جدل في نيجيريا حول تطبيق العقيدة الإسلامية

07-10-2006

جدل في نيجيريا حول تطبيق العقيدة الإسلامية

تثير قضية تطبيق الشريعة الاسلامية في نيجيريا جدلا كبيرا في المجتمع، خاصة أنها تخطت حاجزها الديني ، لتدخل عالم السياسة من بوابة الجنرالات المتنافسين على كرسي الرئاسة تارة ، وتارة أخرى من بوابة فرض القيم عبر مؤسسات الشريعة كالحسبة التي تستخدم العصي الكهربائية في مواجهة أية ظواهر تعارض الشريعة ، وتارة ثالثة من خلال تكريس بعض العادات المجتمعية كتعدد الزوجات الذي يدخل من باب "الفحولة المقدسة".

ففي السياسة ، دخل تطبيق الشريعة على خط الصراع بين الجنرالات السابقين المتنافسين في انتخابات الرئاسة القادمة في ثياب مدنية هذه المرة. فيما دخل الإسلاميون الذين استغلوا حماسة الشعب لتطبيق الشريعة على الخط، عبر "تكتلات جاهزة لدعم المرشح الذي لا يقف ضد طموحاتهم الدينية" المتجهة إلى إطلاق مزيد من الحكم بالشريعة في البلاد، التي شهدت أو تنفيذ حد شرعي عام 2003 في ولاية زنفرا في الشمال، بحسب تحقيق لصحيفة الحياة اللندنية كتبه الزميل مصطفى الأنصاري.

وبينما "يدور الجدل بين المحللين حول أوفر المرشحين للرئاسة حظاً، فاجأ حاكم ولاية زنفرا، وهي أول ولاية في نيجيريا أعلنت تطبيق الشريعة الإسلامية الأوساط بترشيح نفسه للرئاسة في الانتخابات القادمة، وبدأ بتوزيع صور له بربطة عنق في الجنوب، وأخرى بالزي الوطني الشمالي، ولحية مطلية بالحناء"

وينتقد الاسلاميون هذا المرشح المحسوب عليهم، وتأخذ الانتقادات طابع التهكم والسخرية أحياناً، الأمر الذي استغلته الصحافة التي أحاطت تحركات حاكم زنفرا بانتقادات حادة، تجاوزت الشأن العام إلى شئون الحاكم الشخصية، فعندما حملت زوجاته الأربع، تسرب الخبر إلى الصحافة، وصدرت إحداها صفحتها الأولى بعنوان : "أربع نساء يحملن من والي زنفرا" من دون الإشارة في العنوان إلى أنهن زوجاته، الأمر الذي أثار استياء الشماليين جميعاً".

ووفقا للصحيفة فقد أخذت " المطالبة بتطبيق الشريعة لدي النيجيريين المعرفين بنزعتهم الدينية أبعاداً أخطر بعد موقف رئيسهم ( أوباسنجو) المعلن ضدها، والذي ردوا عليه بمظاهرات وانتقادات لاذعة، وبإعلان مزيد من الولايات تحكيمها الشريعة، وبات هذا الحماس من الشعب واقعاً يستغله كل على طريقته".

وتضيف : ""مستقبل تطبيق الشريعة الإسلامية في نيجيريا ليس مثيراً للقلق" كما يقول أمير كانو "آدو باييروا " فولاية كانو (ومثلها بقية الولايات الشمالية) كانت إلى عهد قريب إمارة إسلامية، ونحن بدأنا في العمل على أن تعود إلى سابق عهدها".

هذا ما يقوله كل المسؤولين في الولايات التي أعلنت تطبيق الشريعة، إلا أن المراقبين من داخل البلاد نفسها، يعلقون استمرار تحكيم الشريعة، بـ "نضج التجربة" التي يرونها غير قابلة للاستمرار في صورتها الحالية ما لم تتطور.

وإذا كان الصوت الأقوى في نيجيريا يرغب حتى في بعض الولايات الجنوبية في تطبيق الشريعة فإن السياسيين وشركاءهم الإسلاميين لا يملكون إلا مسايرته، غير أن الخضوع للأصوات المرتفعة شيء، والتأسيس القانوني لتطبيق الشريعة في كافة جوانب الحياة أمر آخر، يحتاج إلى رؤية عميقة وشاملة، لا يبدوا أن النيجيريين يملكونها."

وعلى صعيد اخر مرتبط بقضية تطبيق الشريعة ، قامت صحيفة الحياة بزيارة مؤسسة "الحسبة" ( أحد مؤسسات تطبيق الشريعة) في إحدى ضواحي مدينة كانو شمال نيجيريا .

ويقول الزميل الانصاري :" رحب بنا رئيسها وقال نحن هيئة متكونة من أجهزة حكومية عدة تتبع الحكومة المحلية، ونحظى بدعم شعبي كبير، لكن أعداء الدين في الداخل من المنافقين وأعداءه في الخارج لا يزالون يكيدون، ولكننا بحمد الله واثقون بأننا سننتصر عليهم".

ونادى رئيس مؤسسة الحسبة أفراد جهازه الذين حيوه بتحية عسكرية في زيهم الرسمي، وقال : "هؤلاء هم الأشخاص الميدانيون، ولدينا نساء في زي مماثل يقمن بما يتعلق بالنساء".

وأضاف أن بقية الأقسام تقوم بأنشطة خيرة عدة بينها: دعوة الناس إلى الإسلام، إذ قبل فترة وجيزة أسلم 200 شخص دفعة واحدة، وقامت الهيئة بالإصلاح بين نحو 4500 شخص بينهم شحناء وافتتحت نحو 118 حلقة علمية لإصلاح العاهرات التائبات، وأغلقت 117 داراً للبغاء، كما تعاملت خلال أربعة أشهر فقط مع 39ألف قضية متعلقة بالخمر.

وأشار إعلاميون في المدينة إلى أن اقتناء أفراد "الحسبة" الذين يبلغ عددهم 9000 فرد في كانو وحدها عصياً للصعق الكهربائي، دفع الحكومة الفيدرالية إلى اتخاذ موقف حازم ضدها.

لكن رئيس الحسبة يدافع عن الانتقادات في هذه الناحية بالقول :" العصي يتزود بها الأعضاء من أجل الدفاع عن أنفسهم، وليس من أجل صعق الناس المخالفين"

"المسلمون في نيجيريا محارَبون حتى في نسلهم وخصوبتهم"، هكذا بدأ رئيس جماعة الدعوة الإسلامية في نيجيريا الشيخ أمين الدين أبوبكر حديثه لصحيفة الحياة عن واقع تطبيق الشريعة الإسلامية في بلاده والتحديات التي تواجه التجربة القصيرة. وقال: "تعدد الزوجات لدينا منتشر، لأننا أقوياء ولدينا أدوية فعالة، إن شئت فخذ منها معك ، ونسلنا الكثير أصبح محل اهتمام أعدائنا".

وفي شمال نيجيريا يعتبر الزواج بامرأة واحدة واثنتين "نقيصة"، فيما تفاخر الأغلبية التي تجمع بين ثلاث نساء فأكثر بإنجازاتها، في أعداد الذرية، إذ يتراوح متوسط نسل هذه المجموعة ممن تجاوزا الستين بين ثلاثين إلى خمسين ولداً، والمرأة التي تنجب كل عام لدى الشماليين تتبوأ في أسرتها ولدى زوجها مكانة غير اعتيادية.

و في الماضي قاد النيجيريين ولعُهم بالذرية أو بالفحولة المقدسة إلى إيقاف تطعيمات آتية من برنامج الصحة العالمي التابع للأمم المتحدة، بعد أن أوهمهم متدينون بأن "التطعيمات" تحمل عقاقير تحد من نسل المسلمين وتنشر "العقم" فيما بينهم، قبل أن تكتشف حكومة ولاية كانو التي أخضعت جرعات التطعيم للفحص الطبي أن ما أثير مجرد هراء "وراءه مجموعة من المسكونين بهاجس المؤامرة ضد فحولة الشماليين".

انتشار تعدد الزواج بين المسلمين النيجيريين أسهم فيه نظامهم الاجتماعي الصارم، الذي يقضي بأن "المرأة الأولى هي سيدة من ستأتي بعدها، ولا يجوز للمرأة الجديدة أن تطالب زوجها بمنزل، وإنما يهيئ لها "حجرة" خاصة بها وبأولادها، بينما تكون أهم غرفة في المنزل غرفة "الزوج" التي لا يغادرها إلا ساعة الخروج من المنزل، ففيها تأتيه كل امرأة في ليلتها، وفي تلك "الحجرة" يقضي لياليه مع أول امرأة إلى آخر واحدة يتزوجها".

ويتمسك النيجيريون بتقاليد اجتماعية في النكاح لا تكاد تختلف كثيراً عن الأخرى المعمول بها في بلاد المغرب الأقصى والأقطار الإسلامية، إلا أنهم لا يزالون يحفتظون ببعض الجزئيات التي تميزهم عن غيرهم، مثل تعدد الزوجات المنتشر بين كافة طبقات المجتمع، واصطفاء الأثرياء والأمراء للجواري.

المصدر: العربية

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...