العذراء ، و أراض  مبعثرة في المحيط الهادي تجسد البقية الباقية و التذكير الغامض بحاضرها . ففي أيامنا هذه تلاشى علم التحرير الأميركي من العقول.
التهديد بالارهاب الناتج عن الضحايا السابقين لامبريالية الشرق الأوسط انبثق عن  الامبريالية الجديدة في الولايات المتحدة التي ظهرت بعد نجاتها من المرحلتين الروسيه و الفيتناميه، و انتقلت الى العالم العربي.و اليوم ينتقم الشرق الأوسط الاسلامي بطريقة قاسية و مفاجئة تثير خوف و ذعر الأوربيين و الأميركيين ، و حتى الأشخاص و السياسيين في بلدانهم الغربية.
فالجهاديون، الذي كانوا يوما لاجئين في الغرب، يعودون الآن الى المشهد العربي كارهابيين محتملين، يتوقون بعد ذلك للعودة الى الأوطان التي استقبلتهم يوما كلاجئين، و أهملتهم و هم يعيشون كأقليات، و الحكومات التي استقبلتهم دون أن تعلم ماذا ستفعل بهم لم تدر أنها ربما تحول هذه الحشود المضطهده الى مستغربين موحدين.
ظهر الجهاديون في المدن الكبرى في أوروبا الغربية و شمال أميركا و هم يبحثون عن "الجنة" ، و لازالوا قلة غير انهم أصابوا السكان الغربيين بالخوف من نيتهم الثأر من المعاملة السابقة التي تلقوها. معظمهم مسلمين مغتربين و لكنهم يضمون أوربيين و شمال اميركيين تحولوا للاسلام. انها مسألة تصدير و استيراد، على مستوى صغير، ضمن قدرات قوات الأمن و الشرطة الغربية. غير أنها أثارت القلق على تخوم كندا و في الولايات المتحده، و كذلك في أوروبا الغربيه.
هناك شيء هام يمكن ذكره حول كل ذلك،في عام 1957 نشر كتاب ذو مغزى عميق من قبل ضابط سابق في استخبارات الجيش البريطاني خدم زمن الحرب و اسمه نورمان كوهن، و الذي تعامل خلال عمله العسكري مع مجرمي حرب نازيين و فيما بعد، حين كان في فيتنام، التقى بلاجئي ما بعد الحرب من الستالينيه. في الحياة المدنيه كان دارسا في جامعة سوسيكس. حمل كتابه عنوان: "مطاردة الألفيه"  ، و ثبت أنه واحد من أكثر الكتب السياسية و التاريخية تأثيرا و أهمية في القرن العشرين.
موضوع الكتاب، كما لخصه كوهن في مقدمة طبعته الثانيه، مفاده أنه في الماضي " أضحت المعتقدات التقليدية ،حول عصر مستقبلي ذهبي أو مملكة مسيحية ،و في بعض حالات الارباك و القلق الجماهيري، ايديولوجيات حركات شعبية ذات طبيعة فوضويه بشكل غريب".و قال بأن كل هذه الحركات في العصور الوسطى كانت تملك استمراريه مخفيه و تشابه مكمل للديكتاتوريه الحديثه بكل تطرف و إرهاب الأخيره.
و الآن نشهد وصول داعش و ما من جديد فيها (سوى ميلها نحو ضرب الأعناق) و نورمان كوهن سيخبرك كل شيء عنها.
سيخبرك ان داعش ظاهره ستنتهي، و انها لا يمكن أن تكون بشكل من الأشكال متممة للدين الاسلامي،كحال النازية بالنسبة للقومية الألمانيه، و الستالينيه بالنسبه للماركسيه. و بالنسبة للمسلمين المعاصرين في الشرق الأوسط تبدو داعش ظاهرة مرعبه بالتأكيد، لأن هذه الحركة خرجت من مجتمعاتهم أنفسها.
لقد شهد الأوربيون ارهاب النازيه و قتلها الجماعي يظهر ضمن شعوبها ، و كذلك الروس. و أميركا الاستعماريه تملك باعا طويلا في هذا الأمر(كما أشار كوهن) خلال مطاردة الساحرات في نيو انجلاند البيوريتانيه . و قد يمتلك أحدهم الجرأة على القول (و هو ما امتلكه البعض بالفعل) بأنه في دولة الأمن الأميركيه اليوم ، بكل المراقبة الشامله، و استخدام المحاكم الاستثنائية و العشوائية ، و السجن المؤبد ،و التعذيب السري يمكن للمرء اكتشاف الجانب المظلم فيها. و بفضل البروفيسور كوهن، يمكن أن نعرفها حين نراها، و سندرك أنها ستزول أيضا.


*صحفي أميركي 
عن موقع Truthdig

الجمل

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...