المفاضلات النخبوية التركية الجديدة إزاء الحدث السوري

11-08-2011

المفاضلات النخبوية التركية الجديدة إزاء الحدث السوري

الجمل: بدت مراكز الدراسات السياسية التركية هذه الأيام أكثر اهتماماً بإعداد ونشر الأوراق البحثية، وعقد الندوات وورش العمل التي تسلط الضوء على فعاليات الحدث السوري، وفي هذا الخصوص، يمكن الإشارة إلى وجود معالم جديدة تفيد لجهة تشكل نموذج جديد من الإدراك النخبوي السياسي التركي إزاء دول الشرق الأوسط، وعلى وجه الخصوص سورية: فماهي أبرز المعطيات الجديدة الواردة من هذه المراكز وعلى أساس الحسابات الاستراتيجية، وكيف تتباين وجهات النظر التركية بين دمشق كمصدر للاستقرار الإقليمي، ودمشق كمصدر للخطر الإقليمي؟خروج الدبابات السورية من حماه
* المفاضلات النخبوية التركية الجديدة: كيف تبدو سوريا اليوم وغداً؟
سعى مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية التركي لجهة تكثيف الاهتمامات بفعاليات الحدث السوري، وفي هذا الخصوص من بين المواد الكثيرة التي قام بإعدادها خبراء المركز، يمكن الإشارة إلى مادتين، تتميزان باختيار بعض النقاط شديدة الحساسية في مسار تطورات ووقائع الحدث السوري، وفي هذا الخصوص نشير إلى الآتي:
•    مقاربة نموذج جسر الشغور ـ حماه: تم إعداد هذه المقاربة بواسطة الدكتور فايسيل إيهان، البروفيسور بجامعة بيسال التركية، وخبير الشؤون الشرق أوسطية في المركز، وركز ضمن هذه المقاربة لجهة الإشارة إلى النقاط الآتية:
ـ سعت المعارضة السياسية السورية إلى تصعيد فعالياتها الاحتجاجية خلال شهر آذار (مارس) 2011م الماضي، عن طريق تسيير المظاهرات والمواكب.
ـ بعد ذلك بفترة قصيرة سعت هذه المعارضة إلى إضافة المزيد من التكتيكات والأساليب الجديدة، التي جمعت بين الوسائل الإحتجاجية المدنية، والوسائل الإحتجاجية العسكرية.
ـ تطورت ثنائية الوسائل الاحتجاجية المدنية ـ الوسائل الاحتجاجية العسكرية، وتصاعدت عملية استخدام الوسائل العسكرية بما أدى إلى قيام المعارضة باحتلال مدينة جسر الشغور واحتلال مدينة حماه.
ـ سعت دمشق لجهة خوض المواجهة، من خلال الآتي:
•    انتهاج المسار المزدوج، بحيث يتم العمل ضمن مسار إجراء الإصلاحات، وفي نفس الوقت العمل ضمن مسار القضاء على التصعيدات الخطيرة.
•    في البداية ظلّت دمشق تتعامل مع التصعيدات ضمن رد الفعل المناسب إذا تجاوزت هذه التصعيدات الحدود المعقولة، ولاحقاً، تحولت دمشق باتجاه التعامل ضمن مبدأ الاستباق، بما يودي إلى إجهاض التصعيدات الخطيرة، قبل حدوثها واستفحالها.
وخلصت هذه المقاربة إلى أن العملية التي نفذتها دمشق مؤخراً في حماه كانت تهدف إلى استباق المخاطر وإجهاضها من قبل ان تصل إلى مرحلة جسر الشغور، وما حفز دمشق أكثر فأكثر هو إدراكها التام لوجود نوايا لدى الطرف الآخر تهدف لجهة تكرار سيناريو جسر الشغور مرة اخرى ليس في حماه وحدها، وإنما في دير الزور أيضاً. تم العمل على استغلال وتوظيف سيناريو حماه وسيناريو دير الزور بما يخدم ذرائع استدعاء التدخل الخارجي الأجنبي. 

*  مقاربة الاحتراب الطائفي: تم إعداد هذه المقاربة بواسطة أوبتون أورهان، باحث الشؤون الشرق أوسطية بالمركز، وفي هذه الخصوص فقد أشارت المقاربة إلى النقاط الآتية:
ـ يمثل البعد الطائفي واحداً من المكونات المجتمعية ـ المدنية العامة في سورية.
ـ سعت دمشق خلال الحقب الماضية لجهة التأكيد على الطابع العلماني ـ المدني، والتقليل من الطابع الطائفي ـ الديني، بما أدى إلى احتباس هذا الطابع ضمن الحدود الدنيا.
ـ تركيز المعارضة على إشعال التصعيدات في مناطق جسر الشغور ـ حماه ـ درعا أدى إلى احتمالات أن تتحول هذه التصعيدات إلى نقاط إشتعال طائفي ـ ديني على النحو الذي يشكل تهديداً صريحاً للطابع العلماني ـ المدني.
ـ توجد أغلبية إسلامية سنية كبيرة في العاصمة دمشق وحلب ثاني أكبر مدينة، وبرغم ذلك فقد بقيت هذه الأغلبيات بمنأى عن السيناريو التصعيدي الذي حدث في جسر الشغور وفي مدينة حماه.
هذا وخلصت هذه المقاربة إلى النقاط الإستنتاجية الآتية.
•    شعبية الرئيس الاسد أكبر وأقوى من شعبية المعارضة السورية في المناطق المدنية، وبالذات في دمشق وحلب.
•    الشرائح المتعلمة والحضرية والعلمانية والمدنية أصبحت أكثر اهتماماً بجانب معارضة أي تغير محتمل إذا كان البديل هو قيام دولة دينية أياً كانت مذهبيتها. أو صعود قوى دينية أياً كانت توجهاتها أو مذهبياتها.
•    يمثل موقف الجيش عاملاً مهماً لجهة دعم وإسناد كل النظم السياسية الشرق اوسطية وحالياً لا توجد أي مؤشرات تدل على أي احتمالات لحدوث أي تفكك أو عدم تماسك في وحدة الجيش العربي السوري.
وإضافة لذلك أشارت هذه المقاربة إلى أن احتمالات حدوث أي تدخل عسكري دولي في سورية، هي احتمالات غير واردة، وذلك بسبب انتفاء شرطين أساسيين الأول هو: توافر القرار الدولي الذي يوصي بحدوث التدخل، والثاني هو وجود موافقة وقبول ودعم دول المنطقة، وبالتالي فقد حدث سيناريو التدخل العسكري الدولي في ليبيا بسبب توافر شرط القرار الدولي، وشرط مساندة ودعم جامعة الدول العربية، الأمر الذي لاتوجد أي احتمالات لحدوثه في حالة سورية.
الجمع بين معطيات مقاربة نموذج جسر الشغور ـ حماه، ومقاربة نموذج الحرب الطائفية هو جمع يشير بوضوح إلى أن رهان خصوم دمشق سوف يركز خلال الأسابيع المقبلة لجهة المضي قدماً في اسقاط نموذج الصراع الطائفي الدامي، وذلك بالتركيز حصراً على الآتي:
•    تأثير عامل إشعال المنطقة الشمالية المتاخمة لتركيا.
•    تأثير عامل تعميق الانقسامات الطائفية الداخلية.
•    تأثير عامل الدعم الخارجي وعلى وجه الخصوص بواسطة الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاءها الشرق أوسطيين والدوليين.
وبرغم إشارة المقاربتين إلى هذه التأثيرات الثلاثة، فإنها سعت لجهة التأكيد على وجود قدر كبير من الشكوك واللايقين إزاء مدى مصداقية احتمالات تحقق تأثيرها، وذلك لان تأثير دمشق مازال الاقوى حضوراً سواء في مسار الإصلاحات أو في مسار الاحتواء الاستباقي لجهة إجهاض هذه التأثيرات قبل استفحالها. وخلصت المقاربتين إلى أن إصرار جماعات المعارضة الخارجية المصحوب بالدعم الخارجي اللامحدود، سوف يؤدي إلى استمرار التوترات ضمن نطاقها الصغير المحدود لفترة أطول نسبياً، الامر الذي سوف يؤدي إلى إجهاد قدرات المعارضة، وإضافة إلى النفور الشعبي إزاء فعالياتها بفعل تأثير الأضرار المادية والاقتصادية والاحباط الناتج بفعل مرور الوقت دون جدوى.
* دمشق ومبدأ الحسم المبكر للمواجهة الرمضانية: أبرز النائج.
استطاعت دمشق أن تدرك بشكل مبكر طبيعة الفعاليات التي تدور في "مطبخ حماه" و"مطبخ دير الزور"، وعلى أساس اعتبارات أن الحلول الوقائية أفضل من الحلول العلاجية، فقد سعت إلى الآتي:
•    القيام بعمليات الإجهاض المبكر لمخزونات التعبئة السلبية الفاعلة، التي تمت في حماه ودير الزور، والتي تضمنت تمركز المسلحين، وبناء قواعد الإمداد ومخزونات السلاح والعتاد، تمهيدا لنشرها في المناطق الأخرى خلال فعاليات الصدام الرمضاني الذي هددت به المعارضة مسبقاً.
•    التطويق الاستباقي لمنطقة حماه ومنطقة دير الزور، بما لا يلحق الأضرار بمصالح المواطنين العادية، ولكنه في نفس الوقت يمنع انتشار آليات ووسائط العنف السياسي إلى بقية المناطق الأخرى.
هذا، وتقول التسريبات بأن دمشق لم تنجح فقط في استباق فعاليات العنف السياسي التي كانت سوف تنطلق من دير الزور وحماه، وإنما نجحت أيضاً في استباق الترتيبات الإجرائية الخارجية التي سعت واشنطن وحلفاءها لجهة القيام بها بشكل موازٍ لفعاليات العنف السياسي الداخلية. وبكلمات أخرى فقد كانت هذه الترتيبات المتوازنة المتزامنة تركز على أن تنطلق عمليات العنف السياسي الداخلي وفي كل مرحلة تصعيدية تقوم واشنطن وحلفاءها بالمزيد من الإجراءات التصعيدية.
ويستمر هذا التوازي المتزامن حتى نهاية شهر رمضان الحالي، بحيث بحلول عيد الفطر، يحتفل تحالف المعارضة ـ واشنطن بفعاليات العيد، وهي "عيدين". وإضافة لذلك، فإن أبرز ما نجحت دمشق في القضاء عليه هو "مذهبية المناطق الحامية". وفي هذا الخصوص تشير المعلومات إلى أن زيارة السفير الأمريكي فورد إلى حماه، كانت على المستوى النفسي تهدف إلى تعزيز الشعور بأن حماه "محمية أمريكية". والآن سقط هذا المفهوم تماماً.
وبكلمات أخرى، إذا سعى خصوم ليبيا لجهة جعل بنغازي "محمية"، فإن خصوم دمشق لم ينجحوا في تحويل حماه إلى "محمية"، ولا تحويل جسر الشغور إلى "محمية"، ولا تحويل دير الزور إلى محمية. ومن سخرية القدر أن خصوم دمشق وحلفائهم يعلمون تماماً أن المحمية الوحيدة التي نجحت في الإستمرار كانت محمية جبل لبنان، التي أقامها السلفيون في عام 1861م. وقد نجحت هذه المحمية في الإستمرار لأنها كانت حصراً موجهة ضد النفوذ التركي ـ العثماني، ونفوذ رموز الزعماء السوريين الذين كانوا آنذاك في خدمة النفوذ التركي ـ العثماني.

 

الجمل ـ قسم الدراسات والترجمة

التعليقات

الحل العسكري مطلب شعبي لوقف ارهاب العصابات المسلحة التي تقطع الشوارع وتقتل الناس وتمثل بجثثهم وتلقي بأصابع الديناميت على الناس وتروع الأبرياء. الجيش يتدخل لينقذنا من بطش هؤلاء الخارجين عن القانون والأخلاق الانسانية. تظاهراتكم لم تكن يوما سلمية وافعالكم يندى لها جبين الانسانية. كفى خافوا الله

لا شك بأن الإصلاح السياسي و القضائي و الانتخابي و الدستوري و العلامي و-- و--وبناء دولة ديمقراطية و مدنية تؤمن بنتائج صندوق الإنتخاب وثقافة الإختلاف مطلب وجودي وشرط ديمومة سورية كبلد عربي كتب عليه أن يرضع اطفاله حب الوطن و عشق فلسطين ولكن الوصول إلى دلك لا يتم بفرض حلول مستوردة أو بطريقة عنفية -لقد استطاعت الجماعات المسلحة أن تسرق الحراك السلمي في الشارع وتشوهه و تستأثر بشكل حراكه و هدا لا يخدم لا الوطن و لا لمواطنفلا يمكن أن تقنع المواطن السوري بأخلاقية من يحق المؤسسات العامة ويخربها اويقيم الحواجز أو يفرض إغلاق االمحلات بالقوةبأنه يريد الإصلاح فهو مخرب قاصر التفكير بالعمل الساسي والأنكى من دلك بعض أقطاب المعارضة في الخارج عندما يعلقون على الحدث في وسائل الإعلام فبدلاً من توجيه الحراك باتجاه الشكل السلمي(دون اغفال وجوده بنسبة جيدة )فإنهم ينفون أي وجود للمسلحين مما أدى إلى قرف المواطن السوري منهم لأنه يعيش الحدث ويعرف الحقيقة -سنبى نطلب الإصلاح بكل قوة ولن نتراجع ولكن بشكل حضاري و سلمي - عاشت سورية حرة - قوية - مدنية - ديمقراطية - تعددية-تسهمحية-وطنية - مقاومة-وطن العرب كلهم - وشكراً

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...