حقيقة "عيد الحب" الذي يحتفل به العالم

14-02-2020

حقيقة "عيد الحب" الذي يحتفل به العالم

الجمل د.إياد يونس: يسود الاعتقاد عند الكثيرين أن أصل عيد الحب أو مايسمى حاليا "عيد الفالنتاين"  الذي يصادف الرابع عشر من شهر  شباط  هو  لإحياء لذكرى وفاة القديس فالنتاين أو دفنه ، بينما يعتقد آخرون أن الكنيسة قررت وضع عيد القديس فالنتاين في منتصف شهر شباط ، في محاولة منها لتنصير الاحتفال الوثني ( لوبر كاليا ) الذي كان يقام من الثالث عشر وحتى الخامس عشر من شباط.

أما في الحقيقة يعود ارتباط عيد الحب إلى الإلهة الكنعانية "عشتار" إلهة الحب والعشق، إذ عمل "الكنعانيون" على تخصيص إلهة للحب يقدسونها ويمجدونها كونها ترتبط بكل مفاهيم الحب في الحياة والاخصاب والجنس المقدس

وفي بلاد الرافدين كانت عشتار هي آلهة الحب والجمال، وقد أطلق عليها السومريون اسم "ملكة الجنة"، وكان معبدها يقع في مدينة الوركاء، وهي نجمة الصباح والمساء (كوكب الزهرة) رمزها نجمة ذات ثماني أشعة منتصبة على ظهر أسد، على جبهتها الزهرة، وبيدها باقة زهور.


كذلك خصص المصريون القدماء آلهة الخصب والجمال والخلق  كنوع من تقديس الحب وأهميته في الحياة البشرية فكانت الآلهة قاد أو قيتيش هي إلهة الحب التي تبناها المصريون القدماء في معتقداتهم  لكنها في الحقيقة من أصل كنعاني. 

وانتشرت عبادتها في الدولة المصرية الحديثة كإلهة للخصوبة والنشوة المقدسة والمتعة الجنسية، كان الأسم ينطق في المصرية القديمة قاتيشا من الجذر الكنعاني قدش الذي يعني المقدس وكان مركز عبادتها في مدينة قادش و وصفت قادش في لوحة ممثلةً بامرأة تقف بصورة مواجهة للناظر على أسد بين الإله المصري مين والإله الكنعاني المحارب رشف ممسكةً الثعابين في يد وزهور اللوتس في الأخرى كرموز للخلق.

كما أنها كانت مرتبطة مع عناة وعشتار وعشيره ولديها أيضا العناصر المرتبطة بآلهة موكناي و المينويون في كريت وبعض آلهة الكيشيين لتجارة المعادن وبخاصة القصدير والنحاس والبرونز بين لوتهال و دلمون 

كما ظهرت "قادش" في بعض صور أخرى لها حضوراً مع مين ورشف منقوشة فوق نقش آخر أقدم يظهر الهدايا التي قدمت إلى عنات إلهة الحرب وتحت النقش الأراضي التابعة لـ مين ورشف.

وكانت قادش تدعى إلهة الحب سيدة جميع الآلهة، سيدة نجوم السماء، حبيبة بتاح، سيدة النجوم، وعين رع، من لا نظير لها»، كما استخدمت  قادش أيضا باعتبارها صفة من صفات عشيرة الآلهة الأم العظمى عند الكنعانيين إله الحب و الخصوبة والنشوة المقدسة وعند الاغريق كانت أفروديت في الأساطير اليونانية هي إلهة الحب والشهوة والجمال والاخصاب. 


على الرغم من أنه يشار إليها في الثقافة الحديثة باسم "إلهة الحب" فهي في الحقيقة لا تقصد الحب بالمعنى الرومانسي، بل المقصود هو إيروس (الحب الجسدي أو الجنسي) وكان الحُبّ عند  أفلاطون الشعور الذي ليس فيه أيّ مصالح أو غايات ولا تشوبه أيّ شهوة؛ لذا نسمع شخصاً يقول لصديق أحبَّ بشدة: "إنَّ حبَك حُبٌّ أفلاطوني" أي أنّه قريب للمثاليّة


 أمّا عند الرومان كان "لوبر كاليا" أحد الطقوس الدينية المرتبطة بالخصوبة وكان يكرس إلى فينوس آلهة الحب عند الرومان ، إضافة إلى Romulus و Remus مؤسسي روما في بداية هذا الاحتفال يتجمع الكهنة الرومان في كهف مقدس كانوا يعتقدون أن Romulus مؤسس روما  عندما كان في الكهف جاءت ذئبة وأرضعته و استمد منها القوة ورجاحة العقل والفكر.  وحرص الكهنة في هذا الاحتفال على ذبح عنزة من أجل الخصوبة ومن ثم يسحبون جلد العنزة يغمسونه بالدم القرباني ويصفعون به بلطف كل النساء وحقول المحاصيل وكانت النساء في روما ترحب بتلك الضربات كونها باعتقادهم تجلب الحظ وتجعلهم أكثر خصوبة و خلال هذا اليوم وبحسب الأسطورة كان يتم الحرص على كتابة أسماء الفتيات اللواتي بلغن سن الزواج على أوراق صغيرة ويضعونها في جرة فيأتي العزاب في المدينة ويسحب كل واحد منهم ورقة ويعقد قرانه لسنة مع صاحبة الورقة و غالباً ما كانت تنتهي هذه الاحتفالات بالزواج

وقد تعددت الأساطير عن مفهوم عيد الحب ففي الرابع عشر من شهر شباط من كل عام يحتفل الغرب والعديد من بلدان العالم بعيد الحب ، بحيث بات ظاهرة تشمل غالبية العالم و يتم فيها تبادل الحلوى والزهور وكافة أنواع الهدايا بين الأحباء وكلها تتم باسم القديس فالنتاين الذي ترجع إليه تسمية عيد الحب حديثا هذا العيد الذي تفيد الإحصائيات بأنه يشهد تبادل ما يقرب من 150 مليون بطاقة تهنئة سنوياً، ما يجعله العيد الثاني شعبية في إرسال البطاقات بعد عيد الميلاد وتعود قصة القديس فالنتاين الى العصور الرومانية القديمة و العصر الفيكتوري في إنجلترا وفي أسطورة القديس فالنتاين يمزج عيد الحب مجموعة من الطقوس المتداخلة ما بين الرومانية المسيحية والقديمة، وفي تاريخ الكنيسة الكاثوليكية هناك 3 أشخاص على الأقل مختلفون يحلمون اسم فالنتان أو فالنتينوس، وجميعهم ماتوا لأجل عقيدتهم ومبادئ الحب التي آمنو بها

و تقول إحدى الأساطير إن فالنتاين كان كاهناً خدم خلال القرن الثالث في روما، عندما قرر الإمبراطور كلوديوس الثاني أن تكون خدمة الرجال العزاب في الجندية  أفضل من المتزوجين الذين يعيلون أُسراً، وتبعا لذلك قرر حظر الزواج على الشباب.

لكن أساطير أخرى وقصص تقول إن فالنتاين قُتل لمحاولته مساعدة المسيحيين الهروب من السجون الرومانية القاسية، حيث كانوا يتعرضون للضرب والتعذيب المبرح.

وفي قصة ثالثة فإن فالنتاين الذي كان مسجوناً،و كان لسجانه ابنة صغيرة السن  هام بها عشقاً وكانت تزوره في الحبس وقبل أن ينفذ عليه حكم الإعدام قام بكتابة رسالة هيام إلى تلك المحبوبة، بعنوان "من فالنتينك" وهي الطريقة التي لا تزال مستعملة إلى اليوم في شكل بطاقات الحب التي يتبادلها المحبون والتي أرخت لهذه المناسبة،.

ولكن على الرغم من كل تلك القصص تظل حقيقة فالنتاين وعيد الحب شبه غامضة إلى اليوم، برغم من أن هذه الشخصية باتت واسعة الشعبية في فرنسا وبريطانيا منذ العصور الوسطى، كرمز من رموز الرومانسية لكن هناك اعتقاد سائد أن عيد الحب في منتصف شباط هو احتفالا بالذكرى السنوية لوفاة أو إعدام الكاهن فالنتاين، التي ربما وقعت حوالي 270 ميلادية. 

لكن هناك رواية  أخرى أكثر تذكر أن اختيار منتصف شباط جاء ليوافق عيد اللوبركاليا Lupercalia وهو مهرجان سنوي كان الرومان يقيمونه في الخامس عشر من شهر شباط تكريماً للوبركوس إله الحقول والقطعان، وذلك بغية ضمان الخصب للناس والقطعان والقول وقد أرادت الكنيسة من هذا التاريخ وربطه بمناسبة جديدة أن تضع هذا المهرجان في سياق مسيحي وتحرره من نمطه الوثني محافظة على موعده نفسه ويلاحظ تقارب طبيعة العيدين الوثني القديم والمسيحي في أن كليهما يعنى بالخصب والحب كرمز لاستمرار النسل،   و كان مهرجان "اللوبركاليا" يشهد وضع النساء أسماءهن في جرة كبيرة، يقوم الرجال العزاب باختيار اسم عشوائي تكون من نصيبه وفي أغلب الأحوال تنتهي هذه اللعبة بـالزواج، و كان هذا المهرجان الوثني محظوراً من قبل الكنيسة اذ اعتبر منذ نهاية القرن الخامس الميلادي طقس غير مسيحي إلى أن أعلن البابا غاليليوس يوم 14 فبراير عيداً بديلاً للحب في المسيحية وهذه إحدى النظريات الشائعة حول الموضوع الذي ربما يكون أقرب للموضوعية 


وفي القرون الوسطى في أوروبا كان ثمة اعتقاد في فرنسا أن تاريخ ١٤ شباط هو موعد تزاوج الطيور وهو ما أعطى طابعاً رومانسياً إضافياً للمناسبة .

وتعتبر القصيدة التي كتبها "تشارلز دوق أورليانز" لزوجته  عام ١٤١٥ م  بينما كان مسجوناً في برج لندن بعد القبض عليه في معركة أجينكورت بين الجيشين الإنجليزي والفرنسي اقدم بطاقة عيد حب معروفة وهي الآن جزء من مخطوطات المكتبة البريطانية في لندن وبعد سنوات عدة  عمل الملك هنري الخامس على استأجار كاتباً يدعى جون ليدغيت لكي يكتب له مذكرة في عيد الحبر لكاثرين من سلالة آل فالوا الفرنسية.

ولكن على الرغم مما تقدم فرمزية العيد وأصوله تعود للمعتقدات الكنعانية السورية وهذا ما تؤكده الأساطير والرقم الأثرية.

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...