أين أصبحت هدنة الغوطة؟

27-11-2015

أين أصبحت هدنة الغوطة؟

يطرح تقدم الجيش السوري في محيط منطقة مرج السلطان أسئلة جدية حيال حقيقة ما قيل عن الهدنة في الغوطة الشرقية، وموقف المجموعات المسلحة التي بدأت تتنصل بسرعة من الأمر. فهل أصبحت التسوية في مهب الريح؟
 واستعاد الجيش مساحات جديدة في منطقة المرج بمدخل الغوطة الشرقية، مقترباً من مزارع الحجارية ودوما بالإضافة لمحيط المطار، وسط انسحاب مفاجئ من مقاتلي «جيش الإسلام»، في مقابل هدوء حذر على محور طريق حرستا وكذلك لجهة الغارات الجوية على الغوطة.
ولعل العمليات العسكرية الأخيرة تحمل أحد احتمالين، الأول أن الكلام عن هدنة محتملة في الغوطة قد أصبح من الماضي، والثاني هو أن المشروع ما زال قائماً بضغط روسي ـ سعودي، حيث يتم وضع الشروط والتحضير لها سرّياً بغض النظر عن الوضع الميداني.
ويقول مصدر معارض في الغوطة، إن الطرح كان قد بدأ قبل سنة تقريباً، حيث سعى احد شخصيات المعارضة في الداخل، بالتنسيق مع منظمات تعنى بتسوية النزاعات لما وصفه جس نبض الفصائل والهيئات المحلية لطرح تسوية تقوم على تجميد وقف إطلاق النار وفتح المعابر وتنقل المدنيين، غير أن الأمر سرعان ما تم التغاضي عنه قبل أن يتم الطرح هذه المرة بوساطة إقليمية، تدخلت فيها بعض شخصيات المعارضة السياسية مثل أحمد معاذ الخطيب الذي بدا موقفه أقرب لدعم قائد «جيش الإسلام» زهران علوش ضمن مفاوضات تمت في موسكو.
كما أن علوش لم يتردد كثيراً في القبول، ووصل الأمر لدرجة أن عدداً من الإعلاميين المقربين منه ومن الفصائل الأخرى بدأوا الحديث عن إمكانية تطبيق الهدنة بوصفها «سُنة نبوية»، مع إشارة إلى دور «الهيئات المدنية»، من دون الفصائل التي سبق وهاجمت بشراسة «جيش الفتح» بسبب قبوله هدنة الزبداني - كفريا والفوعة.
ووصل الأمر لدرجة أن بعض المجموعات المسلحة قد أعطت تعليمات بالتوقف عن إطلاق النار على الجبهات، وأخرى بدأت تستعد لإزالة الركام والأنقاض عن المعابر المغلقة منذ ثلاث سنوات، فيما بقيت «جبهة النصرة» و «أحرار الشام» خارج السرب، وأطلقا «معركة دمشق»، وهو ما يصفه المصدر بـ «استعراض إعلامي» لا اكثر، كما يرجح أنهما كانا وراء استهداف ساحة العباسيين وباب توما بعدد من قذائف الهاون قبل ثلاثة أيام.
وربط بعض الناشطين بين مسألة احتمال استخدام روسيا مطار الضمير العسكري كقاعدة للعمليات العسكرية وبين ضغط سعودي على «جيش الإسلام» للقبول بالهدنة، كمقدمة لإبعاده عن قائمة المستهدفين من التحالف الدولي ضد الإرهاب، ولاحقاً حجز مكان له في تسوية فيينا وغيرها.
لكن اللافت أن الإعلاميين المروجين للهدنة أنفسهم قد عادوا وبدأوا بالتنصل منها تدريجياً، مع أن أكثر من جهة مقربة من الفصائل أكدت أن القرار النهائي بشأن الموافقة على الهدنة لم يُحسم بعد، على الرغم من ضغط سياسي عبر الجهات الداعمة، وأبرزها الأردن والسعودية، وذلك مع الإشارة إلى أي تطورات ميدانية في مناطق أخرى، لا سيما الشمال.
والمؤكد بعد حملة الترويج ثم التراجع أن مشهداً جديداً في الغوطة قد ارتسم عبر ثلاث نقاط، الأول هو غياب أي قيادة عسكرية للمجموعات المسلحة في المنطقة، وثانياً الجزم بأن لا سلطة مدنية تعلو على قرار العسكر في المنطقة، وثالثاً زيادة الشرخ العسكري بين الفصائل نفسها، وبينها وبين المدنيين ممن حسموا رأيهم منذ ثلاث سنوات بالقبول بالهدنة، حين خرجت تظاهرات تطالب بها وتم قمعها، والإشارة إلى أن هؤلاء مأجورون.

طارق العبد

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...