هل يترحم العرب على الأنظمة رغم عقمها

25-07-2011

هل يترحم العرب على الأنظمة رغم عقمها

غاب الحدث المحلي في عطلة نهاية الاسبوع، فحضرت التطورات الاقليمية خصوصاً بعد أن عادت الأوضاع في مصر إلى الواجهة من خلال أحداث منطقة العباسية التي ذهب ضحيتها أكثر من ثلاثمائة جريح بحسب وزارة الصحة المصرية، وهي تستمر بين بعض فرقاء  ثورة 25 يناير من جهة ومؤيدي الجيش وسياساته من جهة ثانية، ما يشير بوضوح إلى أن الأوضاع في مصر، وأسوة بسائر الدول التي تشهد ثورات لم تستقر، يبدو أنها لن تكون على طريق الاستقرار في ظل غياب الجداول الزمنية الواضحة لتنفيذ الإصلاحات وتطبيق الاستحقاقات الموعودة في تلك الدول.
في هذا السياق، يعرب مصدر دبلوماسي عن اعتقاده بأن الأمور في المنطقة العربية تسير باتجاه المزيد من التعقيدات. فلا واشنطن حسمت أمرها بالنسبة لمصير المنطقة، ولا الدول التي تشهد ثورات قادرة على الخروج من أوضاعها وتطبيق الإصلاحات في ظل غياب السلطات السياسية والأمنية القادرة على فرض النظام والشروع بحياة سياسية سليمة. فالأوضاع في ليبيا تحولت إلى حرب استنزاف مسدودة الأفق، فلا الثوار في موقع القادر على حسم المعركة، ولا هم يلقون الدعم الغربي الكافي للقيام بهذا الحسم، ولا نظام القذافي قادر على استعادة زمام المبادرة بعد سلسلة النكسات السياسية والهزات الأمنية التي تعرض لها منذ اندلاع الأحداث ودخول المجتمع الغربي على الخط الليبي الساخن، بحيث باتت الأوضاع في دائرة مراوحة مقفلة لا يمكن كسرها إلا بحسم عسكري مستحيل.
يضيف المصدر منتقلاً لاستعراض الموقف في اليمن فيشير إلى أن الأحداث هناك تحولت إلى حرب قبلية ليس من أفق لوضع حد لها في ظل استمرار المواقف المتشنجة على حالها بين الثوار وأنصار الرئيس اليمني من جهة وغياب المبادرات المطروحة من جهة ثانية بحيث يبدو أن واشنطن التي تشكل المحرك الأكبر والأبرز لهذه الثورات مرتاحة إلى مسار الأمور في اليمن والتي تنذر بحرب مفتوحة من المقدر لها أن تستمر لسنوات طويلة لا تنتهي إلا بتقسيم اليمن وإعادته كما كان في سبعينات القرن الماضي بحيث تسهل السيطرة على ثرواته الطبيعية كما على مواقفه السياسية والأمنية بكل ما للكلمة من معنى.
وينتقل مجدداً لاستعراض الأوضاع في تونس ومصر، فالأولى وعلى رغم نجاح ثورة الياسمين فإنها ما تزال تعاني الفراغ الكامل على صعيد السلطة، فلا الانتخابات الرئاسية تمت، بل هي موضوع أخذ ورد بانتظار إيجاد البدائل المقبولة من الداخل والخارج، ولا الإصلاحات تحققت، ما يعني بأن الأمور مرشحة للتداعي في حال أراد الغرب ذلك. أما الثانية التي تشكل بيت القصيد الأميركي فإنها لم تخرج بعد من الصدمة، بل على العكس تماماً فإن تداعيات ثورتها بدأت تظهر تباعاً انطلاقاً من الخلافات بين أقطاب الثورة والجيش الذي يشدد قبضته على الوضع الداخلي مروراً بموقف الإخوان المسلمين الذين يبحثون عن دور أساسي وفاعل لتنظيمهم الذي شارك في إسقاط نظام الرئيس حسني مبارك، وليس انتهاء بالصراعات الخفية بينهم وبين الأقباط الذين يبحثون عن كيان مستقل لهم في ظل تنامي الحركات الأصولية من حولهم، ما يخلص إلى الاستنتاج بأن مصر لن تعود إلى لعب دورها كشرطي المنطقة القادر على الموازنة بين واقعها العربي وسلامها مع تل أبيب، بحيث يبدو أنها قد تسير مجدداً باتجاه المزيد من التعقيدات التي لن تنتهي في القريب المنظور.
ويخلص المصدر إلى الإعراب عن اعتقاده بأن العالم العربي قد يجد نفسه في القريب العاجل في رمال الفوضى المنظمة المتحركة، بحيث يتأسف على الأنظمة على الرغم من سيئاتها التي هي أكبر من أن تحصى وتعد.

                                                                                                                                      أنطوان الحايك

المصدر: النشرة اللبنانية

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...