فلا نامت أعين الجبناء

21-04-2009

فلا نامت أعين الجبناء

عندما تعيش في مجتمع كل فرد فيه لديه خوفه الذي يمنعه من الانخراط الكامل في الحياة العامة فهذا يعني أن نسيج هذا المجتمع مهترئ وغير قادر على ستر عورتك أو حمايتك من برد الحياة وحرّها.. وبالتالي فإن كل فرد في هذا المجتمع الخائف سوف يضطر إلى مراكمة الكذب لترقيع ثوبه وحماية نفسه ضمن سور من الأكاذيب اليومية التي يتم إنتاجها منذ اليقظة حتى النوم: إذ على الفرد أن يكذب لكي تحتويه الطائفة والعائلة والحزب والحكومة والمعارضة.. يكذب لكي يتلاءم مع قانون السير وقانون العمل والدستور.. يكذب ليحافظ على هيبته داخل أسرته واحترام معارفه وتوقّي زوجته وأعدائه.. ينابيع وجداول تغذي أنهار الكذب المتشعبة في شرايين الوطن.. وأنت مثل سمكة تتدفق مع هذا التيار حيث يأخذك سربك نحو ما لا تريده طيلة العمر، إلى أن يأتيك الصدق فجأة بين يدي عزرائيل وهو يهم بك، فتنظر إليه باستعطاف وينظر إليك ببرود ثم يقول: يا عزيزي لقد انتهت الكذبة.. وأمام نظرة الذعر وعدم الفهم المرتسمة في عينيك يقول لك عزرائيل: أيها البائس، كان عليك أن تحارب من أجل الديمقراطية، فهي الكفيلة بنمو الصدق في مجتمع الخوف.. فتتشجع وتسأله: وهل أنت ديمقراطي؟ فيجيبك مقهقهاً: لا بل أنا جمهوري يستثمر الحزب الديمقراطي تحت غطاء الجبهة الوطنية السماوية.. وبين الشك واليقين تتدحرج روحك بين أرجل المشيعين الذين يحملون جسدك إلى حفرته الأخيرة..

 

نبيل صالح

التعليقات

فعلا حلوة يا نبيل شكرا لك

رائع أستاذنا نبيل..أفكار رائعة وأسلوب حبكة رائع حفظك الله وأدامك

عندما لا يعرف المواطن حقوقه ولا يعترف بواجباته تضحي المسألة مسألة حياة ... يمشي جنب الحيط الحيط وياربي السترة!!! ولا يهتم بطوير العقل ولا بتأسيس المجتمع ويضحوا الله شماعة لتعليق أخطاء الحكومة وكسل الشعب!

يقول عمرو دياب : كان طيب كان حنين , أتاريه كذاب كبير , مش زاي ما كان مبين ,دا خدعنا سنين كتير... أعتقد ان هذه اهم اغنية سياسية في الايمان و الخيانة. في الحب و الكذب. يقول بوب ديلون ان المراة تكذب من اجل عقد و ان الرجل يكذب حول ليلة الأمس, و أن العاشق يكذب من أجل قبلة و السياسي يكذب من أجل الاحترام.. وها صديقنا الجميل نبيل يدخل يومنا جاراً كلب الكذب الجميل بسلسلة من فضة الكلام. الكذب جميل و عليه فرو , نبيل ينبهنا ان لا نفرط في دلال الكذب لأنه يعض. و المسيح يهتم بنصح الكذابين لأن الصادقين لا يحتاجون الى حكيم. و محمد الرسول كره الكلاب و إن كان تغاضى عن القطط فلخاطر صحابته و لندرتها في الجزيرة العربية. عندما قام اسحاق ليسلم شريعته بوحي من ربه لابنه البكر - نسيت اسمه لأنه خاسر- قامت زوجته رفقة و بدلت ثوب يعقوب - ابنهما الأصغر- فاختلط على الأب المسن - ضعيف النظر- و سلم شريعته لابنه يعقوب. الملفت ان الرب لم يعاقب بعقوب (حسب رواية التوراة)بل أمشى شريعته في نسله و كان على الأخ الأكبر ان يعيش في خيبات ثلاث: خيبته من أخيه و أمه من ناحية. و من الرب من ناحية ثانية و من الأب من ناحية ثالثة. لهذا فإن اليهودي يخادع , ليس لأنه وغد بالفطرة و لكن لأن احداً لا يمكن أن يتنباً بهوى الرب. لهذا يحل اليوم علينا جميعاً الكذب و الخداع . لأن هذا قد يرضي الرب و ليس كما نعتقد أنه قد يولي علينا العقاب . و الدليل هو ان عدد اللصوص في الدولة ازداد بعد أن تبنت الدولة قانون الشفافية و المحاسبة . مما يعني أن الرب كريم رحمن رحيم , و أنهم مكروا و مكرنا و الله خير الماكرين ***********

تبدأ الكذبة بيننا وبين أنفسنا فلا نستطيع أن نكون ما نحن عليه ونتقمص أشكال غيرنا ومعتقدات غيرهم وطريقة حياةمختلفة عن الإثنين حتى تضيع الهوية وتكبر معنا الكذبة لنكتشف بالنهاية أن وجودنا بالأصل كان كذبة لقد وضعت أصبعك على الجرح

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...