أدونيس

18-06-2015

أدونيس: (فرس اسمها الموت)

ـ1ـ

< يحلم أن يرى في أيّة مركبةٍ فضائيّةٍ أثراً من اللغة التي خلّدها امرؤ القيس. أن يرى، على الأقلّ، أيّ منديلٍ تركَتْه أيٌّ من عشيقاته في أيّة

خيمةٍ من خيامهنّ.

ـ2ـ

أخذ من الثورة فرَساً سمّاها الموت،

أخذ من الموت فرَساً وقال: كوني بابَ السّماء.

ملاكٌ إلكترونيّ

يفتح الباب.

ـ3ـ

06-06-2015

أدونيس: (تباريح عربية)

1 -

تلك الشجرة ـ لم تترك أيّة وصيّة.

هكذا وَرِثَتها الريح.

- 2 -

سنابلُ كمثل المناديلِ تلوِّح بها الحقولُ لكي تحيّي شيخوخةَ الأفق.

كان الليلُ يفرشُ سريرَه لعاشقهِ ولتلك النّجمة التي تقرع بابَه، آملاً أن تهدأ وترقدَ بضعَ ساعاتٍ بين ذراعيه، قبل الوداع الأخير.

-3 -

«من زمنٍ تمّتْ الوحدة، عندهم، بين الكلام والحُطام.

بدءاً من ذلك، أخذَت تنشأ عندهم مشكلة كتابيّة، عصيّة على الحلّ، كما يبدو.

23-05-2015

أدونيس: («حبلُ السُّرّة» في الثقافة العربية المُعاصرة)

- 1 -

ثمّة قرابةٌ غير عائلية، لكنّها وثيقةٌ وعميقة، بين ريشة الغراب، وريشة الحِبْر.

لا تكفُّ الأولى عن الكتابة، قائلةً:

الحبُّ شخصان يُصبحان في الفراقِ طائراً واحداً وحيداً.

ولا تكفُّ الثانية عن الكتابة، قائلةً:

الحبُّ شخصان يُصبحان في اللقاءِ غابةً بلا حدود.

- 2 -

ليس الأملُ نقيضاً لليأس.

الأملُ يأسٌ آخر.

- 3 -

ما أشقى هذا التاريخ :

لحظةٌ من الحبّ،

أبديّةٌ من الكراهية.

- 4 -

09-05-2015

أدونيس: (لمَن هذا القلب الذي يخفقُ في قلبي؟)

ـ 1 ـ

نعيش لحظةً تاريخيّةً لا تموت فيها الفريسةُ وحدها. المفتَرِسُ، هو كذلك، يموت. لكن لكلٍّ منهما موته الخاصّ المختلف.

ونسمع أسئلةً كثيرةً حول قضايا كثيرةٍ متنوّعة ترتبط بهذه اللحظة، حاضراً وماضِياً. لكن لا نسمع سؤالاً واحداً حول المستقبل: كيف يُصنَعُ، وما يكون؟

ـ 2 ـ

«أكتب، لا لكي أستجمعَ نفسي،

بل لكي أُبَعْثرَها،

وليس لكي أطمئنها، بل لكي أقلقَها»:

مَن يصدِّق الشاعر في قوله هذا؟

ـ 3 ـ

عادةً، لا يكون الأحياءُ ظلالاً.

غيرَ أنّ التجربةَ تخرق هذه العادة.

27-03-2015

أدونيس: (ثلاثة شوارع / ثلاث مدن)

- 1 -

I . الشارع الأوّل

فاجأني في هذا الشارع، في تلك المدينة (مدينة للجميع وليست لأحد، وفقاً لعبارة نيتشه) أنّ الدالَّ فيه، كما يقول علماء اللغة، يغيّر مدلولَه باستمرار: يتأرجح يمنةً ويسرَةً، هبوطاً وصعوداً. موجٌ بين الموج والموج، حيناً. رملٌ بين الرّمل والرّمل، حيناً آخر.

13-02-2015

أدونيس: (بيروت، ألفُ مدينة ومدينة ـ I)

- 1 -

كثيراً، أتذكّر تلك اللحظة العالية التي التقيت فيها بيروت للمرّة الأولى، وكيف أخذتْ ساحةُ البرج تقصّ عليّ تاريخ البحر المتوسِّط، بدءاً منها.

أحياناً أحلم بتلك اللحظة، كأنّني أفكّر. وأحياناً أفكّر فيها كأنّني أحلم. ربما كان الحلم المكانَ الأرحبَ الذي يجمع بين الضّفاف، وبين الآفاق.

22-01-2015

أدونيس: (أين الجناح الآخر لطائر الحقيقة؟)

-1-

بدا المشهد في باريس (الأحد.11.1. 2015 ) مدهشاً، واقعاً ورمزاً: غربٌ موحد، ثقافياً وسياسياً، في التوكيد على الديمقراطية والتمسك بها، وعلى حقوق الإنسان وحرياته، وعلى رفض العنف والإرهاب في مختلف أشكالهما.

الأحرار في العالم العربي ينتمون إلى هذا المشهد ويعملون مع العاملين لكي يصبح كونياً.

09-01-2015

أدونيس: (قنٌّ هائل لتربية الدّجاج ( حوار مع صديق ))

- 1-

(...)

ـ أطفالٌ يولدون كالدّواجن. ينشأون، يعيشون، يتعلّمون كالدّواجن. ثمّ،

ذات يومٍ، ذاتَ لحظةٍ، لسببٍ أو آخر، مشارَكةً في وليمةٍ سياسيّةٍ،

أو احتفاءً بعرسٍ حربيٍّ،

يُذبَحون كالدّواجن.

إنّه العصر - قِنٌّ هائلٌ لتربية الدّجاج، من نيويورك إلى بيشاور،

مروراً بالبحر الأحمر الذي بدأ يَسْوَدّ.

14-12-2014

أدونيس: (أوركسترا لحرب «المئة سنة» الإسلاميّة - الإسلاميّة؟)

ـ 1 ـ

متى ستقول للشّبكة التي تُمسِك برأسك:

ابحثي عن صيدٍ آخر،

أو اذهبي إلى الجحيم.

ـ 2 ـ

هل «الرّبيع العربيّ» فاتحةُ أوركسترا مسلَّحة

تؤسِّس لحرب «المئة سنة» الإسلاميّة - الإسلاميّة ؟

ـ 3 ـ

لماذا تبدو الغيمةُ نفسُها في سماء تلك المدينة،

خندقاً حيناً، ونفقاً حيناً، وبرجاً حيناً؟

ـ 4 ـ

أوه! ما هذا النّشاز؟

يُصِرُّ على أن يلعب دور قائد الأوركسترا، إيّاها،

وهو لا يعرف أيَّة آلةٍ موسيقيّة،

ولا يفقه أيّ شيءٍ في عِلم الإيقاع!

27-11-2014

أدونيس: (كيركيغارد، وجهٌ مرسومٌ على الهواء)

(زيارة إلى كوبنهاغن)

I - شمسٌ في الشوارع

كلّ نظــرةٍ تلقيـهـا الشمــسُ على كوبنهاغن،

تتحوّل إلى حدائقَ وتماثيلَ،

إلى انحِناءٍ سماويٍّ كمثل كنيسةٍ

تسبح في الفضاء،

ويُضيئُها الأسقف أَبْسالُون.

لهذه النّظرة أبجديّةُ هوامِشَ وتفاصيل

قرأَها عليّ ذلك الطّالعُ من الأبجديّة الأولى،

حنّا زياده.

في كلِّ هامشٍ، في كلِّ تفصيلٍ،

شبَحٌ يتصاعد من فضاءٍ يتموّج بين يدَي أبسالون.

هكذا،

في الشّوارع والأزقّة، القصور والمتاحف،