المفتي حسون: الحل في قتل الزنى وليس الزاني

01-03-2007

المفتي حسون: الحل في قتل الزنى وليس الزاني

خرج مفتي سورية الشيخ أحمد بدر حسون من الحديث بحذر في جلسات مغلقة ومقابلات صحافية عن معارضته الاسباب المخففة في «جرائم الشرف»، ليخصص جلسة حوارية عن هذا الموضوع الاشكالي بحضور وزراء حاليين وسابقين ورجال دين وطلاب شريعة وممثلي جمعيات مدنية.

وبدأت حساسية الموضوع من اختيار عنوان الجلسة بإصراره على «الشرف: قيم واخلاق أم احكام وحدود؟» بدلا من مطالبة شيوخ آخرين بإزالة «أم» ووضع واو العطف بدلا منها. وخلال الجلسة التي استمرت نحو ساعتين، فجر اكثر من قنبلة في بحر الاعراف والتقاليد الراكد، بينها مطالبته بتشكيل لجنة قانونية لتعديل مواد قانونية تعطي «اعذاراً مخففة» في جرائم الشرف، وصولا الى القول: «كل من يريد الدفاع عن شرفه، فيلتفضل. الامة انتهك شرفها. كم من مسلمة في سجون العدو. اذا كنت بطلا، فهناك طريق للدفاع عن الشرف بمقاومة الظلم والاحتلال».

وكانت «الجمعية الوطنية لتطوير دور المرأة» دعت الشيخ حسون الى القاء محاضرة تثقيفية عن ضرورة اجراء تعديلات بالاسباب المخففة في جرائم الشرف، بحضور وزيري الاعلام محسن بلال والشؤون الاجتماعية ديالا حج عارف ووزير الدفاع السابق العماد اول مصطفى طلاس، بعدما سجلت في الفترة الاخيرة جرائم مأسوية جدا تقوم على أساس غسل العار، لكنها لم تصل بعد الى مستوى الظاهرة.

واستند النقاش الى المادة 528 من قانون العقوبات السوري للعام 1949 وتنص على ان «يستفيد من العذر المحل من فاجأ زوجته أو أحد أصوله في فروعه أو أخته في جرم الزنا المشهود او في صلات جنسية فحشاء مع شخص آخر، فأقدم على قتلهما او ايذائهما او على قتل او ايذاء احدهما بغير عمد»، وعلى ان «يستفيد مرتكب القتل او الاذى من العذر المخفف اذا فاجأ زوجته أو أحد أصوله أو فروعه أو أخته في حالة مريبة مع آخر».

لكن الشيخ حسون قال: «بإمعان النظر في هذه المادة نجد ان العذر المحل يشترط التلبس»، قبل ان يسأل: «هل المادة موافقة للشريعة او للشرائع ام هي قانون فرنسي صيغ بأيد عربية ابتعدنا فيها عن الشريعة وسمحنا للعادات بأن تتحول الى أعراف وعادات نتمسك بها». وبعدما سأل حسون: «هل يصان الشرف بالقيم والاخلاق ام بالاحكام والحدود؟»، قال: «من لا تصنه قيمة واخلاق لا تصنه الاحكام والحدود». ودخل في اطروحة صريحة في معنى الشرف مع ملاحظة ان «أكثر أبناء أمتنا ربط الشرف بالأنثى. أي شرف الرجل في زوجته وابنته وأمه وأخته»، قبل ان يؤكد على ان «أول انتهاك للشرف هو انتهاك كرامة الأمة».

وكان المفتي مدركاً لحجم النقاش الذي ستثيره أفكاره، اذ قال ان أحد الشيوخ طلب منه في وقت سابق ان «لا يفتح باب الفاحشة وانه يجب ان نشدد العقوبة لتخفيف الانحراف»، مضيفاً: «قلت له: يا سيدي لا يحكمني قانون اذا لم اقتنع به. القناعة تأتي من وجوب ان يكون القانون عادلاً»، لينطلق الى ذكر أمثلة من سيرة النبي محمد (صلعم) وكيفية تعاطيه مع قضايا كهذه.

وفي اسلوب شيق يستند الى حوار بين تلميذ واستاذه في سؤال وجواب، قال مفتي سورية: «جريمة الشرف في رسالات الانبياء، كانت في محورها كيف نعيد المخطئ الى رحاب الله وليس كيف نقتله»، مضيفاً: «في قضية الكافر لا يتيح الدين لك قتله، بل يطلب منك قتل كفره وليس الكافر»، الأمر الذي وافقت عليه الدكتورة حج عارف، مضيفة بضرورة «قتل الفكر الآخر، لأنه الأصح» مع اشارتها الى ان «جريمة الشرف لم تصبح ظاهرة» في سورية.

ووافق النائب محمد حبش ايضا، الشيخ حسون، مطالبا بتعديل المادة 548 لأن فيها مخالفة للشريعة في ثلاثة مواقع: «تفرض القتل من دون مبرر، وتفرض العقوبة من دون بيّنة، وفيها اعتداء على حق ولي الأمر في اقامة الحدود». لكن الشيخ رياض الخرجي المدرس في «معهد الفتح الاسلامي» لم يوافق على هذا الكلام. وعندما لم يعط الفرصة لقول رأيه خلال النقاش، قال بعد الجلسة: «اذا كان المفتي ينظر الى هذه المادة على انها تخالف الشريعة، فكثير من المواد يخالف الشريعة. وما نحتاجه هو مراجعة القوانين المتعلقة بالامر كله». وقالت رشا كركرلي، طالبة الشريعة، ان المفتي «لم يعتمد على شيء موثق. حكى عن جرائم الشرف لكنه لم يحك عن العقوبة الواجبة، وسماحته لم يفرق بين امرين: بين شخص يرى احد محارمه في موقع الزنى ويقتل بشكل مباشر وبين انسان يرى ثم يفكر بالقتل».

ابراهيم حميدي

المصدر: الحياة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...