الـ«كومبارس» السوري الأكثر جرأة في دبي

14-12-2006

الـ«كومبارس» السوري الأكثر جرأة في دبي

لم تتمكن السينما العربية حتى الآن من مناقشة عدد من الموضوعات الحساسة ذات الطابع الإنساني، رغم كثرة الإنتاج في سنوات العقد الأخير، حيث أن الموضوعات التي ناقشتها لا تزال تنصب حول علاقات الحب والغرام، التي بالكاد تدخل إلى عمق الفكرة.

إلا أن فيلم "الكومبارس" للسوري المبدع نبيل المالح، شكّل علامة فارقة وجريئة وسط جميع هذا السيل الجارف من الأعمال السينمائية.

الفيلم، الذي عرض الخميس ضمن فعاليات مهرجان دبي السينمائي الدولي في دورته الثالثة، يناقش قضية المهمشين في المجتمع، الذين يملكون أدوارا بسيطة في هذه الحياة، والتي تتمثل في قصة الشاب سالم، الذي يعمل "كومبارسا" او ممثل ثانوي، في مسارح دمشق، وتجمعه علاقة حب بفتاة إسمها ندى.

إلا أن قسوة المجتمع على الطرفين، والفقر الذي يعيشانه، جعلاهما لا يستطيعان الاستمتاع بعلاقتهما، حتى ولو لدقيقة واحدة.

وعندها، يقرر سالم استعارة بيت صديقه ليوم واحد، ليلتقي بندى، وتبدأ بينهما مشاعر مختلطة ما بين الخوف من الخارج، والحب الذي يربطهما، وجنون سالم في تقمص شخصيات مختلفة من الواقع الذي يعيشه داخل هذا البيت الصغير.

الفيلم، الذي اتخذ طابع السينما الروسية، استطاع الدخول إلى قلب شخصية سالم ، وإبرازها للحضور، كما أنه تمكن من عزف إيقاع متماسك، رغم أن موقع التصوير في الفيلم، هو الشقة فقط.

وقد لعبت الصورة في الفيلم دورا كبيرا للغاية في إظهار الطابع الرئيسي للشخصيتين الأساسيتين، سالم وندى، حيث أن المالح تمكن في عدة مشاهد من قلب الإحساس بالمكان لدى المشاهد، من دون تغيير موقع الكاميرا.

وقد أبهر أداء النجم السوري بسام كوسا جمهور الفيلم، حيث أنه استطاع تقمص عدة شخصيات داخل شخصية سالم، ونجح في إقناع الحضور بشخصية الكومبارس المهمش، الذي يعيش يوميا تحت الظلم والقهر.

ومن أكثر المشاهد التي حملت رسالة واضحة للفيلم، هو المشهد الذي احتوى على الحوار الذي يدور بين ندى وسالم، بعد أن يقوم الأخير بتمثيل مسرحية أمام حبيبته ندى، يتقمص فيها شخصية المخبر الإجرامي.

وحسب السيناريو، تقول له ندى، إن أدواره كانت أجمل عندما كان يمثل ككومبارس في المسرحيات، أما الآن فهو يلعب أدوارا رئيسية، لذا لم تعد أدواره جميلة كما كانت.

وردُ سالم هنا يشكل الرسالة الرئيسية للفيلم، وهي أن المرء إذا أراد أن يكون مهما في هذا المجتمع فعليه أن يقبل بأي شيء كان، سواء كان خيرا أم شرا.. أما المهمشون، فهم الأشخاص الطيبون الذين لم تلوثهم أمور الحياة، كالفساد والسلطة.

وقد احتوى الفيلم على بعض المشاهد الجريئة التي دفعت عددا من الفتيات إلى ترك قاعة العرض والتوجه للخارج، وهو ما علقت عليه المخرجة السورية، هالة العبد الله، بعد العرض بالقول: "إن الرقيب الداخلي لدى هؤلاء الفتيات هو ما جعلهن يخرجن إلى الخارج، إلا أن ما شاهدناه على الشاشة هو الواقع الذي نعيشه، والذي يجب أن نواجهه. لذا فأنا أشعر بالحزن الشديد على ترك هؤلاء الفتيات للقاعة، وأحيي جميع الفتيات اللاتي بقين للمشاهدة."

وفي تعليقه على الفيلم، قال المخرج نبيل المالح: "إن الإنسان العربي يعيش في سجن من أنواع مختلفة، ولم يتمكن حتى الآن من الخروج منه بسبب الأنظمة العربية. لذا فقد حاولت من خلال هذا الفيلم إزالة جميع الحواجز التي يمكن أن تقف بين الإنسان العربي وواقعه الذي يعيشه."

وأضاف المالح: " لقد أخرجت هذا الفيلم منذ 13 عاما، ولكن الوضع السياسي والثقافي والاجتماعي لا يزال كما هو في الدول العربية، وهذه هي المشكلة."

وأكد المالح أن فيلم "الكومبارس" عرض في أكثر من خمسين دولة أجنبية، ولكنه لم يعرض حتى الآن في أي بلد عربي، سوى على القناة المغربية الثانية، وهي قناة مشفرة، وها هو يعرض الآن ضمن فعاليات مهرجان دبي السينمائي.

وقد تم تحويل فيلم "الكومبارس" إلى نص مسرحي قبل قرابة السنوات الخمس في هولندا.

ويذكر أنه سيتم تكريم المخرج السوري نبيل المالح، خلال حفل يقام آخر أيام المهرجان، يكرم فيه أيضا المخرج الأمريكي أوليفر ستون، والممثل الهندي شاروخ خان.

المصدر: CNN

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...