«أرامل الإنترنت» ضحايا العالم الافتراضي

14-01-2013

«أرامل الإنترنت» ضحايا العالم الافتراضي

الأرملة هي من توفي زوجها. أمّا أن تكون هناك «أرامل إنترنت»، فإن المصطلح بحد ذاته يبدو غريباً. فكيف لامرأة أن تترمل بالإنترنت؟ هو ببساطة مصطلح بات يُطلق على النساء اللواتي «توفي» أزواجهن نفسياً ومعنوياً في حياتهن بعد أن «هجرنهن»، من أجل إقامة علاقات حميمة مع نساء أخريات عبر كاميرا الكومبيوتر على شبكة الإنترنت.

ولا تقتصر هذه العلاقات على العازبين من الرجال، بل أصبحت «متنفساً» للمتزوجين منهم، وبوابتهم للهروب من الروتين اليومي، والابتعاد عن المشاكل المنزلية، أو الرتابة التي تؤدي إلى الملل في العلاقة الزوجية.

ويبرر الرجال الذين يدمنون على هذا النوع من العلاقات «الإلكترونية» سلوكهم بأن هذه العلاقات سهلة ومتنوعة، ولا تترتب عليها أي التزامات، فلا حمل ولا مهر ولا زوجة ثانية أو رابعة. ويقول رجل، رفض الكشف عن هويته، إن إقامة مثل هذه العلاقات تأتي من قبيل الهروب من الحياة اليومية بهدف التسلية والترويح عن النفس.

أما الباحث الاجتماعي ناصر عبدالله، فيرى أن هذه العلاقات من أخطر الأمور على الأسرة، وأن إدمان أحد الزوجين على الإنترنت وافتتانه بمواقع الرذيلة، لا يضربان الثقة الزوجية في مقتل وحسب، وإنما يغيران طبيعة التفكير والإحساس، ويجعلان الرغبة الطبيعية مرتبطة بإيجاد ظروف خاصة، ولا يعد للمؤثرات العادية بين الزوجين أي قوة تذكر. ويضيف إن خطورة ممارسة العلاقات الحميمة عبر الإنترنت ليست كغيرها، فالـــرجل المفتون بالمواقع الإباحية يزهد في زوجته، وتصبح الرغبة عنده مشفّرة، ولا يفكها سوى جو العزلة والسرية والإلكترونية الذي توفره غـــرف الدردشة، والمواقع المشبوهة.

«كانت هدية مشؤومة تلك التي أهديتها لزوجي يوم عيد ميلاده، قبل أكثر من ثلاث سنوات، عندما فكرت أن كومبيوتراً محمولاً سوف يكون أفضل هدية له في تسهيل عمله في التسويق، والذي يعتمد كثيراً على الإنترنت»، تقول هديل. وتضيف إن زوجها الذي اعتقدت إنها ستسهّل عليه أعماله بهذا الجهاز، «أدمن الإنترنت»، وأصبح لا يفارقه حتى في الفراش. وتشير إلى أنها بدأت تشعر بتغير سلوك زوجها الجنسي معها بعد أربعة شهور من شرائها الكومبيوتر له، مشيرة إلى أنها فقدته كزوج تماماً بعد ذلك. هديل التي لم يمضِ على زواجها أربع سنوات، أنجبت خلالها طفلاً فضّلت الانفصال عن زوجها، بعد أن اكتشفت أنه يقيم علاقات حميمة مع فتيات عبر «الإنترنت»... معتبرة «أول الطريق أفضل من آخره».

وتدرك ميساء تماماً ما يجعل زوجها يتسلل من فراشهما منتصف كل ليلة ولا تفعل شيئاً، فعدم رضاها عن شكلها ومعالم الهرم البادية على محياها يجبرها على السكوت من دون أن تُشعر زوجها بأنها تعرف ماذا يفعل. دخل الشك إلى قلبها منذ سنتين، عندما تغير سلوكه الجنسي معها، وكانت تتهيأ في كل لحظة لتلقي «الطامة الكبرى» بأن يخبرها أنه قرر الزواج من غيرها، لكنها كانت مفاجأة عندما تبعته ذات ليلة لتكتشف أنه يمارس العلاقات الحميمة أمام كاميرا «اللاب توب». وتقول ميساء إن ذلك أفضل مما كانت تتوقعه، فهي على رغم شعورها بأنها «أرملة»، إلاّ أنها تفضّل البقاء مع زوجها لا حباً فيه، ولكن خوفاً على أسرتها من التفكك والمعاناة.

ولا يقتصر الوقوع في فخ الدردشة وما يتبعها على الرجال، فللنساء نصيبهن من ذلك، تماماً كـ «حنان» وهي زوجة وأم لثلاثة أولاد، لكن زوجها الذي يغيب عنها أشهراً في كل سفرة إلى إحدى الدول الخليجية التي يعمل فيها كان اشترى لها جهاز «لاب توب» للحديث معها عبر «السكايب»، غير أنها وقعت فريسة لإحدى غرف الدردشة عبر «الإنترنت»، فاصطادها رجل من المدمنين على الدردشة، وأوصلها إلى خلع ملابسها أمام الكاميرا، وفي آخر المطاف مارست الجنس معه عبر الكاميرا، فأضحى زوجها مجرد ماض وتراث قديم لا لزوم له إلا مالياً.

وتؤكد بعض الأبحاث أن الرجال الذين يمارسون العلاقات الحميمة عبر الإنترنت قبل الزواج، تبقى في ذاكرتهم تلك العلاقات، ولا يستطيعون التعايش مع حياة جنسية طبيعية مع زوجاتهم، لأنهم اعتادوا على ذلك عبر كاميرا جهازهم، الأمر الذي يخلق خللاً نفسياً لدى الزوج لأنه يصبح لا يشعر بزوجته، ويميل غالباً لممارسة العلاقات الحميمة عبر الشبكة الافتراضية.

وفي حال قام أحد الطرفين، الرجل أو المرأة، بإقامة العلاقات الحميمة عبر الإنترنت، فإن تلك العلاقات تنعكس بشكل سلبي على الأسرة التي تصبح متفككة داخلية، ويدفع الأبناء فيها نتيجة نزوات أحد الأولاد عبر الإنترنت، كما تصبح العلاقة الزوجية علاقة عدائية مقتصرة على الاتهامات والشتائم وقد تصل إلى ضرب الزوجة، أو قيام الزوج أو الزوجة بضرب أبنائهم كوسيلة للتفريغ النفسي.

ماهر الشوابكة

المصدر: الحياة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...