طب الـ «أيورفيدا» الهندي تحت المجهر

29-01-2012

طب الـ «أيورفيدا» الهندي تحت المجهر

في محطة جديدة متألقة لمركز بحوث طبية بيولوجية في الهند، يتعاون علماء كيمياء وممارسو طبّ الـ «أيورفيدا» Ayurveda الهندي التقليدي. ويأمل بعض هؤلاء بإعادة إحياء فن الـ «أيورفيدا» القديم، مع تجديده عبر ترسيخ معايير علمية صارمة فيه. وفي معهد «الـ «أيورفيدا» والطب التكاملي» في الهند، الذي وصلت كلفته إلى 10 ملايين دولار، يُجري عشرات من الباحثين مسحاً دقيقاً لمخطوطات قديمة عن وصفات علاجية، تتضمّن زراعة نباتات طبية باتت نادرة الوجود. ومن جهة أخرى، يحاولون التعرّف إلى المركّبات الفعّالة في تلك النباتات، وتصنيعها بطرق الطب الحديث. وبموازاة ذلك، يستخدم الأطباء التشخيص الحديث من أجل صقل علاجات الـ «أيورفيدا» في مستشفى يضم 100 سرير، تابع للمعهد.

مصالحة أوروبا والهند

يدخل هذا المعهد في إطار جهود مشتركة من أجل تحسين سمعة الـ «أيورفيدا». ففي أيار (مايو) 2011، منع الاتحاد الأوروبي، المتخوف حيال استخدام الزئبق وغيره من المعادن الثمينة في المستحضرات، بيع بعض منتجات الـ «أيورفيدا» غير المرخصة.

ومنذ ذلك الوقت، بيّنت البحوث الأوروبية أن وصفات الـ «أيورفيدا» لا تتطابق مع المعايير العلمية التي ينشدها الاتحاد الأوروبي. وحتى في الهند، حيث يُمارس طب الـ «أيورفيدا» منذ 3500 عام، لاحظ فايديا بالندو براكاش، مدير مؤسسة البحوث في «مركز المعالجة بطب الـ «أيورفيدا»» في ديرادون، أن الناس يلجأون حاضراً إلى هذا النوع من الطب، كملاذ أخير بكل ما للكلمة من معنى.

وأملاً بالتمكن من السباحة عكس التيار السائد، أطلق «المجلس الهندي للبحوث العلمية والصناعية» في نيودلهي مبادرة بقيمة 25 مليون دولار، من أجل تحديث طبّ كان يمارسه أكثر من 500 ألف طبيب مسجّل في الهند. وتالياً، تخضع مجموعة كبيرة من المواد، بداية من الأعشاب الطبية ووصولاً إلى السموم الخالصة، إلى تدقيق تحت مجهر الطب الحديث، بموجب المبادرة عينها.

ويواجه مناصرو طب الـ «أيورفيدا» معركة صعبة، بالنظر إلى الطريقة التي تنظر بها العلوم الحديثة لهذا النوع من الطبّ، بحسب ما لاحظ رافيج كومار، عالِم كيمياء في «مركز «تاتا» لابتكار جزيئات كيماوية»، ومقرّه بلدة بيون الهندية.

ويقرّ براكاش أن وضع الـ «أيورفيدا» ضمن معايير علمية متينة لن يكون سهلاً. ويعطي مثلاً على ذلك دواء يدعى «ناجيفان» ينتمي إلى الجيل الثاني من وصفات الـ «أيورفيدا»، وقوامه الفضة والزئبق. جرى تطوير دواء «ناجيفان» على يد براكاش نفسه، الذي استعمله في معالجة أحد الأمراض المزمنة في نخاع العظام والدم. وفي «المعاهد الأميركية الوطنية للصحة» في باتسيدا، بولاية ماريلاند، قدّم براكاش في حزيران (يونيو) 2010 نتائج إيجابية عن استخدام دواء «ناجيفان»، ومجموعة أخرى من الأدوية. لكن باحثي «المعاهد الوطنية» دققوا في الأمر، وطالبوه بإعطاء بيانات أكثر وضوحاً عن الدواء والحالات التي عولِجت به.

الخوف من السموم

وأدّت الثقة التي يضعها أطباء الـ «أيورفيدا» في السموم، إلى تقويض سمعة هذا الطب، إذ تعرّض هذا المجال لضربة في آب (أغسطس) 2008 عندما أفاد روبرت سايبر وزملاؤه من مركز بوسطن الطبي بأن خُمْس أدوية الـ «أيورفيدا» (عددها 193) التي خضعت لاختبارات بعد شرائها عبر الإنترنت، يحتوي على مستويات مرتفعة من الرصاص والزئبق والزرنيخ. وفي مجلة «ذا جورنال أوف ذي أميركان مديكال أسوسييشن» The Journal of American Medical Association، دعا باحثون أميركيون حكومتهم إلى فرض شروط أكثر صرامةً على الجرعة اليومية من المعادن السامة الموجودة في المكمّلات الغذائية كافة. وعلّق دارشان شانكار، مؤسس «معهد الـ «أيورفيدا» والطب التكاملي» على الأمر بقوله إن هذا النداء أدى إلى ردّ فعل حادّ، ما فاقم انعدام الثقة الـ «أيورفيدا».

شكّك بعض الخبراء في تمكّن الـ «أيورفيدا» من نيل احترام الاختبارات العلمية الصارمة التي يعتمدها الطب الحديث. وأشار ماتاندا فارما سانكاران فالياثان، جراح القلب ومستشار سابق في جامعة «مانيبال» الهندية، إلى أن استخدام الضوابط العلمية يكتسب أهمية مركزية بالنسبة إلى الطب الحديث، وهو أمر لا يتناسب مع الـ «أيورفيدا». وأوضح أن هذا الطب القديم ينظر إلى كلّ فرد على أنه كائن فريد، وبالتالي، يفرض ما يرى أنه يتناسب معه في العلاج، بما فيها الأدوية والسلوك الأخلاقي الصالح وأسلوب العيش والنظام الغذائي، إذ يراها أمور مترابطة مع بعضها بعضاً.

المصدر: الحياة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...