الصراع السياسي المغاربي ومستقبل القوى الإسلامية

16-11-2011

الصراع السياسي المغاربي ومستقبل القوى الإسلامية

Image
Arab

الجمل: تشير المعطيات الجارية في منطقة المغرب العربي إلى أن بلدانها الخمسة (ليبيا ـ تونس ـ الجزائر ـ المغرب ـ موريتانيا) سوف تتعرض إلى المزيد من الاهتزازات والزلازل الأكثر عنفاً بما يمكن أن يؤدي إلى تشكل بيئة سياسية إقليمية مغاربية جديدة، فما هي حقيقة الأوضاع وتطورات الأحداث والوقائع الجارية في بلدان المغرب العربي: هل هي خطوة للأمام، أم خطوتان للوراء؟

* الصراع السياسي المغاربي:  توصيف المعلومات الجارية
تتكون الخارطة الجغرافية السياسية المغاربية من ليبيا ـ تونس ـ الجزائر ـ المغرب ـ موريتانيا، إضافة إلى الصحراء الغربية، والتي لم تتحدد هويتها السياسية الرسمية بعد: هل تشكل دولة مستقلة، أم سيتم ضمها إلى المملكة المغربية، وحالياً، تشير التطورات الجارية إلى الآتي:

•    تونس: تمت الإطاحة بنظام الرئيس زين العابدين بن علي الأمر الذي أدى إلى انهيار النظام السياسي المدني التونسي الذي ظل أكثر تأثراً بالسياق الدولاتي التركي الأتاتوركي، تقول آخر المعلومات بأن حركة النهضة الإسلامية وحلفائها الإسلاميين الآخرين، قد سيطروا على البرلمان بعد الفوز بنتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة، وبكلمات أخرى، فإن تونس أصبحت الآن في أولى عتبات الدولة الإسلامية.

•    ليبيا: تمت الإطاحة بنظام الزعيم الليبي معمر القذافي، الأمر الذي وإن أدى من جهة إلى انهيار النظام الجماهيري ـ الشعبي ذي التوجهات العلمانية،  فإنه من الجهة الأخرى لم يسفر عن صعود نظام له توجهات واضحة، وحالياً يعتبر المجلس الانتقالي الليبي هو الكيان المسيطر والذي أصبح يتعرض إلى المزيد من الاستقطابات العدائية والاصطفافات الحادة بين القوى العلمانية والقوى الإسلامية، وحالياً يسعى كل طرف إلى تأمين سيطرته على المرافق الحيوية تحسباً للمواجهة المتوقعة مع الطرف الآخر، فالإسلاميون يسيطرون على القدرات العسكرية، وأيضاً على المناطق الريفية والشمالية الشرقية، في مواجهة العلمانيين الذين يسيطرون على المناطق الشمالية الغربية، وبعض الشرائح الحضرية الموجودة في المدن الكبرى. وتشير التوقعات إلى تزايد قوة الإسلاميين الليبيين ومن أبرزهم مصطفى عبد الجليل رئيس المجلس الانتقالي الليبي الذي أعلن صراحة عن توجهات الدولة الليبية نحو الخلافة الإسلامية.

•    الجزائر: يتميز المسرح السياسي الجزائري في الوقت الحالي بالمزيد من عمليات التعبئة السلبية الفاعلة، فالتناقض الانقسامي ما زال قائماً بين جبهة التحرير الوطني الجزائري التي تسيطر على السلطة وأجهزة الدولة والمؤسسات السياسية والأمنية والعسكرية، والقوى الإسلامية التي تتميز بوجود جناحين أحدهما الجبهة الإسلامية للإنقاذ وتمثل الجناح السياسي، وتنظيم القاعدة في المغرب العربي، والجماعات الإسلامية السلفية التي تمثل الذراع العسكري، وتقول المعلومات بأن المزيد من المسلحين الإسلاميين بدأوا عملية انتقال واسعة النطاق عبر الحدود الليبية إلى داخل أراضي وسط وجنوب الجزائر، وتقول التسريبات بأن حركة الاحتجاجات السياسية الجزائرية، التي سبق وأن قادتها الجماعات الإسلامية، لم تنته به، وكل ما في الأمر أن مخزونات العنف السياسي ما تزال كامنة تحت السطح في المسرح الجزائري الذي يتميز هذه الأيام بالاستقطابات السياسية والدينية الحادة ضمن ما يمكن تسميته بـ"الهدوء المشوب بالحذر".

•    المملكة المغربية: اندلعت حركة الاحتجاجات السياسية المغربية في منتصف شهر شباط (فبراير) 2011م الماضي، وتميزت باختلاط الإشارات، فقد شاركت فيها القوى الإسلامية جنباً إلى جنب مع القوى اليسارية، والقوى السياسية المعتدلة ذات التوجهات المدنية، هذا، واختلفت التوجهات المطلبية، ففي حين طالبت القوى الإسلامية بإسقاط النظام الملكي، فقد طالبت القوى الأخرى بإجراء الإصلاحات والتعديلات الفاعلة لجهة تحول النظام السياسي المغربي من نظام الملكية المطلقة إلى نظام الملكية المقيّدة دستورياً، وفي هذا الخصوص تقول التحليلات بأن النظام الملكي المغربي قد وجد الفرصة سانحة لجهة الموافقة على إجراء التعديلات والإصلاحات والدعوة لانتخابات برلمانية مبكرة، وتقول المعلومات، بأن النظام الملكي قد فاجأ الأطراف المعارضة بالدعوة للانتخابات البرلمانية المبكرة ضمن قانون جديد تم وضعه ضمن سياق لا ينطوي على أي تعديلات، ويعطي النظام الملكي المزيد من الصلاحيات، وأضافت المعلومات بأن الانتخابات المغربية تواجه المزيد من المقاطعة الشعبية والسياسية، وتشير التوقعات إلى أن الساحة السياسية المغربية سوف تشهد خلال الأسابيع المقبلة شتاءً ساخناً، بدأت بواكيره على خلفية اندلاع فعاليات المظاهرات والاحتجاجات التي بدت هذه الأيام وهي تأخذ طابعاً متزايداً لجهة حجم المشاركين الكبير وشمولها وتمددها في معظم المدن، إضافة إلى ارتفاع شدة العنف السياسي. وتفيد التقارير بأن الحركات الإسلامية المغربية تتميز حالياً بالفرصة الأكبر لجهة السيطرة على فعاليات الاحتجاجات وبسبب تأثير النفوذ الأمريكي ـ الفرنسي ـ الإسرائيلي، فمن غير المتوقع أن تؤدي فعاليات الاحتجاجات المغربية إلى تغيرات أساسية في بنية النظام الملكي، ولكن استمرار فعالياتها يمكن أن يؤدي تدريجياً إلى تصدّع أركان هذا النظام، وإذا تجاوزت الاحتجاجات نقطة السيطرة بفعل الزخم الأكبر الذي يمكن أن تحصل عليه بفعل تأثير الاحتجاجات الليبية والتونسية والجزائرية المتوقعة، فإن أطراف مثلث واشنطن ـ باريس ـ تل أبيب سوف تجد نفسها مضطرة لجهة التخلي عن النظام الملكي المغربي والبحث عن صيغة سياسية جديدة.

•    موريتانيا: شهدت الساحة السياسية الموريتانية، المزيد من التقلبات خلال الأربعة أعوام الماضية، وحالياً، وبرغم بعد موريتانيا النسبي عن التطورات التي حدثت في تونس وليبيا، فإن القوى السياسية الموريتانية تتعرض حالياً لعملية استقطابات سياسية شديدة الحدة، بفعل الخلافات الجارية حول الأوضاع الدستورية والسياسية، إضافة إلى ضغوط تدهور الأوضاع الاقتصادية، هذا، وتجدر الإشارة إلى أن موريتانيا شهدت خلال الأشهر الماضية حركات احتجاج سياسي متقطعة ومنخفضة الشدة، تضمنت المواجهة بين تيار الإسلاميين الموريتانيين الصاعد، والتيار المدني العلماني، وعلى خلفية تزايد فعاليات تنظيم القاعدة في المناطق الموريتانية النائية، فمن المتوقع أن تشهد موريتانيا خلال الفترة القادمة حراكاً متزايداً بواسطة الإسلاميين الموريتانيين، والذين تقول المعلومات والتسريبات بأن معظم عناصرهم الفاعلة تنخرط حالياً في مسرح الصراع الليبي، وعلى الأغلب أن يتزامن اشتعال المسرح الموريتاني مع اشتعال المسرح الجزائري، وذلك بسبب ارتباط الحركات الإسلامية الموريتانية الشديد بالحركات الإسلامية الجزائرية.

نلاحظ هنا أن الخاصية الأكثر حضوراً تتمثل في أن الحركات الإسلامية الناشطة في بلدان المغرب العربي ترتبط جميعها ضمن قوام سياسي موحد، أشبه بالاتحاد الكونفيدرالي الإسلامي غير المعلن، وفي هذا الخصوص لاحظت التقارير أن الحركات الإسلامية المغاربية لا تتميز بالاصطفاف وتعبئة العضوية على أساس الانتماء الوطني، وإنما على أساس الانتماء الإسلامي المغاربي، فالعديد من قادة الحركات والجماعات الإسلامية التي قاتلت ضد نظام الزعيم القذافي هم من الجزائريين والموريتانيين والتونسيين، ونفس الشيء بالنسبة للجزائر ولموريتانيا نفسهما.

* الربيع العربي: وإعادة إنتاج ثنائية "المغرب الإسلامي" و"المشرق الإسلامي"
أشارت آخر التفسيرات، إلى أن عملية التحليل السياسي المقارن لما يجري حالياً في بلدان المغرب العربي، وبلدان شرق المتوسط، تشير إلى الآتي:
•    وجود صعود سياسي متزايد للحركات الأصولية الإسلامية والسلفيات الجهادية المسلحة في بلدان المغرب العربي وبلدان شرق المتوسط.
•    استطاعت الحركات الأصولية الإسلامية، النفاذ إلى عمق فعاليات الاحتجاجات السياسية والسيطرة عليها بما أدى إلى إكساب هذه الاحتجاجات طابعاً دينياً متفاوت الشدة.
•    تزايد قوة محور الرياض ـ الدوحة، وعلى وجه الخصوص لجهة القيام بتغذية ودعم الحركات الاحتجاجية في بلدان المغرب العربي ذات الطابع غير الملكي، وأيضاً في بلدان شرق المتوسط باستثناء الأردن الذي يعتمد النظام السياسي الملكي.
•    صعود نفوذ الإسلاميين في تركيا تحت قيادة حزب العدالة والتنمية، والذي انضم إلى التحالف الشرق أوسطي الذي يضم السعودية وقطر، بما أدى بالضرورة إلى صعود مثلث أنقرا ـ الرياض ـ الدوحة.

وتأسيساً على ذلك، فقد سعت واشنطن إلى تغيير قواعد اللعبة، عن طريق استخدام الحركات الاحتجاجية كوسيلة لجهة استهداف خصومها الشرق أوسطيين، وفي مقدمتهم سوريا وإيران إضافة إلى حزب الله اللبناني، باعتبارهم يشكلون مصدر التهديد الرئيسي لأمن إسرائيل. وبرغم ذلك، تقول العديد من التحليلات، بأن وقوف واشنطن إلى جانب أطراف مثلث أنقرا ـ الرياض ـ الدوحة، هو وقوف تكتيكي مؤقت، وإلى حين أن تضمن واشنطن انتشار حالة الفوضى وعدم الاستقرار في المنطقة، فعندها سوف يكون لكل حادث حديث.
على المدى القصير، سوف تتزايد طموحات الحركات الإسلامية الشرق أوسطية، من أجل إعادة إنتاج مشروع المغرب الإسلامي، ومشروع المشرق الإسلامي، وعلى الأغلب أن تسعى الحركات الإسلامية المصرية بقيادة تنظيم الإخوان المسلمين المصري لجهة الربط بين المشروع المغربي والمشرقي، وعلى الأغلب أن يؤدي ذلك إلى إرباك حسابات الدور التركي الساعي لجمع المغرب الإسلامي والمشرق الإسلامي تحت مظلة عثمانية جديدة. فهل يا ترى سوف يكتمل المشروع أم يتعثر ويتكسر أمام القوتان السورية والجزائرية؟ وكما يقول الشاعر العربي: ستبدي لك الأيام ما كنت جاهل..

الجمل ـ قسم الدراسات والترجمة

الجمل: تشير المعطيات الجارية في منطقة المغرب العربي إلى أن بلدانها الخمسة (ليبيا ـ تونس ـ الجزائر ـ المغرب ـ موريتانيا) سوف تتعرض إلى المزيد من الاهتزازات والزلازل الأكثر عنفاً بما يمكن أن يؤدي إلى تشكل بيئة سياسية إقليمية مغاربية جديدة، فما هي حقيقة الأوضاع وتطورات الأحداث والوقائع الجارية في بلدان المغرب العربي: هل هي خطوة للأمام، أم خطوتان للوراء؟

* الصراع السياسي المغاربي:  توصيف المعلومات الجارية

تتكون الخارطة الجغرافية السياسية المغاربية من ليبيا ـ تونس ـ الجزائر ـ المغرب ـ موريتانيا، إضافة إلى الصحراء الغربية، والتي لم تتحدد هويتها السياسية الرسمية بعد: هل تشكل دولة مستقلة، أم سيتم ضمها إلى المملكة المغربية، وحالياً، تشير التطورات الجارية إلى الآتي:

·       تونس: تمت الإطاحة بنظام الرئيس زين العابدين بن علي الأمر الذي أدى إلى انهيار النظام السياسي المدني التونسي الذي ظل أكثر تأثراً بالسياق الدولاتي التركي الأتاتوركي، تقول آخر المعلومات بأن حركة النهضة الإسلامية وحلفائها الإسلاميين الآخرين، قد سيطروا على البرلمان بعد الفوز بنتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة، وبكلمات أخرى، فإن تونس أصبحت الآن في أولى عتبات الدولة الإسلامية.

·       ليبيا: تمت الإطاحة بنظام الزعيم الليبي معمر القذافي، الأمر الذي وإن أدى من جهة إلى انهيار النظام الجماهيري ـ الشعبي ذي التوجهات العلمانية،  فإنه من الجهة الأخرى لم يسفر عن صعود نظام له توجهات واضحة، وحالياً يعتبر المجلس الانتقالي الليبي هو الكيان المسيطر والذي أصبح يتعرض إلى المزيد من الاستقطابات العدائية والاصطفافات الحادة بين القوى العلمانية والقوى الإسلامية، وحالياً يسعى كل طرف إلى تأمين سيطرته على المرافق الحيوية تحسباً للمواجهة المتوقعة مع الطرف الآخر، فالإسلاميون يسيطرون على القدرات العسكرية، وأيضاً على المناطق الريفية والشمالية الشرقية، في مواجهة العلمانيين الذين يسيطرون على المناطق الشمالية الغربية، وبعض الشرائح الحضرية الموجودة في المدن الكبرى. وتشير التوقعات إلى تزايد قوة الإسلاميين الليبيين ومن أبرزهم مصطفى عبد الجليل رئيس المجلس الانتقالي الليبي الذي أعلن صراحة عن توجهات الدولة الليبية نحو الخلافة الإسلامية.

·       الجزائر: يتميز المسرح السياسي الجزائري في الوقت الحالي بالمزيد من عمليات التعبئة السلبية الفاعلة، فالتناقض الانقسامي ما زال قائماً بين جبهة التحرير الوطني الجزائري التي تسيطر على السلطة وأجهزة الدولة والمؤسسات السياسية والأمنية والعسكرية، والقوى الإسلامية التي تتميز بوجود جناحين أحدهما الجبهة الإسلامية للإنقاذ وتمثل الجناح السياسي، وتنظيم القاعدة في المغرب العربي، والجماعات الإسلامية السلفية التي تمثل الذراع العسكري، وتقول المعلومات بأن المزيد من المسلحين الإسلاميين بدأوا عملية انتقال واسعة النطاق عبر الحدود الليبية إلى داخل أراضي وسط وجنوب الجزائر، وتقول التسريبات بأن حركة الاحتجاجات السياسية الجزائرية، التي سبق وأن قادتها الجماعات الإسلامية، لم تنته به، وكل ما في الأمر أن مخزونات العنف السياسي ما تزال كامنة تحت السطح في المسرح الجزائري الذي يتميز هذه الأيام بالاستقطابات السياسية والدينية الحادة ضمن ما يمكن تسميته بـ"الهدوء المشوب بالحذر".

·       المملكة المغربية: اندلعت حركة الاحتجاجات السياسية المغربية في منتصف شهر شباط (فبراير) 2011م الماضي، وتميزت باختلاط الإشارات، فقد شاركت فيها القوى الإسلامية جنباً إلى جنب مع القوى اليسارية، والقوى السياسية المعتدلة ذات التوجهات المدنية، هذا، واختلفت التوجهات المطلبية، ففي حين طالبت القوى الإسلامية بإسقاط النظام الملكي، فقد طالبت القوى الأخرى بإجراء الإصلاحات والتعديلات الفاعلة لجهة تحول النظام السياسي المغربي من نظام الملكية المطلقة إلى نظام الملكية المقيّدة دستورياً، وفي هذا الخصوص تقول التحليلات بأن النظام الملكي المغربي قد وجد الفرصة سانحة لجهة الموافقة على إجراء التعديلات والإصلاحات والدعوة لانتخابات برلمانية مبكرة، وتقول المعلومات، بأن النظام الملكي قد فاجأ الأطراف المعارضة بالدعوة للانتخابات البرلمانية المبكرة ضمن قانون جديد تم وضعه ضمن سياق لا ينطوي على أي تعديلات، ويعطي النظام الملكي المزيد من الصلاحيات، وأضافت المعلومات بأن الانتخابات المغربية تواجه المزيد من المقاطعة الشعبية والسياسية، وتشير التوقعات إلى أن الساحة السياسية المغربية سوف تشهد خلال الأسابيع المقبلة شتاءً ساخناً، بدأت بواكيره على خلفية اندلاع فعاليات المظاهرات والاحتجاجات التي بدت هذه الأيام وهي تأخذ طابعاً متزايداً لجهة حجم المشاركين الكبير وشمولها وتمددها في معظم المدن، إضافة إلى ارتفاع شدة العنف السياسي. وتفيد التقارير بأن الحركات الإسلامية المغربية تتميز حالياً بالفرصة الأكبر لجهة السيطرة على فعاليات الاحتجاجات وبسبب تأثير النفوذ الأمريكي ـ الفرنسي ـ الإسرائيلي، فمن غير المتوقع أن تؤدي فعاليات الاحتجاجات المغربية إلى تغيرات أساسية في بنية النظام الملكي، ولكن استمرار فعالياتها يمكن أن يؤدي تدريجياً إلى تصدّع أركان هذا النظام، وإذا تجاوزت الاحتجاجات نقطة السيطرة بفعل الزخم الأكبر الذي يمكن أن تحصل عليه بفعل تأثير الاحتجاجات الليبية والتونسية والجزائرية المتوقعة، فإن أطراف مثلث واشنطن ـ باريس ـ تل أبيب سوف تجد نفسها مضطرة لجهة التخلي عن النظام الملكي المغربي والبحث عن صيغة سياسية جديدة.

·       موريتانيا: شهدت الساحة السياسية الموريتانية، المزيد من التقلبات خلال الأربعة أعوام الماضية، وحالياً، وبرغم بعد موريتانيا النسبي عن التطورات التي حدثت في تونس وليبيا، فإن القوى السياسية الموريتانية تتعرض حالياً لعملية استقطابات سياسية شديدة الحدة، بفعل الخلافات الجارية حول الأوضاع الدستورية والسياسية، إضافة إلى ضغوط تدهور الأوضاع الاقتصادية، هذا، وتجدر الإشارة إلى أن موريتانيا شهدت خلال الأشهر الماضية حركات احتجاج سياسي متقطعة ومنخفضة الشدة، تضمنت المواجهة بين تيار الإسلاميين الموريتانيين الصاعد، والتيار المدني العلماني، وعلى خلفية تزايد فعاليات تنظيم القاعدة في المناطق الموريتانية النائية، فمن المتوقع أن تشهد موريتانيا خلال الفترة القادمة حراكاً متزايداً بواسطة الإسلاميين الموريتانيين، والذين تقول المعلومات والتسريبات بأن معظم عناصرهم الفاعلة تنخرط حالياً في مسرح الصراع الليبي، وعلى الأغلب أن يتزامن اشتعال المسرح الموريتاني مع اشتعال المسرح الجزائري، وذلك بسبب ارتباط الحركات الإسلامية الموريتانية الشديد بالحركات الإسلامية الجزائرية.

نلاحظ هنا أن الخاصية الأكثر حضوراً تتمثل في أن الحركات الإسلامية الناشطة في بلدان المغرب العربي ترتبط جميعها ضمن قوام سياسي موحد، أشبه بالاتحاد الكونفيدرالي الإسلامي غير المعلن، وفي هذا الخصوص لاحظت التقارير أن الحركات الإسلامية المغاربية لا تتميز بالاصطفاف وتعبئة العضوية على أساس الانتماء الوطني، وإنما على أساس الانتماء الإسلامي المغاربي، فالعديد من قادة الحركات والجماعات الإسلامية التي قاتلت ضد نظام الزعيم القذافي هم من الجزائريين والموريتانيين والتونسيين، ونفس الشيء بالنسبة للجزائر ولموريتانيا نفسهما.

* الربيع العربي: وإعادة إنتاج ثنائية "المغرب الإسلامي" و"المشرق الإسلامي"

أشارت آخر التفسيرات، إلى أن عملية التحليل السياسي المقارن لما يجري حالياً في بلدان المغرب العربي، وبلدان شرق المتوسط، تشير إلى الآتي:

·       وجود صعود سياسي متزايد للحركات الأصولية الإسلامية والسلفيات الجهادية المسلحة في بلدان المغرب العربي وبلدان شرق المتوسط.

·       استطاعت الحركات الأصولية الإسلامية، النفاذ إلى عمق فعاليات الاحتجاجات السياسية والسيطرة عليها بما أدى إلى إكساب هذه الاحتجاجات طابعاً دينياً متفاوت الشدة.

·       تزايد قوة محور الرياض ـ الدوحة، وعلى وجه الخصوص لجهة القيام بتغذية ودعم الحركات الاحتجاجية في بلدان المغرب العربي ذات الطابع غير الملكي، وأيضاً في بلدان شرق المتوسط باستثناء الأردن الذي يعتمد النظام السياسي الملكي.

·       صعود نفوذ الإسلاميين في تركيا تحت قيادة حزب العدالة والتنمية، والذي انضم إلى التحالف الشرق أوسطي الذي يضم السعودية وقطر، بما أدى بالضرورة إلى صعود مثلث أنقرا ـ الرياض ـ الدوحة.

وتأسيساً على ذلك، فقد سعت واشنطن إلى تغيير قواعد اللعبة، عن طريق استخدام الحركات الاحتجاجية كوسيلة لجهة استهداف خصومها الشرق أوسطيين، وفي مقدمتهم سوريا وإيران إضافة إلى حزب الله اللبناني، باعتبارهم يشكلون مصدر التهديد الرئيسي لأمن إسرائيل. وبرغم ذلك، تقول العديد من التحليلات، بأن وقوف واشنطن إلى جانب أطراف مثلث أنقرا ـ الرياض ـ الدوحة، هو وقوف تكتيكي مؤقت، وإلى حين أن تضمن واشنطن انتشار حالة الفوضى وعدم الاستقرار في المنطقة، فعندها سوف يكون لكل حادث حديث.

على المدى القصير، سوف تتزايد طموحات الحركات الإسلامية الشرق أوسطية، من أجل إعادة إنتاج مشروع المغرب الإسلامي، ومشروع المشرق الإسلامي، وعلى الأغلب أن تسعى الحركات الإسلامية المصرية بقيادة تنظيم الإخوان المسلمين المصري لجهة الربط بين المشروع المغربي والمشرقي، وعلى الأغلب أن يؤدي ذلك إلى إرباك حسابات الدور التركي الساعي لجمع المغرب الإسلامي والمشرق الإسلامي تحت مظلة عثمانية جديدة. فهل يا ترى سوف يكتمل المشروع أم يتعثر ويتكسر أمام القوتان السورية والجزائرية؟ وكما يقول الشاعر العربي: ستبدي لك الأيام ما كنت جاهل..

 

 

الجمل ـ قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...