الارتدادات العكسية للسياسة الأمريكية ضد دمشق

17-08-2011

الارتدادات العكسية للسياسة الأمريكية ضد دمشق

الجمل: تزايدت اهتمامات خبراء جماعات اللوبي الإسرائيلي المعنيين بالشؤون الشرق أوسطية بملف الحدث السوري، وفي هذا الخصوص نرصد ثلاثة وجهات نظر سعت إلى تحليل ثلاثة جوانب تتعلق بتطورات الأحداث والوقائع السورية الجارية على المستويين الداخلي والخارجي.
* مسؤولية السفير الأمريكي عن سياسة واشنطن إزاء دمشق:السفير الأمريكي لدى دمشق روبرت فورد
تم إعداد هذه المقاربة بواسطة اليهودي ديفيد شينكر (مدير برنامج السياسات العربية بمعهد واشنطن، ومحلل الشؤون السياسية السورية واللبنانية بمكتب وزير الدفاع الأمريكي السابق دونالد رامسفيلد) ونشرتها صحيفة نيوريبابليك الأمريكية المرتبطة بجماعة المحافظين الجدد، وأشار ديفيد شينكر إلى مسؤولية السفير الأمريكي الحالي في دمشق روبرت فورد، عن توجهات السياسة الخارجية الأمريكية الحالية إزاء سورية، من خلال النقاط الآتية:
•    شكلت أحداث مدينة حماه السورية الأخيرة فرصة ثمينة لواشنطن لجهة الاستناد عليها كذريعة من أجل القيام بعمل حاسم ضد دمشق.
•    يعتبر السفير الأمريكي روبرت فورد، بمثابة المسؤول الأمريكي الرئيسي لجهة التأثير على قرار السياسة الأمريكية إزاء سورية، لأنه أولاً سفير أمريكا في سورية، وثانياً ـ وهو الأهم ـ لأنه قام بزيارة مدينة حماه، وأجرى تفاهمات مع رموز المعارضة الموجودين داخل المدينة.
•    سعى السفير الأمريكي فورد لجهة الإدلاء بإفادته حول أحداث مدينة حماه أمام لجنة مجلس الشيوخ الأمريكي، وفي هذه الجلسة وردت خلال إفادات السفير فورد عبارة تقول: "إن نظام سورية إما أن يكون غير قادر أو غير راغب في قيادة عملية الإصلاحات الديمقراطية".
•    الجمهوريون الذين يشكلون الأغلبية في الكونجرس الأمريكي كانوا يرغبون في أن يكتفي السفير فورد بعبارة "غير راغب"، ولكنه عندما قرنها بعبارة "غير قادر"، فقد أدى إلى إفادة غير واضحة.
•    تشير المعطيات إلى أن الأغلبية الجمهورية في الكونجرس سوف لن تصوت لصالح تزكية السفير فورد لجهة اعتماده في منصب السفير الأمريكي في سورية، الأمر الذي سوف يشكل ضربة قاصمة لمستقبل السفير فورد الدبلوماسي إضافة إلى الإضرار بمصداقية الإدارة الأمريكية التي اختارته لتولي منصب السفير الأمريكي في سورية.
هذا، وتأسيساً على هذه النقاط فقد أصبح واضحاً أن الجمهوريين سوف يسعون لجهة الوقوف جنباً إلى جنب مع رموز جماعات اللوبي الإسرائيلي وجماعة المحافظين الجدد لجهة تحميل السفير فورد المسؤولية عن ما يزعمون بأنه ضعف موقف واشنطن إزاء دمشق، إضافة إلى إنهاء عمل فورد كسفير أمريكي في دمشق سوف تتيح لهم فرصة تحقيق موقفهم الرافض بالأساس لوجود سفير أمريكي في سورية.
* تحليل المواجهات والوقائع العنيفة التي تحدث في سورية:
تم إعداد هذه المقاربة بواسطة اليهودي الأمريكي جفري وايت خبير جماعات اللوبي الإسرائيلي في الشؤون الأمنية والعسكرية، وثم نشرها على صفحة الموقع الإلكتروني الخاص بمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى تحت ورقة الرصد السياسي رقم (1840)، وفي هذه الورقة سعى الخبير جفري وايت، لجهة تحليل وقائع العنف السياسي التي حدثت في سورية عبر النقاط الآتية:
•    تتمتع دمشق بوجود العديد من الأجهزة القادرة على مواجهة واحتواء الخصم.
•    تتمتع المعارضة بوجود عدد قليل من العناصر المسلحة التي يمكن توظيفها في استهداف  دمشق.
•    في المناطق التي سعت فيها الفعاليات المعادية، سعت دمشق إلى استخدام قوة أكبر، وعلى وجه الخصوص في مدينة حماه، ومدينة دير الزور.
•    تضمنت تكتيكات دمشق، ليس العمل لجهة مواجهة المخاطر بعد وقوعها، وحسب، وإنما استباق حدوثها.
•    شملت تكتيكات دمشق مواجهة المناطق المتوترة عن طريق: عزلها ـ تقسيمها إلى مناطق صغيرة معزولة عن بعضها البعض ـ إظهار قدرة الردع ـ السيطرة على المواقع الرئيسية.
•    سعت دمشق لجهة التأكيد على حق الدفاع عن النفس في مواجهة خطر خصومها.
على خلفية هذه النقاط سعى الخبير جيفري وايت لجهة التأكيد على أن دمشق قد سعت لاستخدام القوة من أجل تحقيق المزيد من القمع المنظم، هذا وما كان لافتاً للنظر أن الخبير جيفري وايت قد تجاهل متعمداً الحديث عن أساليب وتكتيكات خصوم دمشق لجهة استخدام وتوظيف العنف. وبكلمات أخرى، فقد ركز الخبير جيفري وايت على تحليل العنف على أساس فرضية أنه عنف وحيد الاتجاه وذلك على النحو الذي اسقط عن الطرف الآخر أي مسؤولية. علماً بأن جيفري وايت قد أشار في بداية تحليله إلى تمتع المعارضة بوجود عدد قليل من المسلحين، ولكنه لم يوضح ما الذي قام هؤلاء المسلحين وما هو دورهم في العنف.
* المطلوب من واشنطن القيام به إزاء دمشق:
تم إعداد هذه المقاربة بواسطة اليهودي الأمريكي ميشيل سينج، ونشرتها مجلة فورين بوليسي، الشديدة الارتباط بجماعات اللوبي الإسرائيلي وتيار صقور الإدارة الأمريكية وعلى وجه الخصوص أجنحة اليمين الجمهوري واليمين الديمقراطي، وقد سعى الخبير ميشيل سينج إلى تحديد المطلوب من أمريكا القيام به إزاء دمشق من خلال النقاط الآتية:
•    يوجد تعارض بين وجهات النظر، بحيث يرى البعض بأن حركة الاحتجاجات العربية لن تنصب في مصلحة أميركا لأنها أسقطت حلفاء واشنطن حسني مبارك وزين العابدين بن علي، ويرى بعض آخر بأن حركة الاحتجاجات العربية تصب في مصلحة أميركا، لأنها تهدف لتحقيق التحولات الديمقراطية الذي ظلت واشنطن تسعى لتطبيقها في المنطقة.
•    يوجد تناقض في ردود فعل أميركا، فمن جهة سعت واشنطن لجهة التعامل بحزم مع ليبيا، لكنها في نفس الوقت كانت مترددة مع سورية.
•    ترتبط واشنطن بعلاقات وثيقة مع تركيا والسعودية ومن جهة تفتخر واشنطن بتركيا باعتبارها حليف إسلامي يعتمد نظام ديمقراطي. وفي نفس الوقت لا تسعى لجهة الضغط على حليفها الإسلامي السعودي باتجاه إنجاز وتحقيق تحولات ديمقراطية على غرار النموذج الديمقراطي الإسلامي التركي.
•    تواجه السياسة الخارجية الأمريكية الشرق أوسطية مأزقاً حرجاً، فهي لا تتعامل مع بلدان الشرق الأوسط بشكل موحد ينسجم مع قيم ومبادئ الشفافية، وبدلاً عن ذلك، تعتمد مواقف مختلفة تحت مبررات أن كل بلد شرق أوسطي يختلف عن الآخر. وبالتالي يتطلب كل بلد سياسة أمريكية خاصة به. الأمر الذي جعل البعض يتهمون واشنطن إما بالسذاجة أو بتعمد التعامل الانتقائي الذي يستهدف البعض ويغض النظر عن البعض الآخر.
هذا وقياساً على هذه النقاط، فقد سعى ميشيل سينج لجهة مطالبة الإدارة الأمريكية باتخاذ موقف واضح ومتشدد إزاء دمشق يكون على غرار الموقف الذي اتخذته إزاء مصر وتونس وليبيا على خلفية تصاعد الاحتجاجات، وفي هذا الخصوص تطرق ميشيل سينج لجهة مطالبة واشنطن بالآتي:
•     القيام بسحب السفير الأميركي فورد من سوريا: على النحو الذي يؤكد على إعلان واشنطن رسمياً عن قطيعتها مع دمشق.
•    الضغط على حلفاء أميركا، وعلى وجه الخصوص الأوربيين الغربيين، لجهة القيام بسحب سفرائهم من دمشق.
•    تشديد الضغط الاقتصادي والسياسي ضد دمشق.
•    العمل من أجل تكوين "مجموعة اتصال سورية" بما يضم حلفاء أميركا، والتي يجب أن تعمل من أجل تنسيق فرض العقوبات وعزل دمشق.
نلاحظ هنا أن الخبير ميشيل سينج قد بدأ عرض وجهة نظره بشكل وإن بدا منطقياً لجهة توصيف تناقض وتعاكس المواقف الأمريكية، فإنه وقع في مغالطة كبيرة، عندما طالب واشنطن باعتماد الموقف المتشدد إزاء دمشق وحدها، متجاهلاً ملف الاحتجاجات البحرينية، وملف الاحتجاجات اليمنية، وملف الاحتجاجات المغربية، إضافة إلى ملف الاحتجاجات السعودية، وهذا التجاهل، جعل من وجهة نظر الخبير ميشيل سينج هي أيضاً متناقضة وانتقائية مثلها مثل مواقف السياسة الخارجية الأمريكية الشرق أوسطية تنظر بعين الغضب للبعض، وبعين الرضا للبعض الآخر.    


الجمل ـ قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...