أوروبا تنتقل ببطء من حالة "القلق" إلى المطالبة بـ«وقف المتطرفين» في سورية

23-10-2013

أوروبا تنتقل ببطء من حالة "القلق" إلى المطالبة بـ«وقف المتطرفين» في سورية

يثير التطرف المسلح، المتموضع في جبهة المعارضة السورية، قلقاً متزايداً لدى الأوروبيين. إنها قضية تصعد في سلم اهتماماتهم، متواكبة مع التركيز على التسوية السياسية. يمكن بوضوح قياس هذا في موقفهم المشترك، الذي يتبدّى في بيان الاتحاد الأوروبي حول سوريا، الصادر أمس الأول.
الآن، بات الأوروبيون يطالبون «الأطراف المعنية بوقف الدعم» للمجموعات المتطرفة. هذا ما قالوا به في البيان المشترك الذي خرج عن اجتماع وزراء الخارجية في لوكسمبورغ، مساء أمس الأول. المطالبة بوقف الدعم، تأتي بعد إبدائهم «القلق الجدي من الانخراط المتزايد للمتطرفين والجهات الفاعلة غير الحكومية في القتال داخل سوريا»، وأضاف البيان الأوروبي أن هذا الانخراط المتزايد يؤدي إلى مزيد من «تغذية الصراع ويشكل تهديدا للاستقرار الإقليمي».
قبل أشهر كان الأوروبيون يعبّرون عن قلقهم الجدي هذا. في شهر أيار الماضي ابتكروا الصيغة السابقة: القلق، لكن حاف.
انتظر بيانهم، وهو نتيجة لتسوية بين مواقف متفاوتة لدول التكتل، خمسة أشهر حتى يضيف على القلق من التطرف الموقف المطالب بوقف دعمه. طبعا، هذا يعني موقفا أكثر حزما، أو أقل تجاهلا، يدعو الدول الممولة والحاضنة إلى وقف دعمها.
وينبغي التشديد أنه لا مجال لهفوات في هذا الخصوص: البيان الأوروبي يأتي بعد اجتماعات على عدة مستويات، ويغربل مرارا، ويخضع لتدقيق ومصادقة من عدة جهات مسؤولة عنه.
وعندما سألنا ديبلوماسيا أوروبيا حول القضية، أبدى استغرابه، وقال «عندما تعلن القلق من التطرف لا بد أن تطالب بوقف دعمه». لكنه صمت عند اطلاعه على البيان الأوروبي المشترك في شهر أيار، حينما أورد الأوروبيون قلقهم ولم يطالبوا بوقف دعم التطرف.
هكذا، ومع هذا التناقض، يمكن تفهم الإحراج الذي أصاب الديبلوماسي الأوروبي. لكن المفارقة لم تتبدد عندما عاد إلينا الديبوماسي بعد استفساره من المشرفين التقنيين على إعداد البيانات الأوروبية. اعتبر أن المسألة تتعلق فقط بـ«تعزيز الرسالة» السياسية. ما دام الأمر كذلك، فلماذا كانت الرسالة ناقصة؟ لماذا يعبر أحد عن قلق من خطر مسألة ولا يدعو إلى لجم هذا الخطر؟
الجواب ربما يتمثل في الحساسية التي تعكسها القضية. الدول الداعمة بقوة للمعارضة تقاوم كل ما يمكنه أن يشوش على التنديد بما يفعله النظام السوري. لذلك، انتظرت الإشارة إلى المجموعات المتطرفة أشهراً طويلة، ثم دخلت بعد الإدانات الدولية لما تقوم به، ولا سيما بعد تصنيف الولايات المتحدة لـ«جبهة النصرة» بوصفها «منظمة إرهابية».
مصدر ديبلوماسي رفيع المستوى، ومطلع على المداولات الأوروبية في هذا الملف، يقول  إن الموقف الأوروبي الأخير يؤكد وجود دول تصرخ ضد خطر التطرف وأخرى تهمس. يوضح أن ما يخرج في البيان، في النهاية، هو تسوية بين مواقف الدول المختلفة، ما يؤكد كما يقول أن «هناك دولا موقفها متطور أكثر، وتريد إدانة أكبر».
ولا يستبعد المصدر أن يكون هذا التطور مدفوعا بزيادة فعالية التطرف المعارض في الشمال السوري. لكن بعيدا عن الهمس أو الصراخ، يشدد الديبلوماسي على أن الأجهزة الاستخباراتية الغربية، على أرض الواقع، تتعامل بجدية كاملة مع تحدي انتشار التطرف، بمعزل عن المواقف السياسية المعلنة لحكوماتها. هنا، الأخطاء غير مسموح بها، والثمن لها لا يقاس بخطأ التقدير السياسي.
ويتصاعد الاهتمام بالقضية حتى بالمعنى الترتيبي. سابقا، حل «القلق» في البند السادس من البيان الأوروبي، الآن صار في البند الثالث، ليأتي تتمة لإدانة الهجوم بالأسلحة الكيميائية والتقليدية والدعوة إلى المحاسبة. ولا يمكن إغفال أن هذا التصاعد، يتواكب مع تزايد الاهتمام الأوروبي بالحل السياسي وإقامة مؤتمر «جنيف 2».
في الأساس، المسألتان ليستا منفصلتين. فعلى رأس مناوئي الحل السياسي، يحضر المتطرفون.

وسيم إبراهيم

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...