الإنسحاب من العراق والمربع العسكري الأمريكي الشرق أوسطي القادم

01-11-2011

الإنسحاب من العراق والمربع العسكري الأمريكي الشرق أوسطي القادم

Image
Air Bases_0

الجمل: أكدت التقارير الجارية بأن القوات الأمريكية التي سوف تنسحب من العراق بحلول نهاية العام الحالي سوف تتمركز في منطقة الخليج، الأمر الذي أثار مجموعة من الشكوك والتساؤلات حول طبيعة النوايا الأمريكية الجديدة، إضافة إلى نوايا حلفائها الخليجيين، فما هي طبيعة الانسحاب العسكري الأمريكي من العراق، وما هي طبيعة التمركز العسكري الأمريكي في الخليج؟ وما هي أبعاد وأهداف الاستراتيجية العسكرية الأمريكية واستراتيجية الأمن القومي الأمريكي في مرحلة ما بعد الخروج من العراق؟

* الوجود العسكري الأمريكي في الشرق الأوسط: الخليج بديلاً عن العراق؟
تقول المعلومات والتقارير بأن الإدارة الأمريكية قد عقدت العزم على إنفاذ قرار سحب القوات الأمريكية الموجودة في العراق، وإعادة انتشار هذه القوات في منطقة الخليج العربي، وفي هذا الخصوص، أشارت التقارير إلى المعلومات الآتية:
•    عدد القوات الأمريكية التي سوف تنسحب من العراق، سوف يكون في حدود 40 ألف جندي.
•    توجد في بلدان مجلس التعاون الخليجي الستة (السعودية ـ الكويت ـ البحرين ـ قطر ـ الإمارات ـ سلطنة عمان) 21 قاعدة عسكرية أمريكية.
•    تستضيف الكويت حالياً حوالي 23 ألف جندي أمريكي، وتتمتع القوات الأمريكية بحرية الحركة الكاملة فيما يعادل حوالي 60% من مساحة الأراضي الكويتية.
•    تستضيف دولة قطر مقر القيادة الوسطى الأمريكية، إضافة إلى قاعدة السيلية وقاعدة العيديد، إضافة إلى بعض المنشآت العسكرية الأمريكية الأخرى.
•    تستضيف البحرين مقر قيادة الأسطول الخامس البحري الأمريكي، إضافة إلى بعض المنشآت العسكرية الأمريكية الأخرى.
•    تستضيف سلطنة عمان العديد من القواعد العسكرية الجوية الأمريكية، إضافة إلى بعض المنشآت العسكرية البحرية الأمريكية.
•    تستضيف دولة الإمارات بعض المنشآت العسكرية الأمريكية.
هذا، وأضافت التقارير والمعلومات، بأن واشنطن سوف تسعى إلى توزيع قواتها المنسحبة من العراق في بلدان مجلس التعاون الخليجي، إضافة إلى القيام بنشر العديد من القطع البحرية العسكرية الأمريكية في مياه الخليج العربي، والتي سوف تعمل كقواعد عسكرية بحرية متحركة.

* الذرائع العسكرية الأمريكية: لماذا إعادة نشر القوات الأمريكية في الخليج العربي
أشارت التصريحات الرسمية الأمريكية، وتعليقات الخبراء والتحليلات السياسية إلى أن قرار الإدارة الأمريكية بإعادة نشر قواتها المنسحبة من العراق في منطقة الخليج، يعود إلى الأسباب الآتية:
•    ترغب الإدارة الأمريكية في الاحتفاظ بوجود عسكري معتبر في منطقة الشرق الأوسط، وبالتالي، فإن انسحاب القوات الأمريكية من العراق، يجب أن يفهم على أساس اعتبارات أنه خروج للقوات من الأراضي العراقية فقط وليس من منطقة الشرق الأوسط، والتي سوف تسعى واشنطن خلال الفترات القادمة، إلى إرسال المزيد من القوات إليها.
•    سعت واشنطن إلى اعتماد خيار انسحاب القوات الأمريكية على أساس أنه قرار شكلي طالما أن الاتفاقية العسكرية ـ الأمنية العراقية الأمريكية سوف تتيح لواشنطن حق البقاء العسكري في العراق، إضافة إلى اعتقاد واشنطن بأن الساسة العراقيين الحاليين سوف يظلون أكثر تمسكاً باستمرار الوجود العسكري الأمريكي لفترة أطول على غرار ما حدث في ألمانيا وكوريا الجنوبية واليابان والفلبين، ولكن، وبرغم التوافق المبدئي الأمريكي ـ العراقي  على وجود 20 ألف جندي أمريكي في العراق بعد الانسحاب، فقد تشدد العراقيين في عدم الموافقة على منح الجنود الأمريكيين للحصانة المطلوبة، الأمر الذي دفع أمريكا إلى اعتماد قرار الانسحاب، طالما أن البديل الخليجي المتاح لتمركز هذه القوات سوف يوفر للقوات الأمريكية الحصانة المطلوبة، إضافة إلى البقاء لفترة أطول في منطقة الشرق الأوسط، خاصة أن العقل الاستراتيجي الأمريكي يقلل من أهمية الفرق الجغرافي بين التمركز العسكري الأمريكي في العراق، أو في الخليج باعتبارهما يمثلان شيئاً واحداً على أساس اعتبارات معطيات  علم الجغرافيا العسكرية.
•    القوات الأمريكية الموجودة في العراق، هي قوات تندرج ضمن ولاية القيادة الوسطى الأمريكية، وبالتالي فإن وجود هذه القوات في منطقة الخليج، يتيح لواشنطن عدم التورط في إضعاف قدرات القيادة الوسطى العسكرية، وبمثلما كانت هذه القوات تحت ولاية القيادة الوسطى عندما كانت في العراق، فإن وجود هذه القوات في منطقة الخليج معناه بالضرورة أنها ما زالت ضمن منطقة ولاية القيادة الوسطى العسكرية الأمريكية المسؤولة عنها.
هذا، وبرغم تواتر صدور التقارير الإخبارية التي تطرقت بكثافة للمعلومات القائلة بأن واشنطن سوف تقوم بسحب قواتها الموجودة حالياً في العراق، والبالغ عددها 40 ألف جندي، لجهة إعادة نشر هذه القوات في منطقة الخليج، فإن مصادر البنتاغون (وزارة الدفاع الأمريكية) لم تنشر أي تأكيدات لذلك، وفقط تحدث كبار المسؤولين العسكريين الأمريكيين قائلين بأن قرار إعادة نشر القوات الأمريكية في منطقة الخليج لم يصدر حتى الآن، وبرغم وجود العديد من الخطط السابقة التي أعدها خبراء البنتاغون لمثل هذا السيناريو، فإن الأوضاع والمستجدات الجارية داخل وخارج أمريكا ما تزال قيد الاعتبار، وبالتالي فمن المتوقع أن يصدر القرار النهائي قريباً، وإن كان على الأرجح سوف يغلب خيار إعادة نشر القوات الأمريكية في منطقة الخليج.

* التمركز الأمريكي العسكري الإضافي: الأبعاد غير المعلنة لإعادة الانتشار الأمريكي في الخليج
تحدثت التسريبات عن العديد من النوايا الأمريكية، غير المعلنة، إزاء محفزات توجهات الإدارة الأمريكية لجهة إعادة نشر قواتها المنسحبة من العراق في منطقة الخليج، وفي هذا الخصوص يمكن الإشارة إلى النقاط الآتية:
•    تستطيع القوات الأمريكية أن تقوم بكل سهولة باحتواء أي خطر عسكري إيراني بشكل مبكر.
•    تستطيع القوات الأمريكية أن تقوم بكل سهولة بالعودة إلى داخل عمق المسرح العراقي، وذلك خلال فترة لا تتجاوز بضعة ساعات، في حالة حدوث مستجدات تتطلب ذلك.
•    وجود القوات الأمريكية في الخليج سوف يخفف أعباء الضغوط المالية التي يعاني منها البنتاغون حالياً، وبالتالي، كلما تواجد قدر أكبر من القوات الأمريكية في الخليج كلما قلت تكاليف نفقات ميزانية البنتاغون، طالما أن الذي سوف ينفق على هذه القوات هو الدول النفطية الخليجية الوافرة الثراء.
•    تمركز الأعداد الكبيرة من القوات الأمريكية في الخليج سوف يردع محاولات القوى العسكرية الإقليمية والدولية الأخرى من محاولات الدخول والحصول على موطئ قدم في منطقة الخليج النفطية الهامة لأمريكا.
هذأ، وأضافت التسريبات، بأن  الدول الخليجية نفسها هي التي سعت لمطالبة واشنطن بإبقاء قواتها المنسحبة من العراق في منطقة الخليج، وذلك بعد أن فشلت جهود هذه الدول في إقناع حكومة المالكي بالموافقة على استمرار بقاء القوات الأمريكية خلال فترة ما بعد الانسحاب، وإضافة لذلك فإن ما هو أكثر أهمية يتمثل في النقاط الآتية:
•    سعى الجمهوريون المسيطرون على الكونغرس لجهة التحايل على قرار أوباما بسحب القوات الأمريكية من العراق، عن طريق دعم البديل المتمثل في إعادة نشر هذه القوات في منطقة الخليج، وبحلول عام 2012 ومطلع عام 2013م، يستطيع الجمهوريون إعادة هذه القوات مرة أخرى إلى الأراضي العراقية، في حالة صعود رئيس جمهوري إلى البيت الأبيض.
•    سعت إسرائيل إلى الضغط على واشنطن من أجل عدم سحب القوات الأمريكية من العراق، وذلك تحت مبررات وذرائع أن معادلة حماية الأمن القومي الإسرائيلي سوف تختل في حالة خروج هذه القوات من العراق. وبالتالي حتى إذا خرجت هذه القوات فمن الأفضل ألا تخرج من منطقة الشرق الأوسط.
أما التسريبات الأكثر أهمية فتقول بأن الحديث عن قيام واشنطن بإعادة انتشار 40 ألف جندي أمريكي في منطقة الخليج هو أمر ينطوي على قدر من الصحة، وذلك لأن جزء كبير من هذه القوات سوف يتم نقله إلى الأردن، وذلك على أساس اعتبارات أن الأردن سوف تصبح قريباً جزءاً لا يتجزأ من منظومة دول مجلس التعاون الخليجي، وعلى وجه الخصوص في الاعتبارات المتصلة باتفاقية قوات درع الجزيرة واتفاقيات التعاون العسكري ـ الأمني مع دول المجلس. وفي هذا الخصوص أشارت التسريبات إلى الآتي:
•    التعاون العسكري الأمريكي ـ الأردني سوف يركز على مجالات أنشطة القوات البرية والجوية.
•    مجالات التعاون النوعي الأردني ـ الأمريكي سوف تركز على عمليات القوات الخاصة وعمليات مكافحة التمرد ومكافحة الجماعات المسلحة.
هذا، وأضافت التسريبات بأن إعادة انتشار القوات الأمريكية في منطقة الخليج، سوف تشمل القيام بالمزيد من عمليات التعبئة العسكرية، وبالذات لجهة تطوير التمركز العسكري الأمريكي بما سوف يشمل الآتي:
•    نشر شبكة دفاع صاروخي أمريكية في المنطقة.
•    نشر المزيد من القطع البرية الأمريكية ضمن مخطط إنفاذ السيطرة العسكرية البرية الأمريكية على مناطق غرب المحيط الهندي.
•    نشر المزيد من القواعد الجوية العسكرية الأمريكية، بما يتيح للقوات الأمريكية توجيه الضربات العسكرية ضد أي منطقة في الشرق الأوسط خلال فترة لا تتجاوز ساعة واحدة.
•    نشر المزيد من القواعد العسكرية البرية الأمريكية بما يتيح لأمريكا الوصول السريع لكافة مناطق الشرق الأوسط، وبالذات منطقة شرق المتوسط، طالما أن تمركز القوات الأمريكية في مناطق شمال السعودية سوف يجعل هذه القوات على مسافة مرمى حجر من لبنان وسوريا وإسرائيل، وغرب العراق.
على الأغلب أن تكشف الأسابيع القادمة المزيد من خفايا ملفات إعادة انتشار القوات الأمريكية المنسحبة من العراق في منطقة الخليج. مع ملاحظة أن الأسابيع الماضية قد كشفت عن قيام واشنطن بنشر المزيد من قواتها والطائرات بدون طيار في مناطق القرن الإفريقي وبالذات في جيبوتي وأثيوبيا، الواقعتان على الجانب الغربي من البحر الأحمر، وتحديداً المقابل لجهة اليمن والجزيرة العربية الواقعة على الجانب الشرقي من البحر الأحمر. الأمر الذي يشير إلى سعي البنتاغون لجهة القيام بإنشاء مربع عسكري أمريكي شرق أوسطي اتضحت نقاط ارتكازه الثلاثة: الوجود العسكري الأمريكي  في تركيا ـ الوجود العسكري الأمريكي في منطقة الخليج ـ الوجود العسكري الأمريكي في القرن الإفريقي، وقريباً سوف نسمع بالوجود العسكري الأمريكي في ليبيا بعد أن نجح "ثوار حلف الناتو" في الإطاحة بنظام الزعيم معمر القذافي.

الجمل ـ قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...