كيف نواجه انفعالاتنا العنيفة

24-09-2006

كيف نواجه انفعالاتنا العنيفة

أظهرت دراسة نفسية جديدة، ان هنالك اختلافاً بين الشاب والفتاة في طريقة مواجهة كل منهما للانفعال الناتج عن مشكلة ما، حيث ينزع الشاب إلى محاولة إيجاد حل مباشر لها، أو يتوجه إلى الرياضة أو أي نشاط (عنفي) آخر لينفس عن انزعاجه أو قلقه، في حين تتوجه الفتاة إلى الآخرين للتكلم عن المشكلة، ومحاولة إيجاد حل لها، والبحث عن مسبباتها ونتائجها، وطبعاً أشارت الدراسة إلى ان التعامل مع المشكلة يختلف من شخص لآخر، كل حسب شخصيته سواء أكان رجلاً أم امرأة.
وصنف الانفعال إلى أربعة أنواع:
الإيجابي العابر، كالذي ينشأ قبل امتحان ما أو قبل مباراة محددة، وبحسب رأي د. هانس سيلي، الاختصاصي في علم الغدد الصم، فإن الاستجابة عادة تكون (ارتكاس إنذار) لحشد القوى لمواجهة الموقف، وفيه تكون العضوية في مرحلة جيدة من النشاط العصبي -البيوكيميائي، ومتأهبة للقيام بالعمل.
والنوع الثاني، هو السلبي، وقد يكون عابراً أو ثابتاً، وفيه لا يستطيع (ارتكاس الإنذار) ان يواجه بشكل كافٍ مصدر الانفعال، مما يؤدي إلى مشاعر وأفكار سلبية قد تنغص سير العمل وتعكره.
والنوع الثالث، هو النوع الناتج عن الإرهاق الجسدي، بفعل الإفراط في العمل واستمرار ضغوطات الشدة وعدم زوالها.
أما النوع الرابع، هو الانفعال الذي يؤدي إلى مرحلة الإعياء والإحباط والكسل والاكتئاب، ويحدث عندما يشتد الإنهاك في العضوية، محدثاً التبدد في القوى البدنية والانفعالية والفكرية والاحتياطية، ويصبح الانفعال متصفاً بالشدة المزمنة ومخرباً للصحة النفسية والعقلية ومبدداً للسعادة.
ومن الملاحظ بأن الانفعال الخفيف هو ضرورة حياتية تحفز على العمل، إذ ان الذي لا يكترث وهو على أبواب القيام بعمل ما، يتطلب الحد الأدنى من التركيز والاهتمام لا يمكنه ان يحشد كل قواه العقلية والنفسية، طالما لا يستشعر شيئاً في أحاسيسه ومكوناته العقلية تؤدي به إلى أداء المهمة على أحسن وجه، فالانفعال الخفيف قبل الامتحان مثلاً، يصعّد من وتيرة الدراسة، والخوف الخفيف من فقدان الوظيفة يجعل المرء يحشد كل قواه في سبيل العمل.
أما الانفعال العنيف الذي يفقد المرء بصيرته، والذي يتخذ الحالة المزمنة، فإنه لا يؤدي إلى مشاكل نفسية فحسب، بل أكدت دراسات طبية عدة، بأن أمراضاً كثيرة سببها الانفعالات المتكررة والمزمنة، مثل ارتفاع الضغط الشرياني والصداع الوعائي، واضطرابات الهضم، إضافة إلى نوبات القلق والجزع والاكتئاب، وينصح المختصون النفسيون بإعادة تركيب البنية المعرفية للشخص الذي يعاني الانفعالات المزمنة، وذلك بالبحث عن مسببات الانفعال، ولماذا يدوم لهذه الفترة الطويلة في حياة المرء، ولكل فرد سماته الشخصية، فمنهم من ينجح ويستفيد من برامج الاسترخاء، والبعض يستفيد من التدريب الرياضي، في حين البقية تناسبهم تقنيات التأمل والتركيز الذهني وهكذا.
كما ينصح علماء النفس أيضاً لمواجهة حالات الانفعال، بالعمل على إزالة الخوف من نفس وعقل المنفعل، بتعويده مثلاً على إلقاء خطبة ما أو كلمة أمام حشد من الناس أو التكلم بشكل مباشر إلى مديره أو المسؤول عن عمله أو انفعاله، ويشرح له ما الذي يسبب له حالات القلق والانفعال، ويوصي العلماء بتقسيم المهمات الصعبة، وعدم إعطاء الشخص لدور أكبر من إمكانياته، بحيث يؤدي إلى إنهاكه وإرهاقه، ولا أصغر من إمكانياته، فيشعر بالغبن أو الظلم جراء ذلك، مما سيقوده إلى الانفعال والقلق والتوتر.
كما ان إعادة الاعتبار إلى النفس وتقويتها، هي من الأمور الأساسية للقضاء على الإجهاد وزوال الحالة المسببة للانفعال الذي يقود إليه.
ويبقى القول: بأن الانفعال لا يؤدي إلى حل المشكلات بشكل إيجابي، إذ انه يساعد في خلق صورة قاتمة وسوداء عنها فقط، ويؤدي إلى الضبابية وعدم وضوح الرؤية حيالها، وبالتالي صدور أحكام وأفعال عن المرء غالباً ما تكون عكس ما يريده، وضد مصلحته وصحته واستقراره.

حكمت العلي

المصدر: البعث

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...