"أفكارز": منصة حلب لعشر دقائق

22-11-2016

"أفكارز": منصة حلب لعشر دقائق

تمتلك المبادرات المجتمعية الشابة، على اختلاف حجمها ومحيط عملها، تأثيراً عميقاً شديد الخصوصية على حياة الشبان العاملين فيها، سواء كمتطوعين أو موظفين أو باحثين عن بديل مهني. إذ إنّها غالباً ما تكون التفاعل العملي الأول لهم مع مجتمعهم. يكتشف المبادر خلال تجربته المدى الواسع لإمكانياته وقدرته على التأثير إيجاباً في محيطه فتكون منطلقاً لتجارب أخرى، أو أنّها على الأقل تنطبع في ذاكرته لسنوات طويلة.مشاركون في أحد عروض "أفكارز" (عن "فايسبوك")
خلال سنوات الحرب السورية انطلقت الكثير من المنظمات والجمعيات والمبادرات الإنسانية والاجتماعية. وبدا أنّ الظروف الاستثنائية كانت على غير المتوقع حافزاً ومشجّعاً ومحرّكاً فكرياً للكثير من الشباب السوري الذي قدّم نماذج إبداعية ملهمة منذ بداية الحرب.
منذ أكثر من عامين بدأت مجموعة "روح" في مدينة حلب السورية بالتفكير بخلق مساحة للاستماع تسمح لأيّ شخص ضمن المدينة بالتعبير عن أيّ فكرة يودّ التحدّث عنها، وبالطريقة التي يودّ، بوجود جمهور متفاعل. شبان المدينة التي فقدت صوتها وتواصلها مع العالم استطاعوا في شباط العام 2014 تنظيم مبادرة، باتت تسمّى "أفكارز"، تقديم أول منصة عامة لطرح الأفكار في حدث سُمّي "أفكارز للسلام" أمام جمهور متواضع، وبما لا يتجاوز العشر دقائق لكل فكرة. في منتصف العام الحالي قدّمت "أفكارز" عرض "إشراقات حلبية" الذي تجاوز عدد حضوره الستمئة شخص. ليصل جمهور المبادرة إلى حضور إجمالي قارب 2750 مشاهداً خلال 16 فعالية.
تتحدّث منسقة العلاقات العامة ضمن المبادرة أبرار مشمشية (22 سنة) عن المبادرة: "بدأت الفكرة واستمرت بكونها مساحة لعرض الأفكار على تنوعها واختلاف أصحابها، سواء فكرة إنسانية عابرة، أو شرح لبحث علمي. سواء كانت لمتخرّج أو جامعي أو مهني أو من ذوي الاحتياجات الخاصة ومندون أيّ تدخل من المنسقين. المهم هو إيمان المقدم بفكرته وطرحه وقدرته على التأثير بالجمهور. التأثير المتبادل هو هدف مسرح أفكارز". تقول الشابة عن تفاعل جمهور المدينة مع الحدث: "انطلاقاً من كون الاستماع للمحاضرات أحياناً عملية مملّة جاءت فكرة العشر دقائق، حيث إنّ التوقيت مثالي لطرح فكرة واحدة. حتى الآن كانت الفكرة ممتعة وتفاعل جمهور العروض معها كان واضحاً وكبيراً ومتزايداً في كل عرض".
تؤثر الظروف الأمنية في المدينة على عمل المبادرة، إذ قد يُضطّرون أحياناً إلى التأجيل أو الإلغاء التام للحدث نتيجة خطورة الوضع. ورغم أنّ الفريق البالغ عدد أفراده 50 شخصاً يعقدون اجتماعاتهم غالباً في توقيت حرج، إلّا أنّهم شديدو الحذر والمسؤولية تجاه العروض التي تفرض طبيعتها وجود تجمع كبير نسبياً في مكان واحد ممّا يُعدّ أمراً شديد الخطورة.
يصف أحد أعضاء فريق الدعم اللوجستي عبد الوهاب شيخ ممو (23 سنة) تجربته ضمن المبادرة: "تعرّفت على أفكارز خلال أحد عروضهم وتحمّست مباشرة للتجربة، أن تمارس أحقيّة التعبير عن أفكارك خارج القالب التقليدي وبشكل مباشر. قرّرت المشاركة وقدّمت فكرة ضمن عرض أفكارز حاف". يضيف: "بعد مشاركتي مع المبادرة شعرت أنّها الشكل الأمثل لملأ الفراغ والعزلة الذي يعاني منه أغلب الشباب الموجود في حلب. وجود وسيلة للحوار والتواصل في هذه الظروف يبدو أحياناً تجربة جميلة كالحلم. أنا اليوم ضمن فريق تنظيم المبادرة وما زلت أنظر إليها على أنها حلم".
قدّمت المبادرة خلال العامين المنصرمين اثني عشر عرضاً في مدينة حلب، بمشاركة 130 صاحب فكرة، كما تمكّنت من تنسيق أربعة عروض في مدن سورية أخرى.
تحصل المبادرة المستقلة على رعاية مختلفة في كل عرض، كتعاونهم في الحدث الأخير مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي. وستقدّم "أفكارز" قبل نهاية هذا العام 5 عروض بالتعاون مع مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تحت عنوان أساسي: "أفكارز لأجل الإنسان"، جميعها ضمن مدينة حلب التي تبدو شديدة الترقب والحماس في كل مرة لخوض تجربة فكرة العشر دقائق من جديد.

هالا مصطفى

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...