سوريون يقاطعون الانتخابات على خطى غيفارا !

16-04-2007

سوريون يقاطعون الانتخابات على خطى غيفارا !

قد يكون جلوسه إلى يسار درج كلية الفنون الجميلة أمراً يعبر عن آرائه وتوجهه في الحياة. وربما ارتداؤه قبعة بنجمة خماسية، وإطلاق لحيته لتترافق مع شعر رأسه الذي ترك ليكون أطول من المألوف، أو دخوله منتديات شبكة «الانترنت» باسم «تشي»... هي طريقته لإظهار تعلقه ببطله. نهال هو أحد الشباب المعروفين بعشقهم للمناضل الأرجنتيني إرنستو غيفارا ديلا سيرنا، وممن يحرصون على أن تنم تصرفاتهم وسلوكياتهم عن تأثرهم بهذا الرمز.

ويتصرف نهال بما يليق بدوره. ففي انتظار أن تنتهي صديقته من محاضراتها، يتجول في معرض للكتاب أقيم في ساحة الجامعة، يتفحص الكتب المعروضة وينتقي منها هدية لصديقته كتاباً بعنوان «يوميات بوليفيا» ويرفقه بأسطوانة مدمجة (CD) تحوي مؤلفات موسيقية لمارسيل خليفة. فتلك أشياء يعتقد نهال أنها ستوصل «رؤيته المختلفة للعالم» الى فتاته التي تعرف اليها حديثاً، وهي إلى الآن لا تعلم عنه سوى «حبه للحياة وسخريته من كل شيء فيها» على حد تعبيرها.

ويفضل نهال أن يناديه الجميع بلقب غيفارا، بحجة أنه لو كان في إمكان المرء أن يختار اسمه لما تردد في أن يدعى «غيفارا». اما السبب فلأنه «هو أستاذي وزعيمي، هو قدوتي ومثلي الأعلى»، كما يقول نهال.

وإن كنت أحد المقربين من نهال، فلن يتردد في إطلاعك على أنه اختار هذه الشخصية «اليسارية المحبوبة كرمز أسطوري» بعدما قرأ عن غيفارا الكثير وشاهد أفلاماً تتناول سيرة حياته، فاستنتج أنه «صنع مثال التضحية من أجل أهداف خالدة، على رأسها رفع الظلم عن المضطهدين».

وهذا الشاب ليس الوحيد المولع بـ «غيفارا»، بل كثر من طلاب الجامعات، يحلو لهم التميز بتقليد تلك الشخصية الثورية، ويروق لهم لقب «عشاق غيفارا».

واليوم بينما تعج شوارع العاصمة دمشق بإعلانات لمرشحي الانتخابات البرلمانية، يدير «عشاق غيفارا» ظهورهم للانتخابات ممتنعين عن الاقتراع لمصلحة أي جهة. وقد تسأل أحدهم عن السبب فيجيبك ببساطة وكأن الأمر بالنسبة اليه من البديهيات: «لم يكن تشي غيفارا مفرط الاهتمام بالانتخابات كوسيلة للتغيير».

وإذا حاولت الاستفسار أكثر عن المعنى الذي يرمي إليه الشاب، فلن يجيبك إلا بعد أن يرتاح إليك، فيقول إنه (كما رمزه غيفارا) «يكره أولئك الذين يصعدون على أكتاف الآخرين». في المقابل يعارض هذا التصرف شاب آخر استعد للانتخاب وحسم قراره في شأن من سيختار من المرشحين. ويقول سهيل (23 عاماً): «أتمنى أن يتحمل هؤلاء الشباب مسؤولياتهم كما فعل غيفارا». ويضيف سهيل الذي يعتبر أن الانتخاب «واجب وطني»: «أنا كشخص تعجبني الأفكار الثورية، لكنني لست مضطراً لأن أضع نفسي في قالب شخصية ما وأقلدها سواء في الشكل أو التصرفات».

من جهته يقتبس حازم الكثير من أقوال «غيفارا» بطريقة توضح مدى تأثره به، ويخطها على الصفحات الأولى من كتبه الجامعية. يقول حازم (20 عاماً): «سأظل ممتناً لصديقي الذي عرفني الى شخصية هذا البطل من خلال حديثه الدائم عنه».

ويبدو أن الانجذاب لشخصية «غيفارا» كرمز نضالي ليس حكراً على الفتيان، فمن بين شابات يعلقن صوره في غرفهن تصرح بنان وهي طالبة طب في السنة الأخيرة، من الجولان المحتلة، بأنها ترى فيه «رمزاً للرجولة والشهامة «، ولا تخفي أن تأثرها بشخصية «الطبيب والشاعر غيفارا» الذي تعتبره قدوة لها، كان من الأسباب الرئيسة لاختيارها دراسة الطب.

وعلى رغم أن بنان تتمنى في شريك حياتها صفات الثائر الارجنتيني، تنتقد مغالاة بعض الشباب شديدي التعلق بمن يحبونهم من شخصيات معروفة، ففي رأيها «أن يكون لديك مبدأ ومثال نزيه في الحياة فذلك شيء جميل، لكن أن يصل الأمر إلى حد التقديس فذاك ما لا تحمد عقباه».

لينا الجودي

المصدر: الحياة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...